الحكومة الإلكترونية في المملكة .. واقع مبشر.. وطموحات واسعة
|
إعداد: د.سيد محمد الداعور
تعتبر تقنية المعلومات والاتصالات في العصر الحاضر من أهم دعائم وأسس تقدم الدول، وقد أثبتت الدراسات والتجارب على أرض الواقع أن تلك التقنية توفر للإنسان معطيات جديدة عميقة الأثر لم يعهدها من قبل، تتطلب منه القيام بتغييرات جوهرية في حياته تتلاءم وتتناسب مع هذه المعطيات. وقد أكدت الدراسات على أهمية هذه التقنية وأثرها في تحديد مكانة الدولة وترتيبها بين الأمم في كافة المجالات الثقافية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية. لذا تزايد اهتمام الحكومات بهذه التقنية ووضعت خططا وطنية لتطويرها واستثمارها على أكمل وجه.
غني عن البيان أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تعمل جاهدة للارتقاء بكافة قطاعات الدولة وتطوير أدائها وخدماتها التي تقدمها للمواطنين، وتحرص أيضاً كل الحرص على مواكبة العصر وإنجازاته المتسارعة في جميع المجالات، والأخذ بما يتناسب مع احتياجاتها ويتلاءم مع قيمها وتراثها وثقافتها، وبخاصة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، وتطبيقاتها المختلفة ومنها الحكومة الإليكترونية.
وقد جاء مشروع الخطة الوطنية لتقنية المعلومات تجسيدا لهذا الحرص والدعم والرعاية الكريمة، وإدراكا لحقيقة أن تقنية المعلومات والاتصالات تعد في العصر الحاضر من أهم ركائز تقدم الدول وتطورها، حيث صدر أمر سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز لجمعية الحاسبات السعودية بوضع خطة وطنية لتقنية المعلومات وإعداد آليات لتطبيقها، وصولا للتطبيق الشامل للحكومة الإليكترونية، والتي تشمل تقديم الخدمات الحكومية إليكترونيا لتكون ممارسة يومية في حياة المواطن، ولتسهيل إنجاز معاملاته ومصالحة دون عناء ومشقة، ورفع مستوى الكفاءة والفعالية للعمليات والإجراءات داخل القطاع الحكومي، وتقليل التكاليف الحكومية، ومساندة برامج التطوير الاقتصادي.
تشكيل فريق العمل
وفي إطار هذه الخطة، تم تشكيل فريق الحكومة الإليكترونية، برئاسة الأمير الدكتور ماجد بن عبد الله المشاري آل سعود، لتقديم دراسات بشأن: الخطة العاجلة الخاصة بالحكومة الإليكترونية، والتقنيات الحديثة ذات العلاقة، وتجارب بعض الدول في هذا المجال، والوضع الراهن. وقد قام الفريق بإعداد عدة دراسات في هذا المجال، كما أنهى مؤخرا دراستي التقنيات الحديثة، والتجارب الدولية في مجال الحكومة الإليكترونية، ويعكف حاليا على استكمال دراسة الوضع الراهن تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية لوضع الخطط الخمسية الاستراتيجية.
وأوصت الخطة العاجلة بنشر الاهتمام والوعي والمعرفة بمفهوم وتطبيقات الحكومة الإليكترونية على كافة المستويات. ورفع الكفاءة في التعامل مع تقنيات المعلومات في القطاعات الحكومية. وتوثيق ونمذجة وتبسيط/هندسة الإجراءات في كل قطاع حكومي. كما أوصت بميكنة الأعمال اليدوية بالقطاعات الحكومية. وترابط التطبيقات ضمن كل قطاع حكومي. وكذلك توحيد التطبيقات الحكومية. وتوفير الإنترنت والخدمات الإليكترونية. وأوصت بتحديد نقاط الترابط بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص. ثم مشروع البوابة الإليكترونية الحكومية.
