|
أيّ يتم..؟! |
الأيتام..
فئة غالية من شباب الوطن الأصحاء..
فهم عيونه التي لا تغفو أو تنام..
والجيل الذي تُسر حين تُروى لك القصص الجميلة عن أخلاقهم..
فيما يأخذك الزهو كلما جاء ذكر أو حديث عن هؤلاء..
***
شباب تغلبوا على اليتم..
بالتحدي والإصرار على النجاح..
يملأ جوارحهم حب الوطن والإخلاص له..
فيقدمون له ولأنفسهم ما يرفع الرأس..
بملاحم من جهد وعمل..
نحو آفاق العلم والمعرفة..
بانتظار ما هو مطلوب منهم لخدمة الوطن.
***
تلقي نظرة عليهم..
تتصفح وجوههم..
وتصغي إلى كلامهم..
تتبع صور التفوق في حياتهم..
وهذا العزم والإصرار الذي يجسد الطموح ضمن أهداف أخرى وغايات كثيرة لكل منهم..
فلا تملك حينئذ إلا التسليم بأن هؤلاء ليسوا الأيتام الحقيقيين وان مروا باليتم في مراحل من حياتهم..
***
كنت مع آخرين أحضر حفلاً أقيم لأكثر من عشرين من هؤلاء..
حفلاً لتزويجهم إلى من قيل إنهن يتيمات..
بعد أن آن الأوان لإكمال نصف دينهم..
في تظاهرة اجتماعية أظهرت حجم التكافل الاجتماعي بأروع صوره وأصيل معانيه..
فحمدت الله وشكرته ودعوته بالتوفيق لهم ولهن في حياة سعيدة وذرية صالحة..
***
تحية لمن ساهم في إنجاح هذا المشروع..
لرجال الأعمال وكل القادرين الذين بادروا إلى دعم هذا التوجه..
إلى وزير العمل والشؤون الاجتماعية الدكتور علي النملة ومساعديه في تبني مثل هذه الأفكار وإنجازها على النحو الذي رأيناه..
إلى جمعية رعاية الأيتام، منصور العمري وبقية الزملاء..
إلى الرجل الإنسان الدكتور حمود البدر.
خالد المالك
|
|
|
رحلة إلى عاصمة الضباب لندن... المدينة التي عشقها تشرشل |
* قام بالجولة إسلام السعدني
في يوم الأربعاء التاسع من مايو عام 1946، غداة أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في أوروبا بعد ست سنوات من قتال ضار عانت منه القارة بأسرها، وقف رئيس الوزراء البريطاني (ونستون تشرشل) في إحدى شرفات وزارة الصحة في (وايتهال) مخاطبا الحشود التي غصت بها الطرقات وهو يقول (إن لندن مثلها مثل وحيد قرن هائل أو حيوان كركدن ضخم تقول للجميع افعلوا قصارى ما تستطيعون فلن تستطيعوا النيل مني )، مؤكدا في فخر أن العاصمة البريطانية التي عانت من ويلات الحرب (قادرة على تحمل أشد الخطوب والأنواء).
ولعل الكلمات السابقة تشكل دليلا كافيا على مدى الحب الذي كان يكنه (تشرشل) لتلك المدينة التي عرفها وعاش فيها ، وكما يقول السير (مارتن جيلبرت) كاتب السيرة الذاتية الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني إن (تشرشل كان لندنياً حتى النخاع) على الرغم من أنه لم يولد في هذه المدينة ، بل إن مسقط رأسه يعود إلى قصر (بلاينهام)، وهو ذاك القصر الشهير القريب من (أوكسفورد) ، والذي يعود إلى جده ، وبالرغم من ذلك إلا أن (تشرشل) قضى أغلب فترات حياته في لندن. والغريب في الأمر أنه بينما يحرص أهل لندن على تخليد ذكرى قادتهم وكتابهم الكبار من خلال وضع لوحات تذكارية تشير إلى منازل هؤلاء والأماكن التي كانت لها صلة بهم ، إلا أنه لم يتم اتباع هذا التقليد مع غالبية المنازل التي عاش فيها تشرشل والمزارات التي كان يتردد عليها.
