|
شيءٌ في خاطري..!
|
نتفق جميعًا مع مبدأ احترام الرأي الآخر..
لكن هناك مَنْ يريد أن يصادر رأي غيره..
فيما هو بمثل هذا التصرف يعتقد أنه لم يخرج عن إطار مبدأ الحرية الشخصية..
ودون أن يفطن إلى أن الطرف الآخر على علم بأن هذا التصرف إنما يعد بمثابة اعتساف للحقيقة..
***
الحوار - بنظرنا - ينبغي أن يمنح الجميع فرصاً متساوية في إبداء الرأي وفي التعبير الحر الذي يحترم الرأي الآخر..
إذ إنه بالحوار المتوازن تتعدد الرؤى ووجهات النظر..
وهنا يصيب مثل هذا النقاش الهدف بسهم، مَنْ كان رأيه واقعياً..
***
ولا بد من الاتفاق على معادلة أو آلية قادرة على ضبط إيقاع تعدد الآراء..
بما يساعد على إثراء القضية أو الموضوع بما هو أو هي مجال نقاش بمزيد من وجهات النظر المفيدة..
مع احترام كل وجهات النظر المعارضة بما في ذلك تلك التي لا يُكتب لها القبول أو الاهتمام..
فبهذا يكون لآرائنا تأثير وجدوى وأهمية في صُنع المستقبل الذي نتطلع إليه..
***
لا بأس أن نختلف..
وأن يشرِّق البعض منا ويغرِّب الآخرون في مجمل وجهات النظر ضمن رؤية كل واحد في رأي يحمله أو وجهة نظر يتبناها..
المهم أن يكون مثل هذا التباين نقطة الوصول لما قد يكون مقطوعاً..
لأن هذا هو الأسلوب الأمثل للحوار الحضاري الذي نسعى إليه كمخرج من الحالة التي نحن فيها..
***
ومن المهم أن يكون الجميع على يقين بأن التباين في وجهات النظر لا يعني الخصومة أو القطيعة..
بل ولا ينبغي أن يفرز صورًا من أشكال العداوات فيما بيننا..
وإنما يجب أن يغذي مثل هذا النوع من الحوارات لُحمة التواصل والمحبة بين المتحاورين..
***
هذه ظاهرة صحية لو تمت على هذا النحو..
باعتبار أن ذلك يعد بمثابة جسر للتلاقي بين عدد من الطروحات المختلفة..
ومن المفيد أن يثار النقاش عنها وحولها دون توقف ومن غير أن يُسكت من لديه رأي يود أن يعبِّر عنه..
***
فالأصحاء وحدهم مَنْ يؤمنون بحق الأشخاص في أن يعبروا بكامل حريتهم ومن غير أن يملي أحدٌ رأياً أو وجهة نظر ملزمة عليهم..
وهؤلاء لا يظهرون إلا في البيئات الصالحة، حيث تكون الأجواء مناسبة لبناء مستقبل قائم على تعدد وجهات النظر التي من الضروري أن تنال الاحترام باتفاق بين الجميع أو بين أكثريتهم على الأقل.
خالد المالك
|
|
|
في استطلاع شاركت فيه 23 دولة فرنسا (تكسب) معركة القلوب والعقول عالميا
|
* إعداد - إسلام السعدني
هل كان يجب على كارين هيوز مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الدبلوماسية الشعبية أن تكون فرنسية حتى تحقق النجاح في الجولة التي قامت بها مؤخرا في عدد من بلدان العالم لتحسين صورة بلادها على الصعيد الدولي؟
سؤال ردده الكثيرون ممن اطلعوا على نتائج الدراسة التي قام بها مشروع اتجاهات السياسة الدولية بجامعة ميريلاند الأمريكية بالمشاركة مع مركز (جلوب سكان) الدولي لاستطلاعات الرأي على مواطني ثلاث وعشرين دولة في مختلف أنحاء العالم.
وكشفت هذه الدراسة النقاب عن أن غالبية المواطنين في عشرين من هذه البلدان يرون أن لباريس دورا إيجابيا على صعيد الشؤون الدولية، بينما ترى الغالبية في خمس عشرة منها أن للولايات المتحدة تأثيراً سلبيا في المضمار ذاته.
ونظرا للأهمية التي تكمن في هذه الدراسة ونتائجها، أفردت لها صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريرا مطولا شاملا طافت فيه من خلال مراسليها العديد من الدول التي شملتها للنظر في أسباب تلك النتائج التي من شأنها أن تجعل المسؤولين الأمريكيين - ومنهم هيوز بالطبع - ينظرون إلى فرنسا بحسد لما تحظى به من سمعة دولية مرموقة.
