|
حين يؤذي المرء نفسه!!
|
هناك من تغريهم أموالهم، بما تضفيه عليهم أحياناً من تأثير يصاحبه تعالٍ في أسلوب تعامل هؤلاء مع غيرهم..
وهناك من الناس من يسيء إلى علاقاته الإنسانية حتى مع أقرب الناس إليه، حين يوظف جاهه توظيفاً سيئاً، بعدم الأخذ بمبدأ احترام الآخرين ضمن أولوياته..
وغير هؤلاء، هناك من يتصرف بتأثير من موقعه المتقدم في سلم الوظائف تصرفاً غير حسن، باحتقاره لمن تكون درجته الوظيفية أقل.
***
هؤلاء إن لم يكونوا مرضى..
فهم يعانون من مركب نقص..
وبالتالي فهم واهمون، حين يفكرون بمثل هذا التفكير، فضلا عن أن يكون هذا الأسلوب غير المقبول في تعاملهم مع غيرهم هو سمة سلوكهم في الحياة..
بينما كان عليهم أن يأخذوا العبر والدروس من غيرهم، وأن يستفيدوا ويتعلموا ممن آل إليه وضع بعض الناس المماثل من نكسات.
***
لكن كم بيننا من يتعمّد أن يؤذي نفسه بمثل هذا السلوك، دون أن يلقي بالاً أو اهتماماً لما يمكن أن يواجهه أو تتعرض له حياته من متغيرات..
في الصحة..
والمال..
بموقعه في الوظيفة..
وقبول وجاهته..
وغيرها الكثير، من التميز الذي ربما أغراه وقاده إلى عدم اعطاء الناس الآخرين المكانة التي يستحقونها في تعامله معهم؟.
***
الحياة - كما نعلم جميعاً - مدرسة لا مثيل لها في التجارب، وفي مرور الإنسان بالمحن والصعوبات..
ومثلها حين تفتح الحياة لك كل الأبواب الموصدة لتثري بأكثر مما تتوقع..
فيسمع حينئذٍ صوتك ويستجاب له، وتوضع في المكان الذي تريده، حتى وإن لم تكن تملك التأهيل العلمي والخبرة المطلوبين.
***
لكن كم بيننا من هؤلاء ممن تعلّم بما يفيده من دروس الحياة، فقاوم بذلك هوى النفس، وامتلك المقدرة في التصدي لمغرياتها؟..
حتى لا يصاب بداء الشعور بالفوقية، والتعالي على غيره من الناس، فيكون بذلك قد خسر نفسه وخسر الآخرين.
***
إن الإنسان حين تخدّره تجارته..
أو عندما تعميه وظيفته عن معرفة طريقه الصحيح..
إنما يفقد حقه في احترام الناس له..
ويخسر ما كان بمقدوره أن يكسبه منهم..
بينما قد يأتي يوماً ليمضي بقية عمره بلا مال أو جاه أو وظيفة مؤثرة.
***
قصدت بهذا أن أقول: إن الإنسان إنما هو سلوك وفروسية وتواضع أولاً وأخيراً..
إذ إن قيمته بأخلاقه وليس بماله..
ومكانته العظيمة تأتي وتتحقق وتترسخ باحترامه لغيره حتى ولو لم يكن عنده وظيفة تعطيه بعض الامتيازات..
وهو يستحوذ على أهميته ومكانته في المجتمع بما يتسم به سلوكه من تواضع, حتى وإن كان بلا وجاهة، طالما أن غيره يملكها ولكنه لا يخدم بها غيره.
خالد المالك
|
|
|
هل بدأت شمس الإمبراطورية الأمريكية تغرب عن الشرق الأوسط ؟!
|
* إعداد - أشرف البربري:
لم يكن أكثر الأمريكيون تشاؤما يتصور أن يأتي اليوم الذي يدور فيه الحديث عن تراجع النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط التي تعد خزان الوقود للغرب الصناعي بشكل عام، فمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 انفردت الولايات المتحدة بالنفوذ في هذه المنطقة من العالم.
ولكن صقور المحافظين الجدد في واشنطن لم يكتفوا بهذا النفوذ الضمني وأرادوها سيطرة صريحة فكان غزو العراق والدعم المطلق وغير المسبوق لكل ما تقوم به إسرائيل حتى لو كان يتعارض مع القوانين الأمريكية نفسها.
