|
كفى..!!
|
هؤلاء السعوديون الذين يتسابقون على تلبية دعوات بعض القنوات الفضائية، دون أن يكون لديهم أو يتوافر بهم أو عندهم أي تأهيلٍ أو استعدادٍ للتعليق على مواقف المملكة، وعلى ما قد يكون فيها من مستجدات ربما يجدون في بعضها ما يستحق التحليل أو الحديث عنه..
أولئك الذين تغريهم الأضواء، فيسارعون إلى الاستجابة لرغبات ومخططات هذه القنوات المتلفزة، فإذا بهم أحياناً ينزلقون ويتورطون عن حسن نية فلا يجيبون أو يتحدثون بما يتمنون حين تتقاطر الأسئلة والمداخلات المفحمة والمحرجة لهم بحكم أنهم لا يملكون بضاعة علمية وثقافية تساعدهم للرد عليها..
وهذا الاحتفاء بهم من قِبل معدي هذه البرامج والحرص على استضافتهم من حينٍ لآخر، ضمن التركيز على الأوضاع في المملكة، تركيزاً لا نراه في غيرها من الدول، وانتقاء تكاد تنفرد به المملكة مع غياب غيرها عن الحضور وعدم ظهورها في هذا المشهد كما هي المملكة، وحين يوجد غير المملكة على المسرح فهذا هو الاستثناء..
***
لا ضير أن تكون المملكة بحجمها وثقلها ووزنها السياسي والاقتصادي والروحي بمثل ما نراه..
ولا تثريب على هذه القنوات حين ترى أن نجاحها لا يكتمل في غياب صورة المملكة وصوتها ومستجداتها عن ساعات بثها..
ولا نلوم شخصاً أو نحجر على فكرٍ أو نعيب على وسيلة توظّف الحدث أو القضية أو الموضوع، طالما كان مهماً بإعطائه ما يستحق من إضاءات..
بل الطبيعي أن نطالب بذلك، وأن ننادي به، وأن يكون من ضمن أولويات اهتماماتنا ومتابعاتنا، باعتباره قناة توصيل لتحقيق ما هو أفضل من أهدافنا وتطلعاتنا.
***
لكن ما هو موضع ملاحظة أو خوف، أن تكرس الفضائيات العربية برامجها لإيذاء شعوب هذه المنطقة، وأن تتبارى هذه القنوات مع الزمن في إذكاء صراعات واتهامات يصعب حينئذ السيطرة عليها، وما أزعم أنه يدخل ضمن التمنيات الكثيرة والمهمة، أن هذه القنوات العربية عليها ان تُستثمر بما يعزز الوحدة الوطنية لكل دول المنطقة لا العكس، وأن تبتعد برامجها، وأن يبتعد معدوها ومقدموها وضيوفها عن إثارة الفتنة، وأن تكون محاورها أمينة في نقل المعلومة وفي إبداء الرأي، ولا بأس أن يكون ذلك ضمن الإثارة المقبولة والموزونة والمنضبطة لضمان تسويق مثل هذا الجهد الإعلامي المتواصل بمهنية عالية وصادقة وراغبة في بناء دول متحضرة ومتقدمة تنشد الكمال في كل الميادين والمجالات.
***
أسأل هؤلاء من السعوديين الذين يجدون متعةً حين ظهورهم بالقنوات الفضائية للحديث عن الشأن السعودي تحديداً، دون أن يكونوا مؤهلين لذلك، كيف يقبلون بمثل هذا الدور، حتى وان كان هدفهم نبيلاً وخيّراً ودافعهم حب الوطن والرغبة في الدفاع عنه..
ولمسؤولي هذه الفضائيات أسأل أيضاً: لماذا تتكرر هذه الأسماء وهذه الوجوه على شاشاتكم، وهل هناك علاقة بين قدرات هذا الضيف المحدودة وأهداف برامجكم؟.
***
ما دعاني إلى هذا الكلام: مواطن سعودي اجتهد في برنامج تلفزيوني خليجي في الدفاع عن المملكة منذ أيام فلم يوفق، فاذا بمقدم ومعد البرنامج يصطاده في كل إجابة يرد بها على سؤالٍ جديدٍ منه، كما لو أن مقدم البرنامج تعمد أن يحرجه ويؤذيه ويسخر منه بقصد إحراج بلده..
