|
شراكة المرأة...! |
بدأت تضيق فرص العمل أمام من أنهين تعليمهن الجامعي من بناتنا..
وتلك مشكلة أطلت بكامل جسمها منذ بعض الوقت؛ فعانى من عانى منها..
واشتكى من رأى فيها هدراً لجهد دراسي طويل..
وقال عنها نقداً مَن رأى فيها تهميشاً لدور المرأة في العمل..
***
هذه مشكلة بحق..
والخريجات بازدياد..
بل إن الإحصائيات تقول: إنهن في السنوات القليلة القادمة ربما فقن في العدد الخريجين من الرجال..
بما يعني أن المشكلة تتفاقم..
وأن الحلول المطروحة أبعد من أن توفر العلاج الصحيح لها..
نعم سعودت المدارس بالسعوديات..
بما في ذلك تلك المدارس التي تقع في مناطق نائية..
وحُلت المشكلة جزئياً ووقتياً..
لكن ماذا سنعمل أمام ازدياد الخريجات، وعدم قدرة المدارس على استيعاب المزيد منهن..؟
***
لا بدّ من دراسة هذه الظاهرة..
بوعي ..
وعقل ..
وتفهّم لآثارها الاجتماعية المدمّرة..
فضلاً عن أن هذه المشكلة تمثل خسارة للوطن بتعطيل النصف الآخر من سكانه عن فرص العمل..
إذ إن حصر عمل المرأة في التدريس بمدارس تعليم البنات..
مع فرص محدودة وضيقة لها للعمل في مجالي التمريض والطب ومجالات أخرى صغيرة..
لا يعدّ كافياً لمعالجة المشكلة التي توشك أن تفترس بأنيابها الكثير من قناعاتنا..
***
هناك مجالات كثيرة..
تناسب وضع المرأة..
وتتفق مع اهتماماتها..
وتنسجم مع تعليمها وتخصصها..
يمكنها أن تقوم بها على النحو الذي تتمنى..
مع التزام بالثوابت..
وبالجيد من التقاليد..
بما لا يمس القيم والأخلاق..
وفي حدود تعاليم ديننا..
فلماذا لا نفعل شيئاً يفيد المرأة..
ويكرّس نجاحاتها..
وبالتالي يستفيد الوطن الذي يعتمد اليوم على سبعة ملايين من غير المواطنين في خدمته..؟
***
أستطيع أن أقدّم قائمة طويلة بالأعمال والمجالات التي تناسب طبيعة المرأة..
وبياناً ثرياً وغنياً بالأعمال التي لا مجال لاعتراض أيّ منا على عمل المرأة في حدودها..
لكن المهمّ ليس هذا..
والحوار يفترض أن تتسع له الصدور..
ويقبل به الجميع..
وتوفر له الأجواء المناسبة لإنجاحه..
بأمل أن نصل إلى تحديد هوية الأعمال التي تناسب المرأة، وخاصة في القطاع الخاص، ودون استثناء القطاع العام.
خالد المالك
|
|
|
دارفور.. أزمة سودانية داخلية بأبعاد دولية! * إعداد اسلام السعدني |
بغتة باتت أزمة إقليم دارفور السوداني الأزمة الأكثر أهمية في العالم، ولم تعد هناك صحيفة أو محطة إذاعة أو تليفزيون في أي بقعة من بقاع الأرض إلا وتناولت هذه القضية باستفاضة من مختلف أبعادها على الرغم من تأكيدات وزير الخارجية السوداني ان قضية دارفور هي ازمة داخلية وليس دولية.
(كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية أفردت على صفحاتها تقريرين عن تلك الأزمة أولهما للكاتب (ديفيد هاوك) والثاني للكاتبة (دانا هاريمان).
** مطلوب 434 مليون دولار قبل نهاية هذا العام لتلبية الاحتياجات العاجلة
لمواطني دارفور
** مطلوب 434 مليون دولار قبل نهاية هذا العام لتلبية الاحتياجات العاجلة
لمواطني دارفور
ويستهل (هاوك) تقريره في هذا الموضوع بالحديث عما تشهده الساحة الدولية حاليا من مشاورات ومناقشات حول سبل تسوية الأزمة الراهنة في ذلك الإقليم الواقع في غرب السودان وهي الأزمة التي يشير إلى أنها أودت بحياة نحو 30 ألف شخص، وأدت إلى تشريد 1.4 مليون آخرين على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية.