راية العداء لأمريكا
في البداية ينقل التقرير عن ستيفن كول مدير مشروع اتجاهات السياسة الدولية قوله إن الناس في العالم ينظرون لفرنسا باعتبارها الصوت المناهض للولايات المتحدة، مما جعلها بمثابة راية يلتف حولها كل من لا يريدون السير على الدرب الأمريكي.
وتعقب الصحيفة على هذه الرؤية بالقول إنه بالرغم من عدم وجود شك في أن الجاذبية التي تتمتع بها باريس تعود إلى حد ما - كما يقولون - لكونها ليست واشنطن، إلا أن الأمر يبدو أكثر شمولا من ذلك، خاصة في ضوء اللقاءات التي أجراها مراسلو (كريستيان ساينس مونيتور) مع الكثيرين في العديد من أنحاء العالم، من العاصمة الألمانية برلين وحتى مدينة شنغهاي الصينية، وهي اللقاءات التي كشفت عن وجود نزعة إيجابية لدى الملايين حيال النمط الفرنسي في العديد من مناحي الحياة وليس في الجانب السياسي فحسب. فعلى سبيل المثال، تحظى الأفلام السينمائية الفرنسية بالتقدير والإعجاب في مختلف الدول نظرا لأنها تتسم بالرقة والعمق في آن واحد، كما أن بيوت الأزياء الفرنسية تعد الأكثر ثراء وإيرادات وأيضا الأكثر تأثيرا في (موضات) الأزياء في بلدان العالم، في الوقت نفسه يمكن التأكيد على أن للفن الفرنسي والأكلات الفرنسية تأثير السحر على غير الفرنسيين منذ أمد طويل حتى قبل أن ترتسم ملامح المواجهة السياسية بين باريس وواشنطن.
حسد ألماني
وفي هذا الإطار، يقول هنريك أوترفيد نائب مدير المعهد الفرنسي - الألماني في مدينة لودفسبرج (نحن (الألمان) ننظر بإعجاب إلى تأثير الثقافة الفرنسية على العالم.. كما أننا نشعر بالحسد حيال ذلك أيضا).
ويفسر وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين هذا الولع الشديد بكل ما هو فرنسي في العديد من بلدان العالم بقوله إن (العديدين يرون أن فرنسا دولة تسعى لتصحيح الاختلال القائم في النظام الدولي في الوقت الحاضر نظرا للقوة المفرطة التي تمتلكها الولايات المتحدة).
ويعبر عن هذا المعنى ولكن بكلمات أخرى دوج ميللر رئيس مركز (جلوب سكان) قائلا إن الرغبة الفرنسية في مناطحة القوى العظمى في العالم تكسب فرنسا الكثير من القوة.
رؤى مغايرة
ولكن هناك من يدلي بدلوه في هذه القضية بشكل مختلف مثل آلان فراشون الكاتب في مجلة (لوموند 2) الفرنسية، والذي يقول في تصريحات نقلها عنه تقرير (كريستيان ساينس مونيتور)، إن الشعبية التي تحظى بها فرنسا على الصعيد الدولي، باستثناء في أمريكا وهي الدولة الوحيدة من الدول التي شملتها الدراسة التي اعتبر غالبية مواطنيها التأثير الفرنسي على الساحة الدولية سلبيا، ترجع في الحقيقة إلى الصورة الذهنية التي يكوّنها الناس في العالم لفرنسا، وليس إلى أي شيء آخر.
ويضيف فراشون قائلا إن باريس لا تمتلك ثقلا كبيرا على الساحة الدولية كما أنها لا تضرب مثالا نموذجيا على الدولة المحبة للسلام باعتبارها إحدى كبريات الدول المصدرة للسلاح في العالم بالإضافة إلى أنها ليست من بين البلدان المعروفة بكرمها في منح المساعدات للدول النامية إلى جانب كل ذلك ففرنسا لا تزال تدافع عن سياسات اقتصادية عتيقة ثبت فشلها في تحقيق التنمية.
ويعضد هذه الرؤية هوبير فيدرين الذي يقر بأن معظم الناس لا يتابعون (مجريات السياسة الدولية عن كثب خاصة وأن ما يحدث على هذا الصعيد لا يحظى بأهمية كبيرة لدى هؤلاء الناس مقارنة بالصور الذهنية والرموز المتكونة لديهم).
