|
هيئة الصحفيين: أمل وقد تحقق..!
|
ما كاد وزير الإعلام يعلن عن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على إنشاء هيئة للصحفيين حتى رأينا بعض الزملاء من أهل المهنة يتسابقون في الحديث عنها من زاوية أحادية، مركزين على موضوعين رئيسيين، أحدهما ما سموه الفصل التعسفي للصحفيين، والآخر انتخابات رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، كما لو أنهما هدفها الوحيد.
لا بأس أن يكون ضمن السياق حين نكتب عن نظام جديد كهذا كلام عن حقوق الصحفي ومن بينها فصله من عمله بطريقة تعسفية، مع أن نظام العمل مرجعية قانونية لا تسمح بمثل ذلك، وهي الأقوى في حماية الصحفي من تصرف كهذا حتى مع صدور نظام لهيئة الصحفيين.
ولا بأس أيضاً!! أن يطرح التساؤل حول اسلوب وآلية اختيار القيادات لهذه الهيئة، خلال انعقاد الجمعية العمومية وليس قبلها.
***
ما أثار انتباهي..
واستغرابي معاً..
أن نظام الهيئة لم يعلن بعد..
وأن الذين تحدثوا عنه لم يطلعوا عليه، وإنما بنوا آراءهم على ما سمعوه..
كما أن المطلعين على تفاصيله لم يستوفوا في أحاديثهم كل بنود هذا النظام، وليس هذا هو المطلوب منهم الآن.
وبذلك، فقد كان من الأفضل لو تريث الزملاء قليلاً ولم يستعجلوا الحديث عنه، بانتظار نشر النظام وإشهاره كاملاً..
حينئذ، ستكون وجهات نظرهم أقرب إلى تلمس الواقع، وإلى الإفادة من آراء تساهم في تأسيس هيئة صحفية بمستوى ما نتمناه..
***
ماذا يهمنا مَن سيكون رئيساً لمجلس ادارة الهيئة في دورته الأولى؟ ومَن سيُختار لعضوية المجلس من المنتسبين للهيئة..؟
إن ما يهمنا هو أن يُحسن الاختيار بعيداً عن العواطف والشللية..
بالتصويت لمن يرى الأعضاء أن فيه الكفاءة والكفاية للقيام بهذه المهمات..
ومن المهم عدم استباق موعد الانتخابات، بإملاءات قد لا تكون صحيحة، أو آراء لم يحن موعد الحاجة لها بعد..
قد يتبين لنا مستقبلاً وبعد الاطلاع على نظام الهيئة خطأنا في التقدير وفي كثير من التصورات.
وقد تتغير وجهات نظرنا، بعد الاستئناس ببنود هذا النظام إثر قراءتنا لها.
***
إن وجود هيئة للصحفيين يعد نقلة نوعية ومتقدمة لخدمة الصحفيين..
وإنجازاً كبيراً يحسب لمن فكر به ووافق عليه وأعلن عن مولده..
ولابد من تطويرها بما يتلاءم مع الحاجة التي استدعت انشاءها في هذا الوقت بالذات..
وهذا يتم وينبغي أن يتم بعد سنوات على قيام الهيئة..
ومن المهم أخيراً أن نتذكر أن الغرض من وجود هيئة للصحفيين بالإضافة إلى حماية الصحفي وصيانة حقوقه، تطوير كفاءته وتحسيس المجتمع بأهمية دوره، والقائمة تطول..
هل أنا متفائل بانشاء هذه الهيئة..؟
إذا سألتني، أقول نعم..!
خالد المالك
|
|
|
من يريد الحرب فعليه أن يتحمل العواقب! بقلم: جون ماري كلومباني(*)
|
نادرا ما بدت الفكرة مسموعة، بأي وسيلة كانت، كتلك التي حاول «جورج بوش» إسماعها للعالم: الحرب على العراق، بكل الطرق التي يتوفر عليها..
حكومات «أوروبا القديمة» فرنسا وألمانيا وبلجيكا صدت الموقف الأمريكي عاكسة الرأي العام الأوروبي الذي ربما لأول مرة يتوحد حقيقة خلف حكوماته.. صحيح أن أي مواجهة عسكرية أمريكية بريطانية ضد العراق كانت قادرة على إحداث الانفجار أكثر مما هو عليه في الاتحاد الأوروبي وفي حلف الشمال الأطلسي «الناتو».. إنما كان يجب أن يقف أحد في وجه «جورج بوش»! ما الخطب إذن؟
بشكل دقيق هي فكرة ثابتة، كانت تتحدد في عبارة «يجب الانتهاء من صدام حسين»..
