تناقلت وكالات الأنباء مؤخرا أن شركة أيسر (Acer) التايوانية في طريقها لشراء شركة جاتواي (Gateway) الأمريكية للحواسيب، ولو حدث هذا فإن ذلك يعني أن عدد الشركات الصانعة للحواسيب في الولايات المتحدة سوف يتقلص إلى ثلاث شركات هي: الشركات الشهيرة باسم الثلاثة الكبار: إتش بي (HP) ودل (Del) وآبل. لقد كان هذا التحول إلى آسيا هو ما توقعه كل المتابعين لصناعة الحواسيب منذ أوائل الثمانينيات، حيث بنوا احتمالات هذا التحول على أساس ما حدث من تحول لصناعة السيارات.
وهذا التناظر بين صناعة السيارات وصناعة الحواسيب ما زال قائما.
فمثلما هناك الثلاثة الكبار في مجال صناعة الحواسيب في الولايات المتحدة هناك أيضا الاثنتان الكبيرتان في اليابان: توشيبا وأن إي سي (NEC)، وهذا يشبه الوضع في صناعة السيارات، حيث هناك الاثنتان الكبيرتان أيضا في اليابان: تويوتا ونيسان. هذا بالإضافة إلى اللاعبين الصغار في كلتا الدولتين، مثل شركة سوني اليابانية بالنسبة لصناعة الحواسيب وشركة هوندا بالنسبة لصناعة السيارات.
ولكن ما الذي يغيب عن هذه الصورة.
الغائبون هم الأوربيون، حيث لا وجود لشركات الحواسيب الفرنسية والألمانية والإيطالية. غابت هذه الشركات عن هذه المقارنات نسبة لأن كل ما كان أوروبيا قد انتقل إلى الصين، فهل الأوربيون على دراية بهذه الكارثة؟
إن الكثير من صناعاتهم قد انتقلت إلى الصين، ولم يعد يوجد موطئ قدم لها في أوروبا.
وما يحدث الآن من تحول لصناعة الحواسيب إلى الصين يشبه ما حدث لصناعة السيارات في الولايات المتحدة في السبعينيات والثمانينيات، حيث استفادت اليابان مما حدث من تدهور لهذه الصناعة في أمريكا وتحولها إلى أوروبا. فهل ما يحدث الآن في صناعة الحواسيب تكرار لهذا المشهد؟
وهل ستستفيد اليابان مرة أخرى مما يحدث من توجه نحو الصين؟
كيف يمكننا أن نتصور أن تأتي إنتاج صناعة بأكملها من دولة واحدة هي الصين؟
تخيل مثلا صناعة كل سيارات فورد وكريسلر وتويوتا ومرسيدس في مصنع واحد بالصين. هذا ما حدث بالضبط لصناعة الحواسيب. فالثلاثة الكبار بالنسبة لصناعة الحواسيب في الولايات المتحدة تشترك في شيئين: كلها تستخدم معالجات (x86) التي تصنعها إنتل أو أيه أم دي (AMD)، وأجهزتها كلها تصنع في آسيا، وفي الصين بالتحديد.
والمشكلة التي أراها هي أن الصينيين إذا فهموا مسألة التسويق فلن تقف أي دولة أمامهم، ذلك أن معظم الجمهور - رغم كل ما يقال عن مسألة (صنع في الصين) - لا يدري حقيقة أن كل الحواسيب تأتي من مصنعين ضخمين في الصين.