التجارب العالمية
وقام الفريق أيضا بدراسة تجارب عدة دول هي: ماليزيا، سنغافورة، كندا، دبي، بريطانيا، وأمريكا. واستخلص منها الفوائد التالية: النجاح يتطلب مساندة قوية من الجهات العليا، السلطة والصلاحيات يجب أن توجد في إدارة مركزية، دمج وترابط الأنظمة الحكومية هو الأساس في تطبيق خدمات وشبكات مرنة ، تصميم إطار عمل محكم عامل أساسي في شركات تقنية المعلومات المتعاقد معها، التعاون الحكومي مع القطاع الخاص يمكن أن يوفر في الخبرات وتقليل التكاليف. ومن الفوائد أيضا أن الطاقات البشرية وتصميم الخدمات بالتركيز على المواطن هي مركز جهود الحكومة الإليكترونية وليست تقنية المعلومات هي مركز الاهتمام، وأن تعليم المستخدمين أمر مهم وعامل أساسي لضمان نجاح التجربة والاستفادة منها، مع توفير وسائل الاتصال بالإنترنت وإتاحة استخدام الحاسب للمواطن، تطوير وتغيير الإجراءات والمفاهيم الإدارية لموظفي الحكومة، وتكوين فرق عمل أو لجان أو أقسام في الجهات الحكومية لوضع خطط الحكومة الإليكترونية وتنفيذها.
الجاهزية الإليكترونية
قام الدكتور سعود بن احمد السماري، من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بإعداد دراسة مقارنة للجاهزية الإليكترونية في المملكة العربية السعودية، وقام بعرضها على اللقاء الثاني للمسئولين عن تقنية المعلومات في الجهات الحكومية والقطاع الخاص الذي انعقد في مدينة الرياض خلال الفترة من 7 وحتى 2003/12/9م حول (الحكومة الإلكترونية.. خطوات نحو التطبيق).
وقد بينت الدراسة أن التوجهات والمؤشرات العالمية تسير نحو: تحرير قطاع الاتصالات، زيادة المنافسة بين شركات الاتصال ومقدمي الخدمة (الإنترنت الهاتف الجوال) مما أدى إلى انخفاض الأسعار، تطوير أنظمة التجارة الإليكترونية والتوقيعات الرقمية، التوسع في تقديم الخدمات الحكومية إليكترونيا، التوسع الشديد في تقديم الخدمات البنكية الإلكترونية، التوسع في تقديم خدمات التجارة الإليكترونية المتنقلة، الإنترنت يصل إلى المدارس، مراكز البريد، والمراكز العامة.
وبالنسبة للتصنيف العالمي للجاهزية الإليكترونية، تم التصنيف حسب الدراسة التي قامت بها وحدة المعرفة الاقتصادية Economist Intelligence Unit للسنة الرابعة على التوالي بناء على المعلومات الخاصة بـ 100 معيار مقسمة إلى ست فئات: البنية الأساسية، بيئة العمل، مدى تبني المستهلكين، البيئة التشريعية والقانونية، العامل الاجتماعي والثقافي، دعم الخدمات الإليكترونية.
وكان التقييم النهائي للمملكة (4.1): البنية الأساسية (2.7)، بيئة العمل (6.2)، مدى تبني المستهلكين (3.1)، البيئة التشريعية والقانونية (3.6)، العامل الاجتماعي والثقافي (5.5)، دعم الخدمات الاليكترونية (4.3)، وترتيبها بين تلك الدول: رقم (47) في عام 2002 (37.7%، ورقم (45) في عام 2003 (41%).
وكان العشرة الأوائل هم: السويد 86.7%، الدنمارك 84.5%، هولندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة 83.8%، النرويج 82.8%، سويسرا 82.6% استراليا 82.5%، كندا وهونج كونج 82.0% الفرق ضئيل بين الأول (86.7) والعاشر (82.0).
وأوصت دراسة الدكتور السماري بما يلي: تسريع عملية تحرير قطاع الاتصالات، البدء في تطبيق النظم الخاصة بالتجارة الإليكترونية، تبني الشركات الكبرى لمبادرات التجارة الإليكترونية، تطوير المختصين المهرة (التعليم والتدريب).
وبينت الدراسة كذلك أن البيئة المناسبة لنمو العمل الإلكتروني تشمل على: اقتصاد قوي، بيئة سياسية وتنظيمية مناسبة، بيئة أساسية متينة، نسبة عالية لمستخدمي الإنترنت من ذوي الدخل المحدود. وأن أسرار نجاح بعض الدول مثل: استراليا (تحرير قطاع الاتصالات مبكرا)، وكوريا (الاستثمار الهائل من قبل الحكومة وشركات الاتصالات لتطوير البنية الاساسية)، ودول أوروبا الشرقية (التوسع في تقديم خدمات الاتصالات واسعة النطاق).