تحسن بطيء
ويتحدث الرجل في البداية عما تضمنه التقرير الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة التي توجهت إلى دارفور في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1556 في الثلاثين من يوليو الماضي حول الوضع في الإقليم، موضحا أن التقرير اعترف بحدوث تحسن في الأوضاع الأمنية بداخل مخيمات اللاجئين في دارفور، وكذلك أقر بأن مواد الإغاثة الإنسانية بدأت في الوصول ولو بمعدلات بطيئة إلى هذه المعسكرات، إلا أن التقرير أشار أيضا n كما يضيف (هاوك) الى أن حصيلة ضحايا أسبوع واحد فقط من الهجمات في المنطقة بلغت 75 شخصا من القرويين الذين يعيشون هناك.
موقف معقد
وبينما يقول الكاتب إن هناك العديد من الأصوات التي تعالت منتقدة ما رأته من تباطؤ للمجتمع الدولي في التدخل لمواجهة الوضع المتفاقم في دارفور، يلفت الانتباه إلى وجود العديد من العوامل التي تتشابك لتزيد من تعقيد الأزمة الراهنة هناك، ومن بين هذه العوامل كما يوضح (هاوك) أن التدخل بإرسال قوات غربية إلى السودان، حتى وإن كان ذلك لأسباب إنسانية يبدو مستحيلا من الوجهة السياسية في ضوء ما يحدث حاليا في كل من العراق وأفغانستان.
وإلى جانب هذا العامل الخاص بالتعقيدات السياسية الحالية، يشير الكاتب إلى عامل آخر يتمثل في المصالح الاقتصادية التي تربط بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي مثل روسيا والصين بحكومة السودان، قائلا إن الأمم المتحدة لم تتمكن بعد من تحديد ما إذا كان ما يجري في دارفور يعد إبادة جماعية أم لا، وهو الأمر الذي يكتسب أهمية كبرى حسبما يؤكد الرجل إذ ان اتخاذ قرار من قبل المنظمة الدولية ينص على أن ما يشهده الإقليم هو إبادة جماعية سيوجب على أعضائها التحرك لمواجهة هذا الموقف، وذلك بمقتضى ما ينص عليه القانون الدولي في هذا الصدد.
ويفسر (ديفيد هاوك) التعقيدات التي تكتنف الحلول المختلفة لأزمة دارفور بأنها ناجمة عن التعقيد الذي تتسم به هذه المسألة في حد ذاتها، وهو ما يدفعه
على ما يبدو للبدء في استعراض المشكلة التي يعاني منها ذلك الإقليم السوداني بشيء من التفصيل.
النظرة المشوشة
ويشير (هاوك) في البداية إلى أن هناك تشوشاً ما يشوب النظرة إلى النزاع في دارفور.. ذاك الإقليم الذي يتكون من ثلاث ولايات، فيقول إن مسألة اعتبار هذا النزاع صراعاً بين العرب والأفارقة لا يعد أمراً دقيقاً لأن القضية في الواقع أكثر تعقيداً من ذلك بكثير.
ويوضح أن أسباب هذا التشوش تكمن في أنه لا يوجد فوارق في اللون بين سكان الإقليم سواء كانوا عربا أو غير عرب، كما أن معظم هؤلاء يدينون بالدين الإسلامي حيث تبلغ نسبة المسلمين هناك 98% من إجمالي السكان، مشيرا إلى أن الفارق الوحيد بين طرفي الصراع في دارفور هو حرفة كل جانب منهما، حيث يمتهن أحد الجانبين الزراعة فيما يعمل الطرف الآخر بالرعي.
ويستعين الكاتب بما أوردته منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) من أن المزارعين في دارفور هم بصفة عامة من غير ذوي الأصول العربية أو بالأحرى هم أولئك الذين ينحدرون من أصول إفريقية، وأنهم يعيشون ويفلحون أراضيهم في المنطقة الوسطى من الإقليم، أما الطرف الآخر للنزاع فيتمثل في هؤلاء الذين ينحدرون من أصل عربي ويعيشون
في شمال دارفور ويعملون بالرعي، هؤلاء الذين يعتبرون من البدو.
مشاحنات موسم الجفاف
ويقول الكاتب إنه كان من المعتاد نشوب مشاحنات بين الطرفين من وقت إلى آخر، وذلك جراء دخول الجمال الظمأى التي يرعاها البدو أراضي المزارعين في موسم الجفاف، وذلك في إطار بحثها المحموم عن الماء.
