تحت ضغط قانوني وتوجس أمني قراصنة الموسيقى على الإنترنت
|
* اعداد: عصمت نجيب:
تنص لائحة قانون حماية المصنفات الفنية على أنه إذا اشتركت في سماع قطعة موسيقية مع أصدقائك عبر شبكة الإنترنت، كما يفعل الملايين كل يوم، فستكون بذلك قد ارتكبت جرما ربما تصل عقوبته إلى السجن لمدة خمس سنوات، وقد تم عقد جلسة للجنة القضائية لمجلس الشيوخ في الشهر الماضي، وكان لها عنوان مخادع : «الجانب المظلم لفكرة ذكية : هل يمكن لمشاركة الملفات على الشبكات بين طرفين أن تتسبب في أية مخاطرة للأشخاص أو للأمن القومي؟». لاشك أن بعض الأعضاء من الكونجرس قد أرادوا أن يعرفوا جذور هذه الظاهرة عن الأشخاص الذين يتبادلون على الشبكة الكثير من الأغاني ذات حقوق الطبع والنشر المحفوظة، ولكنني افترضت أن جريمة مشاركة الملفات والتي يتم ارتكابها بسعادة بواسطة ما يقدر بستين مليون قرصان كانت في الأساس مشكلة الدخل المفقود لصناعة الموسيقى، ولكن السيناتور ديانا فاينستاين والتي قامت بإلقاء الشهادة الافتتاحية جادلت في غير ذلك قائلة ان شبكات مشاركة الملفات تعد خطرا كبيرا على أمن هذه الأمة، وفي الواقع كانت الجلسة لا تمثل شيئا سوى عدة علامات لهجوم جديد قوي ضد مشاركة الملفات ولنفس الأسباب القديمة وهي حماية أعمال شركات التسجيلات.
لكن ماذا عن قضية الأمن القومي المزعومة؟ لا شيء، فقد شهد الباحثون أنه بسبب وصلة مشوشة ومربكة في خدمات مشاركة الملفات (مثل «كازا » Kazaa ) فإنه يمكن لمستخدم أخرق ودون أن يقصد أن يعرض ويكشف الملفات الشخصية والخاصة لكل شخص موجود على الشبكة، ونظرياً فإنه يمكن حدوث مثل ذلك لو قام مشغل حكومي باستعمال «كازا» علي حاسب رسمي لاستخدامه الشخصي وبذلك يقوم بعرض وكشف كل الأسرار القومية الخاصة جداً، ولكن لم يتمكن أحد من الاستشهاد بمثال واقعي على أنه كان هناك سر حكومي قد تم كشفه بواسطة هذه الطريقة.
عند نهاية الجلسة ركز رئيس المجلس أورين هاتشمان وهو عضو المجلس الوحيد بين الحضور، وهو نفسه مؤلف أغان ويقوم ببيع الأقراص المدمجة على موقعه الشخصي، ركز على ما يقلقه حقاً وهو أن الأشخاص يتشاركون على شبكة الإنترنت في الأغاني التي لها حقوق طبع ونشر محفوظة دون أن يقوموا بدفع ثمنها، ثم عرض وأدار فكرة من قبل أحد أعضاء اللجنة المشتركين في النقاش: ماذا لو كان لديك نظام يمكنه أن يكشف لو كان الأشخاص يحصلون على الأغاني دون أن يدفعوا ثمنها، ويمكنه أن يحذر وينبه هؤلاء المخالفين أن ما يقومون بعمله خطأ، فإذا لم يتوقفوا، يقوم النظام وبواسطة التحكم عن بعد بتدمير حاسباتهم؟! «ولكن لا أحد يرغب في تدمير حاسبات الناس» قال عضو اللجنة، فرد السيناتور «ولكني حقاً مهتم أن أقوم بفعل هذا، قم بتحذيرهم مرة و ثانية ثم قم بتدمير آلاتهم، فليس هناك أي عذر لأي شخص أن ينتهك قوانين حقوق الطبع والنشر الخاصة بنا»،.
