|
الحياة في معايشة الحب!!
|
أن تُحِبّ بلا حدود، وبكل الصفاء لهذا الحب وربيعه، وحيثما أمكن استحضار قيمه الجميلة..
وأن تنأى بنفسك عن أي تصرف أو سلوك أو تعامل قد يشم منه ما يبعدك عن هذا التميز الجميل في طبعك ونمط حياتك..
أن تكون إنساناً بلا عداوات، وبلا خصومات، فلا تكره أحداً، ليكون حبك لغيرك لافتاً، ومثيراً للانتباه، بإغداقك منه - عند الطلب وبلا طلب - كما تشاء وكما ينتظر منك..
أن تكون ودوداً بمثل ما تتمنى..
لطيف المعشر..
وأنيساً في المجالس..
فأنت في هذا إنسان سوي، ومكانك ومكانتك وحبك في سويداء القلوب!.
***
فالحب - كما أتصوره - كلمة تمثل مسافة عاطفية بعيدة المدى، وعميقة المعنى..
واستخداماتها ومدلولاتها وتوظيفاتها كثيرة..
وهي - أبداً - تظل نغماً جميلاً على ألسنتنا، وفي عواطفنا، وحيثما كانت هناك مشاعر إنسانية صادقة..
وكل منا جرب أن يحب في الطبيعة ما تراه العين في كنوز جمالها، مثلما أحب كل منا الجمال في الإنسان، والجمال في الكلمات المثيرة لحظة إصغاء الأذن إليها.
***
وكل شيء ليس جميلاً سواء في السلوك أو المعاملة، فمن المؤكد أن الإنسان يكرهه ولا يتقبله..
فالكلمة النابية..
وهكذا الحب الكاذب..
والكره المتعمد ومن غير سبب..
كلها أمور ضمن أشياء أخرى كثيرة يمكنها أن تحدد لنا الإطار الصحيح لمن يستحق أن نمنحه حبنا..
وهي بمثابة توصيف سليم لمن ينبغي أن نصطفيه أخاً وزميلاً وصديقاً..
وهكذا يكون الخيار واضحاً لنا بين أن نحب أو لا نحب من هؤلاء وأولئك.
***
ففي حياة كل منا مواقف كثيرة من الحب..
وقد أنشدنا له أصيل الكلمات السامية..
وصغنا من أجل أن يبقى هذا الحب متعافياً وعامراً في النفوس أعذب الكلمات..
ولا ينبغي أن يخترق قاموس الكراهية بكل كلماته وجمله ومعانيه هذا السياج المنيع بكلمة أو موقف من الكراهية لهذه الصور الجميلة..
لأن الأصل في الحياة أن نحب، وأن نطلق لعواطفنا ومشاعرنا الصادقة العنان في فضاء تكسوه وردة أو زهرة ضمن ما يتميز به هذا الكون من إبداع خلاق.
***
ويبقى الحب هو الأصل..
فيما أن الكراهية هي الاستثناء..
وبين أن نحب أو أن نكره، هناك نفوس مريضة، وأخرى تتمتع بكامل عافيتها وصحتها..
ومن يقرأ هذا الكلام من الأصحاء، عليه أن يقضي بقية حياته محباً لغيره، فليس أجمل من أن نمضي سنوات أعمارنا مجللة وحافلة بكل صفات ومواصفات هذا الحب الذي نسعى للقبض عليه.
***
فالعين تعشق الجمال في الطبيعة وفي الإنسان..
والأذن يطربها الصوت الجميل، وتثيرها الكلمات المموسقة، وتدنيها من التفاعل مع هذا الحب عبارة أو معنى أو هدف سامٍ استمعت إليه..
إنها مشاعرنا، والإنسان بلا عواطف أو مشاعر، إنسان متبلد الشعور ومهزوم من الداخل، وليس فينا من هو بلا تجارب مع ما تحبه نفسه ويميل إليه قلبه وتتجاوب معه عواطفه، وإن تفاوت ذلك بين شخص وآخر.
***
هذه بعض صور لمشاهد كما تصورتها وتأملتها نظراتي المتفائلة المحبة لكل ما هو جميل..
حاولت أن أرسم من خلالها إيقاع موقف الإنسان بين أن يحب أو يكره..
