|
أطلقوا للصحف حرية تحديد سعرها
|
أكثر من خمسة عشر عاماً مضت منذ تحديد سعر بيع الصحف السعودية اليومية بريالين..
كان سعرها قبل ذلك بريال واحد فقط إثر تدرج من سعرها بالقروش إلى نصف الريال..
ولا أجد ما أفسر به إلزام الصحف بعدم زيادة سعر بيعها عن ريالين..
بينما هناك صحف غير سعودية تباع بثلاثة ريالات في أسواق المملكة ويمكنها أن تزيد على ذلك لو أرادت..
***
أسعار مواد الطباعة وتكاليفها ارتفعت أضعاف ما كانت عليه عندما حدد سعر بيعها بريالين..
وهي في تصاعد جنوني قد لا يشعر به القارئ وقد لا يثقل ميزانية الصحف التي تطبع أعداداً متواضعة..
لكنها مقلقة بالنسبة للصحف التي تضخ في السوق نسخاً كثيرة لتلبية الطلب عليها..
وهو ما لم ينتبه له صاحب قرار تحديد السعر بريالين لتكون لديه قناعة بأن هناك حاجة ملحة إلى إعادة النظر فيه من جديد.
***
لقد كانت وزارة الثقافة والإعلام تتحمل نفقات تكاليف شحن الصحف على طائرات الخطوط الجوية السعودية..
وكانت الدولة تقدم معونة سنوية لكل المؤسسات الصحفية بالتساوي وبشكل منتظم..
وتوقف هذا الدعم المباشر وغير المباشر منذ أكثر من عام..
وارتفعت أسعار الورق ومواد الطباعة سنة بعد أخرى مما صعد من تكاليف إنتاج الصحيفة الواحدة دون أن يقابله ارتفاع في سعر بيعها..
مثلما أن إعداد الصحيفة وتحسين مستواها ظل يتطلب من القائمين عليها الاستعانة بأعداد أكثر من الصحفيين والفنيين وتوفير أجهزة طباعية متطورة تضاهي ما هو موجود بأكبر وأشهر الصحف العالمية..
وكل هذه تكاليف ينبغي أن تكون موضع ملاحظة ودراسة ومناقشة للوصول إلى تعامل أفضل مع مثل قضية أسعار بيع الصحف.
***
إذ لولا أن أسعار الإعلانات وحجمها تغطي هذه التكاليف وتمنح ملاك الصحف هامشاً معقولاً من الأرباح لتوقفت الصحف عن الصدور أو صدرت بشكل هزيل..
غير أن الإعلانات وقد وصلت أسعارها الآن إلى الحد الذي قد يتعذر معه أن يتم تعديلها ارتفاعاً وبالنسب القادرة على مواجهة تكاليف إصدار صحيفة يومية، لا يمكن أن يعتمد عليها وحيدة في مواجهة هذه المتغيرات..
وبنظرنا، فإنه لا بد من إطلاق حرية التصرف بأسعار الصحف للمؤسسات الصحفية، ودون إلزامها سواء بسعر البيع المحدد بريالين أو أقل أو أكثر.
***
ومثلما أشرت، فإنه من المستغرب أن يسمح للصحف غير السعودية بأن تبيع بالسعر الذي تريده، فيما تحرم الصحف السعودية من هذا الحق..
وإن إعطاء الصحف حرية التصرف في تحديد سعرها، سوف يجعل أسعارها متفاوتة حسب نجاح كل صحيفة ووفق تكاليف إنتاجها..
إذ إن عدد الصفحات وكمية الطبع وحجم الإنفاق على الصحيفة ستكون ضمن المؤشرات التي تحدد سعر بيع الصحيفة..
وعلينا أن نترك للقارئ الحق بأن يقتني الصحيفة بالسعر الذي يرى أنها تستحقه دون تدخل غير مبرر قد يضر بطرف على حساب طرف آخر.
***
إن مثل هذا القرار لو تم اتخاذه فقد يتيح الفرصة لصحف بأن تبيع بأقل من الريالين وأخرى أن تبقى على سعرها الحالي بريالين وقد ترى بعض الصحف أن من مصلحتها أن تجعل سعرها بثلاثة ريالات..
