* إعداد - صلاح عمر شنكل
في حالات الطلاق، تعاني المرأة مرتين، بينما يعاني الرجل مرة واحدة، فبينما يواجه الطرفان، فشل أول تجربة زوجية لهما (إذا كانت بالفعل هي الأولى لكلا الطرفين) فإن الرجل يتحسر على خسائره، لكن عزاءه أمامه الفرصة التي قد تعوضه عن هذا، ولربما كان مسروراً ليبدأ حياة جديدة مع أخرى، تحمل (حسب خيالاته) عالماً آخر، أما المرأة فضلا عن معاناتها (كمطلقة) والكل يعرف ماذا تعني هذه الكلمة لدى بعض المجتمعات، فهي تعاني (أحيانا) من مسألة التعليق، المنهي عنه في القرآن الكريم (ولا تذروها كالمعلقة) وهذا لا يحدث من إنسان سوي طبيعي نفسياً ودينياً، إنما يحدث من البعض ممن يرغبون في الانتقام، أو حتى من يظنون أنه ليس من الكرامة أن يطلقها قبل أن يتزوج بغيرها (لربما تزوجت قبل أن يوفق في الزوجة التي تملأ عينه) وهكذا تكون المرأة (في الغالب) ضحية الطلاق، لذا يراه البعض قهراً مزدوجاً، ولكي نسبر أغوار الموضوع، ونقتله بالنقاش المثمر، طرحناه على أعضاء المنتدى، الذين (كعادتهم) لم يبخلوا بآرائهم ومقترحاتهم، ومرئياتهم النيرة، التي ننقلها لكم عبر هذه المشاركات الفاعلة حسب ما جاءت هاتفياً.
السبب الرجال
( بدور الحربي: مشكلة الطلاق أصبحت منتشرة جداً في السعودية بصورة ملفتة للنظر، خصوصا في السنوات الأخيرة، وحسب رأيي أن السبب الرئيسي في الطلاق يكون الرجل في الكثير من الحالات، لكونه صاحب العصمة، وبمقدوره أن ينهي العلاقة لأتفه الأسباب، ثم لأنه يعلن أن بإمكانه البحث عن وجهة بديلة، أما المرأة المغلوب على أمرها فليس أمامها إما أن تصبر، أو تصبر، فلا خيار ثانيا لها، ولا تستطيع أن تتحدث عن الطلاق حتى لو كانت مقهورة، لأن الرجل إذا شعر بأنها تبحث عن الطلاق، لن يفكر فيه أبداً.
دراسة الظاهرة
( حسن عبده حسن: في مجتمع ينظر للمطلقة بنظرة سلبية لا بد أن يبحث الناس عن حلول جذرية لمسألة الطلاق، ولن يتم ذلك إلا بالبحث عن الأسباب الحقيقية للمشكلة وإذا عرفت الأسباب أمكن تلافيها، وبالتالي التقليل من الظاهرة، وفي الحقيقة كثرت المطلقات في المجتمع بصورة تدعو للشفقة، والقلق، وحتى لا تكون في كل بيت مطلقة، يجب أن تتضافر جهود الجميع، وخصوصا الاختصاصيين الاجتماعيين، لدراسة الظاهرة بشيء من التعمق، حتى تكون الحلول سهلة، لأن السكوت عنها لا يزيدها إلا تفاقماً، ولن يكتوي بنارها المطلقون فقط، بل سيتحمل المجتمع بأسره الجزء الأكبر من تبعاتها لا محالة.
معاناة قاسية
(منال الراشد : أقول من واقع تجارب ملموسة أمامي، إن هذا العنوان قبل أن ندخل في تفاصيله، يعتبر موفقا بدرجة عالية جداً (في نظري) لأنه لامس جرحاً لا يحس به غير المطلقين من الجنسين، وإن كنت أدرك أن المطلقات هن ضحايا هذه الظاهرة، لكن الكثير من الرجال هم أيضا يعانون من الطلاق، لسبب أو لآخر، فأرى أمام عيني مطلقات يعانين معاناة قاسية، ليس فقط بسبب الطلاق الذي هو نصيب، ولا شك، بل لأن بعض المنفصلين عن زوجاتهم، يرفضون تطليقهن بصورة رسمية، بل يجعلونهن معلقات، وهي تدرك من خلال معاملته أنه لا نية له في الرجوع إليها، وإذا سعت هي للطلاق أغلق كل الأبواب في وجهها، خصوصا إذا كانا منجبين، فتوضع في طريقها عشرات المشكلات، وهكذا تضيع من أمامها الفرص، وبعد فوات الأوان يرمي لها قسيمة الطلاق، حيث لا تنفعها القسيمة ولا ما تبقى لها من سنوات عمر؛ لذا أستطيع أن أقول إن النساء هن ضحايا الطلاق بالدرجة الأولى.