طبعا ليست عبارة شاذة تماما، لأن «بوش» أرادها حملة انتخابية مسبقة لصالحه أولا ولصالح حزبه الذي يريد القضاء على النظام العراقي..
تقريبا، جاءالوضع لصالح هذه الفكرة الأمريكية الثابتة التي حاول الرئيس الأمريكي عبرها استثمار الشعور الوطني الأمريكي الذي تفجر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.. كنوع من أنواع الحس الوطني على أكثر تقدير! بدخوله في الحرب على أفغانستان، التي أيدها عدد مهم من السياسيين الأمريكيين، أثبتت حكومة «بوش» أنها قادرة على إزالة نظام صعب كنظام الطالبان المتهم من البداية بإيوائه أسماء تورطت في أحداث سبتمبر.. ربما لهذا السبب صمت العالم كله حتى وهو يعرف أن الصواريخ والقنابل التي كانت تسقط على «كابول» كانت تقتل الأبرياء أيضا، لكن «بوش» أراد دائما أن يقول: «أنا على حق» كلما زاد صمت العالم حدة.. أو كلما تضاعف عدد معارضيه هنا وهناك..
لكن الأمر مختلف اليوم.. بوش«يريد أن ينقل الحرب إلى منطقة الخليج.. يريد أن يضرب العراق متهما النظام العراقي بالتواطؤ مع تنظيم القاعدة دعوني أمسك نفسي كي لا أضحك! كيف يستطيع «جورج بوش» الانتقال من حرب إلى أخرى بهذه السهولة؟ طبعا من حق «بوش» أن «يعتقد» أن «صدام حسين» مول «أسامة بن لادن» بمادة «البوتاسيوم».. ليس من شك أن البريطانيين يريدون أن يقنعوا شعبهم أنها مسألة وقت قبل أن تصل مادة «البوتاسيوم» إلى «ابن لادن» بواسطة «صدام حسين»!!..من حقهم أن يضحكوا على بعضهم البعض.. لكن.. ليس من حقهم أن يضحكوا علينا.. هذا هراء!
الاعتقاد الأمريكي مبني على ضغينة قديمة.. نفهم ذلك ببساطة.. ليس لأن الأمن الأمريكي مهدد ما دام «صدام حسين» موجودا ( كما تقول التايمز) لكن.. الضربة التي تأتي أولاً هي التي تحد من الإشكال.. ونقصد بذلك التوجه نحو الحرب الذي يسود الثقافة السياسية الرسمية الأمريكية، تجنبا لضربة يعتقد أنها ستأتي ربما من العراق.
ضربة لا تختلف في ضخامتها عن أحداث 11 سبتمبر 2001.. هذه التبريرات تكشف في واشنطن، أو في لندن، سبب الابتعاد عن أطروحة «الأولويات» التي يجب البدء منها في الحرب على الإرهاب، ومن ثم في الخطر الذي تشكله إسرائيل مثلا كقوة نووية كبرى في منطقة الشرق الأوسط..
فإن كانت الحرب على الإرهاب تعني القضاء على رؤوس العنف فيجب أن يكون الموضوع شاملا وليس جزئيا كما يفعله «بوش».. هذه نقطة..
النقطة الثانية: ما يجب علينا منعه هو «التزاوج بين العنف والضغينة» التي تريد أمريكا حملها إلى الخليج.. فلن يقبل أحد بأن يقتل الأبرياء في العراق لإرضاء الرئيس الأمريكي أو للتخفيف من كبرياء «توني بلير» المجروحة.. «اللا مفكر به» هو الذي يبدو خطيرا إن حاولت أمريكا أن تغامر في العراق من جديد..
بالنسبة للرأي العام المدني في أمريكا، ثمة رفض قاطع لهذه الحرب، لأنها تؤكد الاختلاف بين الإرادة الرسمية «الحرب» وبين الرؤى الشعبية التي تعترف أن التهديدات العراقية ليست أكثر من كلام يكرره الرئيس الأمريكي في كل خطاب يلقيه.. لهذا الجميع يريد الأدلة القاطعة أن العراق يشكل خطرا حقيقيا يجب القضاء عليه.. الجميع يريد أن يشاهد ما يقرؤه «باول» على مجلس الأمن الدولي كلما قال كلمة يحذر فيها من الرئيس العراقي ويتوعد فيها بحرب شرسة عليه!
