تروِّج للعنف وتهدم القيم والأخلاق العاب الكمبيوتر.. بين النرفيه والتدمير تأثير غير محدود.. ومخاطر صحية واجتماعية الطفل يندمج مع اللعبة ليصبح جزءاً منها
إعداد: محمد شاهين
لم يعد غريبا أن ينجذب الأطفال نحو الألعاب الإلكترونية على حساب الألعاب الأخرى. فقد أدى انتشار الكمبيوتر وألعاب الفيديو في السنوات الأخيرة إلى بروز دورها بوضوح في حياة الأطفال. إنها ألعاب التسلية والترفيه للجيل الجديد. إنها الألعاب العصرية التي بدأ الأطفال يفضلونها على الألعاب التقليدية التي طالما اعتادوا ممارستها لتطغى وتفرض نفسها عليهم. وإذا كان اندفاع الطفل نحو ألعاب الفيديو والكمبيوتر يحمل في طياته الكثير من الأمور الإيجابية.
فإن الأمر لا يخلو من بعض المخاطر الصحية والسلوكية والدينية التي ينبغي الالتفات إليها. ولا يجب أن يتخيل البعض أن الكلام هنا يقتصر على سن الطفولة والمراهقة فقط. فالأمر يمتد ليشمل فئة الشباب أيضا.
صاحب انتشار الكمبيوتر في كل بيت تقريبا في العالم العربي. تطور كبير في مجال ألعاب الكمبيوتر وألعاب الفيديو.
ولعل ما يجعل ألعاب الكمبيوتر تنتشر بهذا الحجم الهائل هو محاولة القائمين على صناعتها محاكاة الحياة الواقعية وصياغة الألعاب من أفكار تحاكي سير الحياة العادية. تلك المحاولات التي توصف على أقل تقدير بأنها ناجحة. وتوصف على أعلى تقدير بأنها تدخل اللاعب في عالم لا يمكنه التفرقة بينه والعالم الحقيقي.
لقد استطاعت العاب الكمبيوتر والفيديو في السنوات الأخيرة أن تشعر اللاعب بأنه يركب سيارة السباق بالفعل. أو أنه يسير في الفضاء. وما إلى ذلك.. حتى أنه يتمكن من اختيار العوالم التي يسيرفيها أو البيئة التي يحارب فيها أو حتى المحاربين المنافسين له سواء كانوا بشرا أم كائنات خيالية أو غير ذلك. ويرجع الفضل في ذلك إلى أن الألعاب تعتمد على عناصر إبهار ومؤثرات ضوئية وصوتية تشد الصغار بشكل كبير وفعال (حتى أنهاتشد الكبار أيضا). وتعمل على محاكاة البيئات المختلفة والعوالم الجديدة التي تجعل اللاعب يتواصل مع مخيلة المصمم للعبة ويدخل في عالمه ويتأثر بما يقدمه له من أفكار وعادات. يتضح هذا الأمر بصورة أكبر عندما ننظر إلى الألعاب التي تتم ممارستها على شبكة الإنترنت. حيث لا ضابط هناك ولا متحكم غير هوى وعقلية المصمم من جهة. وتجاوب اللاعبين والمشاركين من جهة أخرى. إذ يقدم اللاعب على اتخاذ قرار بشأن اللعبة كما يرى هو بعينه وبعقليته التي تحكمها ثقافته وبيئته. الأمرالذي يهدد أطفالنا وشبابنا عند ممارستهم لهذه الألعاب. ولا يحكم إنتاج هذه الألعاب وإخراجها لأسواق الكمبيوتر وغيرها من المنافذ. إلا عقول وخيال المصممين لها والمبدعين الذين يقومون بنشرها. وهذا ما يوضح لنا طبيعة المشكلة في الأصل وهي أن الأمر برمته قد لا يخضع لقوانين محددة وصارمة تنقي هذه الألعاب وتضعها في المسار الصحيح لها. ولا نريد أن نظلم هذا المجال الذائع الصيت في عالم التكنولوجيا التعليمية والترفيهية حيث أن هذه الألعاب قد تنطوي على بعض من الفوائد التي يحتاجها صغارنا مثل تنمية القدرات العقلية وإطلاعهم على الجديد في العالم وما إلى ذلك. إذ تشير العديد من الدراسات إلى أن ألعاب الكومبيوتر يكون الهدف منها هو الترفيه والمتعة والراحة والتدريب وتنمية القدرات العقلية بالإضافة إلى بث روح التعاون والتنظيم وإعطاء الثقة بالنفس لدى الأطفال بشكل خاص. ومع ذلك يجب على الأهل مراقبة أطفالهم بشكل غير مبالغ فيه أو بمعنى آخر يجب السماح للطفل باللعب ولكن يجب أيضا اختيار هذه الألعاب على الكمبيوتر والقيام بدور الرقيب عليها حتى لا يتعرض الأطفال إلى كافة المنتجات من هذا النوع دون تنقية الأفكار التي تبثها هذه الألعاب في أذهانهم.