الضحايا الحقيقيون
( عبدالعزيز الجوهر: يظلم الرجل كثيراً عندما يدور الحديث حول الطلاق، وتبدو المرأة وكأنها حمل وديع، لا يعرف الخطايا أو الأخطاء، لكن في الواقع، الطلاق كارثة للطرفين، لا سيما إذا كان هناك أطفال، فهم الضحايا الحقيقيون، وهم الضائعون حقاً، ويجب على النساء تحديداً ألا يذرفن دموع التماسيح وهن يتناولن قضية كهذه تلامس وجدان المجتمع، وتؤثر فيه جوهرياً، وفي رأيي أن المرأة الراغبة في الحفاظ على بيتها، وعلى زوجها، تستطيع أن تحميهما بأسلوبها الخاص، وبإمكانها منع وقوع الطلاق، ولكن طالما تتاح الفرصة لأحد الطرفين أن يكون سبباً في حلول (الكارثة) فإن المسؤولية تقع على عاتقهما معاً، ولا ننكر ما تعانيه المطلقة في بعض المعاملات، لكن في الأساس يتحمل الجانبان مسؤولية وقوع أبغض الحلال عند الله.
قهر مركب
( نهى العسيري : أوافقكم الرأي أن معاملات الطلاق قهر مزدوج، لأن الطلاق في حد ذاته قهر، ومعاملاته، سواء مع الطليق أو مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، يسبب بعض المعاناة للمطلقة، وأعرف الكثيرات من المطلقات يتعذبن بسبب ما يلاقين من معاملات الطلاق، خصوصا مع أزواجهن الذين يعرقلون إنهاء معاملاتهن، ولو يدري هؤلاء كم تقاسي المطلقة، وكم تعاني نفسياً، لما أقدموا على ذلك أبداً، وهنا تأتي الازدواجية في القهر، ألا يكفيهن قهر الطلاق، ومعاناة المطلقة في مجتمع ينظر إليها وكأنها جانية، أو مخطئة حتى لو كانت بريئة!! ألا تكفيها المعاناة النفسية في الأمر سواء من جانب أهلها والمقربين إليها، أو من بقية أفراد المجتمع؟! حتى الصديقات لا يرحمن، فقد يجاملنها في مواجهتها لكنهن، لا بد أن يسلخن جلدها في غيابها، ويحملنها المسؤولية كاملة، إنها معاناة الطلاق، لا تنتهي عند حد، ولا تقف عند نهاية معينة، بل هي قهر مركب، وليس فقط مزدوجا.
( طلاق الصغيرات - سوزان السالم: مسألة الطلاق من القضايا الحساسة في بلادنا، وهي ظاهرة متنامية بشكل ملحوظ ومخيف في آن واحد، والأدهى والأمر من ذلك أن مطلقات اليوم لسن مثل مطلقات الأمس، من ناحيتين؛ أولاهما أن الطلاق كان نادراً، وكانت المطلقة تحظى بزواج آخر عاجلاً أو آجلاً، ثانيهما أن أغلبية المطلقات في الماضي كن يتعرضن لهذه المشكلة بعد تجربة قد تمتد سنوات عديدة، أما اليوم فإن الطلاق أصبح يطول صغيرات السن، كما أن اليأس أصبح ملازماً للكثير من المطلقات من حيث الواقع الذي يجدنه أمامهن، من حيث ضيق الفرص في زواج ثان، هذا فضلاً عن المعاناة والقهر الذي يواجهنه منذ أن تبدأ الحياة الزوجية في التوقف، وقبل حلول الطلاق الذي لو حدث بصفاته الشرعية فلن يضر أحداً، لكنه للأسف يأخذ الطابع المزاجي في كثير من الأحيان، لذا، من وجهة نظري، المطلقات بحاجة إلى كثير من الإنصاف، والمزيد من النظرة الموضوعية المنصفة لهن من قبل مجتمعهن وأسرهن، وقبل ذلك من جهة المطلقين.
قضيتان اجتماعيتان
( بندر العبدالسلام : ظاهرة الطلاق المتفاقمة، وظاهرة العنوسة المتزايدة، قضيتان اجتماعيتان، تهددان استقرار المجتمع وخصوصيته التي عرف بها منذ عقود طويلة، ويجب أن نواجههما بشيء من الاهتمام والتخصص، ومن وجهة نظري ينبغي أن يعقد لهما مؤتمر لأهل الرأي والاختصاص، وأعني أهل التجربة والخبرات في علوم النفس والاجتماع والجوانب الأخرى المتعلقة بالقضيتين، حتى يتم دراستهما جيداً وإعداد التوصيات، وبحث أساليب وسبل العلاج بكل يسر وسهولة، ولا بد أن يلعب الإعلام دوراً بارزاً في هذا الجانب، وأعتقد أن ما تقوم به (مجلة الجزيرة) في هذا الصدد إنما هو جزء من هذا الدور المهم، وأسأل الله أن يعيننا على حل الكثير من مشكلات فئات المجتمع المختلفة لتي قد لا تهم البعض، لكنها قطعاً تهم من يطأ جمرها بقدميه، ألا وهن المطلقات ومن يحسون معاناتهن وألمهن.