ويوضح أنه كانت تتم تسوية مثل هذه المنازعات من خلال تدخل شيوخ القبائل
الذين كانوا يلزمون البدو بتقديم تعويضات إلى المزارعين عما فقدوه جراء ما لحق بالمحاصيل التي يزرعونها من خسائر بسبب الجمال.
ولكن الحال اختلف كما يشير الرجل منذ عقد الثمانينيات حيث تصاعدت حدة المشاحنات وبدأ استخدام الأسلحة الآلية، ومن هنا ازدادت أعمال النهب وباتت النزاعات أكثر عنفا ودموية.
فبراير الدامي
ويصل بنا (هاوك) إلى فبراير من العام
الماضي، وهو الشهر الذي يؤكد أن الأحداث في دارفور قد بلغت ذروتها خلاله، بعد أن استطاعت حركتان مسلحتان غير عربيتين وهما حركة (تحرير السودان) وحركة (العدالة والمساواة) الاستيلاء على العديد من المدن الصغيرة في الإقليم، وطالبتا حكومة الخرطوم آنذاك بدفع عملية التنمية الاقتصادية في هذه المنطقة وتقاسم السلطة هناك معهما إلى جانب نزع سلاح ميلشيات الجنجويد وهي المطالب التي يشير الكاتب إلى أن الحكومة رفضتها، بل وبدأت حملة عسكرية واسعة النطاق ضد الحركتين بعد ثلاثة أشهر فحسب.
ويواصل الرجل استعراضه التاريخي لتطورات النزاع في دارفور قائلا إن طرفي النزاع حكومة الخرطوم وحركتي التمرد قد وافقتا بعد شهور من القتال الضاري بينهما على سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار، وهي اتفاقات كانت تتعرض لانتهاكات روتينية من كليهما، وفي ديسمبر الماضي كما يقول الكاتب انهارت كل الجهود الرامية لإحلال السلام في الإقليم بشكل كامل.
ويقول (هاوك) إن تلك الفترة شهدت أيضا مواصلة ميلشيات الجنجويد هجماتها على المدنيين في دارفور مما دفع المنظمة الدولية إلى إقامة 147 معسكرا للاجئين في أنحاء مختلفة من الإقليم وكذلك في شرق جمهورية تشاد المجاورة من أجل استيعاب 1.4 مليون شخص نزحوا من منازلهم هرباً من المعارك المستعرة في المناطق التي يعيشون فيها.
تمويل قاصر وصعوبات جغرافية
ولكن تلك الجهود الدولية لا تزال غير كافية على ما يبدو، وهو ما يظهر جلياً من خلال ما يورده (ديفيد هاوك) في مقاله من تصريحات للمسؤولين في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية من أن هناك حاجة لتوفير مبلغ إضافي يقدر بـ434 مليون دولار قبل نهاية هذا العام لتلبية الاحتياجات العاجلة لمواطني دارفور.
ويقول الكاتب إن الموقع الجغرافي لهذا الإقليم يزيد من الصعوبات التي تكتنف وصول منظمات الإغاثة الإنسانية إليه، مشيرا إلى أن هذه الصعوبات تتفاقم أكثر وأكثر مع حلول موسم الأمطار التي تهطل بغزارة شديدة على دارفور.
ولتجسيد المعاناة الإنسانية التي يمر بها مواطنو الإقليم البالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة، يوضح (هاوك) أن الناس هناك لا يجدون ما يلوذون به سوى خيام تمنحهم إياها منظمات الإغاثة التي يبلغ عدد عناصرها المنتشرين في دارفور 4 آلاف عنصر أو قماش مضاد للمطر يتم ربطه في فروع الشجر.
غياب المجتمع الدولي
نقطة أخرى ينتقل إليها الكاتب، ويشير فيها إلى أنه على الرغم من نشر قوات تابعة للاتحاد الإفريقي في دارفور يبلغ قوامها 305 عنصر، وإرسال بعثة مراقبة إلى هناك يصل عدد عناصرها إلى80 فردا، إلا أن المجتمع الدولي لم يحزم أمره ويقرر التدخل بالقدر الكافي لوقف حمام الدم في هذا الإقليم السوداني الذي يتعرض 2.2 مليون شخص من سكانه حالياً لمخاطر جمة جراء الصراعات الدائرة فيه، ويقول إن أحد أسباب إحجام الأسرة الدولية عن التدخل لتسوية هذه الأزمة كما ينبغي هو أن الأمم المتحدة لم تعتبر بعد ما يجري في دارفور جرائم إبادة جماعية.