***
في تحليل للصحفي الأمريكي هيوارد لافرانشي بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور لهذه القضية قال إنه حتى قبل أن تشن إسرائيل حربها الأخير ضد لبنان خلال الصيف الحالي فإن النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط بدأ يتلاشى في ظل غرق الولايات المتحدة في المستنقع العراقي وتزايد الجدل الذي يحيط برؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش لهذه المنطقة من العالم وخاصة فيما يتعلق بحديثه المتكرر عن نشر الديمقراطية والإصلاح السياسي بها.
وعندما اشتركت الولايات المتحدة مع القوى الدولية الأخرى من أجل التوصل إلى الوقف الحالي الهش لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اتضح للكثيرين أن النفوذ الأمريكي في هذه المنطقة من العالم أصبح أشد ضعفا.
عواقب وخيمة ويقول المحللون إن هذا الوضع ستكون له عواقب وخيمة في هذه المنطقة الملتهبة التي تشبه برميل البارود والتي كان ينظر دائما إلى الولايات المتحدة باعتبارها القوة القادرة على جذبها بعيدا عن حافة الهاوية مع كل اشتعال للموقف بين القوى المتصارعة فيها.
من بين هذه العواقب أن أمريكا لم تعد تحدد أجندة هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم كما كانت تفعل من قبل وأصبحت هناك قوى أخرى تتمتع بنفوذ أقوى من الولايات المتحدة.
ويقول جون ألترمان عضو فريق التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية سابقا والخبير الحالي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن (لقد كان هناك وقت كنا نقود فيه المنطقة ولم نكن آخر من يجلس على المائدة وإنما كنا من يحدد المائدة من البداية ولكن الآن وبدلا من أن نكون القوة القائدة يبدو أننا أصبحنا مقودين وأصبح العالم والشرق الأوسط بشكل خاص لا يقبل قيادتنا).
ويضيف الخبير الأمريكي أن هذا الوضع إلى جانب عوامل أخرى يسمح للمنافسين مثل إيران للحصول على المزيد من النفوذ في الشرق الأوسط.
ويقول بعض المتخصصين في شؤون المنطقة إن الحرب الخاطفة والمدمرة في الوقت نفسه بين إسرائيل وحزب الله جعلت الولايات المتحدة في موقف أكثر صعوبة لأنه أصبح ينظر إلى أمريكا باعتبارها إما غير مؤثرة أو أنها عرقلت الجهود التي كانت ترمي إلى وقف الحرب في لبنان لمنع تدمير هذه الدولة العربية بالكامل كما فعلت إسرائيل بالفعل خلال خمسة أسابيع من الحرب الغاشمة التي شنتها تل أبيب على لبنان برعاية أمريكية كاملة.
التحرر من الوهم
وقال كلوفيس مقصود مندوب جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة سابقا إن التحرر من الوهم كان من بين أبرز نتائج الحرب الإسرائيلية ضد لبنان بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا يتعاطفون مع الولايات المتحدة وخططها بشأن منطقة الشرق الأوسط قبل هذه الحرب حيث راعهم حجم الدمار الذي لحق بلبنان على أيدي الآلة العسكرية الإسرائيلية وغياب أي رد فعل أمريكي على هذا الدمار.
ويضيف: إن كثير من اللبنانيين باتوا مقتنعين بأن الولايات المتحدة تحولت إلى لبنان باعتباره النموذج المثالي الجديد للمشروع الأمريكي لاقامة الديمقراطية في الشرق الأوسط بعد فشلها في العراق.
ولكن خلال أسابيع قليلة تلاشى التأييد الشعبي للمشروع الأمريكي النادر أساسا في المنطقة ليحل محله تعاطف شعبي واسع مع المقاومة اللبنانية التي تمثل أحد أبرز خصوم المشروع الأمريكي في المنطقة.
ويواصل الدبلوماسي العربي الذي يدير حاليا مركز دراسات الجنوب العالمي في الجامعة الأمريكية بواشنطن حديثه فيقول: (عندما سقطت ورقة التوت عن الإدارة الأمريكية أدرك الشعب اللبناني والعربي على السواء أن حكومة الولايات المتحدة تفترض دائما أن إسرائيل بريئة وتفترض دائما أن أي إنسان آخر في مواجهتها مذنب).
ويضيف: إنه من عواقب تلك الحرب أيضا تزايد دور حزب الله ونفوذه وليس تراجعه كما كانت تأمل إسرائيل والولايات المتحدة.
فقد تقلص بشدة عدد اللبنانيين أو العرب الذين يؤمنون بنظرة الولايات المتحدة إلى حزب الله باعتباره منظمة إرهابية.