أما موقفي فهو الانتصار إلى الحب الصادق، ومع الانضمام إلى جيش المحبين، في حربهم ضد الكراهية والحقد، وبما في ذلك مقاومتهم لكل من يريد أن يسيء إلى فضيلة الحب، أو يخدش عواطف الناس بقص أجنحتها حتى لا تقوى على التحليق في هذا الفضاء الواسع الجميل مع الحب.
خالد المالك
|
|
|
ثلاثة عوامل ساعدت في تغيير شكلها ناطحات السحاب..أسباب انتشارها وجدواها الاقتصادية
|
* إعداد - عايدة السنوسي
كثير منا عندما ينظرون إلى ناطحات السحاب تتملكهم مشاعر الانبهار ويسيطر الخيال على عقولهم أمام عظمة مثل هذه الأبنية الهائلة. ولكن بعيدا عن هذا الخيال فإن الواقع له أحكامه التي تجعل من يفكر في هذا المشروع يتخلى عن الخيال ويسير على الأرض.
وقد نشرت مجلة (الإيكونوميست) البريطانية تقريرا عن ظاهرة ناطحات السحاب تحت عنوان (أفضل من الطيران) قالت فيه إنه برغم الهجوم الدامي الذي تعرض له برجا مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر 2001 فما زالت الأبراج العالية التي تناطح السحاب تغزو سماوات أغلب مدن العالم. بل إن هذه الناطحات للسحاب أصبحت أكثر ارتفاعا وأشد جرأة من ذي قبل. ولكنها ما زالت تعتبر رمزا للعظمة أكثر من أي شيء آخر.
الحقيقة أن بناء ناطحة سحاب أمر صعب، والحصول على عائد مالي يعادل تكلفتها أشد صعوبة، ربما يكون هذا هو السبب في الطابع الخيالي والمثير الذي يحيط بها. ففي عام 1896 كتب المهندس المعماري لويس سوليفان قائلا إن القيمة الأساسية في هذا المبنى الإداري الشاهق تكمن في أنه أعظم الفرص وأفخم الإنجازات التي أنعم بها الله على عباده لكي يشعروا بعظمة الروح الإنسانية.
والمفارقة أن سوليفان قال كلماته تلك عندما كان يشاهد المباني التي كانت تقام على قوائم من الصلب في مدينة شيكاغو لترتفع إلى مستويات لم يكن قد رآها من قبل. ولكن الزمن لم يمتد بهذا المهندس الأمريكي لكي يرى كيف ستنتشر المباني الشاهقة ويزداد ارتفاعها لتنطح السحاب في نيويورك خلال عشرينيات القرن العشرين أو في هونج كونج خلال ثمانينيات القرن نفسه أو باقي المدن الآسيوية التي شهدت طفرات اقتصادية هائلة خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين.
مشاكل مستعصية
وتقول شركة إمبوريس المعنية بمتابعة نشاط ناطحات السحاب إن هجمات 11 سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي لم تؤد إلا إلى طفرة جديدة في مشروعات بناء ناطحات السحاب. فحوالي ثمانية في المئة من إجمالي ناطحات السحاب في العالم مازالت تحت الإنشاء وفقا لبيانات شركة إمبوريس. وقد اكتمل بناء حوالي 40 في المئة من ناطحات السحاب في مختلف أنحاء العالم منذ عام 2000 حتى الآن.
والحقيقة أن مشروعات إقامة ناطحات السحاب أصبحت تواجه بمشاكل مستعصية بالنسبة لكل من المصممين والشركات الممولة للمشروعات؛ لأنها تواجه قوتين متعارضتين.. القوة الأولى تتمثل في البعد الاقتصادي خاصة أن عددا كبيرا من الشركات الأمريكية الكبرى بدأت تتجه إلى العمل في مجمعات إدارة ذات ارتفاعات منخفضة خارج المدن الكبرى. وبالطبع هناك استثناءات لهذه القاعدة، وهذه الاستثناءات تتمثل في المؤسسات المالية الكبرى حيث تتيح ناطحات السحاب لها فرصة الحصول على مقار تعطي إحساسا هائلا بالعظمة والفخامة.