زعيمة العالم
وتشير (كريستيان ساينس مونيتور) إلى أن أكثر اللحظات التي اكتسبت قيمة رمزية فيما يتعلق بتنامي صورة فرنسا كقطب مناهض للولايات المتحدة على الصعيد الدولي كانت تلك التي شهدتها الفترة السابقة للغزو الأمريكي للعراق، حينما اتخذت باريس موقفا معارضا لرغبة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في الإقدام على هذا الغزو، واتسم هذا الموقف بالقوة والحماس، وهو ما يقول عنه دوج ميللر إن (الموقف القوى للغاية الذي اتخذته فرنسا حيال الحرب في العراق والذي تناغم مع موقف الرأي العام العالمي في هذا الصدد يفسر النتائج التي أسفرت عنها الدراسة) التي أجراها مركز استطلاع الرأي الذي يرأسه بالتعاون مع مشروع اتجاهات السياسة الدولية بجامعة ميريلاند.
وأضاف ميللر أن (فرنسا تحدثت حينذاك نيابة عن العالم كله وبات الرئيس الفرنسي جاك شيراك في ذلك الوقت يمثل الزعامة كما يجب أن تكون).
وينقل تقرير الصحيفة الأمريكية عن هنريك أوترفيد قوله في هذا الشأن إن رمزية مثل ذلك الموقف لها مردود عملي سيدوم أثره لأعوام قادمة، مشيرا من ناحية أخرى إلى أن بلاده (ألمانيا) طالما قاومت جهود باريس للحصول على تأييد برلين لتشكيل قطب مناهض لواشنطن على الرغم من أن السياسة الفرنسية القوية في هذا الصدد أثرت بشكل ما على السياسة الألمانية.
وأضاف أوترفيد قائلا إن ألمانيا ترحب بالصداقة مع أمريكا وليس الانصياع لها، وهو ما يشير إلى أن هناك ما يمكن تسميته بنزعة (انعتاق) في السياسة الخارجية الألمانية، وهي نزعة تعد أحد تأثيرات السياسة الخارجية الفرنسية في هذا الشأن.
بطاطس الحرية!
ولا شك في أن السياسة الخارجية المناوئة لأمريكا التي انتهجتها فرنسا في السنوات الأخيرة كانت لها تأثيراتها السلبية على صورة باريس لدى المواطنين الأمريكيين، الذين عبروا عن غضبهم وخيبة أملهم حيال فرنسا بأكثر من وسيلة من بينها تغيير اسم (البطاطس الفرنسية) ليصبح اسمها (بطاطس الحرية) في ظل تنامي موجة كراهية الفرنسيين بين العديد من قطاعات الشعب الأمريكي.
وقد أكدت ذلك الأمر نتائج الدراسة التي يتناولها تقرير (كريستيان ساينس مونيتور)، والتي أظهرت أن 52% من الأمريكيين يرون أن النفوذ الفرنسي على الساحة الدولية له تأثير سلبي، خاصة أن العديد من هؤلاء الأمريكيين يعتبرون أن فرنسا مدينة للولايات المتحدة بحريتها من منطلق أن القوات الأمريكية حررت الأراضي الفرنسية من قبضة النازية في الحرب العالمية الثانية، ثم أسبغت عليها حمايتها في مواجهة الاتحاد السوفيتي خلال سنوات الحرب الباردة.
ومن بين الخبراء الأمريكيين الذين يتبنون وجهات نظر مناوئة لفرنسا في هذا الصدد، جاكلين كي. ديفيز نائب رئيس معهد تحليل السياسة الخارجية في واشنطن، التي تقول إن السبب الوحيد للشعبية التي تتمتع بها فرنسا حاليا، هو أنها رسمت لنفسها صورة الدولة المعارضة للولايات المتحدة في عهد إدارة بوش.
وتشير ديفيز إلى أن الفرنسيين يحاولون الحفاظ على ما تبقى لهم من قوة ونفوذ على الساحة الدولية من خلال توجيه سهام انتقاداتهم الحادة للسياسات الأمريكية.
ومن جانبه، يشير الكاتب الفرنسي آلان فراشون ? حسبما تنقل عنه (كريستيان ساينس مونيتور) في تقريرها ? إلى أن السياسات التي تنتهجها باريس في الوقت الراهن والتي يعتبرها الأمريكيون بمثابة خيانة لهم ليست جديدة على فرنسا بل إنها تعود إلى حقبة الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول الذي كان يرى أنه لا يتوجب على بلاده أن تصطف وراء أي قوة عظمى.
