|
لماذا لا يشار إلى العقوبة؟!
|
تنشر الصحف من حين لآخر أخباراً مهمة عن إلقاء الشرطة القبض على بعض المجرمين وذوي السوابق ممن لا علاقة لهم بالإرهابيين..
وهو جهد تشكر عليه الشرطة، ويُظهر لمن يقرأ مثل هذه الأخبار الوجه المشرق لرجال الأمن وحرصهم على ترسيخ القيم الأخلاقية في مجتمعنا وبين أفرادنا..
ومثل هذه الأخبار من المهم أن يتواصل نشرها، وأن يُعْتنى بها عند النشر لكي يكون المواطن والمقيم على علم يقين بأن هناك عيوناً ساهرة على أمنه.
***
فمن دون نشر مثل هذه الأخبار ومخاطبة الناس بما يحدث، ستكون ظاهرة الإشاعات هي سيدة الموقف..
ما يعني أن المعلومة الصحيحة سوف تختفي، وأن الحقائق المطلوب إظهارها للناس لن يكون لها حضور..
والمعالجة لكل هذا القصور بنظرنا أن تستمر مراكز الشرطة في تزويد الصحف بما يستجد لديها، وبما هو موثق عندها عن أي جريمة ينشر عنها.
***
مع أن هذا وحده لا يكفي، إذ إن الإبلاغ عن جريمة وقعت، وإلقاء القبض على مرتكبيها - على أهميته - لا يغني عن إعلام الناس لاحقاً بما سيترتب عليها بعد ذلك..
فكل من وصلته معلومة عن الجريمة - أي جريمة - يريد أن يعرف ويتعرّف بما سينفّذ بحق الجاني أو الجناة من عقوبات ليطمئن على أن الحد الشرعي قد طبق بحقهم.
***
هذا يعني أن يُعلن عن نوعية العقوبات التي ستنفذ بحق المذنبين، فقد يكون التشهير بهم أسلوباً رادعاً لغيرهم، فضلاً عن أنه ردع لهم..
ومن يدري، فقد تختفي الكثير من الممارسات غير الأخلاقية بمجرد العلم بأن أي مذنب سيلاحق وسيعلن للناس بما ترتب على ممارساته.
***
نعم هناك حالات يعلن عنها بكل التفاصيل عن الأحكام الشرعية التي تصدر بشأن المجرمين كإيضاح لمن يهمه أن يتعرف عليها..
وإن كثيراً من المسؤولين يسارعون ويبادرون إلى إعلام الناس بحقيقة ما يتم عادة تداوله عن جرائم وقعت أو قيل: إنها حدثت..
غير أن ما هو مطلوب هو أن تكون هذه السياسة قاعدة وليست اجتهادات من هذا المسؤول أو مبادرة فردية وشخصية من ذاك.
***
لقد نبهني أحد الإخوة إلى أن مجتمعنا كشأن المجتمعات الأخرى لا يخلو من الجريمة وهذا صحيح، وأن الفرق بيننا وبين الآخرين يتمثل في عدم التسامح أو المرونة في تعاملنا معها، وهو مالا تفعله دول كثيرة..
ومحدثي سعيد إذ يقرأ في صحفنا المزيد من الأخبار عنها، أملاً بأن يحتاط الناس بعد أن يكونوا على علم بما يجري..
لكنه وأنا أشاركه الرأي يرى أن الفائدة تكون أكبر حين يتم إطلاع المواطن والمقيم على الإجراء الذي اتخذ بحق هؤلاء.
***
من البديهي أن يُقْتص من المجرم..
وأن يكون الجزاء من جنس العمل، وبما يتناسب وحجم الجرم..
وإلا لفُقد الأمن في المجتمع، وتحولت أرض الله الواسعة إلى ساحات للظلم والعدوان..
ولهذا لابد من تذكير الناس بأن من يقترف جريمة فهذا هو أسلوب التعامل معه..
وهذا يتحقق حين يعلن عن العقوبات والأحكام الشرعية بمجرد صدورها، مثلما يعلن عن أي جريمة بمجرد العلم بها.
