|
الإعلام الذي نريد |
على امتداد الوطن العربي..
من خليجه إلى محيطه..
تعلو أصواتنا..
حد التشنج..
واختفاء السيطرة على مشاعرنا..
والخروج على النص..
***
ومنذ بعض الوقت..
جهزنا لهذه الأصوات ما يساعدها على إيصال ما تود أن تقوله لنا وللآخرين..
من فضائيات..
وإصدارات صحفية..
ومن مواقع على الشبكة العنكبوتية..
بما يشعر العاقل منا بالخجل أمام ما يسمعه أو يقرأه أو يشاهده من بعضها..
***
وبدلاً من استثمار هذه الوسائل الإعلامية..
بما يفيدنا..
ويخدم قضايا أمتنا..
ويعطي أفضل صورة عنا..
وبدلاً من توظيفها بما يعود بالفائدة على جيلنا والأجيال القادمة..
فقد تحولت مع الأسف في كثير مما يقال ويكتب فيها إلى وباء مضر بنا..
***
أرجو أن تفهموني جيداً..
فأنا لست ضد حرية الرأي..
وأنا لست مع الحظر على التعبير الحر المتسم بالانضباط..
ولا أنا معارض لمن ينادي بفتح المجال أمام من يريد أن يبدي وجهة نظر أو يصحح ما يعتقد أنه خطأ..
بل هذا هو ما أطالب وأنادي به وأتفق فيه مع الداعين إليه والمنادين به ولكن؟!..
***
لقد آن الأوان لنسخِّر كل إمكاناتنا لما يخدم هذه الأمة..
وأن نتفق ولو على الحد الأدنى على ما يخدم مصالحنا وأهدافنا..
وما لم نبعد ونبتعد عن كل ما يضر بهذه المصالح وبتلك الأهداف، فإن مستقبل هذه الأمة سيظل في خطر..
***
ولعلنا ندرك الآن ، وقبل فوات الأوان ، أن هذا الخطر قد بدأ ينمو..
وأنه بدأ يتمدد..
وأن أحداً منا لن يكون في مأمن من تبعات ما يجري اليوم على الساحة العربية وحولها من أخطار..
إلا أن نكون دون مستوى التفكير والقراءة الصحيحة لهذا الذي يحيط ويحيق بنا..
وهنا تكون المشكلة التي ربما استعصى حلها إن تطورت ونمت وتمددت بأكثر مما هي عليه الآن.
خالد المالك
|
|
|
بمناسبة يوم البيئة العالمي العالم يصرخ: أنقذوا الحياة |
يصادف السابع عشر من شهر ربيع الآخر 1425ه (الموافق الخامس من يونيو 2004م) الاحتفال السنوي باليوم العالمي للبيئة. وإذا كان قد كثر الحديث فى العقود الأخيرة عن البيئة وقضاياها ومشاكلها، فقدتزايدت كذلك الأصوات العالية التى تحذر من مغبة ما يحدث، وتنادى بالإسراع لإنقاذ البيئة قبل فوات الأوان، رحمة بالبشرية ورغبة فى الإبقاء على سير الحياة. واتخذ كثير من المدافعين عن البيئة والمنادين شعارات بضرورة صداقة الإنسان للبيئة، وهو ما يعرف ب «الخضرة». وتبنت كبرى منظماتهم الدولية غير الحكومية لها اسما هو «السلام الأخضر» وزاد عدد الأحزاب السياسية الخضر فى دول العالم المختلفة، وتزايد النشاط البيئى على جميع المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. وعلى هذا النحو فمن البيئيين من كان صادقا ومنهم من لم يصدق القول بالفعل.
أين الخلل؟
والنتيجة أنه رغم تعالى الأصوات من كل جانب، وتنظيم الندوات والمؤتمرات الأقليمية والدولية، وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والإعلان عن التزامات الدول تجاه البيئة، ما زال وضع البيئة كما هو دون تغيير ملحوظ.
ولعلنا لا نبعد كثيرا عن الحقيقة حين نقول إن الناس قد تولد لديهم «عقدة نقص» تجاه حماية البيئة، فأصبح كل منهم يريد أن يظهر وكأنه مهتم بالبيئة، عالم بأمورها، ملم بمجريات الأمور حولها. وقد ساعد الكثيرين على هذا التظاهر والتكلف أن الأمر يسير والكلفة زهيدة. وما أسهل أن يصبغ الانسان منا جلده باللون البيئى الأخضر، وأن يعلن بأعلى صوته أنه أخضر ويؤكد أنه بيئى صديق للبيئة وفىٌٌّ لها، ولا يكون مثل هذا الإعلان عادة بشكل مباشر، وإنما على الإنسان أن يستخدم ألفاظا وعبارات معينة يكررها فى مجالسه حيث يتطلب الموقف ذلك ليجعل الناس يرونه ليس فقط أخضر، وإنما شديد الاخضرار، وإن لم تتعد مساهماته فى معالجة مشاكل البيئة وحل قضاياها أكثر من مجرد ترديده لتلك الجمل والعبارات.
