صدر عن مجلس الوزراء الموقر مؤخراً القرار ذو الرقم (79) بتاريخ 7-3-1428هـ بالموافقة على نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ويعتبر هذا النظام دليلاً على مواكبة المملكة للتطورات التقنية الحديثة ووضع أطر تنظيمية لمكافحة الاستخدامات السلبية والحد منها، حيث يعوّل على هذا النظام في سد الفراغ النظامي في هذا الجانب، كما يعوّل عليه في نشر الاستخدامات الإيجابية التي أوجدت التقنية لأجلها.
وقد استهل النظام بتعريف الألفاظ والعبارات الواردة والتي من أهمها معنى الجريمة المعلوماتية (وهي كل فعل يرتكب متضمناً استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بالمخالفة لأحكام هذا النظام). وتتخذ هذه الأفعال أو الجرائم عدة أشكال منها: التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم، النصب والاحتيال، نشر الإباحية والرذيلة، نشر الفيروسات، المساس بالقيم الدينية، وكذلك من الألفاظ المهمة التي عرفها النظام معنى الدخول غير المشروع (وهو دخول شخص بطريقة متعمدة إلى حاسب آلي أو موقع إلكتروني أو نظام معلوماتي أو شبكة حاسبات آلية غير مصرح لذلك الشخص بالدخول إليها).
ويهدف النظام إلى الحد من وقوع جرائم المعلوماتية من خلال تحديد الجرائم والعقوبات المقرّرة لكل منها والتي يتحقق من خلالها النتائج التالية:
1 - المساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي. 2 - حفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية.
3 - حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة. 4 - حماية الاقتصاد الوطني.
كما بيَّن النظام في مواده من الثالثة وحتى المادة العاشرة العقوبات المقرّرة للجرائم المعلوماتية، حيث حدَّد لكل جريمة عقوبة معينة بداية من العقوبة بسجن لمدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، وانتهاء بعقوبة بالسجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين. علماً بأن قرار سمو وزير الداخلية رقم (1900) الصادر مؤخراً بتاريخ 9-7- 1428هـ والذي حدّد الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف جعل من ضمن الجرائم الكبيرة (انتهاك الأعراض بالتصوير والنشر والتهديد بالنشر) وهي تعد من الجرائم المعلوماتية الواردة بالمادة الثالثة من النظام فقرة (4-5) وما نصها: (4 - المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقّالة المزوّدة بالكاميرا، أو ما في حكمها. 5 - التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة). والمعاقب على ارتكاب هذه الجرائم بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما أسند النظام لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقاً لاختصاصها تقديم الدعم والمساندة الفنية للجهات الأمنية المختصة خلال مراحل ضبط هذه الجرائم والتحقيق فيها وأثناء المحاكمة، وكذلك أسند التحقيق والادعاء العام في هذه الجرائم لهيئة التحقيق والادعاء العام.
إلا أنه وجه لهذا النظام بعض الانتقادات من قِبل بعض المختصين منها أنه نظام عقوبات فقط ولم يتطرق إلى مكافحة جرائم المعلومات كما هو واضح بعنوانه، وكذلك انتقد بأنه لم يفرّق بين كبار السن والأحداث الذين يعدون شريحة كبيرة من المستخدمين لهذه التقنية، كما انتقد بأنه لم يحدد مرجعية واضحة لهذا النظام.
وفي نظري اعتقد أنه لا بد من أمرين:
ضرورة إصدار لائحة تنفيذية لهذا النظام تبيّن آلية تطبيق هذا النظام للجهات المختصة وآلية تعاون هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مع الجهات الأمنية وهيئة التحقيق والادعاء العام نظراً لأن الجرائم المعلوماتية جديدة على المجتمع وكذلك تحديد الجهة القضائية في نظر هذه الجرائم، فالنظام لم يحدّد المحكمة المختصة في ذلك وأما بالنسبة لعدم تطرق النظام للتفرقة بين كبار السن والأحداث فيفسر ذلك بأن القاعدة العامة أن الأحداث لا يخضعون للنظام ولا يطبق عليهم أنظمة العقوبات بشكل عام وفقاً للمادة (13) من نظام الإجراءات الجزئية والتي تنص على أنه (يتم التحقيق مع الأحداث والفتيات ومحاكمتهم وفقاً للأنظمة واللوائح المنظمة لذلك) وإنما يتم تعزيرهم من قِبل قاضي محكمة الأحداث حسب ما يراه ويقدّره ولذلك لم يتطرق النظام للأحداث.
2 - ضرورة إنشاء وحدة لمكافحة جرائم المعلومات مدعومة بالإمكانيات المادية والبشرية المؤهلة تقوم بدورها على الآتي:
(أ) توعية المواطنين وتبصيرهم على هذه الجرائم وبيان أضرارها الدينية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها والعقوبات المقرّرة عليها والحث على الاستخدامات الإيجابية للتقنية.
(ب) القيام باستقبال الشكاوى من داخل المملكة وخارجها حول هذه الجرائم ودراستها ومن ثم إرسالها لجهة التحقيق المختصة لإكمال ما يلزم حيالها.
(ج) تكون حلقة الوصل بين الجهات الأمنية المختصة بداخل المملكة وخارجها فيما يتعلق بهذه الجرائم وكذلك صلاحية الاتصال بالشرطة الدولية.