***
بهذا سوف نحد من جرائم السرقة والسطو والاعتداء الأخلاقي - إن لم يتم القضاء عليها وبترها نهائياً - وهذا هو المؤمل..
وبهذا لن يدعي المذنب بجهله أو عدم علمه بما سيلاقيه جراء عمل شنيع قام به، بادعائه بأنه لم يقرأ من قبل عن عقوبات لحالات مماثلة في صحفنا..
إن نشر العقوبات والأحكام الشرعية، هو نوع من الثقافة التي تعلم الناس وتحذرهم من عقوبات قد توقع بهم لو فعلوا ما فعله من تنشر العقوبات بحقهم من المجرمين.
خالد المالك
|
|
|
بعد (هوليوود) أمريكا.. و(بوليوود) الهند (نوليوود) نيجيريا تجذب أنظار المهتمين بالسينما
|
* إعداد - محمد الزواوي
قام واحد من أكبر مخرجي نيجيريا مندفعاً من كرسيه صائحاً في وجوه الممثلين: ( Cut Cut أوقفوا التصوير هذا ليس تمثيلاً، إن ما تفعلونه مريع)!
كانت الساعة وقتئذ تشير إلى السادسة مساء في موقع تصوير فيلم سياسي جديد للمخرج آدم وليامز. لم يكن أحد من الممثلين قد تناول طعام الغداء حتى هذا الوقت المتأخر، وقد بدأ التململ يظهر على أوجه طاقم العمل، وظل الممثلون يخطئون في تأدية أدوارهم التمثيلية ويعيدون اللقطة مراراً وتكراراً.
هذا ما يحدث داخل صناعة السينما الإفريقية الناشئة في دولة نيجيريا، وقد نشرت (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريراً عن تلك الصناعة من العاصمة النيجيرية لاجوس يرصد تجربة السنوات الأولى لتلك الصناعة الناشئة التي تبلغ ميزانيتها 40 ألف دولار فقط، ولا يستغرق تصوير الفيلم الواحد سوى أسبوعين.
وهذا الفيلم هو نموذج لما يحدث في تلك الصناعة في نيجيريا، حيث يغلب مبدأ الكم فيها على الكيف، ويركز المنتجون على إخراج أكبر عدد من الأفلام. ربما الجودة لا تهمهم كثيراً، ولكن بالرغم من كل ذلك، إلا أن أفلام وليامز تعرض في الكثير من أنحاء العالم، كما أن لديه إصراراً على أن يخرج هذا الفيلم على أفضل ما يكون؛ ليتوج مسيرته السينمائية.
بعد عدة سنوات من العمل ظلت (نوليوود) بمثابة الطفل الوليد بلا أبوين، وظلت لا تحظى بأية تغطية عالمية على الإطلاق، ولكنها بدأت الآن في الازدهار، واستطاعت أن تجني أرباحاً بلغت 100 مليون دولار في عام واحد، وجاءت في المركز الثالث بعد كل من هوليوود ومركز صناعة السينما الهندي بوليوود من حيث العائدات.
ولكن الأكثر أهمية هو أن ازدهار نوليوود كان بمثابة اللحظة الثقافية الفارقة، فالناس هنا أصبحوا يقولون إن الوقت قد حان ليتم حكاية القصص الإفريقية من وجهة نظر الإفريقيين وعلى ألسنتهم. تقول جوك سيلفا، التي تعد واحدة من كبار نجمات (نوليوود) بينما يغمرها الشعور بالسعادة: (الآن أصبحت لدينا قصصنا الحقيقية عن إفريقيا، وليس قصص تروى على ألسنة الآخرين).
واستطردت تقول إن فيلم (أميستاد) الذي أنتج عام 1997 كان رمزاً لطريقة معالجة هوليوود للقصص عن إفريقيا، وذلك لأن (القصة كانت قوية بالفعل وتتحدث عن معاناة أحد العبيد لنيل حريته، ولكن هوليوود للأسف عالجت الفيلم بطريقة أخرى، ووضعت البطل أنطوني هوبكنز الذي كان يقوم بدور جون كوينزي آدمز في الصدارة، وأصبح هو البطل الأصلي للفيلم)، ولم يتم التركيز على البطل الحقيقي الذي يبحث عن حريته، وتضيف في حسرة: (لقد كانت تلك خاتمة لا تغتفر لهذا الفيلم).