وما دعاني إلى هذا الكلام أيضاً، تلك المداخلات والأسئلة التي اعتدناها من السعوديين في البرامج التلفزيونية المباشرة، حيث تعطي أسوأ الانطباعات عن ثقافة الحوار لدى السعوديين، من خلال بعض الآراء الفجّة والأسلوب الركيك والكلمات التي تُقال في غير مكانها، وكل ذلك لأن مَن هو غير مؤهل هو غالباً مَن يشارك في هذه البرامج ضيفاً أو سائلاً أو حين يبادر إلى تقديم مداخلة..
***
وبقي أن أقول: كفى!!.
خالد المالك
|
|
|
في ظل سياسات أمريكية عرجاء هنتنغتون يصطدم بحضاراته وفوكوياما بلا تاريخ عند ((نهاية التاريخ))...
|
* مجلة الجزيرة خاص:
ثمة مقولة ترى أن قرب الحضارات من بعضها البعض في العصر الحديث، يجعل الحوار فيما بينها اكثر الحاحا من أي فترة تاريخية مرت بها البشرية، ويبدو ان الحاجة الآن اكثر من أي وقت مضى إلى فكر فعّال ذي بُعد انساني قادر على تجسير المسافات وردم الهوة التي ما لبثت ان تزداد اتساعا بفعل المعطيات والتحولات.
نحن بالتأكيد بأمَسّ الحاجة إلى لحظة تأمل واسترخاء، تقوم على القراءة الهادئة العميقة بطريقة موضوعية لا محاباة فيها ولا تجني، ومن الطبيعي ان صفاء الذهن يقود إلى رؤية نافذة تتسم بالبحث في العلل والحفر في التراكمات.
اننا نحتاج إلى فتح النوافذ لطرد الفاسد من الهواء، ومن ثَمّ علينا ان نحلم بعالم جديد حتى تتحقق ثقافة التسامح، وهي ما فتئت ان ترنو إلى مناخات التعايش والسلام.
****
الحرب النفسية
فالأحداث الاخيرة وما رافقها واعقبها من افرازات، ساهمت بلا ادنى شك في تهشيم جسد التواصل الانساني، واعادت إلى الاذهان اشكالية الصراع بين الحضارات الانسانية، لتفرض نفسها على الساحة وكأنها صيرورة وهي ليست تطورا في الزمن فحسب، بل إنها قبل كل شيء تطور غير زمني يحدث داخل الاشياء والافكار فيغيرها من حالة فقيرة ومجردة نسبيا إلى حالة اكثر غنى وموضوعية.
وعند المحاولة لتحليل أو الوقوف على حقيقة العلاقات الانسانية، لا بد لنا من الارتكاز على (الفكر الاجتماعي) الذي يترك بصماته على تركيبة المجتمع (أي مجتمع) كاشفا اطاره واسلوب تفكيره.
غير ان من تابع الاعلام الغربي، لا سيما بعد الاعتداءات في نيويورك وواشنطن، يلمس إلى أي مدى تم تكريس مفهوم الحرب الفكرية تجاه العرب، وفعلا قد اجاد الاعلام الغربي بمهارة فائقة في تنمية العداء والكراهية للعالمين العربي والإسلامي من قبل الشعوب الغربية، ولعل الاحداث التي تعرض لها بعض العرب في أمريكا وبريطانيا دليل قاطع على قدرة الاعلام في التأثير على الفكر الاجتماعي الذي يعتبر مكملا للواقع الاجتماعي، وهذه الحملات (الحرب النفسية) كما تقول احدى الدراسات اكثر خطورة من الحرب التقليدية، وعزت ذلك إلى كونها تهدم الشخصية من الداخل، فضلا على انها حملات مُقنّعة فلا تظهر علنية، ورأت ان اطلاق هذه الحملات، إنما يستهدف النّيْل من القيم والعقائد، وهز الانسان العربي في شخصيته خاصة في ظل شعوره بالانعزال والخشية من الاهانة من المجتمعات الأخرى.
على أي حال، لا نعتمد هنا نظرية (المؤامرة) غير ان الطرح العلمي يبقى مقبولا إذا ما ارتهن بالموضوعية، وهو احد عناصره بالطبع، ولوحظ ان ثمة نزعة في بعض المقالات الغربية حول تضخيم ظاهرة (الإسلاموفوبيا) وهو الخطر من الدين الإسلامي الذي لوحظ زيادة معتنقيه بشكل لافت للنظر، وفي خضم كل هذا الاحتدام والتحليلات، كان لابد من قراءة تقوم على التساؤل الذي هو من طبيعة العقل، ومن الطبيعي ان يستند إلى الاختلاف والتعددية واحتمالية الخطأ أو الصواب لا على اليقينية المطلقة أو المعصومية.
