|
|
العراق الدامي
|
هذه المشاهد الدامية..
لأولئك الذين يلقون حتفهم بمثل هذه المجازر..
يتساقطون مثلما تتساقط أوراق الخريف..
دون مبرر..
أو سبب معقول..
ولا أحد في هذا الكون يشخص الحالة..
وبالتالي يحدد السبب..
ومن ثم يشير إلى الفاعل والمتسبب..
***
في العراق الجريح..
هناك يذبح الناس..
يقتلون..
ويسحلون..
تحت سمع العالم..
وأمام أنظاره..
حيث يتفرج الجميع على أشلاء القتلى..
وأكاد أقول: حيث يتلذذون ويستمتعون..!!
***
وفي كل يوم لشعب العراق الشقيق قصة دامية مع الموت..
أشكال من ممارسات القتل المتعمد..
وألوان من التعذيب النفسي والجسدي لكل العراقيين..
أنواع من الأساليب الوحشية لوضع حد لنهاية البشر هناك..
مآسٍ كثيرة..
يعيشها كل بيت..
وتكتوي بنارها كل أسرة..
وكلها تسجل مع شديد الأسف ضد مجهول..
***
لقد أزيح صدام وحزبه ونظامه..
واعتقدنا أن الازدهار قد حط رحاله بزوال هذا النظام الظالم..
وأن الأمن قد خيم على ربوع هذا الوطن مع هذا التغيير..
فإذا بنا أمام ما هو أنكى..
مع عذاب مر..
وفي جحيم لا يطاق..
من مأساة إلى أخرى..
ومن تسلط إلى آخر..
من القبضة (الصدامية) الحديدية التي لا ترحم..
الى الاحتلال (الأمريكي البريطاني) الذي نكث بوعوده البراقة لشعب العراق..
وأجهز على ما بقي من آمال لشعب مقهور..
***
مستقبل غامض..
واشارات مخيفة..
تعصف أو تكاد بعراقنا الحبيب..
ولا من أحد يضع يده على الجرح..
أو يفكر بما تنذر به التطورات الدموية المتلاحقة..
فيوقف مسلسل التفجيرات..
وتمادي الناس بقتل بعضهم بعضاً..
دون رحمة أو شفقة..
أو خوف من الله..
أو تفكير بما هو أسوأ مما هو متوقع ومنتظر..
***
على المحتل إذاً أن يعيد حساباته..
فرهانه على المستقبل باستمرار احتلاله للعراق غير مأمون ولا مضمون..
مع تزايد قتلاه..
وتعرض مواقعه الى التفجيرات..
وعلى ابن العراق.. أيضاً..
كل أبناء العراق..
بمذاهبهم..
ودياناتهم..
وقومياتهم..
أن يتذكروا أن النار لن ترحم أحداً..
وأنها تبدأ من مستصغر الشرر..
وأنه آن الأوان لإيقاف هذا العبث..
واللعب بالنار..
++
خالد المالك
++
|
|
|
|
|
دي ميللو.. النهاية المأساوية!
|
* اعداد اشرف البربري:
كان سيرجيو فييرا دي ميللو مبعوث الأمم المتحدة في العراق والذي قتل إلى جانب أكثر من عشرين آخرين في تفجير مقر الأمم المتحدة بالعاصمة العراقية بغداد كان بمثابة الساعد الأيمن للسكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان وخليفته المنتظر.
قال عنان بعد إعلان نبأ مقتل ميللو انه لا يعتقد أن هناك من يستطيع تعويض فقدان ميللو. وقد كان التزام ميللو بالأمم المتحدة الذي لا يتزعزع سببا رئيسيا في تنقل الرجل بين مختلف مناطق الاضطرابات في العالم بحثا عن السلام والاستقرار على مدى أكثر من ثلاثين عاما قضاها في العمل داخل المنظمة الدولية. وقد كلفته الأمم المتحدة في بداية التسعينيات بتولي ملف الكارثة الإنسانية التي تعرضت لها كمبوديا في جنوب شرق آسيا ثم في يوغوسلافيا التي شهدت حروبا أهلية طاحنة عند تفككها. ثم أرسل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان هذا الدبلوماسي البرازيلي على رأس بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو عام 1999 بعد إجبار القوات الصربية على مغادرة الإقليم تحت قصف طائرات حلف شمال الأطلنطي «الناتو».
وفي أواخر ذلك العام حمل الرجل عصاه وانتقل إلى تيمور الشرقية التي كانت قد انفصلت للتو عن إندونيسيا لتصبح أحدث دولة تنضم إلى الأمم المتحدة. وقد تولى الرجل مهمة مستحيلة لبناء دولة مستقلة في هذه الجزيرة في أعقاب سنوات من الصراع الدامي مع القوات الإندونيسية وقد نجح الرجل في إنجاز المهمة واحتفل مع العالم عام 2002 بظهور تلك الدولة المستقلة.
الذهاب للعراق
وقد كانت المهارة السياسية الفائقة التي يتمتع بها ميللو ورغبته الصادقة في بذل الجهد من أجل تحقيق السلام في أي مكان بالعالم هما السبب الرئيسي وراء لجوء كوفي عنان إليه مرة أخرى في مايو الماضي ليتولى رئاسة بعثة الأمم المتحدة في العراق بعد الحرب الأمريكية واحتلال البلد.