«جورج بوش» أقنع نفسه أنه على حق.. لكنه لم يقنع العالم.. يمكنه توريط بلده في حرب لإرضاء نفسه.. سبب آخر كي نتساءل ما هي الدوافع الحقيقية وراء قرار «بوش» الحرب على العراق.. لأن طرح السؤال والبحث عن الجواب سبب رئيسي آخر في التباعد الذي حدث في الفترة الأخيرة بين الأمريكيين وبقية سكان العالم والذي فجرته أزمة العراق، لكنه كان قائما من قبل على مدى كل السنوات الماضية التي أراد فيها «جورج بوش» أن يكون رئيسا على العالم.... هذا الذي جعل أمريكا الجديدة «تقرر» أيضا أن تعيد الشعوب إلى الخط المستقيم بأمر منها، محاولة فرض الهيمنة الأمريكية على أساس عسكري محض.. جاعلة في عامل الهجوم سببا للطاعة الدولية، مكتفية بالبحث عن مواقع الرفض لسياساتها كي تعالجها بالضرب على أطراف الأصابع أو بالضرب تحت الحزام بمجرد استشعارها بما تسميه ب«الخطر الدولي» على مصالحها..
هذه السياسة تعيد إلى الأذهان عبارة «الإمبريالية الجديدة» التي تسعى أمريكا إلى إحيائها ثانية على شكل جديد من تقسيم الأدوار، مبتعدة عن «الحوار» الذي ظلت أوروبا تعتقده ممكنا إلى يومنا هذا..
«بوش» يريد أن يكون إمبراطورا على العالم.. لا يريد أن يكون مثل «كلينتون» «بضعف نظرته إلى الخارج».. بالنسبة للرئيس الديمقراطي (كلينتون) فقد أعطته القوة العسكرية واجبات أراد الحفاظ عليها. بينما الرئيس الجمهوري «بوش» فان القوة العسكرية سبب في إخضاع العالم لإرادة البناء وفق ما تريده أمريكا وليس وفق ما يخدم العالم.. هذا الذي صنع الخلل الحالي بين ما يريده «بوش» و ما يريده العالم من حوله..
هذا الرأي الأخير صنع أيضا الانشقاق الكبير، بل والكارثي، زرع حالة من الكراهية للأمريكيين.. فبالنسبة لبعض الحكومات فإن الطرق الدبلوماسية هي الكفيلة لحل أكبر المشاكل، بينما لا ينظر إلى الأمر بنفس الشكل في البيت الأبيض..
«بوش» شخص معقد في ثياب السهل.. شخص يرغب في احتلال الآخرين برؤيته الخاصة للأمور، بتزمته الخاص، وتدينه العميق.. لم يسبق لرئيس أمريكي أن رغب في الحرب كما رغب هو.. ولم يقل رئيس أمريكي أن مصلحة أمريكا في الحرب هي نفسها مصلحة العالم كما قالها هو..
نظرة إلى هذه الحالة تعطي الانطباع أن سياسة «جورج بوش» تسعى إلى إعادة أمريكا إلى الوطنية المشتعلة، طبعا ثمة دول مثل «الصين» و«روسيا» قادرتان على منافسة الأمريكيين في إعادة تشغيل سياسة المواطنة تلك، وربما أكثر من الأمريكيين أنفسهم..
من الصعب الوقوف عند هذا الحد.. أولا لأنه يجب أن تكون هيئة الأمم المتحدة قادرة على تحديد موقفها ليس من الحرب، بل من الصراع ككل.. ليس من حق الأمريكيين أن يحددوا ماذا على العالم فعله.. حتى لو كان «صدام حسين» دكتاتوريا، فيجب أن تكون تصفيته بعيدة عن الدمار الذي ينادي به «بوش».. لا نقصد قتله، بل طرده من الحكم إن تبين أنه يملك ما قيل إنه يمتلكه.. توجد وسائل كثيرة لحمله على الرحيل..
معاقبة «صدام حسين» إذن، لا يجب أن تنسي العالم أن ثمة من ارتكب جرائم أبشع أيضا.. لأن تغيير النظام العراقي لن يكون حلا دائما.. نعرف أن أزمة الشرق الأوسط هي أكبر الأزمات التي لا يمكن غض الطرف عنها.. من حق أي عربي يرى ما تفعله أمريكا للحرب على «صدام حسين» أن يسأل لم يغض «بوش» نظره عما يفعله «شارون»؟ ولماذا يؤيد «بوش» سياسة «شارون» الدموية في الوقت الذي يطالب فيه بالعدالة في العراق؟
ما يريده الرئيس الأمريكي صار خارج النص الدولي.. لأن رفض الملايين في العالم هذه الحرب ليس لأنهم يريدون ل«صدام حسين» طول العمر، إنما لأنهم يريدون أن تأخذ الدبلوماسية الدولية مجراها.. الحرب ليست لعبة طفولية ساذجة، ومن يريد الحرب فعليه أن يتحمل العواقب!
(*) عن «اللوموند» الفرنسية
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|