ويشير كاتب التقرير إلى أن الكثير من الأفلام التي تعرض في دور العرض الأمريكية بخلفية عن قارة إفريقيا قد وضعت الممثلين الأمريكيين والشخصيات التي يلعبونها في دور البطولة، مثل فيلم (فندق رواندا). ولكن مع (نوليوود) أصبحت الأفلام تعالج بصورة مختلفة، وكانت العائدات مختلفة كذلك، وذلك بأن أصبح الطلب كبيراً للغاية على مخرجي (نوليوود) أمثال وليامز، وذلك في كل القارة الإفريقية، وقد تقاضى مؤخراً 5 آلاف دولار ليتحدث للجمهور في أوغندا، واستقبل استقبالاً حافلاً وصاحبه موكب للسيارات وكأنه زعيم دولة.
وقد أصبح الأمريكيون أكثر اهتماماً بنوليوود؛ فقد حضر الممثل الأمريكي ويسلي سنايبس إلى إفريقيا في سبتمبر الماضي من أجل العثور على صفقات تجارية جديدة في هذا المجال، كما جاء فريق من شركة تسويق أمريكية مستقلة لعقد صفقة مع وليامز مع أول عرض في أمريكا لفيلمه (جوشوا)، وهو فيلم كوميدي من المقرر طرحه على أقراص دي في دي هذا الشهر.
كما أصبحت أعمال المخرجين المشهورين أمثال توندي كيلاني، الذي يعتبرونه فرانسيز فورد كوبولا السينما الإفريقية، تعرض في الكثير من مهرجانات السينما العالمية، كما تعرض أفلام نوليوود في مهرجانات مونتريال وبرلين وكان هذا العام.
كما انتهى المخرج الشاب جيتا أماتا من إخراج فيلمه الأخير الذي جاء عبارة عن ملحمة تاريخية بعنوان (النعمة العظيمة)، ويشعر المخرج أماتا والمنتجون بأن الفيلم سوف يحظى بقبول عريض من الجماهير الإفريقية والغربية على حد سواء، كما أن لديه موزعا في جنوب إفريقيا، وهو شركة نوميترو، ويجري حالياً محادثات مع موزع أمريكي لنشر الفيلم في القارة الأمريكية.
نفوذ سينمائي
كما ازداد نفوذ (نوليوود) عبر القارة الإفريقية بصورة كبيرة، وذلك إلى درجة كبيرة تحولت إلى عداء في بعض الأحيان، مثلما هو الحال في دولة غانا المجاورة التي أصبحت تعادي تنامي نفوذ الأفلام النيجيرية في البلاد، وتشن الشرطة حملة دهم على محال بيع شرائط الفيديو التي تبيع هذه النوعية من الأفلام، على الرغم من عدم وجود أي قوانين خرقتها تلك الأفلام.
ويعقب وليامز ضاحكاً: (إنهم الآن يصارعون من أجل مقاومة احتلالهم من السينما النيجيرية، فهناك عدة دول تحاول جاهدة أن تلحق بنيجيريا ومحاولة تقليدها، وأوغندا تحاول أن تطلق باكورة شركاتها السينمائية هي الأخرى: أوغنداوود).
وتعد السمة الأساسية لنوليوود هي إنتاج أفلام رخيصة التكلفة، والتي سرعان ما تذهب إلى محال شرائط الفيديو والدي في دي، ولكنها بعد ذلك يتم قرصنتها ونسخها بلا نهاية، ويشتكي المنتجون والمخرجون من أن الكثير من الأموال التي تجنيها هذه الصناعة لا تذهب إليهم بسبب القرصنة، مما يسبب لهم الكثير من المتاعب وتقييد لنشاطاتهم؛ لذا يدعون إلى وجود المزيد من القنوات الآمنة لتوزيع منتجاتهم.