أما التحدي الثاني فيتمثل في الجانب الفيزيائي أو الطبيعي لعملية البناء؛ فالمباني المرتفعة حاليا تخوض دائما صراعا للتغلب على وزنها، ونظرا إلى أن أكثر أجزاء المبنى تخصص للقيام بمهمة الحفاظ على انتصاب المبنى فإن ذلك يأتي غالبا على حساب المساحات المخصصة للعمل أو للمعيشة في مثل هذه المباني. ويسعى غالبا أصحاب شركات البناء وشركات تأجير المباني إلى تحقيق التوازن بين المساحات المخصصة لدعائم المبنى والمساحات المخصصة للعمل أو للمعيشة، وهي المساحات التي تتحول فقط إلى أموال بالنسبة لهذه الشركات. وتشير الأرقام إلى أنه في ناطحات السحاب النموذجية فإن حوالي 70 في المئة من المساحة الكلية للبناء تكون قابلة للاستخدام الفعلي في حين تخصص باقي المساحة للعناصر الأخرى مثل الأعمدة والدعائم والسلالم والمصاعد. في حين تزيد المساحة القابلة للاستخدام في المباني الأقل ارتفاعا إلى ثمانين في المئة. وربما لهذا السبب نجد أنه في حالة انتعاش مشروعات بناء ناطحات السحاب نجد أن عدد التصميمات المقترحة يفوق بكثير عدد المباني التي يتم تنفيذها بالفعل. ففي لندن على سبيل المثال توجد مشروعات خمسة أبراج شاهقة يصل ارتفاع الواحد منها إلى أكثر من 200 متر بما يعادل 656 قدما، وهي حاصلة على ترخيص البناء ولديها خطة للتنفيذ، لكنها تنتظر التصميمات المتكاملة وشركات التنمية العقارية التي ترغب في تنفيذ مثل هذه المشروعات. وحتى الآن لا يبدو أن الفرصة متاحة لأكثر من مشروعين فقط لكي يخرجا إلى الوجود. وقال فرانسيس سالواي الرئيس التنفيذي لشركة لاند سيكيورتيز للتنمية العقارية إن ما بين مشروعين وثلاثة مشروعات فقط من هذه الأبراج هي التي يمكن أن تنفذ بالفعل خلال السنوات العشر المقبلة. فتنفيذ مثل هذا المشروع يحتاج إلى جهود وخطوات عديدة حتى يتحول التنظيم الورقي إلى برج يناطح السحاب.
وبالنسبة إلى شركات التنمية العقارية فإن مشروع إقامة ناطحة سحاب يتم وفقا لثلاثة نماذج اقتصادية: إما أن يكون كمشروع مضاربة، أو بتكليف من إحدى الشركات ليكون البرج مقرا لرئاستها، أو كمشروع تجريبي برعاية حكومية. والحقيقة أن نظام المضاربة هو الأكثر انتشارا في مشروعات إقامة الأبراج الشاهقة. ففي مثل هذه الحالة تجد شركة التنمية العقارية مظلة مالية ثابتة تقلص مخاطر الاستثمار في مثل هذا المشروع المكلف إلى أدنى مستوى ثم تقترض جزءا من التمويل اللازم على أن تحصل على الباقي من خلال طرح وحدات المبنى للبيع أو للإيجار مع قرب اكتمال بنائه.
وتعرف أغلب ناطحات السحاب بأسماء الشركات التي نفذتها مثل ناطحة السحاب وول وورث التي أقامتها شركة وول وورث في نيويورك بارتفاع قدره 57 طابقا.
ناطحة سحاب (نيويورك تايمز)
كما ستقام ناطحة سحاب نيويورك تايمز التي ستكون مقرا للصحيفة الأمريكية الشهيرة، ومن المنتظر أن ينتهي البناء فيها خلال العام الحالي. ولن تشغل الصحيفة أكثر من نصف عدد طوابق المبنى الشاهق الذي يصل إلى 52 طابقا. والحقيقة أن مشروعات ناطحات السحاب هي أكثر مشروعات البناء مخاطرة، وتحتاج إلى تضافر عدد كبير من العوامل والظروف إذا كان لها أن تحقق عائدا مجزيا بالنسبة إلى المشاركين فيها، فهي تواجه صعوبة العثور على الأرض المناسبة في المكان المطلوب مثل هونج كونج مثلا والقوانين المحلية المنظمة لارتفاعات البناء وصعوبة الحصول على التمويل اللازم لها. وهناك عوامل أخرى مثل وجود الطبقة الصخرية الأرضية القريبة من السطح حتى يمكن تثبيت أساس المبنى عليها حيث إن عمق الطبقة الصخرية يحدد بنسبة كبيرة تكلفة البناء. والحقيقة أن المناطق المحيطة بشارع المال في نيويورك وول ستريت وكذلك حي مانهاتن بوسط نيويورك تمتع بهذه الميزة الجيولوجية، وهو ما يفسر ذلك الكم الكبير من المباني الشاهقة وناطحات السحاب التي تميز نيويورك. ورغم ذلك فإنه يمكن التعامل مع التربة أيا كانت طبيعتها. فقد أقيمت أول ناطحة سحاب في أمريكا في مدينة شيكاغو على تربة طينية. في حين أن الأبراج الشاهقة في دبي تقام على أرضية رملية.