ومثل هذا القرار.. إن قُدر له أن ينال القبول، فسوف يدفع بالصحف دون استثناء إلى تحسين مستواها، وبخاصة تلك التي سوف تلجأ إلى زيادة أسعارها، وهو ما يعني إنفاق أو استثمار ما سيتم تحصيله من هذه الزيادة في تطوير المستوى الصحفي لضمان عدم هبوط مستوى التوزيع عند الحد المضر إعلانياً أو إعلامياً بها.
***
ذلك ما أردت أن أذكِّر به في ظل القائمة الجديدة القاتلة لأسعار الورق التي بُلِّغت بها المؤسسات الصحفية الأسبوع الماضي..
وخوفاً من أن يؤثر ذلك على حجم المطروح من الصحف في الأسواق، مع مساهمته في تخفيض عدد الصفحات إلى الحد الذي قد تطغى فيه نسبة الإعلانات على المادة الصحفية..
فلعل وزارة الثقافة والإعلام في شخص معالي وزيرها النشط تعطي هذا الموضوع ما يستحق من الاهتمام والعناية والدراسة للوصول إلى ما يفيد وينفع.
خالد المالك
|
|
|
(فاكهة التعليق الرياضي) يعود بالذاكرة 45 عاماً إلى الوراء ميمي الشربيني فاوضت الزمالك وعيني على الأهلي
|
* القاهرة / لقاء صبري الصاوي
(نفاثة) الكرة المصرية، (الألفي) (فاكهة المعلقين) (قاعدة البيانات المتحركة) (الساحر) الذي سحر عشاق الكرة بفنونها لاعباً، ومدرباً، ومعلقاً. هذه الألقاب وغيرها أطلقها النقاد على المعلق الرياضي الأشهر كابتن ميمي الشربيني، لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر السابق الذي يعد رافداً من روافد الثقافة الرياضية في مصر والوطن العربي.
اشتهر بخفة دمه وتعليقاته الخاصة مثل (عنقود مهارات متحركة)، (الراجل ده ساحر ياجماعة) اشتهر أيضا بأنه موسوعة متحركة فهو يحفظ تاريخ كل لاعب في الملعب، وتاريخ المباريات وأشهر الأهداف.. إلى آخره، لهذا يأتي تعليقه كسيل متدفق من المعلومات القيمة عن عالم الساحرة المستديرة عربياً وإقليمياً ودولياً.
حياته حافلة، ومسيرته الرياضية تمتد إلى أربعين عاماً ماضية يروي تفاصيلها بحب، ويعلق على ذكرياته برضا كبير. التقيناه في القلعة الحمراء أو بيته الكبير (النادي الأهلي) فتذكر وحكى ما يلي:
***
* كابتن ميمي (فاكهة المعلقين) كما يطلق عليك بعض النقاد كيف كانت بدايتك مع الساحرة المستديرة؟
نشأت في حي الروضة بالقاهرة وكان والدي قد انتقل إليها من المنصورة واستقر بها حيث كانت ملعب الطفولة والصبا وكنت ألعب مع أقراني الأطفال كرة القدم في شوارعها والحقيقة أن الله عز وجل منحني موهبتين أساسيتين لا غنى عنهما لأي لاعب كرة قدم الأولى هي القدرة على المراوغة والثانية السرعة الفائقة واشتهرت بمهاراتي الكروية في هذا الحي حتى بداية مرحلة المراهقة. بعدها بدأت مرحلة جديدة فقد كان يسكن بالحي جار لي يلعب في أحد أندية الدرجة الثانية وهو النادي (المصري القاهري) الذي يتبع منطقة القاهرة الرياضية وهو من الأندية المؤقتة التي كان يسمح لها بممارسة الأنشطة الرياضية وكانت هذه الأندية تلعب على ملاعب الفرق الكبرى بالقاهرة كالأهلي والزمالك والسكة والترسانة وقد عرض علينا أنا وزملائي أن نلعب مباراة مع ناديه المصري القاهري على ملعب كلية طب القصر العيني وبالفعل ذهبنا ولعبنا هذه المباراة وكنت في السادسة عشرة من عمري وقتها.
