|
الحياة في معايشة الحب!!
|
أن تُحِبّ بلا حدود، وبكل الصفاء لهذا الحب وربيعه، وحيثما أمكن استحضار قيمه الجميلة..
وأن تنأى بنفسك عن أي تصرف أو سلوك أو تعامل قد يشم منه ما يبعدك عن هذا التميز الجميل في طبعك ونمط حياتك..
أن تكون إنساناً بلا عداوات، وبلا خصومات، فلا تكره أحداً، ليكون حبك لغيرك لافتاً، ومثيراً للانتباه، بإغداقك منه - عند الطلب وبلا طلب - كما تشاء وكما ينتظر منك..
أن تكون ودوداً بمثل ما تتمنى..
لطيف المعشر..
وأنيساً في المجالس..
فأنت في هذا إنسان سوي، ومكانك ومكانتك وحبك في سويداء القلوب!.
***
فالحب - كما أتصوره - كلمة تمثل مسافة عاطفية بعيدة المدى، وعميقة المعنى..
واستخداماتها ومدلولاتها وتوظيفاتها كثيرة..
وهي - أبداً - تظل نغماً جميلاً على ألسنتنا، وفي عواطفنا، وحيثما كانت هناك مشاعر إنسانية صادقة..
وكل منا جرب أن يحب في الطبيعة ما تراه العين في كنوز جمالها، مثلما أحب كل منا الجمال في الإنسان، والجمال في الكلمات المثيرة لحظة إصغاء الأذن إليها.
***
وكل شيء ليس جميلاً سواء في السلوك أو المعاملة، فمن المؤكد أن الإنسان يكرهه ولا يتقبله..
فالكلمة النابية..
وهكذا الحب الكاذب..
والكره المتعمد ومن غير سبب..
كلها أمور ضمن أشياء أخرى كثيرة يمكنها أن تحدد لنا الإطار الصحيح لمن يستحق أن نمنحه حبنا..
وهي بمثابة توصيف سليم لمن ينبغي أن نصطفيه أخاً وزميلاً وصديقاً..
وهكذا يكون الخيار واضحاً لنا بين أن نحب أو لا نحب من هؤلاء وأولئك.
***
ففي حياة كل منا مواقف كثيرة من الحب..
وقد أنشدنا له أصيل الكلمات السامية..
وصغنا من أجل أن يبقى هذا الحب متعافياً وعامراً في النفوس أعذب الكلمات..
ولا ينبغي أن يخترق قاموس الكراهية بكل كلماته وجمله ومعانيه هذا السياج المنيع بكلمة أو موقف من الكراهية لهذه الصور الجميلة..
لأن الأصل في الحياة أن نحب، وأن نطلق لعواطفنا ومشاعرنا الصادقة العنان في فضاء تكسوه وردة أو زهرة ضمن ما يتميز به هذا الكون من إبداع خلاق.
***
ويبقى الحب هو الأصل..
فيما أن الكراهية هي الاستثناء..
وبين أن نحب أو أن نكره، هناك نفوس مريضة، وأخرى تتمتع بكامل عافيتها وصحتها..
ومن يقرأ هذا الكلام من الأصحاء، عليه أن يقضي بقية حياته محباً لغيره، فليس أجمل من أن نمضي سنوات أعمارنا مجللة وحافلة بكل صفات ومواصفات هذا الحب الذي نسعى للقبض عليه.
***
فالعين تعشق الجمال في الطبيعة وفي الإنسان..
والأذن يطربها الصوت الجميل، وتثيرها الكلمات المموسقة، وتدنيها من التفاعل مع هذا الحب عبارة أو معنى أو هدف سامٍ استمعت إليه..
إنها مشاعرنا، والإنسان بلا عواطف أو مشاعر، إنسان متبلد الشعور ومهزوم من الداخل، وليس فينا من هو بلا تجارب مع ما تحبه نفسه ويميل إليه قلبه وتتجاوب معه عواطفه، وإن تفاوت ذلك بين شخص وآخر.
***
هذه بعض صور لمشاهد كما تصورتها وتأملتها نظراتي المتفائلة المحبة لكل ما هو جميل..
حاولت أن أرسم من خلالها إيقاع موقف الإنسان بين أن يحب أو يكره..
أما موقفي فهو الانتصار إلى الحب الصادق، ومع الانضمام إلى جيش المحبين، في حربهم ضد الكراهية والحقد، وبما في ذلك مقاومتهم لكل من يريد أن يسيء إلى فضيلة الحب، أو يخدش عواطف الناس بقص أجنحتها حتى لا تقوى على التحليق في هذا الفضاء الواسع الجميل مع الحب.
خالد المالك
|
|
|
الهجرة في الحيوان من معجزات الخالق
|
الهجرة سلوك غريزي أودعه الخالق سبحانه وتعالى في أنفس كثير من مخلوقاته وهي سر بقائها واستمرار حياتها، والحفاظ على أنواعها. وتنتشر الهجرة في مجموعات الحيوان الرئيسة، فهناك هجرة الحشرات وهجرة الطيور وهجرة الأسماك وهجرة الثدييات وغيرها.