وحتى يمكن الوصول إلى نتيجة دقيقة أو محاولة ذلك على اقل تقدير لابد من النفاذ إلى كوامن الخلاف وفهم حصيلة الصراع السياسي والفكري والعقائدي، رغم اختلاف الميول والطرائق والوسائل ناهيك من تباين المصادر، لكن يفترض الاستناد إلى الحكم النيّر، طالما ان الرغبة تنصب في طرح موضوعي محايد، وشتان ما بين المصداقية والافتعال الممجوج.
ولتوضيح الهدف نسوق عدة محاور مما يؤدي حتما إلى بلورة الصورة بشكل واقعي وسليم، ويرتبط بشكل أو بآخر بالموضوع الرئيسي الذي نحن بصدده ألا وهو (حوار الحضارات) ومدى اهميته في الوقت الراهن، وحين يتبادر إلى الذهن (صراع الحضارات) لابد ان نستعرض نظريات (هنتنغتون وفوكوياما) منظري السياسة الأمريكية التي ما برحت تشكل النظام العالمي، وهي القوة العظمى الوحيدة، ويبدو أن اهمية تلك الطروحات تأتي في وقت يدخل فيه العالم مرحلة جديدة، لكنها مرتبطة ارتباطا عضويا بما سبقها من احداث وتراكمات مما زاد في تعميق الهوّة بين العالم الإسلامي والغرب. وحين المضي إلى المزيد من إيضاح الصورة، لا سيما بعد احداث 11 سبتمبر، فإن المحور الثاني يتعرض إلى قصة الارهاب وعلاقة الإسلام بالغرب، والوقوف على مقالات لغربيين رأوا فيها منحى آخر.
وكان (فوكوياما) كتب في جريدة (اللوموند) الفرنسية وفي جريدة (الجارديان) البريطانية، موضحا ان هناك امورا ايجابية للهجوم الذي حدث على أمريكا، منها انه تولد شعور حقيقي بالانتماء القومي، وان أمريكا ايقنت انها دولة عادية مثلها مثل غيرها، معرضة لاخطار الارهاب، ولكي تحاربه، عليها طلب المساعدة من اصدقائها.. لقد ايقظ حادث 11 سبتمبر أمريكا من سباتها، وشعرت بما يحس به العالم، ويبدو ان الكثيرين يتفقون مع (فوكوياما) في هذا الطرح.. نرى أن العالم الآن قد ادرك الكارثة التي حلت على ان فرانسيس فوكوياما (تعني القسيس البروتستانتي) وهو فعلا ابن لقس ياباني، كان قد هاجر من اليابان إلى أمريكا منذ زمن بعيد، يُعد من مجددي النهج الهيجلي نسبة إلى الفيلسوف هيجل فطروحاته رغم بعض الانتقادات الموجهة اليها، واعترافه هو ذاته بصحتها، إلا انها اتسمت كما يرى المختصون بكثير من العقلانية المرتهنة للممكن والمعقول، هذا لا يعني تكاملها المطلق بقدر ما يعني انها تحمل قدراً كبيراً من اللامعقول.