ويلقي (هاوك) الضوء في هذا الشأن على الظروف التي صكت فيها المنظمة الدولية ذلك المصطلح، مشيرا إلى أن هذا جرى عام 1948 عندما صاغت الأمم المتحدة اتفاقية عرّفت فيها تلك الجرائم بأنها فعل محدد ( من قبيل القتل، أو إلحاق الأذى الجسدي أو الروحي، إلخ) يرتكب بغرض التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه ويوضح أن هذه الاتفاقية وضعت بهدف الحيلولة دون حدوث
(هولوكوست) جديد، في إشارة للمآسي التي يقول اليهود إنهم تعرضوا لها على يد النازي.
حديث الإبادة الجماعية
ويذكرنا (ديفيد هاوك) بأن الكونجرس الأمريكي تبنى قراراً في يوليو الماضي حث فيه الرئيس (جورج بوش) على اعتبار ما يجري في (دارفور) إبادة جماعية.
إلا أن كل هذه الدعوات لا طائل من ورائها كما يوضح الكاتب ما لم تعتبر الأمم المتحدة الأزمة في ذاك الإقليم ناجمة عن عملية إبادة جماعية، إذ ان عدم حدوث ذلك يجعل أعضاء المنظمة الدولية في حل من التدخل لتسوية تلك الأزمة.
ويشير (هاوك) في مقاله إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة في الوقت الراهن بهدف زيادة حجم الوجود العسكري للاتحاد الإفريقي في دارفور، لافتا الانتباه إلى الجهود المستميتة التي بذلها البيت الأبيض لاستصدار القرار 1556 من مجلس الأمن حول الإقليم، كما أن أمريكا حسبما يذكر الرجل أسهمت بمبلغ يقدر بـ194.1 مليون دولار في المساعدات الإنسانية التي تم منحها لسكان دارفور، وذلك وفقاً لما أوردته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
الحل المراوغ
في الوقت نفسه ينقل (هاوك) عن عدد من الدبلوماسيين قولهم إن الحكومة السودانية سعت خلال فترة الثلاثين يوماً التي منحها إياها قرار مجلس الأمن بشأن دارفور إلى بذل جهود تكفي بالكاد لتجنيبها التعرض لأية عقوبات.
ويلقي الكاتب نظرة على النسخة الأولية للتقرير الذي أعدته الأمم المتحدة عن الوضع في دارفور خلال فترة المهلة، قائلا إن التقرير يشير إلى أن حكومة الخرطوم رفعت القيود التي كانت مفروضة على عمل منظمات الإغاثة الإنسانية في الإقليم، كما قامت بنشر قرابة ألف رجل شرطة هناك، وكذلك بدأت في عملية نزع أسلحة ميلشيات الجنجويد.
ويوصى التقرير حسبما يشير الكاتب بضرورة زيادة عدد قوة المراقبة الدولية المنتشرة بالفعل في دارفور، ويوضح (هاوك) في هذا الشأن أن الاتحاد الإفريقي قد عرض إرسال 3 آلاف جندي إضافي إلى دارفور، وهو ما وافقت عليه الحكومة السودانية بعد أن كانت قد رفضته في بداية الأمر.
فتش عن النفط
ويلقي الصحفي الأمريكي في مقاله الضوء على موقف روسيا المعارض لفرض عقوبات دولية على السودان، حيث ينقل عن (أندريه دينسوف) المندوب الروسي في الأمم المتحدة قوله مؤخرا إن الخرطوم حققت تقدما ملموسا على صعيد تحسين الأوضاع في إقليم دارفور. ويشير (هاوك) إلى أنه على الرغم من أن السودان لا تعد من بين البلدان الرئيسية في مجال تصدير النفط في العالم حيث لا تتجاوز صادراتها في هذا الصدد 250 ألف برميل يوميا، إلا أن هناك بعض الدول التي ستعارض فرض عقوبات على الحكومة السودانية إذا ما بدا أن هذه العقوبات من شأنها رفع أسعار البترول في الأسواق العالمية أكثر وأكثر.