أما مقار الشركات العملاقة مثل بنك إتش. إس. بي. سي البريطاني وسيتي بنك الأمريكي في حي كناري وارف بشرق لندن فقد لوت هذه القاعدة ولكنها لم تحطمها تماما. فنظرا إلى أن شركة أو بنكا واحدا سوف يشغل المبنى في الحالتين السابقتين فإنهما كانا أقل عرضة للتغييرات في سوق التأجير العقاري ببريطانيا. بل إن البنكين نظرا إلى المشروع باعتباره جزءا من الاستراتيجية الإعلانية لهما وجزءا من الأداة الإدارية. وتقول كارول ويلز أمين متحف ناطحات السحاب في نيويورك إن ناطحات السحاب التي تقيمها الشركات هي بمثابة (السيارة الكاديلاك في عالم ناطحات السحاب) حيث تحرص الشركات على ظهورها في أبهى صورة.
ومن بين الشركات التي نجحت في إظهار مزايا آلتها الاستثمارية بنك جولدمان ساكس الاستثماري الأمريكي المعروف بحرصه البالغ على أموال المساهمين فيه. فقد اختار البنك موقعا قريبا من موقع برجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن السفلى بمدينة نيويورك لاقامة برجه الإداري الشاهق. ويسعى البنك من وراء إقامة هذا البرج قريبا من المكان الذي سيقام فيه برج الحرية وعدد آخر من المباني في موقع برجي مركز التجارة العالمي إلى تجميع الآلاف من موظفيه المنتشرين في عدد من المكاتب والمباني الإدارية في أنحاء مدينة نيويورك في مبنى واحد. ورغم أن جولدمان ساكس يمتلك مبنى إداريا جيدا في نيو جيرسي على بعد مرمى حجر من نيويورك فإن شركات التنمية العقارية تؤكد أن المصرفيين في جولدمان ساكس رفضوا الانتقال إلى هذا المبنى بعيدا عن عاصمة المال في العالم نيويورك. والحقيقة أن وجود أي بنك قريبا من أسواق المال والأحياء الاقتصادية في أي مدينة هو أمر يستحق العناء والتكلفة. وبالطبع فالأبراج السكنية التي تحظى بالرعاية الحكومية لا تتوقف كثيرا عند القواعد والمعايير الاقتصادية للمشروع، فغالبا ما تكون مثل هذه المشروعات تهدف إلى التعبير عن الطفرة الاقتصادية التي تشهدها دولة أو إقليم ما كما هو الحال مع إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتولى شركات مملوكة للحكومة تمويل مشروعات الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب في الإمارة، أو يتم بناؤه كإشارة للعالم الخارجي كما هو الحال في برج فندق ريوج يونج بالعاصمة الكورية الشمالية بيونج يانج. فكل مدينة تريد أن تلفت أنظار العالم إليها تحتاج إلى إقامة ناطحة سحاب أو ناطحتين بها.