وهجرة الجراد معروفة جيدا لدى مواطني أفريقيا وشبه الجزيرة العربية فطالما عانت هذه المناطق من آثارها المدمرة التي لا تبقي على أي شيء أخضر يقابلها. ومن أعجب الهجرات هجرة الفراشة الملكية، تلك الحشرة الرقيقة الجميلة التي لا يزيد طول جسمها عن 25 ملليمترا، والمسافة بين قمتي جناحيها الأماميين المفرودين عن 70 ملليمترا، تهاجر سنويا قاطعة مسافة 5000 كيلومتر من شمال أمريكا لكي تقضي الشتاء بالمناطق الدافئة في كاليفورنيا والمكسيك. وهي تطير بسرعة 17 كيلومترا في الساعة وتقطع يوميا حوالي 125 كيلومترا. وقد أمكنها خلال القرنين الماضيين أن تستعمر مناطق جديدة بعيدة مثل جزر هاواي وفيجي واستراليا ونيوزيلندا، وربما تكون قد وصلتها متعلقة على حبال أشرعة السفن العابرة للمحيطات.
بسبب ميل الأرض على محورها في مدارها حول الشمس فإن المنطقة الشمالية من الأرض تبتعد عن الشمس عندما تتعامد على مدار الجدي حيث يقل وصول أشعة الشمس المباشرة إليها ويقصر نهارها ويبرد جوها ويصبح على الأنواع الفطرية فيها أن تتعامل بشكل أو بآخر مع الظروف المناخية غير المؤاتية فيها، فالأشجار تبدأ بإغلاق مصانع البناء الضوئي، وتمر بتغيرات فسيولوجية خريفية معينة إذ تفقد لونها الأخضر المعتاد لتظهر عليها الألوان الزاهية الأخرى من البرتقالي والأحمر والأصفر الذهبي، أو ما يطلق عليه التلون الخريفي قبل أن تتساقط أوراقها وتتوقف عن النشاط طيلة فصل الشتاء، وتخلد للراحة إلى أن يأتي الربيع القادم وتبدأ مئات من أنواع الطيور والحيوانات الأخرى رحلة هجرتها إلى الجنوب حيث تجد الدفء والقوت.
ويميز العلماء بين أربعة أنماط من الهجرة في الحيوان: هجرة في اتجاه واحد، وذلك مثل ما يحدث أثناء تطريد النحل أو النمل لتكوين خلايا أو مستعمرات جديدة، وهجرة في اتجاهين جيئة ورواحا كما تفعل معظم أنواع الطيور، وهجرة دائرية كما يحدث في أسماك السالمون تشمل تغيير الموطن عدة مرات خلال دورة الحياة، وأخيرا هجرة غير منتظمة كما يحدث في الأنواع الصحراوية والقطبية المترحلة التي تقطع مسافات طويلة وراء الغذاء مثل الوضيحي.
وتهاجر بعض مجموعات الكاريبو لأكثر من 5000 كيلومتر وهي من أطول مسافات الهجرة المعروفة للثدييات الأرضية. وبعد انتهاء فصل الشتاء تتجمع القطعان وتبدأ رحلة العودة إلى إقليم التندرا حيث تقوم الإناث الحوامل بقيادة القطيع في رحلة العودة إلى الموطن الأصلي وتضع معظم صغارها خلال فترة عشرة أيام في أواخر مايو وأوائل ابريل.
ومن أمثلة الهجرة الطويلة تلك التي تقوم بها السلحفاة البحرية التي تعشش وتضع بيضها على سواحل اليابان، وتبدأ الصغار رحلة هجرتها وطولها حوالي ثلاثة سنتيمترات ونصف حيث تقطع مياه المحيط إلى الجانب الآخر على الساحل الغربي لشمال أمريكا حيث تعيش لسنوات طويلة حتى يبلغ طول درقتها 40 سنتيمترا تقريبا فتبدأ رحلة عودتها إلى سواحل اليابان لتعشش وتضع بيوضها حيث نشأت.
أسماك السالمون من المحيطات إلى الأنهار
تقضي أسماك السالمون معظم حياتها في البحر ولكنها تعود إلى الأنهار الأصلية التي نشأت فيها لتتكاثر وتضع البيض وأسماك السالمون من الأسماك التي تتكاثر وتضع بيضها ليفقس وتقضي الصغار فترة حياتها الأولى في المياه العذبة بالأنهار ثم تهاجر إلى المحيط لتقضي معظم حياتها فيه، وعندما تصل إلى سن البلوغ أو النضج الجنسي فإنها تشق طريقها عائدة إلى موطنها الأصلي في النهر الذي نشأت فيه لتضع بيضها هناك وتعيد دورة الحياة، وبينما تقوم أسماك السالمون في المحيط الأطلسي بتكرار رحلة هجرتها عدة مرات خلال حياتها فإن أسماك سالمون المحيط الهادي لا تقوم برحلة هجرتها سوى مرة واحدة فقط ثم تنفق.