المزيد من الجهود
ويبذل الفريق أيضاً جهودا متواصلة في سبيل نشر المعرفة والوعي بمفاهيم وتطبيقات الخدمات والحكومة الإلكترونية من اجل تطوير خطة شاملة في هذا المحور من خلال تدشين موقع له على الإنترنت. ويتميز الموقع باشتماله على تعريف بالمفاهيم الأساسية في هذا المجال وعرض لملخصات الدراسات التي أنجزها الفريق، هذا بالإضافة لاحتوائه على العديد من المواد العلمية والروابط المهمة. ومن جانبه حث صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز على الاستمرار في الجهود المبذولة لإنجاز الحكومة الإلكترونية، وأكد سموه أن (الحكومة الإلكترونية آتية لا محالة على مستوى المملكة)... موضحا أن هذا (يعبر عن مدى التفوق العلمي والتقني للمملكة).
اللقاءات الدورية
وتقدم جمعية الحاسبات السعودية بتنظيم لقاءات سنوية لمدراء تقنية المعلومات في القطاعات الحكومية بهدف إيجاد قنوات اتصال فعالة بين المسئولين عن تقنية المعلومات في هذه القطاعات، وتعزيز التعاون وزيادة التنسيق لتحقيق الترابط والتكامل وتبادل الخبرات في مجال الحاسب الالي تقنيات المعلومات وقد انعقد اللقاء السنوي الأول برعاية وزير التعليم العالي في 204 2002 وكان موضوعه: التخطيط الاستراتيجي لتقنية المعلومات، نظرا لأهمية التخطيط الاستراتيجي لتقنية المعلومات وما له من دور فعال في تحقيق الأهداف المرجوة من إدخال هذه التقنيات وتوظيفها لتطوير العمل والأداء.
وانعقد اللقاء الثاني برعاية وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في 7 وحتى 2003/12/9م وكان موضوعه: الحكومة الإلكترونية.. خطوات نحو التطبيق شارك فيه اكثر من 600 شخص ونخبة من الخبراء والمختصين إضافة إلى مدراء تقنية المعلومات بالقطاعين الحكومي والخاص. وتم التركيز على مناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه القطاعات الحكومية في مجال الحكومية الإلكترونية وما هي الخطوات والمتطلبات التي تساعد على التحول وتقييم جاهزية هذه القطاعات وتم عرض بعض التجارب الدولية.
التوصيات
وقد خرج اللقاء بعدة توصيات من أهمها تنسيق الجهود المبذولة لتطبيق الحكومة الإلكترونية لتفادي الازدواجية ودعم البنية التحتية للاتصالات وكذلك تبسيط وتنظيم الإجراءات بمنظور شامل للجهات الحكومية وتذليل العقبات لحصول المستفيد على خدمات الإنترنت ووسائل الاتصال بالخدمات الإلكترونية وكذلك قيام الجهات الحكومية بإعداد خطط مستقبلية تحدد الوضع الراهن والخدمات التي ستقدمها إلكترونيا وان يكون هناك توافق وتكامل في الأنظمة الآلية بين القطاع العام والخاص واستثمار النجاحات السريعة لبناء زخم قوي وإيجاد آلية التواصل المستمر بين المسئولين في مراكز تقنية المعلومات لتبادل الخبرات.
ما هي الحكومة الإليكترونية
الحكومة الإليكترونية ( E Government ) هي الاستخدام التكاملي الفعال لجميع تقنيات المعلومات والاتصالات بهدف تسهيل العمليات الإدارية اليومية للقطاعات الحكومية، وتلك التي تتم فيما بينها (حكومية حكومية)، وتلك التي تربطها بالمواطنين (حكوميةمواطن) أو قطاعات الأعمال (حكوميةأعمال).
فالحكومة الإلكترونية هي بكل بساطة: الانتقال من تقديم الخدمات العامة والمعاملات من شكلها الروتيني إلى الشكل الإليكتروني عبر الإنترنت. وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة والفعالية للعمليات والإجراءات داخل القطاع الحكومي، وتقليل التكاليف الحكومية (حكوميةحكومية)، رفع مستوى رضا المستفيدين عن الخدمات التي تقدم لهم (حكوميةمواطن)، مساندة برامج التطوير الاقتصادي (حكومة أعمال). أن تحول حكومة ما إلى حكومة إلكترونية ينبغي أن يسبقه انتشار واسع للإنترنت وان تكون نسبة مستخدمي الإنترنت لا تقل عن ثلاثين بالمائة من نسبة سكان هذا البلد، كي يكون للعملية مردود خدماتي وجدوى اقتصادية وتساهم في عملية التنمية. وهذا لا يعني بالضرورة وصول الإنترنت إلى بيوت هذه العدد من السكان بل يكفي أن تتوفر لهم إمكانية الدخول إلى الإنترنت (من مكان عملهم أو من مقاهي الإنترنت أو من منازلهم).
