إعداد: وفاء الناصر
قد لا يكون غريباً السؤال عن القاسم المشترك بين كل من الأمور الآتية: المشكلات الزوجية، الطلاق، ضغوط الحياة، الإخفاق في العمل.
فبمقدور المرء التحدث عن جوانب مختلفة تجمع بين كل هذه الأمور.
لكن دراسة فرنسية تناولت الموضوع من جانب انعكاسات هذه المشكلة على مستوى حوادث المرور تحديدا، خلصت إلى أن ارتفاع نسبة حوادث المرور في فرنسا له جذور في العلاقات العائلية، وبالتحديد في (سخونة) العلاقة المتوترة بين الأزواج.
ففي الدراسة التي تضمنت استجواب عشرة آلاف رجل، وثلاثة آلاف امرأة تراوح أعمارهم بين الثلاثين والستين، تبين أن المشكلات الزوجية مسؤولة عن نسبة لا بأس بها من تلك الحوادث القاتلة، وبينما احتلت المشكلات الزوجية مرتبة عالية في قائمة أسباب حوادث المرور، جاءت بعدها أسباب من قبيل مرض أحد الأقارب الأعزاء، وانشغال البال بالتداعيات المستقبلية لمثل ذلك الحدث.
وفي الولايات المتحدة تناولت دراسة أخرى العلاقة المفترضة بين تصاعد نشاط الحركات النسائية (المتعصبة) وبين ارتفاع مستويات الجريمة والعنف، فمثل تلك الحركات التي وصفتها الدراسة بأنها تقلل من شأن الرجال، بل تحط من قيمتهم أحياناً، أدت إلى تصاعد الغضب لديهم ورفع حرارة التوتر في تعاطيهم مع المسائل الخاصة بالعلاقات بينهم وبين النساء، وأحيانا تجاه المجتمع ككل.
وربط تقرير ملحق بالدراسة بين هذا المناخ المتوتر في العلاقة بين الرجل والمرأة وبين عنف الشوارع وحوادث المرور، والتصرف بعصبية إزاء الازدحام المروري، كما ربط التقرير بشكل مباشر بين ذلك وبين أعداد جرائم القتل بين الرجال والنساء.
ونتيجة للذهنية الجديدة السائدة التي خصمت كثيرا من ثقافة الأب ودوره، لمصلحة ثقافة الأمومة وسيادة الأم، ظهر ما يسمى أحيانا بالانفجار الذكوري الذي دفع بالعديد من الرجال إلى استخدام العضلات لتسوية خلافاتهم مع نسائهم.
مما يدل على ذلك امتلاء سجلات الشرطة في المجتمعات الغربية بحوادث الاعتداء الجسدي التي تتم نتيجة للمشادات الزوجية الحادة.
ومما جاء في التقرير ان التكاليف المترتبة على العلاقة المتأزمة بين الرجل والمرأة في مجال حوادث المرور وحدها تشير إلى (أرقام فلكية) لم يكن المجتمع ليتكبدها لولا العلاقة الفجة والمتوترة التي أوجدتها بعض الحركات النسائية المتطرفة في رؤيتها لدور الرجل والمرأة.
ولا يغفل التقرير الإشارة إلى دور الندية بين الرجل والمرأة في زيادة الازدحام المروري في شوارع المدن، ما يؤدي بالتالي إلى حوادث عديدة، وهنا تتحول النتيجة إلى سبب، حيث تؤدي العلاقة المتوترة بين الرجل والمرأة إلى خروج المرأة ومزاحمتها الرجل في كل شيء بما في ذلك قيادة السيارة، وهذا بدوره يؤدي إلى ازدحام الشوارع بالسيارات، كما يؤدي بالتالي إلى ازدياد توتر أعصاب السائقين وقوع المزيد من المشكلات داخل البيوت، كنتيجة مباشرة لزحمة الشوارع التي تضغط على الأعصاب أكثر مما تفعله ظروف عديدة أخرى في زماننا.
ولا يفوت القائمون على التقرير تحميل مسؤولية التلوث أيضاً، على كاهل الحركات النسائية التي تمثل، من وجهة نظرهم أيضاً سبب المشكلة، وبينما يتصاعد الحديث عن أثر التلوث في أحداث ظاهرة الانحباس الحراري، فقد لقي العديد من أعداء الحركات النسائية ضالتهم في تحميل المرأة المتحررة، ومن ورائها الحركات النسائية المسؤولة عن تهديد مستقبل الكرة الأرضية، ومن عليها، عبر مخاطر الانحباس الحراري المتوقعة.
فكلما زاد عدد النساء اللواتي يخرجن للعمل ارتفع بالتالي عدد العائلات التي تترهل علاقاتها ويتباعد أفرادها، أو تتمزق لحمتها بسبب ذلك التباعد، وما ينجم عنه من حوادث الانفصال، وكلما ازداد التباعد النفسي بين الجنسين على خلفية الحقوق والواجبات ومبدأ المساواة، ازدادت حياتنا جلبة وحركة وانتقالا، وارتفع بالتالي منسوب حرارة الأرض، واستهلاك الوقود، وازدحام المرور، التلوث.. وغير ذلك من الاستنتاجات التي قد يسمح بها الخيال العلمي الواسع.
فالمشكلات الزوجية، إذ يمكن أن تنعكس على ما هو أكثر من مستقبل الأطفال وحرمانهم العاطفي، انها أحد الأسباب الرئيسة لحوادث المرور والجرائم، ولكن الشيء الجديد في عصرنا هو دور ازدحام المرور في السبب بتلك الازمات الزوجية التي تسبب بدورها العنف والحوادث، ففي المدن الكبرى هناك حالة مشتركة تضغط على الاعصاب على نحو لم يسبق له مثيل، وهي زحمة المرور، ويقول أحد الكتاب الفرنسيين انه لا يستغرب لو خلصت الدراسة ما إلى ان نسبة معتبرة من حالات الطلاق نابعة أصلا من التوتر الذي يسببه الانتظار الطويل في طوابير السيارات على الطرق الرئيسة في المدن الكبرى.