هاجسها الأول؛ صياغة أناقتها وإبراز جمالها وتفعيل جاذبيتها بأي طريقة ولو حتى بوسائل تقنية، هذه هي المرأة الباحثة دائماً عن كل جديد، والشغوفة أبداً بزينتها التي كان الجوال آخر المنضمين إلى عالمها اللوني، فشكّل ميدان تنافس جديد للجنس اللطيف لإبراز أناقة من نوع آخر.
وفي عالمنا اليوم الذي نتخبط في تقنياته الغريبة والعجيبة باتت سيدة القرن الحادي والعشرين تتجمل بالإكسسوارات الإلكترونية كما كانت تتجمل جدتها في الماضي بألوان وعطور وعقود وأقراط ومساحيق. فجاءت تلك البصمات النسائية في عالم الإلكترونيات لتضفي بعداً جديداً على هذا العالم، وتدخله في إطار من الزخارف الجميلة، والألوان الساطعة، والمقتنيات الثمينة.
وبجولة على أسواق المملكة يذهلك الكم الهائل من الأسواق والمتاجر التي تخصصت في تقديم الجديد من مكملات الزينة للهاتف الجوال، إضافة إلى أشكال وألوان غريبة وعجيبة من جوالات أقل ما يقال عنها إنها نسخ من تلك الأدوات التي اكتظت بها أفلام هوليود الخيالية، وجميعنا يلاحظ تنامي فلسفة الاعتناء بالمظهر والشكل لا بالمضمون وباتت استهلاكية الترف تطغى على إحداثيات تلك الآلة الاتصالية! فها هي منى العامري (مدرسة في إحدى مدارس الرياض) تصر على أن تغير غلاف جوالها ما لا يقل عن أربع مرات أسبوعياً لكي يلائم لون ملابسها.
على عكس (عنود) (طالبة جامعية) التي تحكم على الجوال من خلال ألوانه لا من خلال مكالماته، اللون الجديد يشعرها بالارتياح، ويذهب عنها الملل.. بعض الأغلفة تشعرها بالطفولة! ولكن ما ينطبق على (عنود) لا ينسحب على العديد من النساء اللاتي يرغبن في إضفاء لمسة مميزة على مقتنياتهن الخاصة، ونوع آخر لا يقبل أن يملك الآخرون ما يشابه ما يمتلكه.. كما أن العديد من النساء اللاتي يرغبن في إضفاء لمسة مميزة على مقتنياتهن الخاصة، ونوع آخر لا يقبل أن يملك الآخرون ما يشابه ممتلكاته، وقد لجأ بعضهن لاستكمال مظهر جديد لجوالهن لم يسبقهن إليه أحد من قبل. حيث يتم ترصيعه بالجواهر الثمينة والأحجار الكريمة. فبعض السيدات لا يقتنين الجوال إلا إذا كان يبرق ذهباً تطبيقاً للمثل القائل: (إذا كان الجوال من فضة فيجب أن يكون الغلاف من ذهب)!.
التقليعة تشهد إقبالاً كبيراً من قبل الباحثات عن المدهش واللا مألوف، والأكثر اغتباطًا بهذا التحول المفاجئ هم الصاغة الشاكون دوماً ركوداً طال تجارتهم، وها هو الجوال ينعشها بطريقة فاقت كل التوقعات. فالجوال الذي يتراوح ثمنه بين الألف والألفين تتكلف زينته حوالي (60) ألف ريال وربما أكثر حسب رغبة حامليه.. وهذا (التبرج) من حيث السعر يمكن أن يغطي كلفة الزينة الكاملة لعشر (عرائس) في ليلة فرحهن أو الإنفاق الشهري على أكثر من عشرين أسرة. حيث إن بعض السيدات يحددن نموذجاً خاصاً لجوالاتهن وكمية الألماس التي يردنها، ومنهن من تطلب أكثر من جوال بتصميمات وألوان معينة لتتناسب مع ألوان الملابس، وقد يرتفع في بعض الحالات ثمن (التزيين) ليتخطى حاجز الـ(60) ألف ريال لزوم المزايدة النسائية!...
وأول ما يلفت نظر حواء الألوان المتناسقة مع خطوط الموضة، ومن ثم الموديل، وأحياناً قد تنتهي إلى شراء القطعة دون بحث إمكانية تركيبها على هاتفها!
