|
المفاجأة في الوزارة الجديدة..!!
|
على مدى فترة زمنية طويلة ظلت التخرصات والتكهنات ضمن مسلسل الإشاعات حول التشكيل الوزاري الجديد هي سيدة الموقف في مجالسنا الخاصة والعامة..
فهذا يدّعي وصله بالمصادر الموثوقة وصلته بها فيروي أخباراً في الليل ليمحوها هو أو غيره في النهار في ظاهرة تتكرر كلما بدا لنا أننا على موعد مع شيء جديد يمس مستقبل الأمة وله علاقة بمصلحة الوطن...
وهذا يزعم قربه من صنّاع القرار ومعرفته بالقادم منها وتحديداً حول التشكيل الجديد للوزارة لتكذبه ومصادره فيما بعد مفاجأة نهاية الأسبوع حين أعلن عن التشكيل بصورة مخالفة لما كان يُتناول بين المواطنين.
***
كانت المفاجأة كبيرة..
فقد أكد التشكيل الوزاري الجديد أنّ الوصول إلى أسرار الدولة غير ممكن لأحد وأنّ اختراقها غير متاح لأيٍّ كان...
وأن أبواب أسرارها مغلقة أمام الجميع..
وهذا شيء جميل ومطلوب..
وفائدته تكمن في أن من يطلق الإشاعات بزعم تأثيرها على صنَّاع القرار عليه أن يتوقف..
وفائدة وجود حراسة أمينة على أسرار الدولة أن القرارات كبرت أو صغرت حين تصدر ولو بعد طول انتظار تُقابل بكثير من الاحترام وتُستقبل بما تستحق من تقدير..
وأنّ مصداقيتها تعلو وتكبر على ما كان يتداوله الناس من أخبار تنقصها الدقة إن لم تكن كاذبة.
***
لقد شكلت بعض الصحف أعضاء مجلس الوزراء الجديد قبل إعلانه وتطوعت الشبكة العنقودية مبكراً في خدمة الإعلام المتسرع في تحديد أسماء من ستناط بهم حقائب الوزارة الجديدة..
وعندما ظهرت الوزارة مغايرة لكل ما قيل ولكل ما كُتب ولكل ما كان متوقعاً، فقد كسبت الدولة الجولة وخسرها المراهنون على مصادرهم..
ومن الآن على هؤلاء أن يتعلموا دروساً مما أُعلن لهم ويأخذوا مما حدث الكثير من العبر.
***
لقد كانت المفاجأة في تشكيل الوزارة تتمثل في نظري بأمرين..
الأول: أن التغيير في مسميات بعض الوزارات ودمج بعضها وإلغاء أخرى قرار جريء لم يخطر على بال أحد، ما يعني أنّ قراءة هؤلاء لما سيتم لم تكن قراءة صحيحة..
الثانية: لقد أسقط المراهنون عدداً لا يستهان به من الوزراء من فرصة التجديد لهم، فإذا بهؤلاء الوزراء يبقون دورة جديدة بصلاحيات أكبر، مما يؤكد أنّ ما كان يقال لا يعدو أن يكون وهماً.
***
والنتيجة:
أنّ أحداً لم ولن يُمنع من الكلام..
ومن الخوض فيما يعنيه وما لا يعنيه..
ما يعرف عنه وما يجهله...
فالفضاء يتسع لكل ما قيل وما يمكن أن يقال..
ولكن التشويش وإثارة ما لا فائدة منه ينبغي الحرص على عدم استمراء الكلام فيه..
حتى لا ينشغل المجتمع عن الأهم بما لا أهمية له.