أن مشاكل البيروقراطية في الإدارة والصعوبات التي ترافق عملية تعقيب المعاملات، مع الانتشار الواسع للإنترنت دفعا عددا من بلدان العالم إلى التفكير بالتحول إلى حكومات إلكترونية، وخاصة تلك البلدان التي تطمح إلى جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال.
إن أكثر ما يخيف أصحاب رؤوس الأموال من الاستثمار في بلد ما هو عدم وجود قوانين واضحة للاستثمار وحركة حرة لرؤوس الأموال، والحكومة الإلكترونية بالتأكيد تزيل كل لبس أو خوف، عندما يقوم مستثمر بالاطلاع على جميع القوانين الخاصة بالاستثمار وإنهاء معاملاته في بلد ما دون أن يغادر مكتبه ويحضر إلى ذلك البلد.
وبالنسبة للمواطن العادي، توفر له الحكومة الإليكترونية أمرين في غاية الأهمية هما: الوقت والمال، فربما تحتاج معاملة ما ثلاثة أو أربعة أيام من التنقل من دائرة إلى أخرى، بالإضافة إلى أجور المواصلات وتعطله عن العمل خلال هذه الفترة، على العكس من ذلك عند تعامله مع حكومة إليكترونية يكفيه عشر دقائق من العمل على الإنترنت لإنهاء معاملته. ومن هنا ينبع دور الحكومة الإليكترونية في تنمية المجتمع، فتأمين الخدمات للمواطن بأسهل السبل يجعل تركيزه على عمله أكثر، ولا يفني جزءا من عمره في التعقيب على المعاملات، كما يقضي هذا التحول على الروتين القاتل لموظف الحكومة وخاصة أولئك الذين لهم اتصال مباشر مع الجمهور، كما يحد بشكل كبير من عملية الرشوة، إن لم نقل يقضي عليها بشكل نهائي.
والتحول لحكومة إليكترونية يتطلب مبالغ طائلة، من بناء بنوك للمعلومات إلى بنية تحتية مطورة للشبكات بالإضافة لإعادة تأهيل العاملين، كل هذا يكون دون جدوى إذا لم يتحول المجتمع قبل هذا إلى مجتمع معلوماتي. ولذلك نرى عدداً كبيراً من بلدان العالم لم تتحول إلى حكومات إلكترونية بعد وتنتظر نتائج تجارب الدول الأخرى التي سارعت إلى التحول لحكومات إلكترونية كما تنتظر التحول التدريجي للمجتمع إلى مجتمع رقمي.
وربما التجربة التي قامت بها الحكومة المصرية مفيدة،
http://www. inform. misrnet. gov.eg
حيث تقوم عملية التحول على مرحلتين: المرحلة الأولى هي تحديد الخدمات (الخدمات التي تقدمها كل جهة في الدولة الأوراق الضرورية لأداء هذه الخدمة أو إتمام المعاملة وضع الاستمارات في خدمة المواطن تحديد تكلفة كل خدمة تحديد المدة اللازمة لإنهاء المعاملة مكان تقديم الأوراق وتنفيذ الخدمة). بالإضافة إلى الخدمة الصوتية عن طريق الهاتف لمن لا يمتلك إنترنت أو لا يستطيع الولوج إلى الإنترنت وكذلك فئة الأميين.
المرحلة الثانية والتي لم تنته بعد
وهي مرحلة أتمتة المؤسسات وبناء بنوك معلومات وطنية وتمكين المواطن من الدفع الإلكتروني. ويبدو الأمر أكثر تطوراً بالنسبة لحكومة دبي الإلكترونية http://www. dubai. ae/ فقد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال، فعدد كبير من المعاملات يمكنك القيام به دون ان تغادر كرسي مكتبك وتقوم بدفع الرسوم وكل ما تحتاج معاملة ما من استمارات وطوابع وغيرها. فالنسبة العالية لمستخدمي الإنترنت في هذه الإمارة وكذلك صغر حجمها وكونها مركز تجاري عالمي وتفعيل الدرهم الإلكتروني، كل هذا ساهم في تسريع عملية التحول إلى حكومة إلكترونية. والاهم من هذا وذاك سد الفجوة الخاصة بالتشريعات وصدور القانون الخاص بالتوقيع الإلكتروني والتبادلات التجارية الإلكترونية والدرهم الإلكتروني. فالعملية هي وحدة متكاملة، لا يمكن إيجاد حكومة إلكترونية بدون وجود تشريعات تحكم هذه العملية، كما لا يمكن لحكومة إلكترونية أن تمارس عملها بدون اعتراف قانوني بالتوقيع الإلكتروني، أضف إلى ذلك العملة الإلكترونية فدفع رسوم معاملة تنفذ عن طريق الإنترنت يجب أن يتم عن طريق الإنترنت أيضاً. وعند النظر إلى الأولويات، فهل نحن بحاجة إلى حكومة إلكترونية قبل الجامعة الافتراضية أم للتجارة الإلكترونية قبل الحكومة الإلكترونية؟ ربما نحن بحاجة إلى الفرد الذي يمتلك جهاز حاسب شخصي واشتراك إنترنت قبل كل شيء.
الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية
إن الحكومة الإليكترونية أكثر من مجرد تجارة إليكترونية. فالتجارة الإليكترونية تعنى ببيع السلع أو الخدمات عبر استخدام التقنية مثل شبكة الإنترنت. أما الحكومة الإليكترونية فتهتم في المقام الأول باستخدام التقنية لرفع مستوى الخدمات الحكومية وتسهيل الحصول عليها, والتنسيق بين الهيئات الحكومية المختلفة لتحقيق الفائدة للمواطنين والشركات والحكومة ذاتها.
وتشمل هذه الخدمات المشتريات والمناقصات الحكومية للسلع والخدمات, تسجيل وتجديد الرخص والتصاريح، إيجاد الوظائف وتسديد المستحقات... الخ. وكما هو الحال بالنسبة للتجارة الإليكترونية التي تمكن قطاعات الأعمال من التعامل مع بعضها البعض بكفاءة أعلى، وتقرب العملاء من أنشطتهم التجارية، فإن الحكومة الإلكترونية تهدف إلى تحويل التعامل (بين القطاعات الحكومية مع بعضها) إلى طريقة تتسم بالسهولة والراحة والشفافية والجدوى الاقتصادية. وتقع الحكومة الإليكترونية في محور التعاملات بين ثلاثة قطاعات حيوية: القطاعات الحكومية، قطاع الأعمال، والمواطنين.
والاهم من ذلك أن للحكومة الإليكترونية دوراً أوسع وتأثيراً أشمل على الأمم، لأن الحكومات في معظم الدول تعتبر المناصر الأقوى لدعم الاقتصاد. حيث إن لها دوراً رئيسياً في توظيف الكوادر البشرية, وتنفيذ المشتريات والمنافسات, وإعداد التشريعات, وتقديم الخدمات, وتحصيل الإيرادات وفي الحقيقة, فإن مبادرات تنفيذ الحكومة الإلكترونية يمكن أن تكون حافزا لنمو استخدام تقنية المعلومات في الدول.
إن ترابط الحكومة الإلكترونية يحث على تبني تقنية المعلومات بجميع قطاعات الاقتصاد . كما أن المعايير التي تصدر عن الحكومة عند تقديم الخدمات والتجاوب مع الراغبين في الحصول على تلك الخدمات، وكفاءة الأداء، يمكن اعتبارها نبراساً لتطوير خدمات التجارة الإليكترونية.
فوائد تطبيق الحكومة الإليكترونية
كفاءة الإجراءات وترشيد الكلفة
مع تطور تقديم الخدمات الحكومية وتبسيط الأنظمة والإجراءات, يمكن أن تحقق الحكومة الإليكترونية فوائد عديدة للقطاعات الحكومية والخاصة في المجالات التالية:
* رفع مستوى الأداء: إمكانية انتقال المعلومات بدقة وانسيابية بين الدوائر الحكومية المختلفة، مما يقلص الازدواجية في إدخال البيانات والحصول على المعلومات من القطاعات التجارية والمواطنين. كما أن تدوير المعلومات إلكترونيا من مرحلة التقديم إلى الحصول على الموافقة بين القطاعات الحكومية والمتعاملين معها يعنى أن الإجراءات يمكن أن تنجز خلال دقائق أو ثوان بدلاً من ساعات أو أيام.
* زيادة دقة البيانات: نظراً لتوفر إمكانية الحصول على المعلومات المطلوبة من جهة الإدخال الأولية، فإن الثقة بصحة البيانات المتبادلة التي أعيد استخدامها ستكون مرتفعة وسيغيب القلق من عدم دقة المعلومات أو الأخطاء الناجمة عن الإدخال اليدوي.