وهذه كانت بدايتي حيث لفتُّ انتباه المسؤولين في النادي المصري لأدائي المتميز وبالفعل تحدث معي سكرتيره بشأن انضمامي للنادي فوافقت وتم قيدي به. وبدأ مشواري الكروي معه في دوري المناطق وكان الاتفاق معي أن ألعب مع بداية الموسم الجديد وفي غضون ذلك شاركت مع المصري في أسبوع شباب الجامعات وأود أن أذكر هنا أن مصر قد شهدت في تلك الفترة منتصف الخمسينيات حياة كروية حافلة واهتماماً عالياً جداً بالرياضة والكرة بصفة خاصة لدرجة أن دوري الجامعات كان مقسماً على ثلاثة مستويات أ،ب،ج ودوري الكليات أ،ب. وفي ذلك الوقت التحقت بكلية التجارة جامعة عين شمس في مقرها القديم بشارع القصر العيني المقر الحالي لمعهد الدراسات التعاونية وكانت كلية التجارة حافلة بالنجوم أمثال أحمد سليم وممدوح عيسى وبمجرد دخولي للكلية التحقت بفريق الكلية ولعبت في الدوري.
وجاء أسبوع شباب الجامعات في الاسكندرية وكانت المنافسة الشديدة دائماً بين كليتي التجارة والهندسة في دوري الكليات داخل جامعة عين شمس وكانت المباراة النهائية على ملعب كلية الهندسة وقد حضر المباراة كابتن محمد حسن حلمي رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك وأعجب بي جداً وعرض علي أن ألعب للزمالك مع بداية الموسم الجديد ووافقت وكان ذلك في نهاية موسم 1957 وبالمناسبة هذه المباراة لا أنساها وفزنا فيها على كلية الهندسة 43 وقد أحرزت ثلاثة أهداف.
الأمر الذي أثار إعجاب كابتن حلمي ورغب في ضمي لنادي الزمالك وبالفعل أبديت موافقتي على أن ألعب من بداية الموسم.. لكنني تراجعت لأنني كنت أحب الأهلي.
الانتقال إلى الأهلي
* كيف انتقلت إذا إلى النادي الأهلي؟
هذه قصة مثيرة بدأت فصولها عام 1957 عندما كنت لاعباً صغيراً في النادي المصري القاهري وهذا النادي كما قلت ليس له ملعب خاص شأنه شأن الأندية المؤقتة فكنا نلعب مبارياتنا في دوري المناطق على ملاعب الأندية الكبرى بالقاهرة كالنادي الأهلي والزمالك والترسانة والسكة الحديد في غير مواعيد التدريبات والمباريات الرسمية.
وكان اللاعبون المشهورون لهذه الأندية يتابعون مباريات دوري المنطقة من باب التسلية وفي مباراة على ملعب النادي الأهلي شاهدني كابتن مكاوي نجم الأهلي الكبير ولفتُّ انتباهه وبالفعل تحدث معي عبد المنعم البقال كبير مشجعي الأهلي وكان أشهر من يقوم بإتمام عملية انتقال اللاعبين بين الأندية وتحدثنا واتفقنا على اللعب للنادي الأهلي من بداية الموسم التالي وكنت في الحقيقة أهلاوي جداً وبالمناسبة أذكر أن الكابتن طه إسماعيل كان معي في المصري القاهري وكان زملكاوي جداً وأنا أهلاوي جداً ودارت الأيام ولعبنا معاً في النادي الأهلي.
* وعدت الأهلي.. وأبديت موافقتك للزمالك في آن واحد.. كيف كنت تفكر؟
كنت سعيداً بهذه الحالة لأنني كنت صغير السن، وأسعدني تسابق الناديين الكبيرين عليّ، لهذا عندما عرض عليّ المسؤولون في الزمالك وافقت مبدئياً ووعدتهم أن ألعب معهم بداية من الموسم الجديد، إلا أنني تراجعت لأنني كنت أهلاوي الانتماء والهوى وشعرت أنني لن أستطيع أن أعطي لنادٍ غيره.