لاكتشاف لندن كما رآها تشرشل ، ربما ليس هناك من يجادل في أنه لا يوجد من هو أفضل في هذا المضمار من السير مارتين ، إذ أن من أبرز أعمال هذا المؤرخ الذي حصل على وسام فارس تقديرا لجهوده الكبيرة في مجالي التاريخ والعلاقات الدولية ، تلك السيرة الذاتية التي وضعها لتشرشل بالإضافة إلى ثمانية من المجلدات التي تعيد تقييم حياة هذا السياسي الشهير والتي تتضمن العديد والعديد من الوثائق الخاصة بهذا الرجل. ومن هذا المنطلق فإن السطور التالية ستتضمن جولة في لندن التي عرفها تشرشل كما جاء في كتابات جيلبرت.
زيارات إلى (روتا)
يمكن لنا أن نستهل هذه الجولة من قمة تل (بريمورس) الذي يقع إلى الشمال من حديقة (ريجينت بارك) الواقعة الآن بالقرب من محطة (تشالك فارم ) لمترو الأنفاق. ويستطيع المرء أن يلقي من هذا المكان نظرة بانورامية شاملة على المدينة تمتد من مجموعة المباني الحديثة التي تقع في الشرق حتى ظلال محطة الطاقة في الغرب والتي أصبحت الآن متحف (تات).
وعند أسفل التل بجوار الحافة الشرقية ل(ريجنت بارك) تقع حديقة حيوانات لندن التي اعتاد تشرشل التردد عليها لزيارة الأسد (روتا) الذي كان قد تلقاه كهدية من أحد الشخصيات الإفريقية المرموقة.
ويروي (جيلبرت) أنه عندما بدأ القصف الألماني المكثف للندن في سبتمبر من عام 1940 وعندما كانت أجواء اليأس والقنوط تخيم على البرلمان البريطاني، حرص تشرشل على القدوم للتريض في هذه المنطقة ، وقام بزيارة إلى (روتا) وقضى بعض الوقت للتأمل والتفكير قبل إلقاء خطاب أمام مجلس العموم ، وقد كان متاحا في تلك الأيام الخوالي أن يتريض رجل يشغل منصبا رفيعا كمنصب رئيس الوزراء دون أن يزعجه أحد ، كان يكفي فقط أن يراقبه من بعيد أحد رجال الأمن السريين ، بالإضافة إلى فرد أو فردين من طاقم معاونيه ،وفي أعقاب تلك الجولة ألقى تشرشل خطابا شهيرا أمام البرلمان رفع الروح المعنوية لأعضائه ، وقال فيه (يمكنكم أن تتوجهوا إلى تل بريمورس وتلقوا نظرة على لندن ) مضيفا بثقة وبابتسامة عريضة (بالتأكيد ستجدون المدينة لا تزال كما هي دون تبدل).
ومن هذه النقطة انطلقنا نحو وسط لندن حيث عاش تشرشل وزاول عمله أغلب فترات حياته ، وكان من الممكن أن نقوم بجولتنا هناك سيرا على الأقدام.
فإذا ولى المرء ظهره ل(بريمورس) ودار عكس عقارب الساعة حول (ريجنت بارك) مارا بمنزل السفير الأمريكي على يساره فإنه سيصل إلى شارع بيكر هذا الشارع الذي يسكنه بطل القصص البوليسية الشهير (شرلوك هولمز ومنه في النهاية إلى ميدان (جروسيفنور) الذي يعد المركز الرئيسي لهذه الجولة التي استغرقت أكثر من ساعة بقليل.
وقد عاشت في هذا الميدان جدة تشرشل لأبيه ، وأيضا احتضن الميدان المقر الذي عمل فيه الجنرال دوايت إيزنهاور خلال الحرب.
وبالقرب من هذا الميدان يقع المنزل الأول الذي عاش فيه تشرشل قبل زواجه في شارع (ماونت) الذي يواجهه على الجانب الآخر من الطريق فندق كوناوت).
