|
وعام جديد ..!
|
أطل علينا في بداية هذا الأسبوع عام ميلادي جديد..
محمولاً بعربة عام مضى، وقد حفل من المعاناة والآلام والظلم وجبروت الأقوياء ما هو معروف لدى الجميع..
ليضيف عامنا الجديد كمثيلاته من قبل سنة جديدة إلى أعمارنا..
ومرحلة شديدة الغموض في القادم الجديد الذي ها نحن نحتفل به ونتهيأ للتعايش مع أحداثه ومستجداته..
***
لا أدري كيف ستكون العلاقة المنتظرة والمتجددة بكل أسرارها وغموضها بين الإنسان وعامه الجديد؟..
وهل هناك وجه شبه سيكون شديد المعاناة بين أيام وشهور السنة التي انقضت من أعمارنا بما سنراه ونتعايش معه هذا العام؟..
ومَنْ الذي سيقود العربة في هذا العالم المتجبر نحو مزيد من الأحزان ربما أو باتجاه بوصلة التعايش الذي يوفر الأمن والرخاء للجميع؟..
***
تساؤلات ربما قادتنا إلى طرح المزيد من مبررات الخوف من ذلك المجهول والشعور بالانكسار المخيف في ظل تصادم المصالح والنوايا والأهداف بين الأمم..
خطط ومخططات لمؤامرات وترتيبات مشبوهة نراها ونسمعها ونحن على يقين بأنه لا هم لها إلا الانقضاض على مَنْ هو أضعف مِنْ الدول والشعوب والأفراد وبخاصة مَنْ يُعلن العصيان أو التمرد على إملاءات الكبار..
هكذا كان العالم في العام الذي انقضى وما قبله، فما هو نصيب وحظ العالم من هذا العام الجديد الذي احتفلنا بداية هذا الأسبوع بإطلالته علينا؟..
***
دعونا نتفاءل بما نتمنى أن يصير..
بما نأمل أن يكون ونتوقع أنه الأفضل والأجمل مما مضى..
إذ ما أقساه من عام جديد على الإنسان فيما لو غابت معه وعنه ابتسامة أو اختفى خلاله صوت الحق من أن يُصدع به..
وما أجمله من عام يجلله الخير والحب ويسوده السلام والأمن والاستقرار والعيش الكريم..
***
عام جديد، تلألأت أضواؤه المثيرة قبل إطلالته بأيام..
وتسابق الكثيرون جداً للاحتفاء به والفرح بقدومه في وقت مبكر وقبل أن يحل علينا بزمن طويل..
والبلايين من الدولارات أنفقت كالعادة على إظهار الزينة ومظاهر الفرح الباذخ على هذا الضيف الجديد..
فيما تئن الكثير من الأمم من الفقر والجوع والوقوع في قبضة مجرمي الحرب، حيث لا أمن ولا حقوق لهؤلاء المستضعفين..
لكنّ هذا لا ينبغي أن يثني الأمم عن التمسك بالأمل والتفاؤل بما هو أفضل نحو حياة حرة وكريمة تستكين لها فيما تبقى من عمر لكل فرد فيها..
***
أهلاً به من عام..
يذكِّرنا بأن عاماً أو بعض عام قد مضى من العمر..
وأن في محطتنا الجديدة الكثير من الأسرار والغموض التي لا يعلمها إلا الله..
وأن ما انقضى..
وأن ما حلَّ..
هو باختصار قطار يتحرك في محطات كثيرة ومثيرة، فيها الخير وفيها الشر، لكنَّ أكثرنا مع شديد الأسف لا يتعظ ولا يعتبر ولا يستفيد من دروس الحياة الكثيرة.
خالد المالك
|
|
|
روح المغامرة لدى الأديب الأمريكي هيمنجواي
|
* إعداد أشرف البربري
في تاريخ دولة مثل أمريكا لا يتجاوز عمرها مائتي عام لن نجد الكثير من الشخصيات البارزة وبخاصة في عالم الأدب، لذلك فعندما تنجب دولة مثل أمريكا أديبا مثل إرنست هيمنجواي فإن الاحتفاء به يصبح كبيرا.