فلكى يكون المرء بيئيا، ويؤكد لونه الأخضر أمام الملأ، يكفيه أن يؤكد فى مجالسه بأن الإنسان له الحق فى أن ينعم ببيئة خالية من التلوث، ذلك «البعبع الرهيب » ويتنسم هواءً نقيا خالياً من الغبار والسموم، وأن يشرب ماءً زلالا نقيا خاليا من كل الشوائب، وأن يحافظ على تربة خصبة لا يطولها التصحر، وعلى غابات مزدهرة منتجة ترتع فيها أنواع الكائنات الفطرية التى خلقها الله، وأن يعيش فى مدينة نظيفة خالية من الضوضاء لا تعانى من مشاكل الصرف الصحى ولا عوادم السيارات، وأن يجد أطفاله السعادة والتعليم والرعاية الصحية والترفيه، وأن يجد شبابه العمل، وتتوافر له الدار الوسيعة والدابة السريعة والزوجة الودود الولود التى تسعده إذا حضر وتحفظه إذا غاب. ماعليه إلا أن يذكر ذلك، ولن يجد أحدا يعارضه، فالكل سيوافقه حتما على ذلك، وقد يضيف عليه آخضر آخر بقوله : نعم يجب أن نهيىء للأجيال القادمة سبل الحياة النظيفة الناعمة وأن نترك لهم البيئة سليمة منتجة غنية بمواردها الطبيعية كما تسلمناها نحن من أسلافنا.
ولكن يجب ألا ننسى شيئا هاما. المرء يقول هذا القول الجميل الهادف، والكل يؤيده بلا منازع، إذن فأين المشكلة ولماذا لا تتحسن البيئة أو على الأقل يتوقف تدهورها ما دام الجميع خضرا مهتمين بالبيئة ؟. المشكلة أن هناك فئات من أفراد المجتمع المحلى تثرى من تدمير البيئة، ومن تلويث الجو، ومن تسميم مياه الأنهار والبحار، ومن استنزاف التربة، وقطع الأشجار وإزالة الغابات، والقضاء على الأخضر واليابس من أراضى المراعى، ونتيجة لكل هذه الأنشطة تتراكم الأموال في خزائنهم، وهم ليسوا في حاجة إليها، ولذلك فهم ينفقونها على الملذات والأسفار، وإقامة الحفلات الباذخة فى المناسبات الاجتماعية المختلفة فى نفس الوقت الذي يعانى فيه أكثر من نصف تعداد سكان العالم من الفاقة ويعيشون تحت حد الفقر، ويقاسون من الجوع، ولا يتوافر لهم أدنى متطلبات العيش الكريم.
البيئة في خطر
ولكي لا نظلم أحدا لابد لنا أن نقرر أن جميعنا مشتركون فى هذه التمثيلية المكررة لأننا جميعا نحصل على نصيب من القسمة، فنحن ننعم بأخشاب الغابات التى تُزَال ونجد راحتنا ومتعتنا عليها فُرشاً فى بيوتنا، ونأكل من الحيوانات التى تقضى على نباتات المراعى لحما شهيا، ونستمتع بركوب السيارات الفارهة التى جعلتنا ننسى أن الله تعالى قد خلق لنا أرجل لكي نستخدمها فى المشى، ويريح أعصابنا ويهدىء من روعتنا جلوسنا فى الجو المكيف البارد فى المنزل أو فى العمل، رغم اشتعال الجو فى الخارج، وباختصار نعيش حياتنا بلا منغصات ونستنزف موارد البيئة بلا حدود، وقد أرحنا أنفسنا وآبرأنا ذمتنا بالكلام وآعلناها صريحة مدوية «البيئة فى خطر : لابد من حمايتها».
وإذا جاء مجلس الواحد منا في مجتمع المتعلمين والمثقفين والمفكرين، أو من يزعمون أنهم كذلك فليس عليه إلا أن يعلن عن بيئيته بشكل أكيد ويجعل اخضراره أكثر وضوحا فيتناول فى كلامه مشاكل البيئة الأكثر تخصصا، وسوف يجد في مثل الموضوعات التالية مجالا كبيرا لأن يسرح ويمرح ويلقن الجالسين دروسا مستفادة فهناك «الأمطار الحمضية» وثقب الأوزون، والتسخين الحرارى، والنينيو، فليتكلم عنها ويستفيض فى بيان مسبباتها وليُصِرّْ تماما على ضرورة إزالة هذه المسببات، ثم بعد ذلك فلينفض المجلس ويعود كل منهم إلى منزله مرتاح البال مسرورالخاطر، فقد أدى واجبه نحو البيئة وقال ما عنده، وأكد اخضراره، وعليه أن ينتظر حتى تجمِّعٍ آخر يتم فيه إعادة مناقشة الموضوع.. وهلم جرا.