* إذا كيف غيرت اتجاهك؟
ما حدث في هذه الأثناء أننا كنا في بداية موسم الاستقالات الذي كان يحدث كل أربع سنوات حيث كانت الأندية تمنح اللاعبين الحق في الانتقال من ناد لآخر في الفترة من أول أغسطس إلى منتصفه، واللاعب الذي لم يطلب استقالته أو انفصاله يعتبر ضمنياً راغباً في البقاء في ناديه وتجدد له أربع سنوات أخرى وكان هذا الموسم (موسم 1957) هو آخر موسم للعمل بقانون الاستقالات، لهذا كانت الأندية تتصارع للحصول على لاعبين جدد.. لدرجة انتشار ظاهرة (خطف اللاعبين) وتهريبهم بعيداً عن الأندية ليوقعوا لأندية أخرى، فمثلاً كان الزمالك متحفظاً على كابتن عادل هيكل في منزل كابتن أبو رجيلة ليوقع للزمالك.. أما الأهلي فقد استدرج رفعت الفناجيلي وأنا وآخرين إلى أحد قصور عبود باشا رئيس النادي الأهلي آنذاك مما دعا المسؤولين في الناديين إلى توقيع اتفاق بعدم خطف اللاعبين. وبذلك انتهت مشكلة خطف عادل هيكل ورفعت الفناجيلي، وأنا وطه إسماعيل.. لكنني تعرضت أنا وطه لضغوط قوية.. وعندما شعر المسؤولون في النادي الأهلي بضغوط الزمالك علينا، فكروا في إبعادي أنا وطه عن القاهرة، فدعونا لحضور مباراة ودية بين الأهلي والأولمبي في مدينة الإسكندرية، وفي هذه المباراة كان آداء الأهلي ضعيفاً، وأحرز الأولمبي هدفه الأول في شبكة الأهلي في الشوط الأول، وكنت جالساً كمتفرج، لكنني فوجئت بكبير مشجعي الأهلي آنذاك عبد المنعم البقال يعرض على مدير الكرة بالنادي أن ألعب في الشوط الثاني على مسؤوليته، ووافق المدير ولعبت بالفعل مع رفعت الفناجيلي وعبده صالح وطارق سليم وأحرزت هدف الأهلي الوحيد في المباراة، وكتبت عني الصحف أول مانشيت أذكره دائماً ولا أنساه أبداً وهو (ناشئ جديد يحرز هدف الأهلي).
* وماذا كان رد فعل الزمالك؟
أصروا على انضمامي وبمجرد عودتي من الإسكندرية استعان المسؤولون بالزمالك بمسؤول النادي المصري القاهري الذي مازلت مقيداً به وهم جميعاً من مشجعي وعشاق نادي الزمالك فحاصروني ليقنعوني بالتوقيع للزمالك وأن فرصتي محدودة في الأهلي لأنه زاخر بنجومه المشاهير أصحاب الأسماء اللامعة في عالم كرة القدم أمثال الفناجيلي وطارق سليم وصالح سليم ومكاوي ومن بعدهم الجوهري وآخرون وبالفعل ذهبت معهم لمقابلة الكابتن حسن حلمى وجلسنا معاً حتى الرابعة صباحاً في نادي الزمالك في مقره القديم مكان مسرح البالون حالياً واتفقنا على كل شيء وأنني سوف أوقع للزمالك وعدت إلى منزلى وأنا شبه مقتنع.
* لماذا استجبت في هذه المرة للتوقيع للزمالك رغم اتفاقك ولعبك مع الأهلي؟
الحق أنا كنت صغير السن وكنت سعيداً برغبة الأهلي والزمالك في ضمي لصفوفهما وحصارهما لي وأعترف أنني كنت بداخلي مصمماً على التوقيع للنادي الأهلي ولكن كانت عندي رغبة أن أعرف نهاية هذه اللعبة كيف ستكون.
* وماذا كان رد فعل المسؤولين بالأهلي عندما علموا بخبر اتفاقك مع الزمالك؟
جاء عبد المنعم البقال مع كابتن عبد الوهاب سليم إلى منزلي ولم أعرف من الذي أخبرهم باللقاء الذي تم بيني وبين مسؤولي الزمالك وأحضروني إلى النادي الأهلي ومعي طه إسماعيل وكان باقي على نهاية القيد أسبوع وقرروا إبعادي أنا وطه إلى رأس البر بعيداً عن مسؤولي الزمالك حتى ينتهى هذا الأسبوع وبعدها وقعنا للنادي الأهلي وأخذ كل منا مائة جنيه وبدأ مشواري أنا وطه مع النادي الأهلي.
أجمل مباراة
* بعد الاحتراف ما هي أجمل مباراة في ذاكرتك؟
كنت ألعب مع كبار نجوم الأهلي ومشاهيره ومازلت ناشئاً صغيراً وكانت للأهلي مباراة مع الإسماعيلي في الإسماعيلية وأتيحت لى الفرصة أن أذهب بدلاً من الكابتن صالح سليم وكانت مباراة رائعة وفقني الله وخرجنا من المباراة فائزين 31 وأحرزت هدفين وكنت بحق نجم المباراة وكتبت عني الصحف وكنت حديث الناس وسرقت الأضواء والاهتمام من النجوم الكبار وبفضل الله كانت هذه المباراة بمثابة مباراة اعتمادي وتثبيتي في النادي الأهلي ولدى جماهيره الكبيرة التي كانت تتحدث عني وإن كانت لم تعرفني جيداً لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك تليفزيون وقد كنت أسمع الناس يتحدثون عن الناشئ ميمي الشربيني الذي تسبب في هزيمة الإسماعيلي في عقر داره وكان بودي أن أقول لهم أنا هذا الناشئ هو أنا ميمي الشربيني وكان ذلك في موسم 19571958.
