|
أطلقوا للصحف حرية تحديد سعرها
|
أكثر من خمسة عشر عاماً مضت منذ تحديد سعر بيع الصحف السعودية اليومية بريالين..
كان سعرها قبل ذلك بريال واحد فقط إثر تدرج من سعرها بالقروش إلى نصف الريال..
ولا أجد ما أفسر به إلزام الصحف بعدم زيادة سعر بيعها عن ريالين..
بينما هناك صحف غير سعودية تباع بثلاثة ريالات في أسواق المملكة ويمكنها أن تزيد على ذلك لو أرادت..
***
أسعار مواد الطباعة وتكاليفها ارتفعت أضعاف ما كانت عليه عندما حدد سعر بيعها بريالين..
وهي في تصاعد جنوني قد لا يشعر به القارئ وقد لا يثقل ميزانية الصحف التي تطبع أعداداً متواضعة..
لكنها مقلقة بالنسبة للصحف التي تضخ في السوق نسخاً كثيرة لتلبية الطلب عليها..
وهو ما لم ينتبه له صاحب قرار تحديد السعر بريالين لتكون لديه قناعة بأن هناك حاجة ملحة إلى إعادة النظر فيه من جديد.
***
لقد كانت وزارة الثقافة والإعلام تتحمل نفقات تكاليف شحن الصحف على طائرات الخطوط الجوية السعودية..
وكانت الدولة تقدم معونة سنوية لكل المؤسسات الصحفية بالتساوي وبشكل منتظم..
وتوقف هذا الدعم المباشر وغير المباشر منذ أكثر من عام..
وارتفعت أسعار الورق ومواد الطباعة سنة بعد أخرى مما صعد من تكاليف إنتاج الصحيفة الواحدة دون أن يقابله ارتفاع في سعر بيعها..
مثلما أن إعداد الصحيفة وتحسين مستواها ظل يتطلب من القائمين عليها الاستعانة بأعداد أكثر من الصحفيين والفنيين وتوفير أجهزة طباعية متطورة تضاهي ما هو موجود بأكبر وأشهر الصحف العالمية..
وكل هذه تكاليف ينبغي أن تكون موضع ملاحظة ودراسة ومناقشة للوصول إلى تعامل أفضل مع مثل قضية أسعار بيع الصحف.
***
إذ لولا أن أسعار الإعلانات وحجمها تغطي هذه التكاليف وتمنح ملاك الصحف هامشاً معقولاً من الأرباح لتوقفت الصحف عن الصدور أو صدرت بشكل هزيل..
غير أن الإعلانات وقد وصلت أسعارها الآن إلى الحد الذي قد يتعذر معه أن يتم تعديلها ارتفاعاً وبالنسب القادرة على مواجهة تكاليف إصدار صحيفة يومية، لا يمكن أن يعتمد عليها وحيدة في مواجهة هذه المتغيرات..
وبنظرنا، فإنه لا بد من إطلاق حرية التصرف بأسعار الصحف للمؤسسات الصحفية، ودون إلزامها سواء بسعر البيع المحدد بريالين أو أقل أو أكثر.
***
ومثلما أشرت، فإنه من المستغرب أن يسمح للصحف غير السعودية بأن تبيع بالسعر الذي تريده، فيما تحرم الصحف السعودية من هذا الحق..
وإن إعطاء الصحف حرية التصرف في تحديد سعرها، سوف يجعل أسعارها متفاوتة حسب نجاح كل صحيفة ووفق تكاليف إنتاجها..
إذ إن عدد الصفحات وكمية الطبع وحجم الإنفاق على الصحيفة ستكون ضمن المؤشرات التي تحدد سعر بيع الصحيفة..
وعلينا أن نترك للقارئ الحق بأن يقتني الصحيفة بالسعر الذي يرى أنها تستحقه دون تدخل غير مبرر قد يضر بطرف على حساب طرف آخر.
***
إن مثل هذا القرار لو تم اتخاذه فقد يتيح الفرصة لصحف بأن تبيع بأقل من الريالين وأخرى أن تبقى على سعرها الحالي بريالين وقد ترى بعض الصحف أن من مصلحتها أن تجعل سعرها بثلاثة ريالات..
ومثل هذا القرار.. إن قُدر له أن ينال القبول، فسوف يدفع بالصحف دون استثناء إلى تحسين مستواها، وبخاصة تلك التي سوف تلجأ إلى زيادة أسعارها، وهو ما يعني إنفاق أو استثمار ما سيتم تحصيله من هذه الزيادة في تطوير المستوى الصحفي لضمان عدم هبوط مستوى التوزيع عند الحد المضر إعلانياً أو إعلامياً بها.
***
ذلك ما أردت أن أذكِّر به في ظل القائمة الجديدة القاتلة لأسعار الورق التي بُلِّغت بها المؤسسات الصحفية الأسبوع الماضي..