وقد كان هذا الفندق الذي أصبح اليوم واحدا من أرقى فنادق العاصمة البريطانية
مجرد نزل صغير حينذاك ، وكان العاملون فيه يقدمون وجبات لسكان المنازل المجاورة ممن كان تشرشل واحدا منهم ، حيث كان في تلك الفترة عضوا في البرلمان البريطاني بين عامي 1901 و1905.
تشرشل في النفق
إذا تركنا شارع (ماونت) متوجهين إلى ميدان (بيركلي) فإننا سنمر في طريقنا بشارع (دافيز) الذي يوجد فيه المحفل الماسوني الذي كان تشرشل عضوا فيه، أما ميدان (بيركلي) نفسه فسنجد بالقرب منه شارع (تشارلز) الذي عاش تشرشل في أحد منازله خلال فترة الطفولة ، وسيكون لنا مع هذا المنزل وقفة مطولة فيما بعد ، أما الآن فسنعود أدراجنا إلى ميدان (بيركلي) لننعطف يمينا عبر شارع (كريزون) لنجد أنفسنا في شارع (بولتون) وبالتحديد أمام المنزل رقم 12 الذي كان أول منزل امتلكه هذا السياسي الداهية في لندن.
ومن شارع (بولتون) يمكننا أن نمضي قدما باتجاه ميدان (البيكاديللي) ، ويجدر بنا في هذا الميدان أن نلقي نظرة سريعة على ثلاثة مبان على اليمين قبل أن نتجه يسارا ، بالتحديد أمام فندق (أثنيوم)، ففي هذا المكان اختبأ تشرشل أسفل إحدى محطات مترو الأنفاق في شارع (داون) عام 1940 بعدما بدأت الغارات الجوية الألمانية على المدينة وذلك في أعقاب جدل محتدم بداخل مقر رئاسة الوزارة البريطانية حول السبل الكفيلة بضمان سلامة (تشرشل).
ويروي السير (مارتن جيلبرت) أنه عندما وصل (تشرشل) إلى هذا المكان ، وجد نحو مائة شخص يحتفلون مما دفعه إلى إبداء إعجابه بروح الصمود لدى الشعب البريطاني لكنه سرعان ما أصيب بصدمة بعدما عرف أن هذا لم يكن سوى احتفال بزفاف ابنة رئيس هيئة مترو الأنفاق في لندن ! ولكن الرجل لم يقض في هذا المخبأ سوى ليلة واحدة إذ أن كونه يختبئ من الغارات الألمانية في نفق كما الفئران جعله يشعر بعدم الارتياح.
وبعد هذه الالتفاتة السريعة نعود إلى (البيكاديللي) في طريقنا نحو فندق (ريتز) الذي كان يفضله رئيس الوزراء البريطاني كثيرا ، وكان دائما ما ينصح زوجته (كليمنتين) بالذهاب إليه إذا ما شعرت بالاكتئاب.
وإذا ما انعطفنا يمينا قبل أن نبلغ الفندق وسرنا على طول الطريق المؤدي إلى نهاية حديقة (جرين بارك) سنجد على يسارنا طريقاً ضيقاً يقودنا عبر أحد الانفاق إلى شارع قصر سان جيمس الذي قضى فيه تشرشل العديد من سنين طفولته ، أما لو عبرنا الطريق لنسير في شارع (كينج) وصولا إلى ميدان (قصر سان جيمس) فإننا سنجد أنفسنا قبالة المقر الذي شهد الاجتماعات التي عقدها ايزنهاور مع قادة قوات الحلفاء للتخطيط ليوم الإنزال عند نورماندي خلال الحرب العالمية الثانية.
وينتهي الميدان عند شارع (تشالرز الثاني)، حيث يجد المرء نفسه بعد خطوات قليلة في مواجهة مسرح (هاي ماركت) ، والمعروف أن تشرشل كان أحد عشاق المسرح وكان يحرص على حضور العرض الأول للمسرحيات التي يريد مشاهدتها كلما تسنى له ذلك. وإذا ما هبطنا التل الذي يقع المسرح فوق قمته سنجد بناية حديثة مرتفعة أصبحت الآن سفارة لنيوزيلندا وكانت في السابق فندقا يرتاده الساسة لتناول الطعام ، وعلى أحد جدران الفندق توجد لوحة تشير إلى أن الزعيم الفيتنامي (هوشي منه) عمل خلال فترة شبابه طاهيا هناك.