خالد المالك
|
|
|
تسويق الحروب! الأمريكيون يقبلون فقط بالحروب النظيفة القريبة من ألعاب الفيديو!!
|
* إعداد محمد داود
في الأيام الجميلة الخوالي، اعتادت الولايات المتحدة على إطلاق اكذوبة دعاية حمقاء تظل ملتصقة بالأذهان طويلا، يركض الصحفيون بعدها لمدة شهور قبل أن يكشفوا انها كانت مجرد كذبة، ولكن حين يتم فضحها يكون الوقت متأخرا ولا يصبح للأمر جدوى، على سبيل المثال، وفرت كذبة حادثة خليج تونكين مبررا لتصعيد حرب فيتنام.
في الاعداد للحرب الأمريكيةالعراقية، ثبت بشكل أكثر وضوحا أن الدعاية لا تعمر طويلا، فبينما كان الأسلوب السائد قبل سنوات يعتمد على تكرار الكذبة مرارا يبدو أن الأسلوب الراهن قد تغيَّر إلى مجموعة متصلة من الأكاذيب أو أشباه الأكاذيب التي تعمِّر قصيرا، نصف عمر، بمجرد افتضاح الخدعة الدعائية. يقوم العاملون في وسائل الإعلام الغربية بالانتقال إلى موضوع وهمي جديد يبدو أنهم يعتمدون إما على ضعف ذاكرة الجمهور أو عدم إكتراثه وإما سذاجته.
هناك أيضاً أسباب معقولة تدعو للاعتقاد بأن أسلوب مجموعة الأكاذيب يفقد فاعليته.
يقول الكاتب بول دي رويج في مقال نشره على موقع كاونتر بانش: ان تسويق الحروب أضحى في الوقت الراهن أمرا أكثر صعوبة، كما أصبح مثيرو الدعاية أقل براعة، مشيرا إلى ان مشاهدة الدعاية الرديئة لسي. إن. إن. أو بي. بي. سي. تكشف بوضوح هذا الأمر. اكتشف جنود البحرية «المارينز» مصنعا مموها للأسلحة الكيماوية غير أن سي. إن. إن . وبي. بي. سي. معاً تقومان بكشف مصدر الخبر: صحيفة الجيروسليم بوست الإسرائيلية التي نقلت عنها الخبر شبكة فوكس، كان ذلك أسرع وسيلة لنفي صدق الرواية، التي لم تعمر سوى يومين.
كشفت صحيفة فايناشيال تايمز التلفيق في عددها الصادر 25 مارس، في هذه الأثناء ظهر أحد دعاة الحرب من المؤيدين لنزعة المحافظين الجدد على شاشة سي. إن. إن.. وهو يكرر الرواية ويضيف لها التفاصيل ويقول إنه قد توفر الآن دليل على وجود أسلحة الدمارالشامل. بعد مضي يوم واحد أوردت سي. إن. إن. اكتشاف صاروخ إسكود داخل أحد المصانع.
رواية أخرى لم تعمر سوى نصف يوم في 26 مارس كانوا يتحدثون عن العثور على 3000 سترة واقية من الكيماويات، كما لو أن هذا يبرهن على شيء. يبدو ذلك مثل أن يشتم أحدهم رائحة سماد ثم يزعم أنه عثر على حصان. كان المصير المقدر لهذه القصة صندوق القمامة أيضا فقط لو أن هانز بليكس مفتش الأسلحة الدولي السابق استجمع قدرته على القول إن هذا لا يبرهن على شيء، أخيرا قيل بداية أن الصواريخ القليلة التي أطلقها العراقيون على الكويت من نوع إسكود «المحرمة بموجب قرارات الأمم المتحدة» غير أن هذا القول اتضح خطأه أيضا لاحقا.
الصحفيون المرافقون
ويقول دي رويج : يتعيَّن على المرء الإقرار بأن من يسمون بالصحفيين المرافقين للجيش لا يتسنى لهم أن ينعموا بالراحة، لقد لازموا القوات المسلحة طويلا وكان عليهم تضخيم تصريحات الضباط الذين يقومون بتوجيههم. ويتابع قائلا: أجريت لقاءات صحفية مع ضباط رفيعي الرتبة، غير أنه لم يتم توجيه أسئلة محرجة لهم كان هؤلاء الضباط يقولون ترهات ولم يتم الرد عليها أو مواجهتها.