وزنها لايزيد عن نصف جرام وتهاجر آلاف الكيلو مترات
من رتبة حرشفية الأجنحة فرغم رهافة جسمها الذي لا يزيد وزنه عن نصف جرام فقد وهبها الخالق عز وجل القدرة على أن تهاجر لآلاف الكيلومترات سنويا من الشمال إلى الجنوب. وتبدو هذه حالة فريدة بين الحشرات التي لا تملك سوى جهاز عصبي بسيط لا يمكن مقارنته بالجهاز العصبي الراقي معقد التركيب الذي تملكه الفقاريات التي تقوم بهذا النوع من الهجرات لاسيما العقدة العصبية المركزية أو المخ فيه، ومع هذا فإن الفراشة الملكية بهذا الجهاز العصبي البسيط تستدل على طريق هجرتها الذي تقطعه لأول مرة عبر آلاف الكيلومترات لتصل إلى موقع من بين تسعة مواقع لم تصلها من قبل ولم تعرف عنها شيئا في مرتفعات أواسط المكسيك.
نباتات اللبن
يحدد نطاق انتشار الفراشة الملكية
رغم أن النطاق الطبيعي لانتشار الفراشة الملكية واسع جدا إلا أن موطنها الطبيعي محدود نظرا لأن لها احتياجات معيشية معينة. وتعتمد الفراشة الملكية في معيشتها على وجود نبات معين هو حشيشة اللبن أو الصقلاب التابع للفصيلة العشارية التي تضم نحو 2400 نوع. ويتحدد انتشار الفراشة الملكية بنطاق انتشار هذا النبات الذي تهاجر من أجله قاطعة آلاف الكيلومترات كل عام، وتتضح قوة العلاقة بينهما من حقيقة أنك إذا وجدت الفراشة الملكية في مكان ما فمن المؤكد أنك ستجد أحد نباتات حشيشة اللبن في المنطقة نفسها.
ونبات حشيشة اللبن هو العائل الذي يستضيف معظم مراحل دورة حياة الفراشة الملكية حيث تضع الفراشة الأنثى بيضها على السطح السفلي لأوراق النبات، ويبقى هناك حتى يفقس وتخرج منه اليرقات لتتغذى على الشعيرات الدقيقة لأوراق النبات وتنمو بسرعة وتمر بكل انسلاخاتها الخمسة وهي على نفس النبات ثم لا تلبث أن تغادره حيث تصنع شرنقتها في مكان آخر وتتحول داخلها إلى خادرة أو عذراء، وبمجرد أن تخرج الحشرة الكاملة من الشرنقة فإنها تتجه مباشرة إلى نبات حشيشة اللبن حيث تجد الغذاء والحماية والمأوى. وتهاجر الفراشة الملكية في تجمعات هائلة العدد حتى لتقدر عدد الفراشات المتجمعة على شجرة واحدة للراحة أثناء الرحلة بما بين 15 و 20 ألف حشرة، ويقدر عدد الحشرات في مستعمرات الفراشة الملكية في المتوسط ما بين خمسة وستة ملايين حشرة في كل فدان أمريكي واحد، وقد تغطي المستعمرة الواحدة مساحة عشرة فدادين أمريكية، ومن المظاهر الرائعة التي تجتذب آلاف المشاهدين وتروعهم في نفس الوقت منظر ملايين الفراشات التي تبدأ في الطيران معا خلال الأيام الدافئة في أواخر شهر فبراير وأوائل شهر مارس مكونة أحد أكبر الظواهر الأحيائية في العالم.
يزداد نطاق انتشار الفراشة الملكية اتساعا مع مرور الزمن وذلك لأن نبات حشيشة اللبن التي ترتبط حياتها به من النباتات النهازة التي تنتشر لتحل محل النباتات الأصلية في المناطق التي أزيل غطاؤها النباتي أو تعرضت للتدهور، وتنتشر معه الفراشة الملكية. ولذلك فعلى الرغم من أنها متوطنة في أمريكا الشمالية والوسطى، فقد اتسع نطاق انتشارها ليغطي معظم أنحاء العالم ما بين دائرتي عرض 45 شمالا وجنوبا.
سر ارتباط الفراشة الملكية
بنبات اللبن
يعتقد العلماء أن الفراشة الملكية قد استفادت من نبات حشيشة اللبن الذي تتغذى عليه في تطوير مادة منفرة سامة تصنعها من المادة اللبنية التي يفرزها النبات ، وهي مادة شديدة المرارة لا تتحملها الطيور الآكلة للحشرات فسرعان ما تمج الفراشة الملكية بعد التقاطها وتميزها بألوانها الزاهية المعروفة فلا تعود لالتقاطها مرة أخرى ويبدو أن الفراشة الملكية هي الوحيدة من نوعها التي طورت هذه الوسيلة إذ هناك أنواع أخرى من الحشرات تمجها الطيور بسبب مرارة أجسامها نفسها وليس بسبب مرارة مركب قامت بتصنيعه من النبات الذي تقتات عليه.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|