القراصنة تقرصن: هناك نوعان من القراصنة هذه الأيام. قراصنة أسطوانات الأفلام DVD التي تكبّد هوليوود بضعة مليارات في السنة، و(قراصنة الكاريبي) الذين كبّدوا شركة ديزني إلى اليوم مبلغاً ترفض الإعلان عنه، لكنه يزيد عن المئتي مليون دولار التي صُرفت للجزء الثالث من الفيلم المعروف كميزانية تصوير.
وفي حين أن الجزأين السابقين، (قراصنة الكاريبي - لعنة الجوهرة السوداء) (2003) تكلّف 140 مليون دولار و(قراصنة الكاريبي: كنز الرجل الميّت) (2006) تكبّد 225 مليون دولار، إلا أن الإيرادات كانت جزيلة. الجزء الأول جذب نحو635 مليون دولار، والثاني أنجز بليون وستة ملايين دولار حول العالم. ربما لهذا السبب، ديزني صامتة في وجه رياح الجزء الثالث الذي يحمل إسم (قراصنة الكاريبي: نهاية العالم) على أساس أنه حتى ولو تكلّف 250 مليون دولار وما فوق، الا أن الأمل كبير في أن يحب المشاهدون رؤية الجزء الثالث بنفس الوفرة ما سيجعل الإيرادات تتجاوز الحد الأدنى المأمول لها وهو 800 مليون دولار، علماً بأن كل فيلم بحاجة الى ضعف ونصف الضعف من قبل أن يبدأ بدر أرباح صافية.
بذلك فإن هذا الجزء إذا ما تكلّف 250 مليوناً عليه أن يجلب 800 مليون دولار قبل أن تسترد ديزني أنفاسها من جديد. مع وجود جوني ديب وأورلاندو بلوم وكايرا نايتلي، وهم ذات ممثلي الجزأين السابقين، بالإضافة الى النجم الصيني يون- فات تشو فإن الأمل بالطبع كبير. إلا إذا ما اعتبر الجمهور أنهم شاهدوا ما يكفي من تلك المغامرات البحرية الخيالية.
ديزني ليست وحدها في مغطس التكاليف التي تفوق الميزانيات المبدئية. شركة صوني كانت أعلنت رصد 200 مليون دولار للجزء الثالث من (سبايدر مان) لكن تكلفة النسخة التي سنشاهدها قريباً على الشاشة وصلت الى 258 مليون دولار.
هذا يذكّرني بأنه في العام 1980 تم تعليق مشنقة المخرج الجيّد مايكل شيمينو عندما وصلت ميزانية فيلمه الشهير (بوابة الجنة) الى 80 مليون دولار، أكثر بنحو 20 مليون دولار فقط عما رُصد أساساً. وفي العام 1995 قامت ضجة كبيرة عندما أتهم كيفن كوستنر بالتبذير كون كلفة فيلمه (عالم مائي) وصلت الى 160 مليون دولار عوضاً عن 95 مليون دولار كما أريد لها.
هوليوود بين أوباما وكلينتون: كل أربع سنوات تمد هوليوود يدها عميقاً في جيوبها لكي تلبّي نداء الحملات الرئاسية بالتبرّعات. يسحب رؤساء الاستديو والشركات الإنتاجية الكبيرة دفاترهم ويكتبون أذوناً بصرف مبالغ تكفي، في عالمنا نحن، لإحداث نهضة كبيرة في كم وكيف الإنتاجات السينمائية.
هوليوود عبر السنوات الثلاثين الأخيرة، برهنت على أنها مدينة يستطيع الحزب الديمقراطي الاعتماد عليها في أوقات الشدّة، لذلك ما أن رن جرس البداية حتى هرع المرشّحون الأساسيون الآملون في خلافة جورج بوش الى هناك لإقامة الولائم ولحضور الحفلات وجمع التبرّعات.
هيلاري كلينتون التي تزمع أن تصبح أول رئيسة جمهورية أميركية جمعت في زيارتها الأولى قبل أسابيع ليست بالبعيدة 806.855 دولار. وهي لو كانت تعلم أن باراك أوباما، الذي يزمع بدوره أن يصبح أول رئيس جمهورية أميركي أفرو - أميركي (ومسلم) سيستطيع جمع مبلغ قريب من ذلك الذي جمعته لكانت بذلت جهوداً أعتى لأجل أن تترك فاصلاً أكبر بينها وبين أوباما فقد جمع الشاب الأسمر 583166 وهو الجديد الذي لم يسبق له أن دخل البيت الأبيض على عكس هيلاري التي كانت (السيدة الأولى) على حساب زوجها بيل كلينتون، الثاني والأربعين في سلالة رؤساء الجمهورية.
وفي حين قصدت هيلاري الجماعة التي تحتل مناصب عالية جداً في هوليوود، وفّق المشرفون على حملة أوباما التوجّه الى ذات الجماعة المذكورة إنما أيضاً الى مجموعة الكتّاب والمنتجين والمخرجين الذين ربما يدفعون أقل لكنهم الأكثر عدداً من الفريق الأول.
لكن الأمور ليست بلا استثناءات ومن الصعب جداً مد خط فاصل بين توجّه هذه الحملة او تلك ونجاح كل منهما. فمثلاً المنتج الإسرائيلي حاييم شابان (وهو رئيس عدّة شركات استثمارية من بينها شركته السينمائية الخاصّة) احتفى بهيلاري كلينتون، لكن الثلاثي اليهودي ستيفن سبيلبرغ وجفري كاتزنبيرغ وديفيد غيفِن، وهم رؤساء شركة دريمووركس، احتفوا بالمرشّح أوباما.
لكن الأمور ليست بلا تنظيم أيضاً، فحسب القانون لا يحق للأميركي أن يتبرّع بأكثر من 3200 دولار للمرشّح الواحد، على أن لا تزيد مجمل تبرّعاته، إذا ما أراد التبرّع لأكثر من مرشّح، عن 72400 دولار. لكن زوجة الأميركي يحق لها التبرّع، ولو من مال زوجها 3200 أخرى ما يجعل مسألة التوجّه الى المتبرّعين المتزوّجين مهمّة بالنسبة للمشرفين على الحملات المالية.