تحدثت الأسبوع الماضي عن ما يسمَّى (بخزان الطاقة)، وهذا الخزان أو البطارية يعود إليه جمال نفسيتك وقوة تركيزك وعظمة عطائك وحسن العلاقات وتكامل ثقتك بنفسك. وكان الحديث عن الثقوب وضرورة سدِّها في الأسبوع الماضي .. وسيكون اليوم حديثي عن طرق ووسائل ملء الخزان وشحن البطارية.

إنّ من الخطورة بمكان التركيز على الأمور الكبيرة وتناسي الأمور الصغيرة، فالشاحن لا يستلزم أن يكون شهادة عليا تنال أو مبلغاً كبيراً يكسب أو قصراً عظيماً يسكن، وليس بالضرورة أن يتفضّل عليك الآخرون بهدية أو بثناء عاطر حتى تشحن بطاريتك، فأمثالك الأذكياء هم من يقومون بعملية شحن ذاتي لذواتهم، والسبيل إلى هذا هو التركيز على بعض الأمور الصغيرة المهملة، ولنتذكر جميعاً أنّ السيول الهادرة إنما هي من تتابع القطرات، والصحارى الشاسعة ليست إلاّ تواجداً كثيفاً لحبات الرمل.

وموارد شحن هذه البطارية على ثلاثة تصنيفات هي:

* إن أعظم مورد وأقوى شاحن وأجل نعمة ومنحة وأثمن الهدايا الربانية هي الصلاة .. معين عذب ومصدر عجيب للطاقة وشلالات من اليقين تملأ القلوب قوة ورضا، من الملاحظ أنّ من يفرط في الصلاة دائماً ما يكون ضعيف التركيز خائر القوى واهن العزيمة {...فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} (سورة محمد - الآية 8) .. إضافة للمحافظة على الصلاة في أوقاتها .. لو حرصنا جميعاً يومياً على قراءة القرآن ولو ( ربع حزب وهو يعادل تقريباً صفحتين ولا يأخذ أكثر من 3 دقائق) .. التصدُّق بمبلغ صغير ولو ريالاً يومياً .. صلة الرحم ولو باتصال .. دعوة لعزيز في ظهر الغيب .. المحافظة على سنّة الوتر ولو بركعة واحدة بعد صلاة العشاء .. والمداومة على الورد اليومي .. وترطيب اللسان والقلب .. وغيرها من أمور الطاعات السهلة التنفيذ عظيمة النفع، لوجدنا الحال أفضل والقوة أعظم والإنجاز أقوى.

* وهناك أمور صغيرة تتغلّف بالطابع الشخصي من هوايات أو متع أو اهتمامات وهي تحت مرمى البصر ولا تكلف شيئاً، ومع تكرارها تكون تياراً عظيماً لشحن بطاريتنا باستمرار ومعها التفوُّق والنجاح .. وسأسرد لك أمثلة لتوضيح الفكرة لهذه الأمور التي يغلب عليها طابع الترفيه والمرح:

قراءة رواية مشوقة .. مشاهدة فيلم ممتع .. تناول آيسكريم فاخر .. الاتصال أو لقاء شخص تحبه .. ارتداء أجمل الملابس بلا حاجة .. الاسترخاء في حمام من الزيوت العطرية المنعشة .. شراء مجموعة من الكتب .. ممارسة لعبة ما .. وجبة عشاء في أحد المطاعم الهادئة .. حضور دورة تدريبية قصيرة تطوِّر فيها إحدى مهاراتك .. وغيرها. وبإمكانك سؤال المقربين عما يجدونه ممتعاً فلعلك تجد ضالتك فيه, وتلك الأمور نسبية تختلف من شخص إلى شخص، وكل إنسان قادر على تحديد ما يسرّه وما يسعد نفسه .. ويجب هنا الانتباه لقضية التوازن وعدم تغليب جانب على جانب، لأنّ عدم التوازن سيستحيل إلى (ثقب) تتسرّب منه الطاقة ..

كما تلاحظ أخي القارئ هي أشياء في متناول اليد ولا تكلف شيئاً ونفعها جداً عظيم .. إذن الآن قم وسجِّل قائمة وضع لها جدولاً أسبوعياً ودوام عليها ما أمكن.

* ومن الأمور التي تساعد على شحن بطاريتك الاعتناء بالجانب الصحي، فلا يتوقع من شخص عليل أن يكون ذا إنتاجية عالية أوثقه عالية بنفسه، وفي هذا الجانب عليك المداومة يومياً على:

* تخصيص وقت ولو يسير (خمس دقائق يومياً) لممارسة رياضة المشي.

* الاهتمام بالأكل الصحي وهناك كتب متخصصة تساعدك.

* شرب ما لا يقل عن ثمانية أكواب من الماء وخاصة على الريق والدراسات أثبتت أن الماء مصدر مهم للطاقة، إضافة لدوره الهام في طرد السموم.

* النوم بقدر كاف وما أجمل النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً، كما أن القيلولة مهمة لتجديد الحيوية وإراحة الجسد.

تأكد أخي وعزيزي القارئ أن تنظيم حياتك والاعتناء بمصادر طاقتك سيجعلك في حالة شعورية محلقة معها ستتجاوز العقبات وستنجز المهمات، وستتمكن بإذن الله من حل أعتى المشكلات.

ومضة قلم

الحياة مملوءة بالحجارة فلا تتعثَّر بها .. بل اجمعها وابنِ بها سلّماً لتصعد عليه إلى قمم المجد.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244