وما يثير قلق الخبراء من تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط هو أن حالة الفراغ الناجمة عن غياب القيادة الأمريكية للمنطقة أدت كثيرا في الماضي إلى كوارث.
يقول ألترمان إن ما نراه حاليا هو منطقة متروكة لنفسها، ولكن آليات هذه المنطقة لا تعمل دائما بالصورة المطلوبة بالنسبة لنا.
فلبنان على سبيل المثال ما زال مرشحا لتقديم مثال جديد على أن غياب الدور الخارجي يمكن أن يقود إلى عودة الفوضى والاضطراب، فالحكومة اللبنانية تعترف بأن جيشها غير قادر بمفرده على حفظ الأمن والاستقرار على الحدود مع إسرائيل وغير قادر ايضا على تجريد حزب الله من سلاحه ولكن حتى الآن لا توجد قوة دولية مستعدة لتولي مهمة نزع سلاح حزب الله كما يطالب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى الحرب الأخيرة بين إسرائيل ولبنان.
وهذا يجعل المسرح مهيئا لاستقبال جولة جديدة من المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، ومع ذلك لأن الظلام الحالك يجعل الكل يتصور أنه يمتلك المنطق والحق فإن بعض الخبراء يرون أن شهر العسل بين حزب الله والرأي العام اللبناني والعربي سوف ينتهي سريعا وأن تزايد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط سوف يفتح الباب أمام واشنطن لاستعادة نفوذها من جديد في المنطقة.
يقول جيمس فيليبس خبير شئون الشرق الأوسط في مؤسسة (هيرتدج فاوندشن) الأمريكية وهي مركز أبحاث غير حكومي: إن قوى مثل حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأراضي الفلسطينية وكذلك إيران في الشرق الأوسط تحقق حاليا صعودا كبيراً.
ولكنه يعتقد أن هذا الصعود سيكون مؤقتاً حيث ستدرك شعوب المنطقة العواقب الوخيمة لتنامي نفوذ وقوة مثل هذه الكيانات. يقول فيليبس: إن حزب الله قد عرقل خطط الولايات المتحدة في المنطقة في الوقت الذي كان العديد من اللبنانيين ينظرون إلى واشنطن باعتبارها حليفا مهما من أجل استعادة استقلال لبنان عن سوريا. فقد تزايدت مشاعر العداء لأمريكا وخاصة في الجنوب اللبناني الذي كان صاحب نصيب الأسد من الدمار الذي ألحقته إسرائيل المدعومة أمريكيا.
ويضيف الكاتب الأمريكي أن شعبية حزب الله لن تلبث أن تتلاشى مع اكتشاف اللبنانيين حجم الخسائر المادية والبشرية التي نجمت عن المواجهة بين الحزب وإسرائيل وخاصة إذا أدى رفض الحزب قرارات مجلس الأمن الدولي الداعي إلى تجريده من سلاحه إلى اشتعال مواجهة جديدة مع إسرائيل.
أما كلوفيس مقصود فيرى أن تنامي النفوذ الإيراني يمكن أن يؤدي إلى نتائج مختلفة غير تلك التي يتطلع إليها جيمس فيليبس حيث يمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى تبني منهجا جديدا في التعامل مع الشرق الأوسط.
ولكن مقصود يرى أن ذلك يحتاج إلى دور أكثر فاعلية ونشاطا من جانب العالم العربي.
يقول مقصود: إن الحكومات العربية لم تستخدم كل ما لديها من إجراءات حتى تدفع واشنطن إلى إعادة النظر في أسلوب تعاملها مع المنطقة.
ولكن ألترمان يقول: إن هناك تجاهلا دائما لحقيقة أن الولايات المتحدة حققت نجاحات عديدة في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمسة عشر الماضية.
غير أن الحقيقة التي يجب الاعتراف بها مهما كانت الخلافات بين المحللين والخبراء هي أن الولايات المتحدة لن تستعيد نفوذها في منطقة الشرق الأوسط إذا لم تتمكن من كسب ثقة وتعاطف الرأي العام العربي مع مشروعاتها وأفكارها.
بالطبع فإن الحكومات العربية تتفق مع الإدارة الأمريكية في مشاعر القلق تجاه تنامي نفوذ دولة مثل إيران، ولكن هذا التوافق الحكومي وحده لم يعد كافيا لكي تتمتع الولايات المتحدة بالقدرة على التأثير في أجندة الشرق الأوسط كما كان الحال من قبل.
ويقول ألترمان: إنه إذا استمر التيار الأوسع من الرأي العام العربي مناوئا لأمريكا فإنها ستواصل نزيف خسائرها في الشرق الأوسط.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|