والحقيقية أن هناك خيطا رفيعا يجب الانتباه إليه هو الخيط الفاصل بين الفائدة والضرر من ألعاب الكومبيوتر والفيديو.
نظرة تحليلية لألعاب الكمبيوتر
نوعية الألعاب الإلكترونية: ألعاب تعليمية تعتمد على قصة أو شخصية كرتونية: وهذا النوع من الألعاب مفيد للأطفال. فهو يبدأ في تثقيفهم بثقافة سهلة وسلسة تعلمهم الكثير من العادات الحسنة. التي قد تتشارك فيها كل الشعوب على مختلف عاداتهم وتقاليدهم مثل ذم خصلة الكذب والدعوة لحب الآباء والأمهات والأصدقاء والعطف على المحتاجين. وضمن هذا المجال نجد هناك بعض البرامج الخاصة بالعرب والتي تخاطب الشعب العربي وتدعم الثقافة العربية.
ألعاب فكرية
(تقوية الملاحظة والتركيز)
وتعتبر هذه الألعاب عمليا للصغار ولكنها أحيانا ما تشد الكبار أيضا نظرالأنها تقوي المخيلة وسرعة البديهة حيث يرونها محرضة على تحدي الذات والذاكرةوالنشاط الذهني.
الألعاب التي تعتمد إستراتيجيات حربية (تحتاج إلى وضع الخطط)
هذا النوع من الألعاب يعتبر نوعا ما من المراحل المتقدمة. وتحتاج ممارستها إلى نضج عقلي. تجذب هذه الألعاب الأفراد من سن العاشرة والمراهقة حتى الشباب وربما في الأعمار المتقدمة إذ أنها تتميز ببعض الصعوبات بدرجات متفاوتة. كما يعتبر هذا النوع سلاحا ذا حدين. إذ أنه يندرج تحت قائمة الألعاب العنيفة التي تؤثر على اللاعبين من أعمار صغيرة. بالإضافة إلى أنها قد توحي أحيانا بأفكار عنصرية تفرق بين شعب وآخر وما إلى ذلك. أما المفيد في هذه الألعاب فهو تنمية المهارات الفردية والقدرة على التفكير ورسم الخطط والوصول إلى الهدف بعينه.
ألعاب بنظرية البقاء للأقوى
أما هذا النوع من الألعاب فهو الشر الخالص. فهي ألعاب عنيفة إلى حد المبالغة أحيانا بدون هدف يستدعي هذا العنف. فهناك ألعاب يعتمد الربح والخسارة فيهاعلى عدد الأشخاص أو الكائنات الحية التي تم قتلها في زمن معين. وهذه النوعية تؤدي إلى انتشار دوافع العنف والشر داخل اللاعبين ولا سيما صغار السن منهم. هذا بالإضافة إلى أنها تعمل على تبلد الفكر والشعور لدى اللاعب إذ تجعله يعتاد صور الدماء والقتل وغيرها من أشكال العنف.