في اليوم التالي مباشرة كان يتضح خواء تلك التصريحات غير أنها كانت تنتهي أيضا إلى ثقب ذاكرة الصحفيين والضباط معا. «العثور على أسلحة كيماوية العثور على صواريخ سكود»، «انتفاضة في البصرة»، «رتل من 1000 مركبة يشق طريقه نحو الجنوب»، «لم يكن صاروخا من جانبنا»، «سوريا تقوم بتزويد العراقيين بأجهزة رؤية ليلية»، «أسر قائد عسكري كبير». كم مرة يستطيع الصحفيون المرافقون للجيش تقبل مثل هذه الاكاذيب؟ في الوقت الذي كانت فيه سي. إن. إن. وبي. بي. سي. تقومان بالتنويه بأن التقارير الصحفية صادرة من بغداد حيث توجد رقابة على المواد الصحفية، لم يكن هناك أي تنويه من هذا النوع حول التقارير الواردة من الصحفيين المرافقين للجيش على الرغم من أن حريتهم ربما كانت أكثر تقييدا، ربما كان الأمر يقتضي تنويها صغيرا يتجاوز العبارة المألوفة تقرير من صحفي مرافق للجيش.
رسوخ الدعاية
في كتاب بعنوان «الدعاية» يقول جاك إيلول: حتى تصبح الدعاية فعَّالة يتعين عليها أن تكون مسيطرة وطاغية على أي شيء آخر.
إن أحد الأسباب التي تؤدي لعدم رسوخ الدعاية في الوقت الحاضر هو وجود بدائل عديدة من قنوات الإعلام لايتوفر لدى سي. إن. إن. الاحتكار بأي شكل، في إحدى صالات مطار أمستردام مؤخرا ثار المسافرون المنتظرون وأجبروا المضيفين على تغيير القناة التلفزيوينة! أصبحت الإنترنت أيضا مصدرا بديلا هاما للأخبار إن تقارير روبرت فيسك في برنامج «الديمقراطية الآن» أو في زاويته بصحيفة «الإنديبندنت» اللندنية تبرهن على كونها آلة هادمة للدعاية يديرها شخص واحد.
إن الاستماع إلى تقاريره من بغداد يتيح للمرء أن ينظر من خلال الضباب وأن يحوز على رؤية أكثر وضوحا لما يحدث على الأرض.
إن كل فقرة جديدة من تعليقات فيسك تهدم تصريحا أجوف آخر يطلقه إيري فلايشر وأمثاله.
إن المهمة الصعبة المتعلقة بتسويق الحرب قد أفسحت المجال لمجموعة من الأكاذيب وأشباه الأكاذيب التي تعمر لأيام قليلة فقط بعد ذلك، يتم نسيانها فورا، عقب ذلك مباشرة تأتي أكاذيب أخرى.
في 26 مارس تسبب صاروخ في قتل عشرات المدنيين بسوق بغداد وإصابة عدد أكبر آخر، جرى تدمير منازل ومتاجر، جاء سيل الدعاية اللاحقة بشكل غلب عليه الشرح والتوضيح، تراوحت هذه الدعاية من : «يتعين التحقق مما حدث» و«حتما وقع ضحايا » إلى «من الراجح أن يكون صاروخ عراقي هو سبب الانفجار».
وأخيرا في 28 مارس قالت الدعاية كان صاروخا أطلقه العدو عملية قصف أخرى للسوق في 29 مارس تسببت في مقتل ما يزيد عن 62 مدنيا جرى نفيها على الفور وتم إلقاء اللائمة على العراقيين أنفسهم. قد تجلي خلفية تاريخية السبب الحقيقي وراء هذه الانفجارات.
إن قصف المناطق المدنية ينسجم مع أسلوب زيادة الضغط ويكشف أن تصريحات البنتاغون قبل الحرب القائلة بأنه لن يكون هناك مكان آمن في بغداد ثبتت صحتها بالفعل.