وخوفاً من أن يؤثر ذلك على حجم المطروح من الصحف في الأسواق، مع مساهمته في تخفيض عدد الصفحات إلى الحد الذي قد تطغى فيه نسبة الإعلانات على المادة الصحفية..
فلعل وزارة الثقافة والإعلام في شخص معالي وزيرها النشط تعطي هذا الموضوع ما يستحق من الاهتمام والعناية والدراسة للوصول إلى ما يفيد وينفع.
خالد المالك
|
|
|
رسالة مفتوحة الموسيقار الآيرلندي بوب جيلدوف * ميرغني معتصم *
|
إن كان للحجر أن يهرب من قانون الجاذبية ستهرب إفريقيا من الفقر.
مقولة لن تتجاوز الحالة الحدية، يفترضها وفرضها التاريخ، بعد أن رسم حدودها الغزاة البيض.
ولم يتعاط الثاني مع الأول، بوصفه الراوي والمدون،.. فتجاوزه دون أن يرف جفن تجلياته الاستعمارية.
دعونا كمتفرجين أن نشق صدر هذه التراجيديا الإفريقية وحقبها،.. فالوعي الحقائقي لم يتفق يوماً مع (الموت القادم من الغرب)،.. مع النهب المكشر من الغرب،.. مع الجشع من الغرب.
واكتملت فصول المشهد الإفريقي البائس، وأدى الرجل الأبيض دوره بانفصال كامل عن صاحب الأرض ووعيه القيمي وتكوينه وحتى ممتلكه الذي صودر غرباً.
والآن.. الآن، ماهذه الرأفة المتقاطعة مع منجز التاريخ في القارة السوداء،.. ما هذه الشفقة المباغتة التي جعلت من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن يصرح في رابعة النهار بأن إنقاذ إفريقيا من الفقر هو التحدي الرئيس لجيله؟!.. أي ملهاة تراجيدية هذه التي أفرغت ثروات إفريقيا وعبأت جيوب الغرب؟!.. أي مشاعر تلك التي جعلته يقف الآن ليخدر أبناء القارة قائلاً (أنا منكم،.. عدت لأغني بلسان.. وأكافح فقركم بلسان إفريقي).
بعد كل تواريخ القهر وأحقاب العبودية؟...
الموسيقار بوب جيلدوف... حين تقرر مجموعة الدول الثماني الكبرى، وتصدر فرمانها (التاريخي) إسقاط ديون 18 دولة فقيرة ترزح تحت سياط العوز والمرض والجهل، ذاك يعني إعادة النظر في 40 مليار دولار فضلاً عن فوائدها السنوية ترى هل تشطب قمة الكبار 40 دولة أخرى يعيش سكانها تحت خط (الموت)، من خارطة الإنسانية غير معنية بفقرها وقفرها وبلادها وعبادها؟.. أي تقريرية تاريخية تكمن في هذه الشفقة المبطّنة بنسيج خشن،.. تقريرية تكرس وتقول لهذه الشعوب: أنتم أغنى بؤساء الأرض جوعاً،.. فموتوا بغيظكم وفقركم.
إن العالمين ببواطن الأمور، لا يرون أن للتاريخية علاقة هنا،.. ولا المسرح يحتمل فصولا تمثيلية جديدة محاورها التنمية والصحة والفقر،... بينما يموت طفل كل 3 دقائق جراء الفقر، وهذه شهادة أدلى بها قادة وأكاديميون وموسيقيون ومحرومون أيضاً...
المغني جيلدوف... يرفع العالم قبعته عرفاناً لكم وبمبادرتكم إحياء ثلاث حفلات موسيقية تزامناً مع قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى، ويخصص ريعها للقضاء على ظاهرة الفقر في إفريقيا،..
خاصة وأنكم عرفتم بخروج سلطتكم الاجتماعية وترجمتموها من إبداع نظري إلى وعي سياسي وإنساني متخم بهواجس وهموم الإنسان والمكان، فكانت حملة (لايف 8) تعبيرية واحتجاجية حضارية على مصادرة حق السائل والمحروم في مجرد الحياة بعد أن نهب أصحاب الياقات المنشاة ثرواته ومعين حيواته.
الموسيقار جيلدوف... ترى أين يكمن الخلل في العلاقة بين العالم المتطور وافريقيا؟..
هل هو في إسقاط جزء من الفوائد وليس الفوائد كلها؟..
هل هو المأزق التاريخي المزمن بين اللص والضحية؟..
أم تنسحب عليها جاهزية العولمة الفوقية وأساليب التخدير الموضعية؟..
فإن كانت الدول الغنية تطالب الفقيرة بسداد ديونها،.. فحري بالأخيرة أن تتساءل عن مصير ثرواتها.
إن الأمر أكثر من أن تنحاز إفريقيا إلى الشفافية، فالمفزع هو أن تجاهلا تاما للوعي تجاه سياسات الدول الصناعية في ظل متغيرات تفرضها تبعيات عولمة عمياء،.. فهل تنجح الموسيقى فيما فشلت في تحقيقه السياسة؟
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|