والحقيقة أن الرجل يستحق كل هذا الاحتفاء ليس من أمريكا فقط ولكن من عشاق الأدب في مختلف أنحاء العالم، ورغم أن هناك عددا من الكتاب البارزين في تاريخ أمريكا مثل وليم فوكنر وجون شتاينبك وأرثر ميلر فإن هيمنجواي وحده استطاع أن ينسج حول نفسه أجواء أسطورية جعلت منه بالفعل أكثر من مجرد أديب لامع، وفي تقرير لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) يقول الصحفي الأمريكي تريش فوكسويل: إن الكتّاب يسافرون في اتجاهات كثيرة للوصول إلى مقاصدهم، وقد حملت روح المغامرة لدى الكاتب الأمريكي الشهير إرنست هيمنجواي إلى الكثير من أنحاء العالم وملأته بالطموح والمزاج الابداعي، ومنذ أيام شبابه التي أمضاها في أوروبا كسائق عربة إسعاف أمريكية أثناء الحرب العالمية الأولى إلى مغامرته المثيرة في باريس بعد أن بلغ ذروة المجد الأدبي في العالم ثم زار إفريقيا وجزر آسيا والمحيط الهادي وكوبا التي اتخذ منها موطنا ثانيا، كل هذه الرحلات ساهمت في تشكيل أسطورة شخصية هيمنجواي منذ بداياته المبكرة.
بدأ همينجواي الرحالة الذي لا يهدأ طوال حياته يرسم أحلامه الأدبية السامية في (أواك بارك) بولاية ألينوي الأمريكية حيث ولد وأمضى سنوات حياته الأولى، وفي هذه المنطقة الهادئة التي توجد على بعد عشرة أميال من مدينة شيكاغو الامريكية بدأ أحد أهم كتاب أمريكا رحلته الأدبية.
ولم يكن هيمنجواي أول أديب أمريكي يعلن منطقة (أواك بارك) مسقط رأس له، فقد سبقه إلى ذلك فرانك لويد رايت والكاتب إدجار بروز مؤلف رواية (طرزان) الصحفي والكاتب المسرحي شارلز ماك أرثر مؤلف رواية (الصفحة الأولى)، ولكن اسم هيمنجواي وتراثه هو الذي ألقى بظلاله الواضحة على هذه المنطقة من أمريكا.
ومن أكثر الأشياء المرتبطة بذاكرة هيمنجواي في (أواك بارك) النصب التذكاري للمشاركين في الحرب العالمية الأولى في حديقة سوكفيل بارك حيث يوجد اسمه بعد الاصابة التي تعرض لها خلال عمله ضمن طواقم الانقاذ في الحرب بأوروبا إلى جانب أسماء الجنود من أبناء أواك بارك الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى، ومع حضور تجربة الحرب في الكثير من أعماله الروائية، فإن وجود اسمه على النصب التذكاري جعل من الاسطورة التي يتجاوز مداها عمر الانسان تبدو أكثر واقعية وأكثر إنسانية.
تجارب وخبرات
والحقيقة أن تجارب وخبرات هيمنجواي في منطقة (أواك بارك) قبل ذهابه إلى الحرب العالمية بوقت طويل أثرت كثيرا في اتجاه تفكيره ناحية احتراف الصحافة والأدب.
ففي هذه الفترة المبكرة من حياته عشق رواية القصص والحكايات من جده وتجذرت الرغبة في الكتابة في نفسه خلال فترة الدراسة الثانوية.
كما غرست سنوات حياته الأولى في منطقة (أواك بارك) حبه للطبيعة والخلاء بفضل والده الدكتور كلارينس هيمنجواي، كما تعلم حب الثقافة من والدته التي كانت موسيقية بارعة.
وإذا كنت ممن يحاول دراسة السنوات الأولى في حياة هيمنجواي وسنوات إبداعه التالية فإن متحف هيمنجواي يعد نقطة بداية جيدة جدا.
فالمتحف يضم مجموعة كبيرة من رسائل هيمنجواي سواء تلك التي كان قد تلقاها أو أرسلها، كما يضم مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والتذكارات التي جمعتها وتبرعت بها عائلة هيمنجواي، وهذا المتحف مقسم إلى أقسام تمثل مختلف مراحل حياة الأديب الأمريكي الفائز بجائزة نوبل للآداب مثل حياته الأولى في أواك بارك من 1899 إلى 1919 وحبه للطبيعة ونظرة الكاتب للمكان ثم تجربته في الحرب العالمية الأولى، وقسم تحت عنوان (هيمنجواي وهوليوود) يتضمن مؤلفاته التي تحولت إلى أعمال سينمائية.