قصف مدبر
وأردف دي رويج قائلاً: يزعم دونالد رامسفيلد أيضا إيلاء حرص بالغ لتجنب ضرب المناطق المدنية بالأسلحة الذكية، إنهم يتحققون ويراجعون غير مرة مثل هذا النوع من العمل، إن حقيقة إصابة بعض الصواريخ لدول أخرى مثال إيران وتركيا تستدعي الحد من مثل هذه التأكيدات المتعلقة بتجنب الخسائر المدنية أو دقة الصواريخ، وقع القصف الأول لسوق بغداد في خضم عاصفة رملية! كيف يمكن توقع الدقة في ظروف كهذه؟ إما أن يكون القصف مدبرا وبالتالي جرى استهداف المدنيين أو أن المزاعم الخاصة بالدقة والحرص على تجنب المدنيين زائفة، ربما كانت الحقيقة في مكان ما بين هذا وذاك.
وقال الكاتب: خلال فترة الحرب، أوردت بي. بي. سي. وسي. إن. إن. معا بتكرار متزايد أن جنود المقاومة يقومون بارتداء ملابس مدنية وأن الجنود العراقيين يستخدمون بشكل مضلل الراية البيضاء لمهاجمة المارينز.
الآن يمكننا توقع زيادة كبيرة في عدد المدنيين الذين يقتلون على أيدي المارينز ربما ان الاحتفاظ بأسرى من الجنود العراقيين يصبح بدوره عبئا أيضا وكانت الولايات المتحدة مستعدة لكي تبطل اتفاقية جنيف الرابعة.
دور لإسرائيل
وأضاف قائلاً: إن موقع القاذفات من طراز بي 52 ومناطق إعادة تزويدها بالوقود هي بدورها جزء من الدعاية. إن سربا من قاذفات بي 52 يتخذ موقعا له في قاعدة فيرفورد الجوية في المملكة المتحدة لماذا لا يمكن وضع هذه القاذفات في إسرائيل مثلا التي هي أقرب كثيرا إلى منطقة العمليات؟ إن الإسرائيليين والمدافعين عنهم دائما ما يجدون المبررات للدعم الأمريكي تمويل وتسليح إسرائيل على أساس أنها حاملة الطائرات الأمريكية في الشرق الأوسط. إسرائيل هي أيضا جزء من تحالف الراغبين رغم أن إسرائيل تستحق تصنيفا خاصا بها من نحو: كبير المشجعين الرئيسيين تؤيد الغالبية العظمى من اليهودالإسرائيليين الحرب أيضا إنهم يشجعون الحرب بباقات الورد الأزرق والأحمر.
لماذا إذاً لا يتم وضع قاذفات بي 52 هناك؟
ويتابع الكاتب: تمثل إعادة تزويد القاذفات بالوقود قصة أخرى أيضا تحلق قاذفات بي 52 وغيرها فوق إسبانيا في طريقها إلى العراق لسبب ما من المهم تزويد القاذفات بالوقود فوق إسبانيا وأكد رئيس الوزراء أزنار إن هذا ممكن إن السبب الجلي الوحيد فيما يتعلق بموقع قاعدة انطلاق قاذفات بي 52 ومكان إعادة تزويدها بالوقود لا بد أن يكون ذا علاقة بالدعاية.
تلك طريقة للقول بأن دولا عدة جزء من «التحالف» أحد أكثر الدعايات المستخدمة إثارة للضحك في الحقيقة فإن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعدد من الجنود الاستراليين هم الذين يشاركون في القتال بالفعل مع ذلك فربما كانت الفرقة الاسترالية قد تم استدعاؤها بواسطة البرلمان الاسترالي. يكون أكثر دقة الإشارة إلى القوات «الأمريكية البريطانية» لكن للحصول على مظهر للتأييد لا بد من وضع قاذفات بي 52 في المملكة المتحدة ذلك مؤشر إلى أن الولايات المتحدة ليست وحدها.