حتى في الصين وفي استعراضها لنتائج الدراسة التي أظهرت المكانة المرموقة التي تحظى بها فرنسا لدى العديد من شعوب العالم، تشير (كريستيان ساينس مونيتور) إلى ما أظهرته هذه الدراسة من أن 72% من الصينيين الذين شملهم البحث ينظرون بإيجابية إلى الدور الفرنسي على الصعيد الدولي.
ولا ترى الصحيفة هذا الأمر غريبا في ضوء أن فرنسا كانت أول دولة غربية تعترف بالصين الشيوعية، وهو ما يجعل بكين تحتفي بالسياسات التي تنتهجها باريس، من قبيل الحملة المحمومة التي قادتها فرنسا في وقت سابق من هذا العام لرفع حظر السلاح الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على الصين، وهي الحملة التي باءت بالفشل في النهاية، وكذلك الدعم الذي تقدمه باريس لجهود بكين لإعادة ضم تايوان إلى أراضيها.
وتلفت (كريستيان ساينس مونيتور) النظر في تقريرها إلى أن التأثير الفرنسي الذي يخلف أثرا أكبر في نفوس المواطنين الصينيين العاديين يبدو ذا طابع ثقافي بشكل أكثر من أي شيء آخر.
وفي هذا الصدد، ينقل التقرير عن وانج كينج الخبير في التبادل الثقافي مع فرنسا في رابطة الشعب الصيني للصداقة مع الشعوب الأجنبية قوله إن (الصينيين ممن تلقوا تعليما عاليا باتوا يميلون حاليا إلى الأفلام الفرنسية أكثر من نظيرتها الأمريكية)، مضيفا بالقول (يمكن للمرء أن يستشعر في الأفلام الفرنسية شيئا ما أكثر إمتاعا وسموا من الناحية الثقافية).
وتعود الصحيفة الأمريكية لتقول إنه عندما سأل مراسلها في مدينة شنغهاي إحدى السيدات الصينيات عن أسباب الحب الذي يكنه الصينيون لفرنسا كانت الإجابة ببساطة أن (الفرنسيين يمتلكون المال والثقافة الرفيعة).
قطرة في بحر
وتشير (كريستيان ساينس مونيتور) إلى أن التأثير الثقافي الفرنسي على الصينيين يعزز بلا شك من خلال عام الثقافة الفرنسية الذي شهدته الصين مؤخرا، والذي تضمن إقامة العديد والعديد من الفعاليات الموسيقية والفنية في مختلف المدن الصينية. ولكن الصحيفة تلفت الانتباه إلى أن الجهد الفرنسي في تفعيل دور الثقافة لترسيخ الصورة الإيجابية لباريس لدى الشعب الصيني لا يمثل سوى نقطة في بحر ما فعلته فرنسا على مدار ستين عاما من العمل المتواصل لتحسين علاقتها مع جارتها ألمانيا بعدما نشبت ثلاث حروب طاحنة بين الجانبين خلال سبعين عاما فحسب.
وتؤكد (كريستيان ساينس مونيتور) أن هذه الجهود التي بدأت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتمثلت في السعي لتعزيز الصلات بين المدارس ومجتمعات رجال الأعمال والأوساط الثقافية على ضفتي نهر الراين، قد آتت أكلها في نهاية المطاف، وساعدت على إقناع 77% من الألمان بأن فرنسا تضطلع بدور إيجابي في العالم، وهو ما أكدته الدراسة التي يتمحور حولها هذا التقرير.
وتدلل الصحيفة الأمريكية على الاحترام العميق الذي يكنه الألمان للثقافة الفرنسية بما تنقله عن آنيت بايرامي ? وهي مهندسة معمارية ألمانية حديثة التخرج - من قولها إن لدى الفرنسيين حسا رفيعا فيما يتعلق بالفن والتصميم مما يجعلهم مؤثرين للغاية في هذين المضمارين على مستوى العالم.
إلى إفريقيا وتترك (كريستيان ساينس مونيتور) أوروبا كلها وتتجه إلى القارة السمراء، وبالتحديد إلى أقصى جنوبها حيث جنوب إفريقيا، لتجد أن النظرة الإيجابية لفرنسا تسود المواطنين هناك أيضا الذين أعرب 69% منهم عن ترحيبهم بالدور الفرنسي على الساحة الدولية، ومن بين هؤلاء ستانلي بسكين الذي يمتلك متجرا للفيديو في ضاحية باركتاون الراقية نسبيا في مدينة جوهانسبرج.