* إذن مباراة الإسماعيلي بداية نجوميتك مع الساحرة المستديرة أو هي نقطة تحول في حياتك الكروية فأي موسم كروي شهد ميلادك الحقيقي؟
بالتأكيد مباراة الأهلي والإسماعيلي كما قلت شهدت مولدي كنجم وتألقي وثبت قدمي بالفريق إلا أنني أعتبر موسم 5758 هو أهم وأول موسم كروي لى ومن حسن حظي كان توفيقي في بداية مشوارى الكروي وهذا الموسم تحديداً كان في بطولة الدوري العام والكأس ودوري المناطق الذي كان يقام بنظام المجموعتين حيث يلتقى أول مجموعة بنظيره في المجموعة الأخرى.. فكان الأهلي والزمالك على قمة المجموعتين كان لابد أن يلعبا معاً مباراتين لتحديد الفائز بالدوري وفي الكأس وصلنا معاً لنهائي الكأس في واقعة نادرة وهذه مباراة ثالثة لنا بعد مباراتي الدوري وأيضاً في دوري منطقة القاهرة كان علينا أن نقابل الزمالك لتحديد بطل المنطقة في مباراة رابعة. وهنا لعبت (المصادفة) دورها معي قبل مباراتنا مع الزمالك في دوري منطقة القاهرة. كان الأهلي يلعب مع السويس وكان يضم لاعب كبير اسمه (توتو) وكان هذا اللاعب محظوظ جداً مع الزمالك ولكنه أصيب بكسر في قدمه قبل لقاء الزمالك بأيام فقرر المدرب أن ألعب المباراة بدلاً منه وفي هذا اللقاء فاز الأهلي على الزمالك 3صفر، في مباراة رائعة وأحرزت أنا هدفاً من الثلاثة في مرمى الزمالك وشريف الجندي والضظوي هدفين.
بعد ذلك جاءت مباراة الزمالك في بطولة الكأس وكانت على ملعب الترسانة وكانت النتيجة (صفر صفر) ولم يكن نظام ضربات الجزاء الترجيحية معمولاً به آنذاك فتقرر إعادة المباراة التي كانت بمثابة نقطة الانطلاق الحقيقية في مشواري الكروي كله تقدم الأهلي بهدف أنا أحرزته وتعادل الزمالك ولعبنا وقتاً إضافياً على شوطين وأحرزت هدفاً ثانياً في الوقت الإضافى الأول إلا أن الزمالك استطاع أن يتعادل أيضا قبل نهاية المباراة وكما قلت لم نكن نعرف ضربات الجزاء الترجيحية وبالتالي اقتسم الأهلي والزمالك كأس مصر.
وانطلقت إلى عالم النجومية وأصبحت أساسياً في الفريق وعرفت الجماهير ميمي الشربيني بفضل الله.
مصائب قوم..
* يعني (اصابة) توتو كانت (فائدة) لك.. على طريقة مصائب قوم عند قوم فوائد؟
بالطبع كانت إصابة (توتو) من قبيل (المصادفة) وهي التي أتاحت لي هذه الفرصة التاريخية وهكذا التقينا في موسم 57 مع الزمالك خمس مرات في الدوري العام ودوري منطقة القاهرة وكسبنا الزمالك.. وفي الكأس تعادلنا وتقاسمنا الكأس وفي المباريات الخمس كنت موفقاً جداً ومتألقاً وسط كبار نجوم الأهلي صالح سليم والفناجيلى والضظوي وشريف الجندي وطارق سليم وهذه قصتي مع الانطلاق والنجومية.
اعتزال الكرة
* وكيف تواصلت مسيرتك مع النجومية الكروية؟
اعتزلت الكرة سنة 1970 بعد توقف الدوري عقب هزيمة يونيو 1967 وكان آخر موسم 6667 ولم نكن نعرف متى سيعود الدوري وكنت قد بلغت الثلاثين فقررت الاعتزال والاتجاه للتدريب وبالفعل وقعت عقداً لتدريب نادي الحكمة في لبنان.
