|
صحراء.. ومطر!!
|
الصحراءُ تبدو أمام ناظري كما لو أنَّها على موعدٍ مع الوقت المناسب لارتداء ثيابِها الخضراء لتزدان بها في أيامِ أفراح عُرسِها الجميل..
غديرٌ من الماء هنا وآخر هناك، وأشجارٌ مورقة على امتداد هذه الصحراء في حالة استعدادٍ لاستضافتنا في ظلالها..
وأجواءٌ معطرةٌ بمختلف أنواع الروائح التي تصدر بقوة من زهور فوَّاحة في هذا الفضاء الذي يتَّسع للجميع ولا يضيق بأي أحد.
***
نسماتٌ باردةٌ، ومطرٌ ينهمرُ من السماء، وغيومٌ وسحبٌ تنتقلُ بخيراتها من منطقة إلى أخرى في رحلة مثيرة يُتابعها الجميع بالشوق والوله لحظة بلحظة، ويتمُّ تناقلُ أخبارها بين العشاق في استمتاع بعد طول انتظار..
هكذا هو حالُنا جميعاً مع المطر، وبما يأتي بعد المطر، وبما يُصاحب المطر..
مع رعده وبرقه، ومع السماء التي اختفت نجومُها وقمرُها وشمسُها، احتفاءً بهذا الضيف، وتكريماً لمحبي وعشاق المطر الذي أطلَّ علينا وقد صاحبَه هذا الطقسُ الجميل.
***
المواكبُ - مواكب الناس - بدأت هجرتها إلى الشمال وغير الشمال، مثلما تفعلُ كلُّ الطيور المهاجرة..
إلى حيثُ منابت الزهر في هذه الصحراء النقيّة التي غسلها المطرُ وأعاد الحياة إلى أشجارها بعد موت..
بحثاً عن المتعة لأجساد أنهكها العملُ المتواصل، ولعقول آن لها أن ترتاحَ بعد طول عناء.
***
صورةُ بيوتِ الشعر والخيام التي اكتست بها البراري، ورائحة (السمر والغضا والرمث) في مواقد الشواء، وحيثما كانت هناك حاجة إلى دفء للأجساد من لسعات برد الشتاء..
ومنظرُ الناس المثير وهم يتسابقون في أخذ مواقعَ لهم بين السهول والجبال، وعلى بُعد مرمى حجرٍ من غديرٍ هنا أو وادٍ أو شعيبٍ هناك غسلته مياهُ الأمطار..
تلك بعضُ مشاهداتِنا وانطباعاتِنا التي لا تقوى على إخفاء سرورنا وسعادتنا، نتوقَّفُ عندها طويلاً في نشوة طاغية وشعور من الفرح الذي لا يتكرر إلا في المناسبات.
***
هذا إذن هو موسمُ العطاء والخير يهلُّ علينا فيَروي عطشَ الصحراء التي التصقنا بها حباً وهياماً ولنا معها ذكرياتٌ جميلةٌ لن تنسى..
موسمُ المطر هذا اعتاد في كلِّ عامٍ أن يُغرقَنا بحبِّه؛ ليورقَ هذا الحب بسخاءٍ في عروقنا، وبالتالي ليكونَ مشهدُ العناق والتعاطي معه بمثل ما نراه حاراً وعاطفياً وودوداً.
***
أهلاً بك أيُّها المطرُ، صديقاً وحبيباً وخِلاًّ يزرعُ فينا جميعاً - ومن جديد - وحدةَ الكلمة، إذْ لا أحدَ يكرهه، أو أنَّ هناك مَنْ لا يرحبُ به، أو أنَّ فينا مَنْ لا يستقبلُه بفرحٍ غامر، فهو حدثٌ مهمٌّ، ومطلوبٌ أنْ يتكرر في حياتنا وأنْ يتجدد، لتتكرر معه وتتأكد به وحدة المواقف ولو كان ذلك منه ومعه وبين الناس..
وهذه السطورُ لا تعدو أن تكون تحيةً نستقبلُ بها هذا الذي أثار سعادتنا، وحرَّك كوامن الإعجاب عندنا، إذْ ننظرُ إلى المطر على أنه حبيبُنا وفرحُنا وأمانينا جميعاً، فاللهمَّ باركْ به وعمِّم خيرَه، وارزقْنا نعمةَ الشكر على هذه الهبة الإلهية.
خالد المالك
|
|
|
كيف تتصرفين مع الابن المدخن؟
|
دخلت الأم غرفة ابنها البالغ من العمر أحد عشر عاماً.. وفوجئت به يدخن سيجارة.. وما إن رآها حتى ألقى السيجارة من النافذة، وأسرع خارجاً من غرفته.. وتلفتت الأم حولها في ذهول.. لا تدري ماذا تفعل؟ لماذا لجأ ابنها إلى التدخين؟ وكيف تعاقبه؟ وهل تخبر والده بفعلته أم تكتفي بتأنيبه؟
ونقول: إن تدخين الأطفال هو انعكاس لتباعد الأم والأب وغياب الحوار الأسري، ونعتبره أيضاً نوعاً من التسيب والإهمال وغياب التوجيه والتربية؛ ففي الوقت الذي يتوقف فيه المدخنون عن التدخين في الدول المتقدمة لزيادة الوعي بأخطاره يتزايد انتشار التدخين في الدول النامية والدول المتخلفة، خاصة بين صغار السن؛ لتكثيف شركات التبغ دعاياتها في دول العالم الثالث في محاولة منها لتعويض خسارتها في الدول المتقدمة.
ومن ناحية أخرى فإن الأطفال في سلوكياتهم عادة يقتدون بالكبار، وعادة يقلدونهم في تصرفاتهم، فإذا كان الأب لا يتوقف عن التدخين داخل البيت وفي وجود الأبناء، فإن الأبناء بالتبعية يتعرضون في أول الأمر للتدخين السلبي، وذلك باستنشاق هواء الحجرة الملبد بسحب الدخان، وهكذا يتهيأون عن طريق ذلك مع القدوة المأخوذة من الأب للتدخين الإيجابي، فيلجأون إلى أخذ السجائر من علبة أبيهم، أو أخذ السيجارة من صديق أو رفيق سوء ثم يدخنونها، وينطبق عليه هنا البيت القائل:
إذا كان رب البيت بالدف ضارباً
فشيمة أهل البيت كلهمُ الرقص
ولذلك على الأم التي تفاجأ بطفلها يمسك بالسيجارة ويدخنها أن تراجع نفسها وتصرفاتها وسلوكيات زوجها وما يدور داخل البيت من حوار، أو مشكلات، والعلاج هنا يكون بمعالجة ما نتج عن الأسباب؛ فذلك لا يجدي، ولكن العلاج الحقيقي هو الذي يتوج بمعالجة ما نتج من الأسباب؛ أي أن محاولة الأم الضغط على الابن أو إثناءه عن التدخين سوف تكون محاولة فاشلة؛ وذلك لأن الأسباب التي دفعت الطفل إلى التدخين ما زالت موجودة ولم يتم التعامل معها، والعلاج الفعال يكمن في التعامل مع أسباب التدخين.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|