مخاطر متوقعة
أما المخاطر التي تهدد المستخدمين لمثل هذه البرامج فهي مختلفة الأنواع والمناحي ومنها:
المخاطر الصحية
حذر خبراء الصحة من أن تعود الأطفال على استخدام أجهزة الكمبيوتر في اللعب يعرضهم إلى مخاطر إصابات قد تنتهي بإعاقتهم. أبرز هذه المخاطر إصابات الرقبة والظهر والأطراف. ويشيرون إلى أن هذه الإصابات تظهر في العادة عند البالغين.
بسبب الجلوس أمام تلك الأجهزة لفترات طويلة. ناهيك عن الجلوس بطريقة غير صحيحة، وعدم القيام بأي تمارين رياضية ولو خفيفة خلال أوقات الجلوس الطويلة أمام الكومبيوتر.
من ناحية أخرى كشف العلماء مؤخرا أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في هذه الألعاب تتسبب في حدوث نوبات صرع لدى الأطفال. كما حذر العلماء من الاستخدام المتزايد لألعاب الكومبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال، لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع والأيدي إلى الحد الذي دفع الباحثين إلى المطالبة بضرورة كتابة تحذيرات على مثل هذا النوع من الألعاب من نوع التحذيرات المكتوبة على علب السجائر، وضرورة تقنين إنتاجهاوتحديد نسب اهتزاز معينة في الأجهزة. خصوصا مع ازدياد عدد الأطفال الذين يستخدمونها.
وأشار العلماء إلى ظهور مجموعة جديدة من الإصابات الخاصة بالجهاز العظمي والعضلي على مدى الخمس عشرة سنة الماضية ومع انتشار ألعاب الكومبيوتر، نتيجة الحركة السريعة المتكررة، وإلى أن الجلوس لساعات عديدة أمام الكومبيوتر يسبب آلاما مبرحة في أسفل الظهر، كما أن كثرة حركة الأصابع على لوحة المفاتيح تسبب أضرارا بالغة لإصبع الإبهام ومفصل الرسغ نتيجة لثنيهما بصورة مستمرة.
أما بالنسبة للإجهاد البصري فإن الأبحاث العلمية تشير إلى أن حركة العينين تكون سريعة جدا أثناء ممارسة ألعاب الكومبيوتر مما يزيد من فرص إجهادها. إضافة إلى أن مجالات الأشعة الكهرومغنطيسية المنبعثة من شاشات الكومبيوتر. تؤدي إلى حدوث الاحمرار بالعين والجفاف والحكة وكذلك الزغللة. وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانا بالقلق والاكتئاب.
المخاطر السلوكية
ذكرت دراسة أمريكية حديثة أن ممارسة الأطفال لألعاب الفيديو التي تعتمد على العنف يمكن أن تزيد من الأفكار والسلوكيات العدوانية عندهم.
وأشارت الدراسةإلى أن هذه الألعاب قد تكون أكثر ضررا من أفلام العنف التلفزيونية أو السينمائية لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها. وقال بعض علماء النفس أن التعرض مدة كبيرة للألعاب العنيفة يؤدي إلى انجذاب أطفال غير عدوانيين للأساليب العدوانية.