وبعدها سافرت إلى دبي لتدريب نادي النصر هناك والحقيقة أن هذه الفرصة كانت أول خطوة لي في طريق التأهل للتدريب فقد أرسلني مسؤولو نادي النصر إلى دورات للتدريب في إنجلترا والحقيقة كانت نقلة هامة جداً في حياتي كمدرب واكتسبت مهارات كبيرة في عالم التدريب ورجعت بعدها إلى الإمارات وعملت حتى عام 1975 ثم عدت إلى مصر وتوليت تدريب نادي المنصورة وبعدها نادي دمياط ثم نادي الاتحاد إلى أن سافرت مرة أخرى للإمارات موسم 88 حتى 1996 كمسؤول عن قطاع الناشئين في نادي النصر مرة أخرى وعدت بعد ذلك للقاهرة وتوليت قطاع الناشئين بالنادي الأهلي وتركت مجال التدريب بعد ذلك واتجهت إلى التعليق الرياضي اعتباراً من 1997.
عالم التعليق
* وما الذي دفعك للاتجاه للتعليق؟
التعليق الرياضي أصبح مكملاً لوجبة كروية رئيسية يتابعها المشاهد ويستمتع بها ضمن أجزاء المباراة. ومن عناصر المتعة: التصوير الجيد والملاعب الجيدة أيضا والصورة الواضحة والإخراج الجيد واللقطات التي يلتقطها المخرج باستخدام أحدث التكنولوجيا.
ويأتي بعد ذلك التعليق وهنا يتوقف نجاح المعلق في التليفزيون بصفة خاصة الذي يجب أن يسرق الأذن من العين أي يفرض نفسه بذكائه على الصورة رغم جمالها وإبهارها وإذا تحقق ذلك فهذا يعني نجاح المعلق الرياضي بكل تأكيد، فالجيل الحالي من المعلقين يمتلك إمكانيات كبيرة عليه الاستفادة منها بفضل انتشار الفضائيات.
* أشرت في أحد تصريحاتك إلى محدودية الموهبة عند المعلقين الجدد مما أثار غضبهم؟
المعلق لابد أن يتمتع بثقافة كروية واحترام لعقلية المشاهد وأن يقدم مادته في توقيت مناسب ويجب أن يمنح مساحة للمشاهد كي يرى المباراة بمتعة. وأرى أن هذا الجيل الجديد من المعلقين هو جيل مجتهد ومثقف وتتوافر لديه المعلومات عبر الإنترنت ولكن في الحقيقة مساحة الموهبة لديهم محدودة والحقيقة أن الموهبة تصنع نصف الطريق إلى النجاح وتفرض نفسها وأذكر هنا جيل الرواد في التعليق الرياضي أمثال كابتن محمد لطيف رحمه الله وكابتن حسين مدكور رحمه الله وكابتن على زيوار متعه الله بالصحة والمرحوم الكابتن محمود بدر الدين في الإذاعة وكابتن الجويني.. وعلى مستوى العالم العربي خالد الحربان في الكويت ويوسف سيف في قطر وفي الإمارات علي حميد وعلي سعيد الكعبي وهؤلاء أصدقاء وعملت معهم في كأس العالم 1994 في أمريكا وأكرم صالح وموسى بشوتي. هؤلاء جميعاً مواهب فذة في مجال التعليق الرياضي.
سر النجاح
* كابتن ميمي.. ما سر نجاحك؟
هذا النجاح لم يأت من فراغ، بالأساس كان احترام الجمهور وأنا أعتبر نفسي معلق الشباب لأنه يحفظ تعبيراتي وتعليقاتي وأجد شباباً كثيرين يستوقفوني ويردون على عباراتي الشهيرة مثل (عنقود مهارات) أو (النص الحلو فين يا كابتن) وأشياء أخرى جميلة يحفظها الجمهور الجميل وهذا بالطبع بمثابة وسام على صدري ويلزمني بتطوير نفسي وأيضاً من ضمن أدوات المعلق صوته وهو بالطبع موهبة والحمد لله أنني استطعت أن أوظف صوتي ونبرته بشكل جيد يتناسب مع أداء كل مباراة أو خلال فترات المباراة الواحدة علاوة على التلقائية والحضور الذكي والمعلق شأنه شأن اللاعبين يوم يكون موفق وذهنه عالي ويوم يكون غير موفق.