نتائج مربكة
والحقيقة أن إقامة ناطحات السحاب لحساب الحكومات يمكن أن يؤدي إلى بعض النتائج المربكة؛ ففي دبي على سبيل المثال تقف ناطحات السحاب على جانبي شارع الشيخ زايد جنوب المدينة حيث تمتد الصحاري خلفها لمسافات شاسعة، كما أن استخدام مساحات واسعة من الزجاج في بناء ناطحات السحاب وفقا للتوجه الدولي يبدو أحيانا غير ملائم؛ فاستخدام الزجاج يكون مفيدا في أجزاء من أمريكا الشمالية حيث ظهرت ناطحات السحاب لأول مرة هناك ولكن عندما انتقلت الفكرة إلى منطقة الخليج العربي فإن استخدام الزجاج أدى إلى مضاعفة درجة الحرارة المرتفعة بطبيعتها في هذه المنطقة من العالم؛ وكانت النتيجة استخدام كميات هائلة من الطاقة من أجل تكييف الهواء بها. كما كان على المهندسين إيجاد طريقة لمنع تسلل أشعة الشمس الحارقة عبر هذا الزجاج إلى داخل المباني حتى لا تلتهب الأجواء داخل البرج. وقد اقترح بعض المهندسين زيادة مساحة الحوائط الخرسانية المزودة بفتحات صغيرة على غرار العمارة الإسلامية القديمة، ولكن هذا الاقتراح رفض. ويستطيع المهندسون الذين يصممون الأبراج الشاهقة تصميم أشكال أطول وأشد غرابة كلما أتاحت لهم التكنولوجيا ذلك. والحقيقة أن ثلاثة عوامل ساعدت في تغيير شكل ناطحات السحاب حاليا هي التطور في مواد البناء والتطور في المصاعد وأخيرا دخول الكمبيوتر عالم التصميم. والحقيقة أن تطور مواد البناء كان له تأثير واضح على مظهر ناطحات السحاب. ففي عام 1922 صمم المهندس الألماني الأصل لودفيج مايس فان دير روه الذي هاجر فيما بعد إلى أمريكا ناطحة سحاب شفافة تكسوها طبقة من الزجاج حول أرضيات المبنى الذي بدا وكأنه بلا محور مركزي. والحقيقة أن مبنى بهذا التصميم لم يكن فقط معرضا للسقوط وإنما أيضا كان مستحيل إيجاد ألواح الزجاج الخفيفة بالقدر الذي يسمح بثنيها لتعطي الأشكال المطلوبة. يقول نيفين سبدور المهندس في مؤسسة (جريمشو أركيتيكت) الهندسية إن الأمر احتاج إلى أكثر من 80 عاما حتى تتيح لنا تكنولوجيا صناعة الزجاج إنتاج ألواح يمكن ثنيها لتعطي الأشكال التي كان يحلم بها مايس. والحقيقة أن بناء مثل هذه الناطحات الشفافة لن يؤدي فقط إلى ظهور مبان ذات شكل جميل وإنما أيضا سوف يقلل من حدة الظلال التي تلقي بها ناطحات السحاب والأبراج الشاهقة على الشوارع التي تقع بها لتحجب عنها الشمس تماما، كما أن تكنولوجيا الزجاج أتاحت ظهور أنواع جديدة تسمح بدخول الضوء وتحجب الحرارة.
كما أصبح هناك زجاج ذاتي التنظيف بحيث يمكن تنظيفه آليا دون الحاجة إلى الاستعانة بالعنصر البشري في هذه المباني العملاقة. بل إن التطورات التكنولوجية جعلت تلك الأشكال التي كان يحلم بها مايس منذ نحو ثمانين عاما أشكالا تقليدية عتيقة. ومن أغرب تلك الأشكال المعمارية المبنى رقم 30 في شارع سان ماري أكس بلندن ومبنى هيرست في نيويورك.
كما أن التطورات في مواد البناء جعلت المباني أخف وزنا وهو ما سمح بزيادة الارتفاع. فقد أصبحت الجدران والأرضيات أقل سمكا بفضل الابتكارات الحديثة مثل الطبقات العازلة المصنوعة من رقائق الألومنيوم والألياف الزجاجية.
وما زالت أفكار مايس تجذب المعماريين الذين استهوتهم فكرة إقامة ناطحة سحاب بدون محور مركزي أو عدم مد هذا المحور بامتداد المبنى. والمعروف أن ناطحات السحاب حتى ارتفاع 200 متر تقام على أساس وجود محور مركزي من الصلب بالإضافة إلى محور خرساني يستخدم كمكان للمصاعد وغيرها من الخدمات المعاونة من أنظمة المياه والصرف. وتحتاج أي مبان يتجاوز ارتفاعها مستوى 200 متر إلى دعائم إضافية على غرار الدعائم الطائرة في الطراز المعماري للكنائس القوطية في أوروبا التي تعود إلى العصور الوسطى.
