|
أيّ يتم..؟! |
الأيتام..
فئة غالية من شباب الوطن الأصحاء..
فهم عيونه التي لا تغفو أو تنام..
والجيل الذي تُسر حين تُروى لك القصص الجميلة عن أخلاقهم..
فيما يأخذك الزهو كلما جاء ذكر أو حديث عن هؤلاء..
***
شباب تغلبوا على اليتم..
بالتحدي والإصرار على النجاح..
يملأ جوارحهم حب الوطن والإخلاص له..
فيقدمون له ولأنفسهم ما يرفع الرأس..
بملاحم من جهد وعمل..
نحو آفاق العلم والمعرفة..
بانتظار ما هو مطلوب منهم لخدمة الوطن.
***
تلقي نظرة عليهم..
تتصفح وجوههم..
وتصغي إلى كلامهم..
تتبع صور التفوق في حياتهم..
وهذا العزم والإصرار الذي يجسد الطموح ضمن أهداف أخرى وغايات كثيرة لكل منهم..
فلا تملك حينئذ إلا التسليم بأن هؤلاء ليسوا الأيتام الحقيقيين وان مروا باليتم في مراحل من حياتهم..
***
كنت مع آخرين أحضر حفلاً أقيم لأكثر من عشرين من هؤلاء..
حفلاً لتزويجهم إلى من قيل إنهن يتيمات..
بعد أن آن الأوان لإكمال نصف دينهم..
في تظاهرة اجتماعية أظهرت حجم التكافل الاجتماعي بأروع صوره وأصيل معانيه..
فحمدت الله وشكرته ودعوته بالتوفيق لهم ولهن في حياة سعيدة وذرية صالحة..
***
تحية لمن ساهم في إنجاح هذا المشروع..
لرجال الأعمال وكل القادرين الذين بادروا إلى دعم هذا التوجه..
إلى وزير العمل والشؤون الاجتماعية الدكتور علي النملة ومساعديه في تبني مثل هذه الأفكار وإنجازها على النحو الذي رأيناه..
إلى جمعية رعاية الأيتام، منصور العمري وبقية الزملاء..
إلى الرجل الإنسان الدكتور حمود البدر.
خالد المالك
|
|
|
أنماط مختلفة من الامومة في العالم القبائل الأفريقية سبقت المجتمعات الغربية في الرعاية والأمومة الحقيقية |
يجب القول إن رعاية الأطفال ليست بالأمر السهل وهي في الوقت نفسه ليست صعبة، وإن الأمر يحتاج إلى تقنيات تكتسبها الأم بشكل طبيعي وترثها عن أمها.. وظيفة الأم هي الهدف السامي لمنح الطفل الحق في الأكل والرعاية الضرورية للبقاء على قيد الحياة.
فقد أثبتت الدراسات الدقيقة في كل المجتمعات أن الأمهات هن الأكثر حذراً وجدية لضمان حياة أفضل لأطفالهن.
وسواء داخل عالمنا المتطور أو في المجتمعات التي نسميها (بدائية) فإن الأمومة هي الوظيفة الأولى للمرأة، ربما بالنسبة لبعض المنظرين فإن وظيفة الأمومة هي الوظيفة الطبيعية التي تتلقاها الأم عن أمها، وهو الشيء الذي لا نراه في الذكور مثلا، الذين يبدون أقل اهتماما بمثل هذه الأمور، على الرغم من أن التطور الاجتماعي الحاصل جعل الأمومة الآن شيئاً مشتركاً بين الأم والأب.. ولعل التقارب بين الأمومة عبر مختلف الثقافات الأخرى، تسمح لنا بتقييم نقاط مشتركة فيما يخص الأنماط المختلفة التي تجعل الفكرة أقرب بكثير من الدور الذي تلعبه البنت في لعبتها اليومية للقيام بدور الأم وهي بعد طفلة صغيرة، وهي بالضبط العلاقة البدائية الطبيعية بين الأم وطفلها. إنها تخرج عن (النمطية الثقافية) للأمومة في أبسط صورها والتي تختلف بلا شك حسب اختلاف المجتمعات والثقافات.
ثمة دراسات كثيرة تناولت التطور النفسي للطفل الإفريقي الذي تحمله أمه على ظهرها في تنقلاتها اليومية، لتجنيبه صدمة الحرمان بحيث إنها تناوله حليبها كلما احتاج إليه.. هذا يعكس ذلك التطور الجيد للأطفال الذين يحظون برعاية مباشرة من أمهاتهم لتجعل تلك الرعاية المباشرة من نموهم شيئا سريعاً وطبيعياً على عكس الأطفال الذين يحرمون من وجود الأم ومن حليبها.
الأمومة في أفريقيا
دراسة أخرى عن قبيلة (كبسيجيس) الكينية كشفت قدرة النساء على تعليم أطفالهن كيفية الجلوس أول مرة وكيفية الوقوف والمشي، من خلال إنشاء حفرة صغيرة على الأرض يسندن طرفها بالرمل، لوضع أبنائهن فيها بحيث إن الأطفال يقضون 60 بالمائة من وقتهم وهم جالسون يلعبون بالرمل المحيط بالحفرة الصغيرة، كما أن هؤلاء النساء يمسكن أطفالهن في موقع الوقوف على القدمين لمساعدة عضلات الساق على التأقلم مع حجم الجسم، لمساعدة الطفل على تحريك رجليه استعداداً للمشي.