كما أوضحت الدراسات العلمية أن كثرة استخدام وممارسة الألعاب الإلكترونية في السنوات الأولى من عمر الطفل، تؤدي إلى بعض الاضطرابات في مقدرة الطفل على التركيز في أعمال أخرى أكثر أهمية مثل الدراسة والتحصيل، بل إن بعض ألعاب الكومبيوتر تشجع على الانحرافات السلوكية الخطيرة، التي قد يكتسبها الطفل من المشاهدة مثل انتشار العنف والعدوانية، حيث أثبتت الأبحاث أن الطفل الأقل ذكاء يفضل اختيار الألعاب العنيفة عن غيرها، وبشكل عام يمكن القول أنه ليس كل ما هو متوفر من ألعاب إلكترونية جيدا. ومن واجب كل منا أن يسعى لأن يقدم للطفل الثقافة الضرورية لتنمية قدراته. فوسائل الإعلام سلاح ذو حدين، قد تقوم بدور فعال في توجيه الأطفال وتنشئتهم، أوتكون عكس ذلك من خلال المضامين والمواضيع التي تعالجها. كما يجب أن يتنبه الآباء إلى أن التحكم في الألعاب التي يستخدمها أبناؤهم ليس كل شيء. ولكن عليهم التأكد من زرع القيم والمبادئ القيمة من خلال تربية واعية للطفل ومراقبته جيدا. وعدم السماح له باختيار الألعاب العنيفة والمؤذية صحيا ودينيا. عرضت رئيسة مؤسسة شيلر العالمية (إلغا زيب لاروش)، بحثا مطولا عن مخاطر تعرض الأطفال للموت وآثار ألعاب الفيديو جاء فيه أن البعض يسعون إلى تدمير كل ما هو إنساني. ولهذا فهم يستعملون التقنية من أجل خلق تغييرات في السلوك وغسل الدماغ. فإذا استمر الناس في رؤية هذه المشاهد تموت أرواحهم. وتعبر هذه الباحثة عن صدمتها للجواب الذي سمعته من أحد الأطفال. والذي اعتبرته حالة تحمل في طياتها حالات الآخرين: جميل أن نقتل كي نصبح أقوياء في مواجهة أعدائنا. يجب إبادة الفقراء لأنهم قد يتحولون إلى سارقين يمكن أن يقتلونا.
كيف نقلل من الأضرار؟
ولتقليل الأضرار الصحية للألعاب الإلكترونية وحماية الأطفال، ينصح العلماء بألا تزيد مدة اللعب عن ساعتين يوميا، بشرط أخذ فترات راحة كل 15 دقيقة. وألا تقل المسافة بين الطفل وشاشة الكومبيوتر عن 70 سم. على أن تكون الأدوات المستخدمة في اللعب مطابقة للمواصفات العلمية، كأن يكون ارتفاع حامل الكومبيوترمتناسبا مع حجم الطفل. بالإضافة إلى التأكد من جودة الخامات التي تصنع منها مقاعد الجلوس وكمية الإضاءة المناسبة بالحجرة. وأن يتم إبعاد الأطفال عن الاستخدام المتزايد لألعاب الكومبيوتر الاهتزازية حتى يتجنبوا الإصابة المبكرة بأمراض عضلية خطيرة كارتعاش الذراعين.
نظرة مختلفة لتأثير ألعاب العنف!
يبدو أن نظرة العالم الخارجي إلى مثل هذه الألعاب يختلف عن نظرتنا لها. حيث أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت في النرويج بهذا الشأن. أن ألعاب الكمبيوترالعنيفة تحدث تأثيرا على الأطفال أقل من ذلك الذي تحدثه وسائل الإعلام الأخرى. مثل الأفلام وأشرطة الفيديو. واعتمدت الدراسة المعنونة (ألعاب الكمبيوتروالعنف). على مقابلات مطولة مع 15 طفلا تتراوح أعمارهم بين 11 و19 عاما.
وخلصت إلى أن هؤلاء الأطفال يهتمون بطريقة تصميم الألعاب وكيفية اللعب بها على نحو أكبر من اهتمامهم بالصور التوضيحية العنيفة التي تحتويها. واستخدم الباحث (فالتين كارلسين) من معهد الإعلام والاتصال في جامعة أوسلو. إحدى اللعبات المشهورة بالعنف والتي صدرت منذ عام 1998. تلك اللعبة التي اعتمدت على دهس الأشخاص والكائنات الحية الأخرى بالسيارة من أجل تحقيق المكسب في جولات اللعبة. وعندما تصاب هذه الكائنات في اللعبة فإن الضحايا يمزقون وتسيل دماءهم. وركز الباحث على هذه اللعبة لأنها كانت من العنف بحيث إن بعض البلدان. مثل هولندا والبرازيل. حظرت استيرادها عند أول ظهور لها.
وقال (كارلسين) في بيان صحفي إن الأطفال حتى في هذه اللعبة ركزوا على طريقة اللعب بشكل أكبر من العنف.