وبهذا النموذج المعماري يمكن وصول ارتفاع أي مبنى إلى أي مدى، ومن المنتظر أن يستخدم هذا النموذج المعماري في بناء برج دبي الذي يريد أصحابه أن يكون أعلى بناية في العالم؛ ولذلك يحتفظ أصحاب المشروع بالارتفاع الحقيقي للمشروع باعتباره سرا حربيا.
ولكن بعض الأبراج التي يطلق عليها المهندسون المعماريون اسم أنبوب تستخدم شبكة من دعامات الصلب لنقل ثقل المبنى إلى أسفل حيث الأساسات من خلال عدد قليل من الأعمدة الكبيرة. ومثل هذا التصميم يسهل التعامل معه مثل مقر بنك إتش. إس. بي. سي في هونج كونج. ويميل أصحاب هذا النموذج إلى التباهي بعناصر الهيكل المعماري للمبنى. وهذا يتيح لهم نقل المصاعد لكي تتجاوز ارتفاع المبنى نفسه، وأحيانا يتم وضعها خارج حدود المبنى أساسا، ومثل هذه الناطحات تبدو أخف وزنا.
تكنولوجيا المصاعد
وكما ذكرنا فإن تطور ناطحات السحاب يتوقف أيضا على مدى التطور في تكنولوجيا المصاعد التي تتيح الارتفاع بالمباني إلى مستويات أعلى. ففي عام 1870 ظهرت المصاعد الهيدروليكية التي كانت تستطيع الوصول إلى ارتفاع يتجاوز ما كانت تصل إليه المصاعد البخارية التي حلت محلها. ثم أصبحت المصاعد قادرة على الصعود إلى مسافة 500 متر رأسيا ولكن الأمر كان مزعجا نظرا لطول زمن الرحلة بالفعل الأمر الذي حتم البحث عن وسيلة لزيادة سرعة المصاعد. ومع التطور التكنولوجي أصبح في الإمكان الوصول بارتفاع المباني إلى 509 أمتار وهو أعلى مبنى في العالم وموجود في العاصمة التايوانية تايبيه.
وتضم أغلب ناطحات السحاب حاليا مجموعتين من المصاعد: المجموعة الأولى لخدمة الأدوار الأولى والمجموعة الثانية لخدمة الأدوار الأعلى. ولكن المشكلة أن مستخدمي المصاعد يضطرون أحيانا إلى الانتظار فترات طويلة حتى يمكنهم تغيير المصاعد بين المجموعتين؛ الأمر الذي دفع المهندسين إلى تخصيص بعض المصاعد للوصول مباشرة من الطابق الأول إلى الطابق الأخير. ثم جاء عصر الكمبيوتر ليفتح آفاقا جديدة أمام مصممي ناطحات السحاب، فأجهزة الكمبيوتر تتيح للمهندسين وضع سيناريوهات للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها المباني العملاقة وكيفية التعامل معها مثل اشتعال الحرائق الكبيرة أو اصطدام طائرة بالمبنى.
وقد أصبح بمقدور أجهزة الكمبيوتر توفير نموذج ثلاثي الأبعاد أي مجسم لأي تصميم معماري؛ الأمر الذي يجعل المصمم يرى المبنى الذي يصممه كما لو أن فكرته تحولت إلى بناء حقيقي، فيتمكن من إدخال ما يريد من تعديلات أو تحسينات. ولا تقتصر فائدة النموذج ثلاثي الأبعاد الذي توفره أجهزة الكمبيوتر الحديثة على المصمم فقط ولكنه أيضا يتيح لشركة التنمية العقارية التي تمتلك المشروع رؤيته وتقييمه وتتيح لجميع عناصر عملية التنفيذ رؤيته ودراسته. وأخيرا نقول إن الزمن ما زال هو التحدي الأكبر الذي يواجه عشاق ناطحات السحاب. فتنفيذ المشروع يحتاج إلى وقت طويل تتغير خلاله أوضاع السوق فتصبح المشروعات المبشرة مصدرا للخسارة. وقد حدث كثيرا أن بدأ بناء ناطحة سحاب في ظل ازدهار سوق العقارات وعندما يكتمل البناء تكون السوق قد بدأت في التراجع لتصبح الخسارة بحجم ناطحة السحاب!.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|