عندما يقرأ الجهاز حركة الشفاه سرعة الكومبيوتر مقياس التقدم
* إبراهيم الماجد
أجهزة كومبيوتر أسرع تعني برامج أكثر تطورا وأعم فائدة، فكلما تمكنت الشركات من صناعة مكونات اكثر قوة وكفاءة لجهاز الكومبيوتر، ستقوم شركات البرامج مباشرة باستغلال هامش السرعة الإضافي لتحضير برامج وأنظمة برمجية اكثر إدهاشا، إذا حاولنا تحديد رأس قيادة هذه المسيرة في تطوير تكنولوجيا المعلوماتية، سنصل إلى قطاع أساسي هو قطاع الأجهزة والمكونات Hardware الذي يحرك العالم المعلوماتي على ايقاع خطواته ويحدد سرعة التقدم على أساس سرعته، ويمكن القول ان قطاعات الاقتصاد في العالم على تنوعها تضبط إيقاعها على سرعة خطوات مصنعي قطع أجهزة الكومبيوتر، ويأتي على رأس مصنعي قطع الأجهزة الشركات التي تتخصص في ابتكار الرقائق Chips، وهي المسؤولة عن سرعة نشاط معالجة المعلومات في اي جهاز كومبيوتر، وهذا طبعا لا ينتقص من قيمة الشركات التي تصنع أجهزة التخزين ووسائله وادواته مثل جهاز قراءة المعلومات وتسجيلها على الأقراص بمختلف أنواعه سواء «القرص الصلب الثابت» Fixed Hard Disk أو المدمج Compact أو DVD أو القرص اللين Floppy Disk، وغيرها.
مزايا التقدم التقني
شهد العالم في الآونة الأخيرة تقدما تقنيا مذهلا، بسرعة أدت إلى عدم التنبه لعدد الفوائد والثمار ونوعيتها،، ان كل برامج الكومبيوتر التي نستخدمها اليوم كتلك المتخصصة في معالجة النصوص والصور والفيديو ، إضافةإلى أنظمة التشغيل مثل ماكنتوش وويندوز Win، والبرامج الخاصة بقطاعات الاقتصاد المختلفة إضافة إلى البرامج الطبية والاستشفائية والفضائية والعسكرية ... كل هذه البرامج هي نتيجة تقدم سرعة المعالجات وسائر مكونات الكومبيوتر. لكن الأكثر تميزا من كل هذه البرامج هو ما قدمته لنا مراكز البحوث والتطويرفي شركات مثل مايكروسوفت واوراكل وIBM وLucent ونوكيا وسوني وغيرها، فقبل اقل من عقد مثلا تعرفنا على برامج الذكاء الاصطناعي وأنظمة البحث عن الحياة خارج كوكبنا وغيرها، مثل أنظمة التعرف على الصوت وأنظمة برامج الجينوم البشري وأنظمة المراصد والرادارات الفلكية... وقد تم تناول هذه المواضيع إلى درجة باتت فيها خبرا عاديا، إلا أنها لا تزال في الحقيقة أمرا في غاية الأهمية ولاسيما ان سرعة معدات الكومبيوتر استمرت في التطور مما يعني ان الأنظمة أيضاً ازدادت تقدما.
وعلى هذا الأساس يعتبر المراقبون ان التقدم العلمي العالي الذي بات مرتبطاإلى حد كبير بجهاز الكومبيوتر، تتوقف مسيرة تطوره بشكل واضح على سرعة المعالجات Processors، والمعالجات التي تستخدمها الشركات في مكونات الكومبيوتر المنزلي هي غير تلك التي يتم تركيبها في كومبيوترات مخصصة لمراكز الأبحاث.