وأوضح أنه عندما طلب من العينات أن يصفوا اللعبة لوحظ أن العنف لم يترك لديهم الانطباع الأقوى. بل كان جل اهتمامهم يتركز على كيفية الوصول إلى الهدف. وأكد أن الأطفال وصفوا العنف بأنه مبالغ فيه وغير واقعي. والحقيقة أن تحديد مدى الضرر الذي يلحق بالطفل من جراء تعامله مع هذه الألعاب يختلف بالضرورة تبعا للبيئة التي ينشأ فيها الطفل وما يقدمه له الإعلام في هذه البيئة من طبيعة التعامل مع الآخرين وأخذ واسترداد الحقوق. الأمرالذي يختلف كثيرا عن بيئة أخرى مثل البيئة العربية التي لم يعتد الأطفال فيها على مثل هذه المشاهد والأفكار. ولا شك أن اختلاف البيئة لا يظهر فقط في سياق العنف والقتل وما إلى ذلك ولكن الأمر يمتد ليصل إلى بث الأفكار الهدامة والأخلاقيات التي لا تتناسب مع العادات والتقاليد وطبيعة الدين الإسلامي الحنيف وأوامره.
ألعاب مسيئة للذوق
هناك من الألعاب التي تنتشر نتيجة الانفتاح على الأسواق الغربية والإنترنت وغيرها من وسائل. ما يدعو للإسفاف والرذيلة والترويج للأفكار الاباحية الرخيصة التي تفسد عقول الأطفال والشباب على حد سواء. فمع ازدياد الانفتاح الكبير على العالم الرقمي المفتوح «الإنترنت». وزيادة سرعة الاتصال. حيث اصبح تحميل الأفلام السينمائية والألعاب الكاملة سهلا. أصبح بالإمكان تحميل مواد الألعاب الغريبة ألعاب الإباحة. نحن هنا لا نتكلم عن العاب تحوي مناظر إباحية وأحاديث غير لائقة لأن هذه الألعاب، وللأسف تجاز من الهيئة الرسمية العالمية للألعاب مؤسسة المراقبة العالمية ضمن نظام تصنيف المنتجات ESRB الشهير وهذا النظام الذي يحدد فئة الألعاب وصلاحيتها للاعبين الصغار أو المراهقين أو حتى الكبار. وهذه المؤسسة تمتنع عن ترخيص الألعاب الإباحية، فعلى غرارأفلام الفيديو الإباحية الممنوعة. وأفلام الرسوم المتحركة الإباحية ظهرت العاب الفيديو الإباحية منذ زمن طويل، و بدأت تتسلل إلى أسواقنا العربية عن طريق بعض ضعاف النفوس. الذين يجلبونها عن طريق الإنترنت ومن ثم يقومون بترويجها.
الوعي لم يستطع مواكبة التطورات
والحقيقة أن الوعي العام بهذه المشكلة في المجتمعات العربية لم يزل غير مكتمل إلى الحد المطلوب. خاصة على مستوى الأسر والآباء والأمهات. حيث لا تزال ألعاب الكمبيوتر تعني بالنسبة لكثير من الآباء التسلية والترفيه لأطفالهم وهم لايعلمون أن بعضها قد تضرهم أكثر مما تنفعهم، وتسوء المشكلة بالنسبة لانتشار هذه الألعاب عند المستخدمين لشبكة الإنترنت استخداما سيئا من الشباب والمراهقين، حيث تكون نسبة انتشار الألعاب أكبر من نسبتها عند الأطفال محدودي الدخل والذين لا يدخلون على الشبكة كثيرا. والعلاج يكمن في زيادة الوعي العام بما تحتويه العاب الفيديو ودعم محلات الألعاب بمنع وصول هذه الألعاب.