أما قصص تلك الأفلام فكثيراً ما تتمحور حول مؤامرات ساذجة الهدف منها هو تعليم الأفارقة عدة دروس اجتماعية، كما أنها تحتوي على الكثير من ممارسات السحر الأسود والشعوذة، وتنتهي غالباً بعواقب وخيمة على فاعلي الشرور.
وتقول السيدة سيلفا إن قصص (نوليوود) تعد أفلاما صريحة للغاية بدون تعقيد مقارنة بأفلام هوليوود، وهذا يفسر سحرها ورواجها عبر القارة الإفريقية، حيث توجد العديد من القيم الأخلاقية المعتمدة على الدين والتقاليد، ولكن (نوليوود) إلى جانب ذلك تعالج أيضاً القضايا المجتمعية والسياسية؛ فعلى سبيل المثال يأتي فيلم وليامز السياسي، الذي يتحدث عن مباراة لاستعراض القوة السياسية بين الرئيس ونائبه، ثم يصدم الرئيس في أثناء القصة عندما يجد أنه ونائبه ابنان لأم واحدة، مما يساعد على جسر الهوة بين الرجلين وتقريب وجهات النظر.
وبالمصادفة أن هناك صراع قوة يدور حالياً في الحياة الحقيقية في نيجيريا بين الرئيس النيجيري ونائبه حول الانتخابات الرئاسية القادمة في 2007م، ولكن وليامز يقول بابتسامة ماكرة: (لا علاقة بين فيلمي وبين ما يحدث على أرض الواقع حالياً).
أما الفيلم الذي صدر حديثاً بعنوان (مهد المرأة) الذي تقوم ببطولته السيدة سيلفا فيدور حول تقاليد ثقافية موجودة في المجتمع تتعلق بحرمان الأرملة من ميراث زوجها بعد وفاته، وهذه القضية موجودة في المجتمع النيجيري، مما يترك تلك الأرملة فريسة للفقر والعوز، وفي هذا الفيلم يتم معالجة هذه القضية من خلال تشكيل سيلفا ومثيلاتها رابطة لمكافحة هذا التوجه، ولكن الأمور تنقلب إلى الوجه الآخر بعدما يتعاظم نفوذهن، ويتحولن إلى نساء فاسدات.
والرسالة التي يريد الفيلم إيصالها هي أن النماذج التقليدية في عدم توريث الأرملة خطأ، ولكن يجب أن نحذر من زيادة نفوذ النساء في المجتمع، وربما أن هذا الفيلم يأتي في إطار مناظرة أوسع تدور في المجتمع النيجيري، والتي تضع التقاليد مقابل الحداثة، وربما هذه المناظرة تتردد أصداؤها بصورة أوسع في كل أنحاء القارة أيضاً.
وبالرغم من حصول (نوليوود) على الكثير من الاحترام العالمي إلا أنها لا يزال أمامها الكثير لتقوم به، ويقول السيد أماتا الذي كان يحتسي كوبا من الشاي في فندق لاجوس الفخم إنه يشعر بالقلق من معاملة إفريقيا في العالم المتقدمة على أنها صاحبة أداء ضعيف في المجال السينمائي. وعبر عن استيائه من بعض المعاملة التي تلقتها السينما الإفريقية في مهرجان (كان) هذا العام. ولكن مع تصاعد المشكلات المالية في هوليوود، ومع تدني عائداتها، فإنه يمكن لنوليوود أن تلقن هوليوود عدة دروس في كيفية صناعة أفلام جيدة ورخيصة التكلفة في الوقت ذاته، كما امتدح أسلوب مخرجي نوليوود الذي يعتمد على الأسلوب السهل في معالجة القضايا والذي يعد أسلوباً ارتجالياً يؤدي غرضه، ولكنه يضيف: (لدينا الكثير من الأشياء التي يجب أن نتعلمها من هوليوود، ولكنهم أيضاً يجب عليهم أن يتعلموا منا).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|