ويقول (جيلبرت) إن ما لا يعرفه أحد هو أن (هوشي منه) كان يعمل في الفندق في نفس الليلة التي تناول فيها تشرشل العشاء في الشهور الأولى للحرب العالمية الأولى مع ديفيد لويد جورج الذي أصبح فيما بعد رئيسا لوزراء بريطانيا.
وزير البحرية يطلب زيادة المرتب
الآن يمكن أن نمر عبر مركز تسوق (بال) مرورا بحديقة (سان جيمس) التي ستكون على يسارنا لنصل إلى المكان الخاص بخيالة الملكة، وهو ذاك المكان المستطيل المفروش بالحصى الذي ذرعه تشرشل جيئة وذهابا مرات بلا حصر، إلى حد أنه اعتبر أحد المعالم المهمة في تاريخه السياسي، فعلى أحد الجوانب نجد المقر المهيب للبحرية البريطانية والذي قضى فيه الرجل عددا من السنوات عندما كان وزيرا للبحرية خلال الحرب العالمية الأولى.
وبجوار مقر الوزارة سنجد بناية أخرى عاش فيها تشرشل خلال توليه المنصب، وعانى في تلك الفترة من أن مرتبه لا يكفي لسد نفقاته وخاصة لإعاشة طاقم المساعدين والخدم التابعين له، وهو ما جعله يلتمس من رئيس الوزراء زيادة مرتبه.
وفي هذه المنطقة أيضا نجد بابا صغيرا أسود اللون يقود إلى الحديقة الخاصة بمسكن رئيس الوزراء في 10 داوننج ستريت ، ويقول (جيلبرت) إن الساسة البريطانيين توافدوا عبر هذا الباب بالتحديد في أعقاب الغزو الألماني لفرنسا وبلجيكا وهولندا لإقناع رئيس الوزراء حينذاك نيفيل تشامبرلين بتقديم استقالته لإفساح المجال أمام تشرشل.
وإذا اتجهنا يسارا سنجد أنفسنا في ساحة البرلمان حيث نرى تمثال تشرشل الموجود هناك والذي يُظهر الرجل محدودب الظهر أكثر مما كان عليه في الواقع. وتنتهي جولتنا مع السير (مارتن جيلبرت) في منطقة تقع بالقرب من إحدى البحيرات في حديقة (سان جيمس) حيث اعتاد (تشرشل) المجيء للتفكير بعمق في الأمور التي تشغل باله دون أن يزعجه شيء ، وفي هذا الصدد يقرأ لنا (جيلبرت) سطورا من خطاب أرسله تشرشل لزوجته عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى حيث يقول فيه :
عزيزتي. . كل شيء يتجه نحو الانهيار والدمار. . وعلى الرغم من ذلك فإنني أشعر بالسعادة. . أليس من المفزع أن يكون الإنسان في مثل هذه الحالة ؟ إن الاستعدادات الجارية للحرب لديها تأثير ساحر وبشع في الوقت نفسه على روحي. وإنني ابتهل إلى الله لكي يغفر لي هذه المشاعر. بيد أنني أحاول بذل قصارى جهدي من أجل السلام ، ولن يدفعني شيء لتوجيه ضربة ما مادمت غير مقتنع بسلامة الأسباب التي تقف وراءها. . . الآن أرى بجعتين في بحيرة حديقة سان جيمس. . لهما منظر فريد تشاغلت بمراقبته هذا المساء ربما لنيل قسط من الراحة من كل الخطط والتحضيرات. . كل شيء معد كما لم يحدث من قبل. . ونحن في حالة من اليقظة التامة. . . ولكن الحرب دائما ما تحفل بكل ما هو غير متوقع أو منتظر.
* الجزء الثاني الاسبوع القادم
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|