* ترى ما المفاهيم والمعايير الرياضية التي تنقصنا كعرب؟
مفهوم الرياضة بمعنى المكسب والخسارة اختفى من حياتنا الرياضية الآن، لا أحد يريد إلا المكسب ويرى أن الخسارة عيب وعار والهزيمة انكسار للأبد ولو نظرنا إلى كأس العالم، هناك سبع أو ثمان دول على أعلى مستوى مهاري وتخطيط وإمكانيات ومع ذلك فريق واحد لدولة واحدة هو الذي يفوز بالكأس. هل معنى ذلك أن باقي الدول لم تخطط ولم تسع ولم توفر إمكانيات لتفوز بالكأس؟! بالطبع هذا غير صحيح لأن أي مباراة بين فريقين لابد أن تنتهي بفوز أحدهما وهزيمة الآخر ولا يعني ذلك نهاية العالم لأي منهما ولكن الأمر لدينا مختلف تماماً.
فمثلاً في مصر تعد هزيمة المنتخب لدينا نكسة لأننا مازلنا نتحدث عن التاريخ وأن مصر هي التي أنشأت الاتحاد الأفريقي عام 57 ولهذا يجب ألا تهزم وهذه طبعاً نظرة خاطئة والدليل تباين المستوى بين منتخبنا الوطني ومنتخبات أفريقيا.
فالمشكلة في مصر والدول العربية هي أن التخطيط والإعداد غائب في سياستنا والأهم أننا لا نقبل الهزائم ونعترف بخطورة موقفنا وتقصيرنا.
الثقافة الكروية
* وما هي أسباب هذا الغياب في الإعداد والتحضير والسياسة الكروية بصفة عامة؟
هذا يتعلق بغياب الثقافة الكروية وبطباع وسلوكيات شعوب لا تقبل الهزيمة الكروية وهذا تعصب مرفوض. الآن القنوات الفضائية انتشرت وتنقل لنا مباريات الدوري لكل العالم.
في الدوري الإنجليزى مثلاً شاهد أي مباراة وراقب سلوك الجماهير بعد المباراة وأثنائها، ستجد شيئاً مختلفاً راقياً متحضراً لا تعرفه ملاعبنا حيث تشجع الجماهير الفريقين، الفائز والخاسر. إنها ليست نهاية العالم وهذا ما أتمنى أن ترتقي إليه ثقافتنا الرياضية.
* ومن المسؤول عن الارتقاء بالسلوك الرياضي؟
أجهزة الإعلام بالطبع. الصحافة والتليفزيون والفضائيات الرياضية عليها أن تنشر هذه الثقافة وأؤكد أن الصحافة لها دور كبير فيما وصلنا إليه الآن، والدليل نظرة واحدة على مانشيتات الصحف بعد مباراة بين الأهلي والزمالك تكشف لك عن مستوى الثقافة الرياضية من قبيل (الثأر) والفريق (س) حطم الفريق (ص) وفريقه (هزم العلوج) إلى هذه المانشتات المثيرة التي تهدم أي أساس أخلاقي لكرة القدم.
هذا فضلاً عن دور المجلات الخاصة الرياضية التي تتبنى وجهة نظر إدارة النادي الذي يصدرها وتدافع عن فريقها أياً كان مستواه وأداؤه وتهاجم الحكام وأي شخص غير المدرب واللاعبين هذا أيضا جزء من المشكلة هناك شيء آخر أن هذه المجلات تصنع نجوماً من ورق يسقطون مع أول لقاء جاد في بطولة جادة.
الصحافة الرياضية
* إلى أى مدى يتحمل النقد الرياضي أو الصحافة الرياضية مسؤولية ما وصلنا إليه؟
الرياضة وأخبارها وصفحاتها والمجلات المتخصصة الرياضية والملحق الرياضي في كل جريدة كل هذا استحوذ الآن على مجمل اهتمامات القراء وهذا يحمل النقاد مسؤولية كبيرة والحقيقة أنا لا أعمم بل أرى أن هناك البعض منهم يتسم بالموضوعية والحياد.
وبشكل عام يمكنني أن أؤكد أن الناقد الموضوعي المحايد الأمين يجد له مساحة أكبر ومكاناً في الصحف العامة غير المتخصصة أما في الصحف والمجلات الخاصة بالأندية يتعرض مثل هذا الناقد لضغوط كثيرة تحد من تمسكه بالموضوعية بعيداً عن ضرورات يفرضها عليه عمله في المجلة الخاصة.