الحل.. ألعاب إلكترونية إسلامية
لا أحد ينكر أن للألعاب الإلكترونية الغربية الكثير من المساوئ على أبنائنا. بالرغم من جمالها وقوتها. وإن لم يكن يتعمد الإضرار بنا. فإن الغرب يصدرلنا أخلاقه التي لا نقبلها في المجتمع العربي الإسلامي. في شكل ألعاب كومبيوترية، لقد بات بعض شبابنا يتأثر بصورة ملحوظة بما يصدره إلينا الإعلام من أفكار وفلسفات وسلوكيات وأخلاقيات لا تمت إلى مجتمعنا وثقافتنا بأي صلة. ولا يمكن مواجهة ذلك التحدي الخطير إلا بنفس الوسائل والأدوات. فلا يمكن مواجهة الإعلام الغربي إلا بإعلام إسلامي ملتزم وقوي ومؤثر. والآن يأتي السؤال: هل تمثل ألعاب الكومبيوتر في عالمنا الإسلامي ما يستحق هذا الجهد؟. الجواب (نعم). فنحن كعرب نختلف عن الغرب من ناحية التفكير في الأهداف. وبما أن صناعة ألعاب الكومبيوتر من أصعب أنواع البرمجة. يجب ألايهدر المبرمجون في المجتمعات العربية والإسلامية أوقاتهم وطاقاتهم في إنتاج ألعاب لا هدف لها سوى إمضاء الوقت. لماذا لا يبذلون هذا الجهد في تصميم ألعاب مفيدة؟ من الممكن أن تتخذ هذه الألعاب طابعا إسلاميا. وتؤصل للعادات والتقاليد في نفوس مستخدميها . وتؤصل في نفوسهم الشعور القوي باستقلالية الفكر واختلاف الثقافات. والأهم من ذلك أن تشعرهم بقضايا مجتمعهم ومشكلاته. بدلا من أن تنأى بهم عن كل ذلك. إذا يجب أن يكون هناك دورا للمبرمجين العرب والمسلمين لكي يقوموا بنشر ثقافة المجتمع. وبناء الوعي السياسي والاقتصادي وتعميق الانتماء للدين والقيم والأخلاق، والوطن، ومحاربة الفساد والانحراف والانحطاط، وتنمية الثقة بالنفس، والاعتزاز بالهوية الإسلامية.
اين نحن من هذه الصناعة؟
ربما تكون مشكلة عدم وعي المجتمع العربي بأهمية خوض هذا المجال، هي السبب في عدم قدرتنا على إنتاج ألعاب إلكترونية خاصة بنا، مع أن صناعة العاب الفيديو تدر سنويا اكثر من 60 بليون دولار في أمريكا و في اليابان، وفقا لتقديرات العام الماضي، فيما حققت لعبة واحدة Grand Theft Auto Vice City إجمالي أرباح تقدر بخمسمائة وستين مليون دولار. متجاوزة بذلك أرباح فيلم التيتانيك في الولايات المتحدة خلال فترة سنة من اصداره في الاسواق.
محاولات في سوريا و لبنان
لوحظ منذ العام 2001 تحرك عربي في طريق عالم الالعاب التفاعلية VideoGames Intractive قد يعنى إمكانية ازدهار هذه الصناعة وتطورها في السنوات القادمة. وكانت سوريا قد افتتحت عصر العاب الفيديو العربية مع اللعبة العربية الأولى«تحت الرماد». التي أنتجتها إحدى دور النشر والفكر السورية. ثم جاءت بعدها اللعبة العربية الثانية«زويا، محاربة من تدمر» من سوريا كذلك.
وتعتبر اللعبة العربية والمسماة «تحت الرماد» المستوحاة من الانتفاضة الفلسطينية أول لعبة كمبيوتر عربية، في محاولة لتقديم بديل عن الألعاب الأمريكية التي يستعملها الأطفال العرب، وتصور اللعبة شابا فلسطينيا اسمه أحمد يقوم بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين. قبل أن يلتحق بصفوف حزب الله في جنوب لبنان ويشارك في هجوم على موقع إسرائيلي يدمر فيه رادارا ويقتل جنودا إسرائيليين.
وأوضح المدير التنفيذي للمشروع حسان سالم : نريد أن نقدم بديلا للأفكار التي تطرح لأطفالنا عبر الألعاب الأمريكية.