وتنقل الصحيفة عن هذا الرجل قوله (إن لدى فرنسا أفضل فرق الباليه في العالم كله، وكذلك عددا من أعظم الروائيين والمخرجين السينمائيين.. إن الفرنسيين رائعون).
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن عددا محدودا من المواطنين الجنوب إفريقيين الذين التقاهم مراسلها في جوهانسبرج تحدثوا عن السياسة باعتبارها ذات دور كبير في تكوين آرائهم الإيجابية حيال فرنسا، قائلة إن المبعث الأساسي لوجهات النظر الإيجابية التي يتبناها هؤلاء الأشخاص تجاه باريس يتمحور حول الثقافة الفرنسية والتميز الفرنسي في مجالات التصميم والطهي وغير ذلك.
وتلفت (كريستيان ساينس مونيتور) الانتباه إلى ضرورة النظر إلى اهتمام حكومة جنوب إفريقيا بتعزيز العلاقات مع فرنسا في سياق حرص بريتوريا على تدعيم علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يشدد عليه برنس ماشيل الباحث البارز في معهد الدراسات الأمنية، وهو مركز بحثي في العاصمة الجنوب إفريقية.
الهوية الأوروبية
ويقول ماشيل إن (فرنسا تعد أحد اللاعبين الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي، ذلك الاتحاد الذي ترتبط معه جنوب إفريقيا باتفاقية تجارة حرة.. ومن المجدي في هذا الإطار إقامة علاقات جيدة مع الأطراف الأساسية (في المنظومة الأوروبية.
وفي هذا الشأن، يشير د. ستيفن كول مدير مشروع اتجاهات السياسة الدولية - الذي شارك في إجراء الدراسة - إلى أن (هوية فرنسا الأوروبية تلعب دورا حيويا في الشعبية التي تحظى بها.. إذ إنه يتم ربط باريس دائما بشكل قوي بالاتحاد الأوروبي الذي يحظى بشعبية تفوق حتى الشعبية الفرنسية على مستوى العالم).
ويفسر كول هذا الأمر بقوله (إنه ينظر إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره (كيانا دوليا) يستخدم القوة الناعمة والسبل الدبلوماسية لاستمالة دول العالم إلى صفه، بينما تتبع الولايات المتحدة أساليب أكثر عنفا من قبيل الضغط المباشر لفرض إرادتها) على العالم.
تحديات المستقبل
وفي الختام يستعين تقرير (كريستيان ساينس مونيتور) برؤية يطرحها وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين حول مستقبل دور بلاده على الصعيد الدولي، حيث يقول إنه على الرغم من أن فرنسا لا تزال من بين القوى الدولية متوسطة القوة بما تمتلكه من مقعد دائم في مجلس الأمن، وترسانة نووية، وشبكة واسعة من الحلفاء الدوليين، ورغم كون لهجتها تتسم في بعض الأحيان بالادعاء والحذلقة، إلا أنها لا تزال لا تشكل أي تهديد لأي من القوى الكبرى الأخرى في العالم.
ويضيف فيدرين قائلا (إن بوسع باريس تعزيز مزاياها من خلال الإنصات أكثر للآخرين والسعي للتوصل إلى حلول وسط معهم، وبذلك نستطيع استخدام أوراقنا الرابحة بشكل أفضل).
ويتفق مع هذا الرأي دوج ميللر رئيس مركز (جلوب سكان)، الذي يشير إلى ضرورة أن تتطلع فرنسا صوب المستقبل، مؤكدا أن المكانة التي تحظى بها كل دولة من دول العالم حاليا باتت جزءا حيويا يحدد ملامح نموها الاقتصادي المستقبلي.
ويقول ميللر إن لدى فرنسا قاعدة جيدة للبناء عليها في هذا الصدد، ولكن الفرنسيين سيسيرون على درب محفوف بالمخاطر، إذا لم يحاولوا الاستفادة مما لديهم من مميزات بالفعل في الوقت الراهن.
ويخلص فيدرين في نهاية تقرير (كريستيان ساينس مونيتور) للقول (إن المشكلة تكمن في أن النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي تتبعه فرنسا لا يسير حاليا على نحو جيد، وهو ما يهدد بتقلص نفوذها في المستقبل، على الرغم من أن باريس ستظل لفترة ما تتمتع بجاذبية هائلة) بالنسبة إلى شعوب العالم.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|