نسمع جعجعة ولا نرى طحنا
وهناك بعض الذين يبالغون فى إظهار اخضرارهم وقلقهم على البيئة فيثيرون مشاعر الجالسين ويحاولون أن يلعبوا بأعصابهم، وما عليهم إلا أن يذكروا ما تفعله دول العالم الغنية المتقدمة بالدول النامية. نعم ما عليهم إلا أن يثيروا مشكلة الشمال والجنوب، وأن يذكروا حقيقة آن الفرد فى امريكا مثلا يستهلك قدر ما يستهلكه مائة فرد أو يزيد في إحدى دول القارة الأفريقية الفقيرة، وأن هذه الدول تحصل على الموارد الطبيعية الخام من الدول الفقيرة بأرخص الأسعار، وتعيدها إليها سلعا مصنَّعةً، غالبا فى دول فقيرة أخرى، بأغلى الأثمان وتسهِّل عليها الآمر بأن تقرضها للشراء.
ويمكن للشخص البيئى الأخضر أن يتعمق أكثر،وأكثر، ليحظى بإعجاب الجالسين بسعة علمه وشدة اهتمامه بالبيئة، وما عليه إلا أن يتناول بالشرح والتحليل كيف تتبنى الدول الصناعية الغنية سياسة «النمو الإقتصادى المفتوح» التى تشجع على زيادة الاستهلاك، لأنه كلما زاد الاستهلاك زاد الإنتاج، وتراكم الربح، وزاد معدل النمو الاقتصادى، وارتفع الدخل الوطنى. فكلما زادت أعداد السيارات التى تجرى على الطرقات، كلما ازدادت كمية الدخان الذي تطلقه إلى الجو المحيط، مملوءا بأنواع الغازات، وكلما زاد تركيز الغبار زاد اتساخ الملابس، واحتاجت لتكرار الغسيل فيزداد إنتاج الغسَّالات الكهربية ومواد التنظيف، وتبلى الملابس من كثرة الغسيل فتزدهر صناعة الغزل والمنسوجات، وهكذا وكلما ازداد تركيز غازات عوادم السيارات فى الجو ازداد الناس علةً وضاقت صدورهم وتحشرجت أنفاسهم، وترعرعت صناعة الدواء وتيسرت حالة المستشفيات الخاصة. وليس من المهم استنزاف الموارد الطبيعية ولا تدمير المواطن والبيئات ولا انقراض الأنواع ما دامت العجلة الاقتصادية الجبارة تدور، والإنتاج يزداد، والأموال تتراكم في خزائن الأثرياء ويزداد الفقراء فقرا، ويموت الأطفال جوعا، وتزداد البيئة تدهورا، فالكل مرتاح النفس مُغَيَّب الضمير ما دام قد تكلم وأعلن اهتمامه بالبيئة وصرَّح بضرورة حمايتها وباح بما يحس به وليحمد الله بعدها على أنه أخضر.
إتباع القول الفعل
للأسف نحن سادرون كأننا مُغَيَّبون أو مُنَوَّمون تنويما مغناطيسيا عميقا، وعلينا أن نتذكر والذكرى تنفع المؤمنين أن ثمن إهمالنا هذا وتوانينا عن أن نتبع القول الفعل وننفذ ما ندعوا إليه سيكون ثمنا غاليا وسنضطر إلى دفع هذا الثمن كاملا، إنْ عاجلا أو آجلا، ويومها لن ينفع الندم.
إن ديننا الحنيف يؤكد ضرورة تعاملنا مع كوكب الأرض بما يحفظه ولا يخل بصلاحيته للحياة. وقد أمرنا الله خالقنا أن نصلح فى الأرض ولا نفسد فيها، وأن نرعى شركاءنا فى الحياة عليها. ونحن، المسلمين، نستطيع أن نحقق الكثير من أجل البيئة ومن أجل حياتنا وحياة أولادنا، لو التزمنا بما أمرنا الله به، وترجمنا أقوالنا إلى أفعال، وأصبحنا خضرا بالقول والعمل،
علينا ألا ننسى وعيد الله سبحانه وتعالى لمن يقولون ما لا يفعلون، ولمن يفرح بأن يُحمَد بما لا يفعل. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون }. (الصف 2، 3) {لا تحْسبَنَّ الذين يفرحون بما أَتَوا ويحبون أن يُحمَدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة ٍ من العذاب ولهم عذاب أليم} (آل عمران 188).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|