لحسن الحظ لم يقم السيناتور هاتش حتى الآن بتشريع القانون الذي يعطى الحق في إقامة دعوى قضائية لطلب المستحقات، لكن قام الجمهوريان هوارد بيرمان وجون كونيرز بتقديم لائحة قانون تشجع على مدخل مختلف: قم بسجنهم بالإضافة إلى احتياطات أخري، وبذلك تقوم اللائحة بتخفيض إدعاء قانون العقوبات للمشاركة في استخدام ملف موسيقي واحد، وتخصيص حصة قدرها 15 مليون دولار لمطاردة مخالفي حقوق الطبع والنشر.
يقول النائب بيرمان أنه يتوقع أن يقوم المدعون فقط بتتبع الشخص الذي يعرف عواقب تحميل كميات ضخمة من الموسيقى، لكن لائحة القانون تنص بوضوح على أنه إذا شاركت ولو بقدر مقطوعة موسيقية واحدة فقط مع أصدقائك على شبكة الإنترنت كما يفعل الملايين كل يوم فإنك تكون شخصا مجرما، وقد تصل عقوبتك إلى خمس سنوات سجن، وفي نفس الوقت قامت رابطة صناعة التسجيلات الموسيقية (RIAA) مؤخرا بإرسال المئات من أوامر الاستدعاء للمثول أمام المحكمة إلى مزودي خدمات الإنترنت والجامعات لمعرفة هوية المشاركين في الموسيقى، حتى تتمكن من سحبهم إلى المحاكمة ومقاضاتهم بسبب آلاف الدولارات التي يتسببون في خسارتها، ولكن هل مقاضاة زبائنك هي افضل طريقة لادارة العمل؟ ليست سرقات ويعتقد أن الغالبية العظمى من هؤلاء الستين مليون الذين يشاركون الملفات الموسيقية لن تسرق أبدا أي شيء مادي من المتاجر، وفي خليط من المصلحة الشخصية والعصيان قاموا باتخاذ مقياس أخلاقيات شركات التسجيل ( المغالاة في أسعار الاسطوانات المدمجة ) فاعتبروا أن سرقة الملفات ليست كسرقة الأغراض المادية ( وربما يشترون اسطوانة فيما بعد) وانتهوا إلى أن مشاركة الملفات ليست بهذا السوء. ويعتقد كاري شيرمان (رئيس رابطة صناعة التسجيلات الموسيقية الأمريكية ) ورفاقه في الكونجرس ان وقت الصبر قد انتهى، ويقول «لقد وصلنا إلى حيث اصبح لدينا سوق شرعية للحصول على الموسيقى عن طريق الإنترنت ونريد إعطاءها فرصة» مشيرا إلى الخدمات الممتازة مثل متجر ابيل للموسيقى «APPLE» ومتجر «نيو باي دوت كوم» وخدمات الاشتراك مثل «رابسودي» ولكن اللعبة قد بدأت للتو، وافضل طريقة للتأكد من ان هذه الخدمات تأتي بابتكارات هو ان نقارنها بخدمات الملفات مثل «كازا» والتي هي ابعد ما تكون عن الكمال، فالجودة سيئة للغاية ويقومون بوضع برامج تجسس في حاسبك، وفي النهاية ستكون الإنترنت شيئا عظيما لمحبي الموسيقى والفنانين وحتى شركات التسجيل إذا ما كانت لديهم الرغبة في البقاء بغير ثبات بينما تظهر نماذج عمل جديدة،والآن تقوم رابطة صناعة التسجيلات الموسيقية الأمريكية ومن لديها في الكونجرس بالنقر على المعزوفة الخطأ، فليس من المعقول أن تجلب آلاف الأشخاص إلى قوائم المحاكم وربما إلى السجن لمجرد انهم استمعوا مع صديق لهم إلى أنغام أغنية أو إلى الألحان الملهمة للسيد اورين هاتش وذلك دون ترخيص، فهناك أشياء افضل للمدعين وللمحاكم للتركيز عليها، وكمثال لذلك هناك مسألة الأمن القومي الحقيقي.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|