ويقول بول دي رويج: يبدو أن السؤال الوحيد الذي يمكن لصحفيي بي. بي. سي. أن يسألوه حين يقتربون من مسؤول عراقي هو: لكن بالتأكيد سوف ينتصر الأمريكيون. في 27 مارس دنا صحفي من البي. بي. سي. من سفير عراقي سابق لدى باريس وتم طرح ذات السؤال بأشكال مختلفة بغية الحصول على الرد العراقي المتوقع ربما تعين على الولايات المتحدةالمملكة المتحدة تشجيع صحفيي بي. بي. سي. سي.إن. إن. على قبول استسلام عراقي نهائي، تود بي. بي. سي. نيل الفضل في الاستسلام النهائي للعراقيين، تماما كما سمحت بالرواية التي قالت إن دخول أحد صحفييها جون سيمبسون إلى كابول تزامن مع استسلام الطالبان.
ويقول الكاتب: حين ألقى صدام حسين خطابا لم تناقش بي. بي. سي. أو سي.إن. إن. ما قاله بالفعل، لكنهما ناقشتا ما إن كان هو صدام الحقيقي الأمر المفقود الوحيد هو انتقاد الطريقة التي ارتدى بها ملابسه أو الشكل الذي بدا عليه أي شيء يمكن التعرض له في سبيل تجنب الموضوع بنفس الشكل تم تهوين التصريحات التي صدرت عن مسؤولين عراقيين رغم أن الادعاءات المتصلة بقتل هذا أو ذاك كان يتعين عليها أن تصيب الجميع بالشك في مصداقية ادعاءاتهم.
ألعاب الفيديو
ويؤكد الكاتب ان الدعاية تتطلب أيضا فرض رقابة على الموضوعات حيث يتذكر معظم الأمريكيون المشاهد التلفزيونية التي أظهرت الجنود الأمريكيين القتلى وهم يسحبون عبر شوارع مقديشيو، في خلال أسبوع انهارت شهية الأمريكيين للتدخل. يقبل الأمريكيون فقط بالحروب النظيفة، فقط تلك الحروب التي تبدو كألعاب فيديو، يتعين إزالة كل الدم والطعن، لاسيما متى كانت هناك دماء جنود أمريكيين، ولن يشاهد الأمريكيون هذا الأمر على شاشة التلفاز. حين عرضت بعض القنوات العربية أمريكيين قتلى أثار ذلك ردود فعل حادة.
خطاب بوش
وأشار الكاتب إلى ان التدريب الذي قام به بوش على خطاب الإنذار النهائي بالحرب تم عرضه على جمهور التلفاز البرتغالي والإيطالي غير أنه لم يتم عرضه في محطات التلفاز الأمريكية ربما أن الظهور غير المشجع كان دون ما يكفي لتقديم الرئيس في صورة رجل دولة. يفضل القائمون على أمر وسائل الإعلام تقديم الرئيس وهو مطبق الشفتين تماما وعلى مسافة آمنة من الإعلاميين. عشية الحرب الوشيكة اختاروا أن يلتقطوا صور الرئيس على العشب الأخضر للبيت الأبيض من مسافة بعيدة استدعى ثقل عبء القلق من الموت والدمار الوشيك صرف بعض الانتباه عن طريق رمي بعض الكرات لكلابه.
أسباب الحرب
ويعتبر الكاتب إن موضوع الدعاية الأكثر أهمية الذي يستحق بعض المناقشة هو السبب وراء الذهاب للحرب وتطور هذا السبب مع مرور الوقت. قبل أشهر أعلن دعاة الحرب «تغيير النظام» مبررا للحرب، اعتبر هذا الأمر غبيا جدا وسرعان ما تراجع هذا القول ليفسح الطريق أمام «للعراق صلات بالإرهاب»، تبرير قصير الأجل جدا أفسح هذا القول بدوره الطريق أمام «نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية».