* إذا كيف نعيد الأمور إلى مسارها الصحيح؟
بتقديري إذا أردنا إصلاح الكرة في مصر لابد من وجود اتحاد كرة قوي وعلى رأسه رئيس قوي من الشخصيات العامة التي لها احترامها وشخصيتها ويستطيع أن يسيطر على المنظومة الرياضية الكروية لا يقل عن منصب رئيس الوزراء مثلاً وأمامنا تجربة الدول العربية في الخليج التي أرى أنها تجربة ناجحة ومفيدة لتطور مستوى الكرة إلى ما وصلت إليه الآن في تلك البلاد ولو طبقت هذه التجربة في مصر سينعكس ذلك بالتأكيد على مستوى الكرة عندنا.
اللاعب الموهوب
* هل يوجد عند العرب لاعب بحجم مارادونا، بلاتيني، ميلا، جورج وايا ينهض بالكرة العربية؟
المواهب في العالم كله اندثرت وندرت للغاية وأصبحت الكرة الآن جهداً بدنياً وقوة وخطط لعب وأساليب تكتيكية ولا مجال للموهبة إلا فيما ندر وهذا في العالم ومنها مصر والدول العربية وإذا بحثنا في مصر نجد في الأهلي من اللاعبين الموهوبين أبو تريكة وبركات وفي الزمالك حازم إمام وطارق السعيد وفي الإسماعيلي حسني عبد ربه ومحمد عبد الله كل هؤلاء موهوبين ويتميزون بالأداء الجميل ولكن لا يوجد عند العرب ولا في العالم أمثال مارادونا ولا الذين ذكرتهم.
ذكريات كأس العالم
* ما هي ذكرياتك عن كأس العالم 1986 بالمكسيك؟
بالطبع عام 1986 وخاصة كأس العالم في المكسيك كان تاريخاً هاماً في حياتي الرياضية كمعلق وأحمل في نفسي ذكريات جميلة كثيرة ومن حسن حظي أن هذه الكأس متعت أعلى نسبة مشاهدين في مصر إذ كانت المباريات تذاع يومياً بمعدل مباراتين الأولى قبل الإفطار مباشرة والثانية قبل السحور وقد عرفتني جماهير الكرة بشكل جيد والحقيقة أنني قد اجتهدت كثيراً في هذه البطولة وقد ذهبت إلى المكسيك وأنا أحمل معي أرشيفاً قد أعددته بنفسي عن اللاعبين والأندية والحكام وكل شيء والحمد لله لأنني اجتهدت قدر طاقتي ووفقني الله إذ كنت على موعد مع النجاح والتألق.
إنجازات رياضية
* كابتن ميمي.. هل أنت راضٍ عن مسيرتك وما حققته من إنجازات رياضية حتى الآن؟
الحمد لله أنا راضٍ جداً وسعيد بمسيرتي مع الساحرة المستديرة أو كلاعب فإنني الوحيد في مصر الذي لعب في ثلاثة مراكز في النادي الأهلي والمنتخب الوطني في الهجوم وخط الوسط والدفاع وتألقت فيها..
وكمدرب ونجحت كما رويت لك والحمد لله وكمعلق يسعدني جداً ما أشعر به من رد فعل الجماهير وتجاوبهم.
وتسعدني كل الاستفتاءات التي تجري على ترشيحي كأفضل معلق رياضي وهذا يجعلني بكل صدق أقول لو عاد الزمان بي فإننى سوف أسير في نفس الطريق ولعل ما يدفعني للشعور بالرضا والفخر ما حققته من الإنجازات الرياضية إذ شاركت في دورة طوكيو 1964 وقبلها في روما 1960 وحققنا المركز الرابع في طوكيو فضلاً عن بطولاتي مع النادي الأهلي والحقيقة أنني أعتبر بطولة الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961 وفوزنا على سوريا في النهائي وحصولنا على كأس الوحدة أهم إنجاز أعتز به وكمدرب أشعر بالفخر والاعتزاز بأبنائي اللاعبين في نادي النصر الإماراتي الذين كانوا ناشئين وأنا مسؤول عن هذا القطاع في النادي فأصبحوا الآن لاعبين كباراً في منتخب بلادهم.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|