بعيداً عن اهتمام كثير من علماء المصريات بسير وفتوحات الملوك يلقي باحث فرنسي بارز أضواء على بعض التفاصيل الاجتماعية اليومية ومنها تقاليد تناول الطعام والحفاوة بطقوس الموت، حيث تظهر النساء خلالها بكامل الحلي والزينة.
ويقول فرنسوا دوما في كتابه (الحياة في مصر القديمة) إن المصريين القدماء كانوا يرتدون في حياتهم الطبيعية ملابس تختلف عن تلك التي يرتدونها في بعض المناسبات ومنها طقوس الدفن، حيث كان الابن يرتدي جلد حيوان الفهد أثناء دفن أبيه.
ويصف الرجال والنساء من الطبقة العليا في طيبة في الدولة الحديثة (نحو 1567 - 1320 قبل الميلاد) بأنهم كانوا متأنقين، مشيراً إلى ارتداء النساء في الصور الموجودة بالمقابر كامل الحلي والزينة (وفي فساتين موشاة ومزخرفة بالثنيات ومصنوعة من أقمشة راقية وشفافة بشكل مثير وشعر مستعار مصفف ببراعة وحلي فاخرة مكدسة بشكل لافت للنظر ولا يتم ارتداؤها بهذه الكثرة في الأحوال العادية في شوارع طيبة وسط الزوابع الترابية في هذا البلد الجاف) الذي يقع جنوبي القاهرة بنحو 690 كيلومتراً وكان عاصمة للبلاد.
وصدر الكتاب الذي ترجمه إلى العربية محمد رفعت عواد عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة ويقع في 129 صفحة كبيرة القطع ويتناول تفاصيل أخرى كالحياة في الريف والزراعة وتربية الماشية وصيد الأسماك والزينة وأنواع الغذاء والألعاب والجيش والتدين والأعياد الشعبية.
وفي مقدمة الكتاب يقول محمود ماهر طه الذي راجع الترجمة إن المؤلف (اصطحبنا مع آلة الزمن... فرجع بنا الزمان إلى الفترة من (عام) ثلاثة آلاف إلى 332 قبل الميلاد).
وقامت في مصر القديمة قبل الميلاد بأكثر من أربعة آلاف عام حضارات لم يؤرخ لها إلى الآن ثم توحّدت البلاد في حكم مركزي حوالي عام 3100 قبل الميلاد على يد الملك مينا مؤسس الأسرة الفرعونية الأولى. وأصبح مستقراً لدى علماء مصر تقسيم التاريخ المصري القديم إلى ثلاثين أسرة انتهى حكم آخرها في القرن الرابع قبل الميلاد وتعاقب المستعمرون على بلد يرى باحثون أنه أطول مستعمرة في التاريخ، حيث لم تتحرر مصر إلا عام 1952 منذ غزو الإسكندر لها عام 332 قبل الميلاد.
ويعد دوما مؤلف الكتاب من أبرز العلماء الفرنسيين المتخصصين في علوم مصر، حيث عمل في جامعة ليون ثم أصبح رئيساً لقسم المصريات بجامعة مونبلييه وشارك في إنقاذ آثار النوبة في الستينيات وله حفائر واكتشافات في بعض المعابد المصرية.
ويقول المؤلف إن أزياء الطبقات الدنيا كانت أقل تطوراً، فالبحارة الذين يتطلب عملهم الغوص في الماء (لم يرتدوا أي شيء) وفي الدولة الوسطى (نحو 2050 - 1786 قبل الميلاد) كان ارتداء المئزر شبه عام للمصريين وبخاصة الصيادون والعمال.
ويضيف أنه ابتداء من الأسرة الحادية عشرة (نحو 2133 - 1991 قبل الميلاد) كانت النساء (اللاتي يرتدين أجمل ما عندهن للتوجه لتقديم القرابين يضعن على أرديتهن شبكة صغيرة من اللؤلؤ الأخضر والأحمر والأزرق ليكون من أسفل حاشية من الألوان. أما النساء الموسرات فكن يرتدين ما يشبه حمالة الصدر وتمر على الكتفين وتغطي الثديين. أما بعض القرويات الرشيقات فكن يكتفين بشبكة قصيرة من اللؤلؤ حول القوام ويربطن فساتينهن البيض بأشرطة رقيقة من القماش تمر بين الأثداء وعلى الأكتاف اليسرى لتعقد على الظهر).
ويشير إلى أن النساء كن يرتدين الشعر المستعار أثناء الحفلات والأعياد أما نساء القصر والملكات فكن (يلجأن إلى مصففات شعر متخصصات في تجعيد وتمويج الشعر الذي كان يبدو أنه قصير).