هيجل ونهاية التاريخ
كان هيجل قد تنبأ بنهاية التاريخ في القرن التاسع عشر بقيام الدولة القومية البروسية، وجاء بعده ماركس ليعلن ان الشيوعية هي بداية التاريخ الحقيقي، وستتلاشى الرأسمالية، ولكن ها نحن اليوم نعيش في وقت يقول لنا ان التاريخ لا يمكن ان يتوقف، ولذا فقد انهارت تلك الفرضيات، بينما لا يزال فوكوياما يصر على ان البشرية قد وصلت إلى نهاية التاريخ فيما يتعلق بالنظام السياسي، لا سيما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وأن أفكاره ما زالت قائمة وصحيحة. ويمضي (تلميذ هيجل) في كتابه (نهاية التاريخ) قدما إلى التأكيد بأن الديمقراطية الليبرالية ستنتصر (سيادة الغرب) لأنها حسب اعتقاده خالية من العيوب، ولذا هو يهمس في اذننا بأن هذه الديمقراطية المتحررة، ونظامها الاقتصادي الذي يتحكم فيه السوق، هما البديل الوحيد النافع للمجتمعات الحديثة، وان التاريخ اتجاهي ومتجدد ويبلغ ذروته في اطار الدولة الحديثة المتحررة، وقد توصل فوكوياما إلى هذه النتيجة باستخدام التاريخ من وجهة النظر الهيجيلية الماركسية الخاصة بالتطور التقدمي للمؤسسات البشرية السياسية والاقتصادية، ولذلك فهو يرى أن التاريخ هنا مدفوع بعاملين اثنين: أولهما فهم علم وتقنية الطبيعة الحديث، الذي يوفر اساس التحديث الاقتصادي، وثانيهما الحصول على الاعتراف، الذي يتطلب في نهاية الامر نظاما سياسيا يعترف بحقوق الانسان المتعارف عليها دوليا، كما انه يرى ان ذروة عملية التطور التاريخي ليست في الاشتراكية كما يرى الماركسيون وانما في الديمقراطية وفي اقتصاد السوق، ولذلك فهو يراهن على نجاح العولمة كنموذج تنموي، ومقللا من منافسه النموذج التنموي الآسيوي، بل وانتقص من أهميته بدليل تلك الاحداث ونتائجها الوخيمة التي تكشف سوء الاداء الاقتصادي الآسيوي، كما يريد ان يقول فوكوياما إن التقنية الحديثة (قاعدة التطور لدى فوكوياما ان العلم هو الذي يحرك العملية التاريخية) ستوفر للجيلين القادمين ادوات تمكنهم من تحقيق ما عجز عنه الاشتراكيون من تحقيقه في الماضي.
وهنا يعتقد فوكوياما بأننا وصلنا إلى نهاية التاريخ؛ لأننا سنكون قد قضينا على الانسانية، ولحظتها سيبدأ تاريخ جديد لما بعد البشرية، وعاد فوكوياما ليقطع طريق النقد، مشيرا إلى القول إن القصد من (نهاية التاريخ) هو انتهاء حقبة وبداية أخرى، بالمعنى نفسه لدى ماركس بيد ان الفارق بينهما: ان ماركس (الاشتراكية) اعتبر ان التاريخ الانساني الحقيقي يبدأ مع تشكل المجتمع اللاطبقي، ولكن لماذا لم تنجح الاشتراكية لتكون (نهاية التاريخ)؟؟ هنا يجيب فوكوياما بأنه ربما الادوات التي تبناها الاشتراكيون (الاشتراكية المبكرة، والتحليلية، والتشنج، ومعسكرات العمل) ربما كانت تلك الأدوات بشعة جعلتها غير قادرة عمليا على تحويل الاساس الطبيعي للسلوك البشري.
أما المجتمع الحقيقي، فقد بدأت تتشكل صورته (المجتمع ما بعد الصناعي)، مستدركا بالتأكيد على انه يجب ردم فجوات كبيرة قبل ان يتم الانتقال النهائي من المجتمع الصناعي إلى مجتمع الخدمات، من انتاج الاشياء إلى إنتاج المعلومات، من الطبقة إلى الفرد، وبالتالي من الامة إلى العولمة، مستندا إلى أبحاث هيئة العلم الحديث التي تشير إلى هيمنة علم التقنية الحديثة في القرن القادم.
الحركة المنطقية
ومن يتأمل مقولات فوكوياما يجد انها تنتهج ما يسمى (بالحركة المنطقية)، حيث كل رأي أو موقف له بالتأكيد جانب معاكس أو مخالف، فالرأي له رأي آخر مخالف له، والموقف له موقف آخر معارض وهكذا، وبالتالي إذا اتحد هذان الرأيان أو الموقفان، فإنهما يشكلان في نهاية المطاف رأيا أفضل من السابقين، فمثلا الرأسمالية والشيوعية، نظام ونظام مضاد، فالتوحيد بينهما يؤدي إلى تطورهما، ومن هذا التطور ينبثق نظام ثالث أرقى منهما وبعيدا عن لجة المصطلحات الاكاديمية، والتعمق في المنهج العلمي، نستطيع ان نقول ان فوكوياما (كان نائبا لمدير مجموعة تخطيط السياسة بوزارة الخارجية الأمريكية، ويعمل حاليا مستشارا لمؤسسة راند في واشنطن) يريد ان يرسل رسالة إلى صانعي القرار السياسي الأمريكي مؤداها (لا تقلقوا) فالانتصار للديمقراطية الليبرالية، وسيكون العالم ليبراليا، وسيبقى ليبراليا، حيث يكون التاريخ قد انتهى بوصوله إلى اقصى ما يمكن ان يصل اليه البشر من رقي وسمو. هنا فوكوياما يروج للنموذج الأمريكي ويؤكد على تفوقه وعلو كعبه.. وقد اتُهم فعلا من قبل البعض بأنه أداة في يد المؤسسة الأمريكية، نظرا لأن آراءه تستقطب اهتماما عالميا.