ولكن على الجانب الآخر يؤكد السيد (روتبرج) الباحث بجامعة هارفارد الامريكية حسبما ينقل عنه الكاتب الأمريكي أن أي عقوبات سيتم فرضها على الخرطوم ستتضمن حظرا على رحلات شركة الخطوط الجوية السودانية، وكذلك حظرا على شحنات النفط السوداني، مشيرا إلى أهمية أن يتم نشر قوة حفظ سلام دولية بقيادة فرنسا أو أية دولة أوروبية أخرى لوضع حد للأزمة في دارفور، وربما اقترح الرجل
فرنسا بالتحديد لأنها تنشر حاليا 200 عسكري على الحدود ما بين تشاد والإقليم.
متاعب إفريقية
وإذا كان (هاوك) قد ركز في مقاله على جذور الأزمة التي نشهدها حاليا في تلك المنطقة الواقعة في غرب السودان والعوامل التي أكسبتها ذاك التعقيد الذي جعلها تبدو عصية على الحل حاليا، فإن الكاتبة (دانا هارمان) قد اختارت أن تتناول محورا آخر من محاور هذه الكارثة
الإنسانية في مقالها، وهو ذاك المتعلق بالمشكلات التي تعاني منها بعثة المراقبين التابعة للاتحاد الإفريقي الموجودة في دارفور حالياً والتي تتولى مهمة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في الإقليم وكذلك المتاعب التي تواجهها القوة الإفريقية المكلفة بحماية مهمة هذه البعثة. وتؤكد (هارمان) أن هذه المشكلات تجعل عناصر القوة المؤلفة من جنود نيجيريين وروانديين يشعرون بانعدام أي حافز أو دافع، مشيرة إلى أن هؤلاء الجنود يفتقرون إلى المركبات والهواتف وأجهزة
الراديو، ولذا لم يقدموا حتى الآن سوى القليل مما يشعرون بأنه كان من المفترض عليهم تقديمه.
ومن هنا فإن هؤلاء الجنود يقضون أغلب وقتهم كما توضح (هارمان) إما في حفر بعض الحفر لاستخدامها كمراحيض، أو في النوم.. فقط لقتل الوقت! حيث تنقل عن أحدهم قوله في هذا الشأن (إننا نسترخي هنا بلا أدنى ريب)!.
وتقول الكاتبة إن نقص المعدات والتجهيزات يزيد من صعوبة المهمة الملقاة على كاهل جنود القوة ومراقبي البعثة والتي تتمثل في وضع حد لتلك الكارثة الإنسانية المستمرة في دارفور منذ عام ونصف العام، مشيرة في هذا الصدد إلى أن هذه المهمة الشاقة قد تصبح أقل وطأة إذا ما لاقت نداءات (كوفي أنان) الأمين العام للأمم المتحدة بشأن زيادة عدد أفراد القوة الدولية المرابطة في الإقليم آذانا صاغية.
قارة على المحك
وتلفت (هارمان) الانتباه إلى أن اضطلاع الاتحاد الإفريقي بمهمة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار بدارفور تعد المهمة الأكبر من نوعها بالنسبة له، كما أن هذه المهمة تحظى بدعم كبير من قبل المجتمع الدولي، وإن لم يكن هذا الدعم قد تم التعبير عنه بشكل كامل في صورة إجراءات ملموسة على الأرض.
وتؤكد الصحفية الأمريكية في مقالها أن نجاح تلك القوة الإفريقية صغيرة الحجم التي تبدو في بعض الأحيان هشة ومتداعية في أداء مهمتها على أكمل وجه وإنهاء أزمة دارفور سيعد نجاحا للقارة السمراء في اختبار حقيقي يتعلق بقدرتها على إرساء الأمن في ربوعها بإمكانياتها الذاتية.
وتتناول (دانا هارمان) بعثة المراقبة الإفريقية المرابطة في دارفور بالقول إن هذه البعثة مكونة من 80 مراقبا يمثلون عشر دول، ويتحدثون العديد من اللغات.
وتشير إلى أن هؤلاء المراقبين يتفاوتون فيما بينهم من حيث الخبرات التي يتمتعون بها، موضحة أنهم يعانون بدورهم من قلة السيارات الموضوعة تحت تصرفهم.
ثم تنتقل (هارمان) إلى قوة الحماية التي تقول إن الصلاحيات المخولة إليها لا تشتمل على منحها الحق في نزع سلاح الميليشيات التي تتهم حكومة الخرطوم بدعمها في الإقليم وهي الميليشيات المتهمة بدورها بأنها مسئولة عن عمليات قتل المدنيين في دارفور.