ويلاحظ في عالم الإكسسوارات الإلكترونية تتفوق النساء على الرجال في الشراء والبحث عن الجديد، وما قد يعجبها اليوم تمله غداً، وما قد يعجبها بعد غد تكون قد عافته بالأمس، فهي قد تشتري مع كل حقيبة غلافاً جديداً كي يتماشى مع ألوان حذائها وملابسها!
لكل فستان جواله
وينطبق هذا الأمر على معظم النساء حيث أصبح يحتل الجوال مرتبة مهمة في حياة السيدات مرافقاً لهن في حياتهن اليومية بعد أن طالته عدوى (الموضة) فأصبح معرّضاً لتغيير ثوبه ولونه الخارجي ليتوافق مع ذوق صاحبته وأناقتها الغارقة في هم الجري وراء كل ما يلفت النظر إليها. وهذا ما أدى إلى ازدهار حركة بيع إكسسوارات الجوالات، حيث تشهد تجارة بيع الأغلفة الملونة إقبالاً كثيفاً خصوصاً من قبل الجنس اللطيف، بحيث تسعى كل سيدة لاقتناء مجموعة من الألوان تتناسب مع ذوقها وأناقتها ولون مكياجها أو ثيابها، يساعدها على ذلك رخص أسعارها وتوافرها بكثرة حتى داخل محلات (السوبر ماركت).
وتعد ظاهرة تغيير لون الجوال (موضة) تفشت عدواها بين جيل الشباب الأمر الذي ينبغي التوقف عنده ودراسة دلالاته الاجتماعية والسلوكية، والوقوف على رأي علم النفس في أبعاد هذه الظاهرة التي لا يختلف اثنان على بعدها (المظهري) كنمط اجتماعي تقليدي لا علاقة له بأي بعد ثقافي.. بل هي نوع من أنواع (الموضة) التي تسعى (نرمين) (مزينة شعر) كغيرها من النساء إلى اتباعها وفق ما يتناسب مع تقاليدها وعاداتها كامرأة شرقية. فهي لا تعد تغيير لون الجوال ظاهرة غير طبيعية، فما المانع أن يكون لون الجوال متناسقاً مع لون الثوب أو حتى السيارة، خصوصاً إذا كان غير مكلف مادياً؟
مظهر لائق
ومن جهتها تسعى سحر (ممرضة) دائماً إلى التجديد والتغيير بين فترة وأخرى، سواء في مظهرها الخارجي أو حتى في الأشياء التي تمتلكها لمواكبة عالم الموضة بكل أشكاله، لذا فهي تغير لون جوالها بصورة مستمرة وتنتقي من مجموعتها ما يتناسب ولون ثوبها. وهي ترى أن هذه الظاهرة ضرورة تفرضها متطلبات الأناقة والمظهر اللائق الجذاب خصوصاً أنه أمر غير مكلف مادياً. وخارج إطار التفكير النسائي بضم الجوال إلى قائمة الموضة ومتطلباتها تنفرد السيدة رهام (مدرسة) برأي مغاير لا يعير انتباهاً إلى ألوان الجوال أو حتى إلى نوعه وعلامته التجارية ما دامت الغاية من اقتنائه تلبية حاجة ملحة ألا وهي الاتصال عند الضرورة بمن تريد في أي وقت تشاء. فالجوال بحد ذاته ليس ضرباً من ضروب الموضة، بل هو نوع من أنواع التطور التقني، وتكمن أهميته في هذه الناحية تحديداً لا بشكله الخارجي الذي تنتفي أهميته إذا لم يحمل باليد وتم وضعه داخل الحقيبة، لذلك فإن ظاهرة تغيير لون الجوال لا تتعدى كونها مؤقتة سرعان ما ستجلب الملل لمتتبعيها.