وفي هذا السياق، لابد ان نذكر صموئيل هنتنغتون ونظريته (صدام الحضارات) وبكثير من الايجاز نجد انها تقول ان النزاعات الدولية سواء منها الاقليمية أو العالمية ستكون في المستقبل على شكل صدام حضارات، وليس على صراع أيديولوجي؛ لأن الاختلاف بين الحضارات حقيقة الوقوع، ويرى الباحث الأمريكي ان المحور البارز في السياسة الدولية سيكون الغرب، مؤكدا أن البؤرة المركزية للصراع العالمي ستكون بين الغرب والحضارتين الإسلامية والكونفوشوسية (الصينية)، وما دام الامر كذلك فإن هنتنغتون (مدير معهد جون أولين للدراسات الاستراتيجية بجامعة هارفارد) يطالب الغرب باحتياطيات ضرورية عليه ان يتخذها من الآن على المديين القريب والبعيد منها زيادة التسليح حفاظا على التوازن العسكري مع الصين والدول الإسلامية ودعم الجماعات المتعاطفة مع الغرب في الحضارات الأخرى، ومحاولة اختراق الحضارتين (الإسلامية والصينية) من الداخل والخارج وذلك بتعميق فهمه للاسس الفلسفية والدينية التي تقوم عليها هاتان الحضارتان، كما ان على الغرب أيضا ان يحافظ على قوته الاقتصادية لحماية مصالحه، مؤكدا أن هاتين الحضارتين تمثلان التهديد الحقيقي للغرب ومصالحه.
وصاحبنا هنا، على عكس صديقه فوكوياما، فهو أيضا يرسل رسالة إلى المؤسسة الأمريكية قائلا (احذروا)، هناك صراع حضارات، وإذا اردتم ان تحافظوا على سيادة هذا العالم، فعليكم ان تتحركوا وتخططوا قبل فوات الاوان!.
اذن، صاحبنا هذا من مروجي النموذج الأمريكي أيضا وينزع إلى تكريس النهج الليبرالي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية.
نتيجة واحدة
على ان البعض يتهم الكاتبين بتأثرهما بتخصصهما في مجال الدراسات السياسية الاستراتيجية ذات العلاقة المباشرة بالقرار السياسي، الذي ينطلق عادة من مصالح آنية أو قصيرة المدى، لذلك فإن طروحاتهما تفتقر إلى المعنى التاريخي الشامل، فهما لم يأخذا التاريخ كوحدة تحليل كما يرى تركي الحمد أو فترة زمنية طويلة، وهنا كان الخلل في النتائج العامة التي وصلا إليها، هذا لا يعني عدم وجود صراع بين الثقافات في الماضي وفي الوقت الحاضر، ولا يعني نفي حقيقة الانتصار الحالي لليبرالية، كل ذلك موجود، لكن السؤال هو: هل مثل هذه النتائج مطلقة ودائمة، كما تتضمن كتابات هنتنغتون وفوكوياما؟.
النتيجة التي يصل إليها الكاتبان تقريبا هي نتيجة واحدة (ضرورة وأهمية سيادة الغرب)، فهنتنغتون (يحذر) من صراع الحضارات ويطالب بالتحالفات لتستمر هذه السيادة، بينما يدعو فوكوياما (الى عدم القلق) لان سيادة الغرب قد اصبحت نهائية (نهاية التاريخ) وان التغيير سيتم لا محالة عاجلا ام آجلا، وما هي الا مسألة وقت فقط.
يبقي القول: إن التاريخ مفتوح لكل الاحتمالات، ومن طبيعة الحياة التعدد والاختلاف، والحضارات متعاقبة، والتغير والتحول سيبقيان ما بقيت الحياة، ورغم هذا لا كمال مطلقا، ولا يمكن ان يكون بأي حال من الأحوال، ولذلك فالتاريخ لا ينتهي إلا بنهاية الإنسان ذاته.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|