* تقليص الإجراءات الإدارية: مع توفر المعلومات بشكلها الرقمي، تتقلص الأعمال الورقية وتعبئة البيانات يدوياً كما تنعدم الحاجة لتقديم نسخ من المستندات الورقية طالما أن الإمكانيات متاحة لتقديمها إليكترونياً.
* الاستخدام الأمثل للطاقات البشرية: إذا تم احتواء المعلومات بشكل رقمي، مع سهولة تحريكها وإعادة استخدامها إليكترونياً من مكان لآخر، سيصبح بالمستطاع توجيه الطاقات البشرية للعمل على مهام وأعمال اكثر إنتاجية.
تميز الخدمات العامة
إن الحكومة الإليكترونية واحدة من الوسائل الرئيسية للارتقاء بجودة الخدمات العامة من خلال رفع مستوى الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات وتنظيمها.
وستتوفر الإمكانية للوصول إلى الخدمات الحكومية بسهولة عبر أجهزة الحاسب الآلي ومراكز خدمة المجتمع ومراكز الأعمال وغيرها من المواقع المتاحة، وستنتفي الحاجة إلى مراجعة الدوائر الحكومية للحصول على التعليمات وتقديم البيانات للموظف الحكومي الذي يستقبل المراجعين. حيث يمكن تقديم هذه الخدمات من خلال شبكة الإنترنت على مدار الساعة (24 ساعة في اليوم) دون التقيد بساعات الدوام الرسمي للقطاعات الحكومية. إن إيجاد الإمكانية للتخاطب الإلكتروني بين القطاعات الحكومية لتقديم خدمة موحدة سيسهم بشكل مباشر في رفع مستوى الخدمات الحكومية التي تقدم للمواطن وقطاع الأعمال, كما يجعلها تبدو أكثر تنظيما وتحقق احتياجات الراغبين في الحصول عليها.
كما يمكن للقطاعات الحكومية أن تعدل وتطور المعلومات والأنظمة الخاصة بالخدمات التي تقدمها بشكل فوري، الأمر الذي سيساهم في توفير معلومات دقيقة وحديثة للمستخدمين بشكل آني. وبالمثل، فإن تسديد الرسوم يمكن أن يتم إلكترونياً من خلال البنوك مع زيادة قدرات الربط والتوصيل، والتأكيد على وصول الخدمات بشكل فوري.
نمو الأعمال التجارية
من خلال الحكومة الإليكترونية, ستتاح الفرصة للنشر والإعلان عبر شبكة الإنترنت عن المناقصات الحكومية وفرص التعاقد لتنفيذ مشاريع مع القطاعات الحكومية المختلفة. كما أن المعلومات ستكون متاحة للجميع للإطلاع عليها مما يمكن أي شركة لديها اهتمام بالمشاريع المعلن عنها وتنطبق عليها الشروط من التقدم بعروضها للتعاقد مع الحكومة بغض النظر عن حجم الشركة. وسيكون الحصول على الخدمات الحكومية أكثر سهولة، ويتم إنجازها خلال فترات زمنية أقصر مع تكاليف مالية اقل، وسيصبح الوصول إلى معلومات دقيقة يجري تحديثها أولاً بأول أكثر يسراً. وبإمكان هذه العناصر مجتمعة دعم الجهود الرامية لجذب الاستثمارات الأجنبية والارتقاء بقدرات قطاع الأعمال إلى المنافسة عالميا.
تنفيذ الحكومة الإلكترونية
إن تنفيذ الحكومة الإلكترونية أمر جوهري لضمان التطبيق الناجح للخدمات الحكومية إلكترونيا. ولذا فلابد من توفر نقاط يسهل الوصول من خلالها إلى هذه الخدمات الإلكترونية في مختلف أرجاء البلد سواء من قبل الشركات أو المواطنين.
و تستطيع الشركات الوصول إلى الخدمات عبر قنوات توصيل متعددة مثل مراكز الأعمال و الخدمات، بينما يستطيع المواطنون الذين لا تتوفر لديهم خدمات إنترنت، التوجه إلى مقاهي الإنترنت والمدارس ومراكز خدمة المجتمع... الخ.
أما بالنسبة للخدمات المقدمة من الحكومة للقطاع الخاص، فإن هناك حاجة إلى توفير خدمات مساندة العملاء مثل مراكز الاتصال والإسناد الفني والتدريب على التطبيقات لتسهيل عملية استيعاب وتطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية من الجميع.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|