معضلة الصلاحيات
وتنقل الكاتبة عن بعض الخبراء قولهم إن المشكلات الحقيقية التي تواجه
بعثة المراقبة وقوة الحماية الإفريقيتين في إقليم دارفور لا تنحصر في قوام كل منهما المحدود بل تتمثل في أمور أخرى من بينها الصلاحيات غير الواضحة الممنوحة لكل من جنود القوة ومراقبي البعثة، إلى جانب تباين قدرات وخبرات تلك العناصر، فضلا عن عدم كفاية الدعم المالي والتقني الذي تتولى الدول الغربية توفيره لتلك العملية.
وتشير (هارمان) إلى أنه على الرغم من أن العديد من هؤلاء المراقبين شاركوا من قبل في عمليات حفظ سلام في أنحاء مختلفة من القارة الإفريقية وأن منهم من تلقى تدريبات في الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تضيف أن بعضهم لا يزال متشككا في ما إذا كان قادرا على الوفاء بالمهمة المنوطة به في دارفور.
وتستعين هنا برأي لأحد المستشارين العسكريين الأوربيين الذين يمدون أعضاء بعثة المراقبة بخبراتهم، حيث يقول الرجل إن ما تفتقر إليه البعثة وكذلك قوة الحماية هو (وجود أناس كانوا مسؤولين عن الاضطلاع بقيادة مهمات سابقة مماثلة من قبل وليس فقط أناس كانوا جزءا من هذه المهمات).
تباطؤ الخرطوم
وتوضح (هارمان) أن مهمة بعثة المراقبة تتمثل في التحقق من التزام طرفي النزاع حكومة الخرطوم وحركتي التمرد في دارفور باتفاق وقف إطلاق المبرم بينهما قبل نحو خمسة أشهر، ورفع تقرير إلى الاتحاد الإفريقي يتضمن الانتهاكات التي قد يقوم بها أي منهما لهذا الاتفاق، وذلك في وقت يضطلع فيه الاتحاد بدور حيوي فيما يتعلق بمباحثات السلام الجارية بين الطرفين في العاصمة النيجيرية أبوجا للوصول إلى حل دائم للأزمة في دارفور.
وتضيف أن الاتحاد الإفريقي يضغط في الوقت الراهن من أجل توسيع صلاحيات بعثة المراقبة وقوة الحماية ليكون بوسعهما استخدام القوة للحيلولة دون إقدام الميليشيات في دارفور على شن هجمات ضد المدنيين هناك، وهو الضغط الذي لم يثمر عن نتائج إيجابية في ضوء تباطؤ حكومة الخرطوم في الاستجابة لتنفيذ مثل هذه الخطوة. ولتأكيد هذه الرؤية تورد (دانا هارمان) تصريحات ل(الفاتح عروة) السفير السوداني لدى الأمم المتحدة أكد فيها أن بلاده لا تمانع في زيادة قوة الاتحاد الإفريقي المرابطة في دارفور، ولكن دون إدخال تغييرات على التفويض الممنوح لهذه القوة، مشيرا إلى أن حكومته تعمل على زيادة عدد رجال الشرطة في الإقليم لتحسين الوضع الأمني هناك دون مساعدة خارجية، وأن توسيع اختصاصات القوة الإفريقية في دارفور لن يؤدي سوى لحدوث مواجهات.
تقصير غربي
في النهاية تؤكد الكاتبة أن هناك حاجة ماسة لتلبية احتياجات القوة الإفريقية المنتشرة في إقليم دارفور السوداني بشكل سريع، قائلة إن ما لدى هذه القوة من إمكانيات في الفترة الحالية قد لا يمكنها من القيام بواجباتها وفقا للتفويض المحدود الممنوح إليها في الأصل ناهيك عن إمكانية توسيع هذا التفويض فيما بعد.
وتشير إلى أنه ينبغي سد احتياجات عناصر هذه القوة من معدات وغذاء ومنازل ووسائل نقل حتى تستطيع الوفاء بمهامها بالشكل المطلوب.
وتنقل عن دبلوماسي غربي في السودان قوله إن الدعم الذي تقدمه أمريكا والاتحاد الأوروبي للقوة الإفريقية ليس كافياً، مشيرا إلى أن هناك حاجة لنشر مزيد من المراقبين في دارفور فإذا لم تكن الدول الغربية على استعداد للمشاركة بمراقبين في هذه المسألة فإن عليها تدعيم القوة الإفريقية هناك بدعم لوجيستي أكبر مما يتم تقديمه حاليا.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|