ويقول أصدقاؤه انه كان قد أبلغهم أنه كان يتطلع بالفعل إلى قضاء فترة من الوقت في جنيف كمفوض أعلى لحقوق الإنسان وهو المنصب الجديد الذي كان قد تم تعيينه فيه مؤخرا ولكن الأمين العام للأمم المتحدة استدعاه وطلب منه أن يتولى بعثة الأمم المتحدة في العراق بعد الحرب، ولذلك لم يتردد الرجل في قبول التكليف والتخلي عن المهمة المريحة نسبيا في جنيف.
ويضيف أصدقاؤه أن الرجل ربما كان يريد بالفعل الاعتذار عن الذهاب للعراق ولكن عنان قال له: «نحن في حاجة إليك» على حد قول كولن ستيوارت الذي كان يتولى الشؤون السياسية مع ميللو في تيمور الشرقية.
ويضيف ستيوارت أن ميللو كان يؤمن بأنه مسئول عن معالجة المشكلات اينما كانت وأنه لم يكن مستعدا لرفض أي مهمة يتم تكليفه بها.
تيمور الشرقية
وعلى الرغم من الطبيعة المحافظة التي يتسم بها العمل في الأمم المتحدة عموما إلا أن ميللو كان مستعدا باستمرار لتحمل المخاطر. ففي نوفمبر عام 1999 تولى الرجل أول تجربة لإدارة شؤون دولة تحت الانتداب في تاريخ الأمم المتحدة وهي تيمور الشرقية وصولا إلى تدشينها كدولة كاملة الاستقلال. وقد كانت مهمته تتمثل في تحويل هذه الجزيرة الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها عن 700 ألف نسمة إلى دولة ديموقراطية مستقلة بعد أكثر من 500 عام قضتها تحت السيطرة البرتغالية ثم الإندونيسية، وفي اليوم الأول لوصوله قام برحلة عبر الطرق الجبلية الوعرة لهذه الجزيرة وصولا إلى قلبها حيث يعيش بطل استقلالها والرئيس المنتظر زانانا جيسماو الذي كان يتحصن وسط قواته في الجزيرة.
وقد حذر مساعدوالمبعوث الدولي من مخاطر مثل هذه الرحلة خوفا من تفسيرها باعتبارها تأكيدا لشرعية إحدى الجماعات المتصارعة قبل إجراء الانتخابات وبالتالي يقلص من مساحة الحركة أمام الأمم المتحدة، ولكن فييرا دي ميللو أدرك أنه في حاجة إلى شركاء محليين وليس إلى شكوك محلية حتى يتمكن من إنجاز مهمته على أفضل وجه. لذلك أصر على القيام بها وقال لجيسماو عندما التقى به: نحن لسنا هنا لكي نبني دولة ولكننا هنا لمساعدتكم في بناء دولة.
وقد كانت هذه لحظة من اللحظات التي كشفت عن المهارة السياسية والشجاعة التي كان دي ميللو اسطورة الأمم المتحدة يتمتع بها. وقد أصدر جيسماو بيانا بعد مقتل دي ميللو قال فيه انه: «لا يجد الكلمات التي يمكنها التعبير عن الحزن لخسارة هذا الصديق الشجاع والدبلوماسي الكبير وإن شعبنا حزين لموت هذا الصديق الذي لا يعوض».
وقد كان نجاح الرجل في مهمته في تيمور الشرقية من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت الكثيرين يتوقعون أن يخلف كوفي عنان كأمين عام للأمم المتحدة، كما أن علاقاتة الجيدة مع واشنطن من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت الكثيرين يتوقعون نجاحه في بغداد في ظل إصرار إدارة الرئيس بوش على الاحتفاظ بكل السلطات في العراق. ويؤكد الذين كانوا يعملون في العراق أن الرجل حاول بكل قوة أن يخلق نوعا من التوازن بين عمله مع الولايات المتحدة والتأكيد على حقيقة أن الأمم المتحدة موجودة لخدمة مصالح الشعب العراقي. ويرى البعض أن موقفه هذا كان من بين الأسباب التي جعلت أمريكا ترفض توفيرقدر أكبر من التأمين لمقر الأمم المتحدة في بغداد.
سيرته الشخصية:
ولد فييرا دي ميللو في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1948. وغادر البرازيل إلى فرنسا بعد انتهائه من دراسته الثانوية حيث التحق بجامعة السربون وحصل منها على درجتي دكتوراه، وكان يجيد إلى جانب لغته الأم وهي اللغة البرتغالية اللغات الفرنسية والاسبانية والإنجليزية. والتحق بالعمل في الأمم المتحدة عام 1969 حيث عمل أغلب سنواته الأولى مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وفي السبعينيات عمل في بنجلادش في السنوات التي أعقبت استقلالها عن باكستان، ثم في أزمة اللاجئين بالسودان وفي قبرص بعد الغزو التركي لها عام 1974 ثم في موزمبيق بعد استقلالها عن البرتغال عام 1975، وفي الثمانينيات عمل كمسؤول كبير عن قوات الأمم المتحدة في لبنان، ثم عمل ضمن بعثات الأمم المتحدة في كمبوديا والبوسنة خلال التسعينيات قبل أن يعمل في كوسوفو وتيمور الشرقية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