وتجدر الإشارة إلى أن غطاء الجوال كان يعد من الكماليات التي لم تكن ذات أهمية حين تم طرح الجوال في الأسواق، إلا أنه اليوم يشهد طلباً متزايداً مع تنوع ألوانها وإضاءتها ورخص أسعارها، وغالباً ما تعمد السيدات إلى شراء تشكيلة واسعة من الأغلفة المتنوعة الألوان التي تلبي حاجتهن اليومية ولا تفسير لذلك سوى أن طبيعة المرأة ذواقة وتسعى دائماً وراء الموضة واقتناء كل ما هو جديد وسعيها الدائم للفت الأنظار، مما يولد انطباعاً لدى الآخرين بمدى مواكبتها لكل التطورات.
البحث عن التجديد
وعلى جانب آخر يعد محمد الماجد (مدير أحد معارض بيع إكسسوار الجوال) أغطية من الكماليات التي لم تكن ذات أهمية مع طرح الجوال في الأسواق المحلية، إلا أنها اليوم تشهد طلباً متزايداً مع تنوع ألوانها وإضاءتها ورخص أسعارها، وغالباً ما تعمد السيدات إلى شراء تشكيلة واسعة من الأغلفة المتنوعة الألوان التي تلبي حاجتهن اليومية إلى درجة أن إحداهن طلبت لوناً لجوالها مشابهاً للون عدساتها اللاصقة، ويفسر (محمد) إقبال المرأة على شراء الأغلفة الملونة لجوالها بسعيها الدائم للفت الأنظار، ما يولد انطباعاً لدى الآخرين بمدى تحضرها ومواكبتها لكل تطور في هذا المجال! لم يعد مقتصراً على تغيير لون الجوال الخارجي بل تعداه إلى تغيير إضاءته الداخلية وألوانها، بما يتوافق مع اللون الخارجي للجوال، وتتنوع هذه الألوان بين الأحمر والأزرق والأخضر. واللافت هو إقبال بعض الفتيات على اختيار الألوان التي تزين أعلام أندية كرة القدم العالمية مثل منتجات البرازيل وألمانيا. ويلاحظ اختلاف أذواق السيدات حسب أعمارهن. فالمراهقات يخترن الألوان الزاهية أو التي تسمى (العصرية) كالفوسفوري، والليموني، والأحمر الناري، بينما تفضل النساء الأكبر سناً انتقاء الألوان الهادئة نسبياً كالأزرق والأخضر والفضي، ويبقى اللون الأبيض خارج دائرة اهتمامهن. وهناك أغطية للجوال تضم صوراً لبعض المشاهير العالميين، ويمكن إضافة صورة أو صورتين لأفراد العائلة على خلفية الغلاف.
الهروب من دائرة الروتين
ومن جهتهم يرى الباحثون أن المرأة التي تبحث عن التجديد في ألوان ملابسها وأشيائها الخاصة قادرة على إنجاز مهامها اليومية بنجاح تام مقارنة بمن حولها من النساء، فهي تملك روحاً متجددة العطاء، ومتميزة الأداء. ولكن هل نستطيع التعميم فنقول إن المرأة التي تبحث أيضاً عن التجديد في ألوان أغلفة هاتفها تتميز بهذه الصفات أيضاً، خصوصاً إذا ما علمنا أن كلفة ترصيع الجوال بالألماس تتراوح بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف ريال في حدها الأدنى؟!
وأخيراً تجدر الإشارة إلى محاولات الكثيرين من علم السلوك البشري لتفسير هذه الظاهرة التي تحولت إلى موضة يقتدي بها الكثيرون، فهناك من يضعها في خانة تقليد الطبقة الميسورة لإعطاء انطباع مغاير لما هو عليه واقع الحال. وبعضهم يعدها من أنواع لفت الأنظار لإعطاء صورة جمالية أكثر من ضرورية لإكمال الإطار (المظهري).
بينما يبرز رأي ثالث يصنف هذه الظاهرة بالهروب من هدف يستحيل تنفيذه إلى هدف سهل المنال، وهو أحد أنواع التغيير ولو من أضيق أبوابه. وذلك لتنفيس احتقان نفسي قد يتأتى من ضائقة مالية أو وضع اقتصادي متدهور. ولكن مما لا شك فيه أن طبيعة المرأة التواقة إلى مواكبة أساليب الموضة العالمية هي السبب الأساسي في انتشار هذه الظاهرة، بالإضافة إلى حاجتها إلى التجديد ولفت الأنظار والهروب من (شرنقة الروتين) التي فرضتها عليها ظروفها الخاصة.