تم تكوين فريق تفتيش دولي وكان القصد لإفشال هذا العمل واضحا منذ البداية عندما لم تمنح الأمم المتحدة موافقتها على الحرب وأمام حقيقة أن دولاً أوروبية عديدة ارتأت استمرار نظام التفتيش كانت هناك ضرورة لتبرير آخر، الآن جرى دون كبير أثر تلفيق «دعونا نحرر العراق» بكلمات أخرى تعبير مهذب ل«تغيير النظام» .
توجد أسباب عديدة لهذه الحرب غير أن الموقف من هذا القرار وعمقه الفكري تم الكشف عنه دون قصد أثناء التدريب الذي قام به بوش على خطاب الإنذار النهائي لو أن الأمريكيين شاهدوا «البروفة» التي أجراها رئيسهم لكان ذلك مسليا بالنسبة لهم لكن لسوء الحظ لن يتم تقديمها للجمهور الأمريكي أو البريطاني والفضل في ذلك للرقابة الذاتية لسي. إن. إن. وبي. بي. سي.. الداعمتين الرئيسيتين لدعاية الحرب الراهنة.
تسويق الدعاية
ويقول بول دو رويج: كانت إحدى القواعد الرئيسية للدعاية الفعالة عند دكتور غوبلز هو أن كافة الأخبار يتعين عليها أن تكون أقرب للدقة والمصداقية بقدرالإمكان. إن الممارسة الراهنة تطيح بهذه القاعدة عن طريق التعاقب السريع للأكاذيب كما أن الأخبار المتعلقة بالحرب في معظم الشبكات الرئيسية لم تعد موثوقة.
السؤال الهام هو لماذا حدث هذا تقول إحدى النظريات إن الدعاية الأمريكية أصبحت ضحية صناعتها فوكلاء الدعاية أيضا أصابتهم ذات الغطرسة التي أصابت دعاة الحرب. إن الدعاية هي شيء تطعمه للآخرين من أجل تسويق «بضاعتك» والقائمون على صناعتها ليس عليهم أن يتناولوها بأنفسهم.
ويختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على ان الدعاية هي لتسويق حرب بحيث لا يدرك سواد الشعب الحقائق التي ستسفر عنها مثل هذه الحرب. يريد الشعب الأمريكي أن يرى العدو مهزوما، لا خسائر بين قواته، وهم يريدون أن تكون الآثارنظيفة بطريقة ألعاب الفيديو ستحاول الدعاية توجيه انتباهك للمظاهر المبهرة للمعركة قبل كل شيء تتجاوز الدعاية عن حقيقة أن هذه حرب عدوانية، أن هناك خسائر بشرية وأن النتائج دموية لحد كبير، تخفي الدعاية حقيقة أنه لم يعد هناك بالفعل أي مسكنات ألم في المستشفيات العراقية وأن المئات أو الآلاف من الجرحى العراقيين تجرى لهم عمليات جراحية دون تخدير.
إن صرخات الضحايا العراقيين أثناء بتر أطرافهم دون تخدير هي ما تحاول الدعاية بكل الحماس إخراسها. لا بد لوكلاء الدعاية أن يهنؤوا فقد جعلوا من الممكن تدمير دولة وإيقاع خسائر مهولة بالشعب العراقي من دون حتى أن يلاحظ الجمهور الأمريكي. يوجد ترياق واحد فقط ضد الدعاية وذلك هو إحساس صحيح بالتاريخ وذاكرة جماعية قوية حين نستذكر الدروس من الماضي وحين نستذكر ما حدث حتى قبل أيام قليلة مضت فإن مهمة وكلاء الدعاية ورؤسائهم من دعاة الحرب تصبح أكثر صعوبة حين يتم تحدي رسالتهم في النهاية يمكن إيقاف تلك الحرب، وتشذيب ميزانيات التسليح المنتفخة، ودعم القانون الدولي.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|