هؤلاء الأطفال لا يستلقون سوى 10 بالمائة من وقت استيقاظهم، على عكس الأطفال في المجتمعات الغربية الذين يقضون 30 بالمائة من الوقت وهم مستلقون على ظهورهم.
في السنغال فإن هذا النوع من السلوك يعد جزءاً من الطقوس التي يمر بها الطفل قبل بلوغ سن الاعتماد على نفسه.
المعنى هنا أن هذه الرعاية هي شكل من أشكال النمو العادي للطفل وليس تعذيباً نفسياً كما يظن البعض. فالأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً على ظهر أمهاتهم في ساحل العاج يستمتعون بكل ما تمنحه الطبيعة لهم ، فهم يعيشون مع الأم، ملاصقين لها، يمشون معها، ويسمعون صوتها وأحيانا يشاركونها اللعب.. ثم أن الطفل هناك، حين يوضع على الأرض فيكتشف من جديد شيئاً مهماً يجعله على علاقة مستمرة بكل ما يحيط به.
في قبيلة (الكونغ) داخل إفريقيا الوسطى، ثمة أطفال يستمرون في الرضاعة من أثداء أمهاتهم إلى سن الرابعة من العمر، بحيث إن الطفل منذ 6 الأشهر الأولى من ولادته يتناول أشياء إضافية إلى حليب الأم، بينما يقضي أطفال (الكونغ) 70 بالمائة من وقتهم على اتصال مستمر بوالدتهم، في الوقت الذي يحظى الطفل الأوروبي بـ20 بالمائة فقط من وقته مع والدته.
في العديد من المجتمعات الإفريقية، تعطي الأم الكثير من وقتها لتدليك جسم ابنها، ومساعدته على التحرك السليم.. هذا التواصل هو في النهاية الأهم في عملية التطور الطبيعي والجيد للطفل.
مقارنة بين أنماط من الأمومة
في الهند أيضا نجد هذا النوع من التواصل الحميم والطويل الأمد بين الأم وطفلها: التدليك، الاستحمام، والتمارين اليدوية، تدليك الوجه ووضع المراهم الطبيعية عليه.. كل هذه العناية تمنحها الأم لطفلها وهي تضعه على حجرها حين تكون جالسة على الأرض. والحال أن الطفل ينام عادة أثناء هذه العملية التي تشبه سريراً هزّازاً..
وعلى عكس كل ذلك نجد التباعد والانفصال بين الأم و طفلها في المجتمعات الغربية والمجتمعات التي تقلد حياة الغرب.. غرفة للطفل أو سرير بعيد عن سرير الوالدين، طاولة للأكل لإطعام الطفل دائماً في وقت واحد. ما يجعل الأم تمارس وظيفة وكما لو كانت مجبرة على ممارستها، ناهيك عن كل تلك المسافة التي تفصل بينها وبين طفلها، والكلام والحركات التي أيضا تأخذ شكلاً اصطناعياً في المجتمع الغربي.
في البرازيل، تبدأ العلاقة بين الأم وطفلها من السرير الهزاز الذي تستلقي الأم عليه بينما طفلها بين أحضانها، في اهتزاز متكامل ومنسق يعطي حالة من الراحة النفسية إلى الاثنين معا، وحين ينام الطفل تأخذه أمه إلى سريره الذي هو عبارة عن سرير هزاز أيضا، وهي الوضعية التي تعطي للطفل نفس الإحساس كما لو كان بجانب أمه، لأن العلاقة القوية والمستمرة بين الطفل وأمه هي التي تصنع منه كائناً سوياً وهي الطريقة التي تبدو ناجحة حسب العديد من الدراسات..
ثمة ثقافة داخل العائلة نفسها في تلك المجتمعات هي التي تلعب دوراً مهماً، بحيث أن الأسرة المتكونة من عدة أشخاص هي الأسرة التي تتكامل من حيث الأدوار، باعتبار أن الدور الذي تلعبه الأم يبدو متماشياً مع الأدوار الأخرى، ناهيك على أن الأسر كثيرة العدد تتبادل فيما بينها الخبرات والتجارب وتساهم في بلورة الفكر الجماعي فيما بينها، زد إلى ذلك أن تلك الأسر تكون قد استفادت من كل المتغيرات وبالتالي يحصل نوع من نقل للتجربة من الأم الكبيرة إلى الأم الصغيرة.. على عكس العائلات في المجتمعات الغربية، تبدو فيها الأم المبتدئة كما لو أنها محرومة من العديد من الخبرات التي يمكن إعطاءها لطفلها.. ولأنها أحيانا لا تجد أمها لتعطيها النصائح اللازمة، فهي تلجأ إلى الكتب (أو الإنترنت) لقراءة ما يمكنها فعله في حالتها.
ثمة شيء يجب ذكره وهو الطرق التي تحدثنا عنها سابقا فيما يخص حمل الطفل على الظهر التي صارت تنتهجها بعض الأمهات في الغرب، بأن تربط ابنها بحزام خاص ومريح ليبقى طفلها متشبثا بها وملاصقا لها أثناء تسوقها أو خروجها من البيت وهذا شيء لم يكن موجوداً من قبل، ويدل أن القبائل الإفريقية سبقت المجتمعات الغربية فيما يخص الحنان وأولوية العناية بالطفل..!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|