وأضاف: هذا السلاح القادم للجيل الجديدله هدف تربوي. نرغب في أن يتعرف الجيل الصاعد الذي لا يستمع للأخبار على القضية الفلسطينية. واستغرق تصميم لعبة «تحت الرماد» سنة ونصف السنة. وتصل كلفتها إلى حوالي 400 ليرة سورية (ثمانية دولارات). وقد بيع منها حوالي عشرة آلاف نسخة منذ طرحها في الأسواق السورية قبل عدة أشهر. في حين تبحث الجهات المختصة العديد من الطلبات التي تقدمت بها بعض الدول العربية لشراء حق توزيعها.
عنف إيجابي
تتألف اللعبة من عدة مراحل، أولاها الوصول إلى المسجد الأقصى مع تجنب نيران المستوطنين. ورشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة. ثم تبدأ المرحلة الثانية بالوصول إلى حرم المسجد حيث يتوجب على اللاعب مساعدة المصابين للخروج منه.ثم الحصول على سلاح أحد الإسرائيليين وتطهير الحرم من القوات الإسرائيلية.
في المرحلة الثالثة على اللاعب الدخول إلى مستوطنة، ورفع العلم الفلسطيني عليها قبل الدخول إلى مستودع أسلحة إسرائيلي، ومحاولة الاستيلاء على رشاش، لكن اللاعب يقع أسيرا ويحاول الهرب. وفي المرحلة الأخيرة ينضم البطل إلى صفوف المقاومة في جنوب لبنان.
ويشارك في هجوم على موقع إسرائيلي يدمر فيه رادارا ويقتل جنودا إسرائيليين، ويفوز اللاعب إذا توصل إلى اجتياز جميع المراحل دون أن يصاب. ويشير مسوقو اللعبة إلى أن البطل فيها لا يهاجم إلا «قوات الاحتلال والجنود والمستوطنين ولا يتعرض للمدنيين». أما لبنان فقد جاءت محاولتها لإصدار اللعبة العربية الثالثة على مستوى العالم العربي بأيدي أمريكية. تماما كما فعلت الإمارات في لعبتها «اسطورة زورد». والحقيقة أننا كنا نريد إنتاجا عربيا خالصا لا تشوبه شائبة الغرب، سواء بالفكر أو بالتصميم وإنتاج الأفكار، ولكن الاستفادة من الخبرات الغربية يمكن أن يكون مقبولا خاصة في بداية الإنتاج إلى أن يكتسب المبرمجون والمنتجون العرب تلك الخبرة التي تخول لهم إنتاج الألعاب العربية الخالصة.
جامعة العاب الفيديو..
فكرة لبنانية
في خطوة الهدف منها بالطبع تعزيز مكانة عالم الألعاب التفاعلية في لبنان، تعاون معهد «ديجي بن DigiPen » لتعليم مصممي العاب الفيديو. مع جامعة الكسليك اللبنانية، حيث فتحت الجامعة قسما لتصميم الألعاب التفاعلية و الرسوم الثلاثيةالأبعاد، وهذه هي الكلية الأولى في العالم العربي المتخصصة في تدريب الكوادر لتصميم العاب الفيديو في المستقبل، حيث يحصل المتخرج على شهادة بكالوريوس معتمدة رسميا لدى كافة شركات تصميم الألعاب في العالم وقسم الألعاب التفاعلية والرسوم الثلاثية الأبعاد في جامعة الكسليك اللبنانية. يعتبر رسميا فرع لمعهد «ديجي بن DigiPen» الذي يملك فروعا في كل من بريطانيا و ألمانيا، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وساهم معهد «ديجي بن DigiPen» في توفير كل المستلزمات الخاصة لفرع لبنان، حيث تم تزويد الفرع بعدد من أجهزة الكمبيوتر المتطورة المجهزة لتصميم الألعاب، وبذلك تتبنى لبنان مشروعا هو الأول من نوعه عربيا، لتكون لبنان بذلك الدولة العربية الوحيدة التي تملك قاعدة من مصممي الألعاب المحترفين.