ومن بين الأجزاء المهمة في المتحف ذلك الجزء المتعلق بالفتاة الإيطالية أجني فون كوروفسكي التي تعرف عليها في مدينة ميلانو بإيطاليا والتي كانت مصدر الإلهام لشخصية كاترين باركلي في رواية (وداعا للسلاح)، ويتضمن هذا القسم رسائل السيدة باركلي إلى هيمنجواي ومنها الرسالة التي حملت اسم (عزيزي جون) والتي قيل انها أثرت عليه بشدة بعد عودته إلى (أواك بارك).
ويقع المتحف في المنزل الذي شهد مولد هيمنجواي وهو المنزل رقم 339 في شارع نورق بارك أفينو ويتكون من عشر حجرات ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1890 حيث أقامه جده إرنست هيل الذي عاش في المنزل مع ابنته وزوج ابنته وأطفالهما.
والحقيقة أن جولة في هذا المكان تعيد الإنسان إلى ما قبل مرور قرن من الزمان وتتيح للزائرين الفرصة من أجل إلقاء الضوء على السنوات الأولى من حياة همنجواي صاحب رواية (العجوز والبحر) الشهيرة عندما كان يستمع إلى الحكايات التي يرويها له جده على مائدة الإفطار وتتذكره وهو يكتب محاولاته الأولى في مجال الأدب على حائط المطبخ.
وفي حجرة هيمنجواي في الطابق العلوي من المنزل المتحف تطالعك مشاهد طفولة هذا الأديب البارع.
وكانت العائلة قد باعت المنزل بعد رحيل الجد عام 1905، وأقامت الأسرة منزلا جديدا حمل رقم 600 في شارع نورث كينلوروث لم يفتح للجمهور حتى الآن.
وفي هذا المنزل الجديد عاش هيمنجواي فترتي المراهقة والشباب حتى تركه عام 1917 إلى مدينة كنساس للعمل كمحرر في صحيفة (كنساس سيتي ستار).
وفي مدرسة ريفر فورست الثانوية التي توجد في منطقة أواك بارك درس هيمنجواي وبدأ نشر تجاربه الأولى في الكتابة في المجلة المدرسية التي كانت تصدر باسم ترابيز وفي الكتاب السنوي لها الذي كان يحمل اسم (تابولا).
ويمكن القيام بزيارة إلى هذه المدرسة حيث ستشاهد الحجرة التي درس فيها اللغة الإنجليزية والتي تم الحفاظ عليها حتى تظل شاهدا على النمط السائد في ذلك الوقت.
وعندما عاد هيمنجواي إلى مسقط رأسه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي خاضها كسائق عربة إسعاف في إيطاليا كانت (أواك بارك) قد تغيرت وكذلك كان هو قد تغير، فقد أصبحت المدينة بالنسبة له صغيرة وغير مثيرة بعد كل ما رآه في الحرب وبعد أن مر بأول قصة حب في حياته وبعد أن شاهد أوروبا، فقد شعر أنه أصبح خارج المكان.
ولم يستقر به المقام طويلا في مسقط رأسه، فبعد وقت قليل أمضاه شاعرا بالفخر لمشاركته في تحقيق انتصار أمريكا في الحرب العالمية الأولى حيث كان يزور رفاق السلاح ويتردد على المكتبة ومحاولة الخلاص من تداعيات فشل تجربة الحب الإيطالية، سرعان ما أدرك أن أواك بارك لن تستوعب طموحه ليكون كاتبا ذائع الصيت، فقد كان يريد أن يرى المزيد من العالم ويكتب عنه. في عام 1920 سافر إلى باريس ليراسل صحيفة (تورنتو ستار)، وبالتدريج بدأت صورة (أواك بارك) تتلاشى من ذاكرة هيمنجواي.
ولم يعد هيمنجواي كثيرا إلى (أواك بارك) بعد أن سطع نجمه في سماء عالم الأدب والكتابة، وقد عاد إليها عام 1928 ليشارك في جنازة والده، وقد دفن والداه في مسقط رأسه ولكن هيمنجواي دفن في مدينة كيتشوما في ولاية إيداهو الأمريكية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|