كومبيوتر فائق السرعة
الكومبيوتر الفائق السرعة أو «سوبر كومبيوتر» هو علامة التفوق العلمية لأي بلد أو شركة أو جيش في العالم، ومن يملك هذا النوع من الأجهزة يمكنه الادعاء أنه في الصدارة العلمية للحضارة البشرية، أو على الأقل انه يمتلك جهازا يستطيع مسح الحضارة البشرية وقراءتها وحفظها وتبويبها بكل ما سجله تاريخها بلحظات في معالجاته الإلكترونية. ويمكن فهم أهمية هذا النوع من الكومبيوترات عندما نعلم انه بينما يحتوي الكومبيوترالمنزلي على معالج واحد، يحتوي الكومبيوتر الفائق السرعة أحيانا على عشرة آلاف معالج! وتجدر الإشارة إلى ان ثمة فرقا شاسعا بين معالج الكومبيوترالمنزلي ومعالج الكمبيوتر العملاق Super Computer لأن الأول لا تتخطى سرعته 2 إلى 3 جيغاهرتز بينما الثاني تصل سرعته إلى أضعاف سرعة الأول.
واشهر مثل على (SC (Super Computer هو Deep blue الذي صنعته IBM وتحدى به بطل العالم في الشطرنج عام 1997 كذلك تشهر شركات صناعة السيارات مثل Volvo بأنها تستخدم SC في تصميمها وتنفيذها لمشاريعها، وتدير SC غرف عمليات رصد الأحوال الجوية بما فيها الأعاصير والتلوث والزلازل والبراكين إضافة إلى النيازك والكواكب المحيطة بالأرض... ولا يوجد في عالمنا من هذه الكومبيوترات سوى بضع مئات يتركز انتشارها في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يوجد سوى اثنين الأول في تل أبيب صنعته شركة SGIواسمه «Origin» ويحتوي على 112 معالجا ويستخدم لأغراض عسكرية تكنولوجية، والثاني في شركة ارامكو الأميركية في السعودية صنعته شركة IBM واسمه «SPPower» ويحتوي على 96 معالجا ويستخدم في قطاع التنقيب عن النفط واستخراجه وتكريره.
السرعة الآتية من الشمال
اشهر صانعي Chips وسائر المعالجات هم في الولايات المتحدة مثل IBM وانتل وAMD... وقد توصلوا إلى سرعات تصل إلى 3 آلاف ميغاهرتز كما في معالج إنتل Intel الذي يتبع سلسلة معالجات عائلة «زيون» Xeon، ويستخدم أساسا هذا النوع من المعالجات في الخوادم Servers التي تضبط عمل شبكات اتصالات الكومبيوترالداخلية والمحلية والمناطقية والواسعة...
أما لأجهزة الكومبيوتر المنزلية فقد قدمت الشركات معالجات تفوق سرعتها 4 آلاف ميغاهرتز، وهذا أحيانا يعد حسنة إضافية غير ضرورية لدى البعض، ومن المفترض ان تستمر أجهزة الكومبيوتر في تقدمها نحو مزيد من السرعة وصولا إلى 10 آلاف ميغاهرتز بعد اقل من خمس سنوات، لتنتقل بعدها إلى وحدات قياس جديدة.
كومبيوتر يقرأ الشفاه
زيادة السرعة تعني المزيد من البرامج، وقريبا سيثير كل الناس إلى أن الكومبيوترسيغدو قادرا على قراءة الشفاه! فقد أكدت شركة Intel في «منتدى مطوري إنتل» IDF أخيراً ان باحثيها صمموا برنامجا يسمح للمطورين بتصنيع أجهزة كومبيوترترى الشفاه وتقرأها تماما كما يفعل الإنسان وذلك لكي تفهم الأوامرالشفهية في شكل افضل. وحاليا هناك برامج كومبيوتر تستطيع التعرف على صوت المستخدم عندما يخلو مكان العمل من الضجيج أو عند استخدام سماعة رأسية جيدة علما ان السماعة والميكروفون تقل دقتهما مع صدور أي أصوات وان كانت خفيفة، لذلك فإن ما فعله باحثو إنتل هو انهم دمجوا بين صوت المستخدم وحركة شفتيه لكي يقرأ الكومبيوتر ما يقوله، وبعد ان يأخذ الكومبيوتر المعطيات الصوتية والفيديوية يدمجها ويحصل على دقة اكبر في التعرف على الكلمات التي ينطق بها المستخدم، وتأتي التقنية الجديدة عبر برنامج AVSR وهو جزء من مكتبة Open CV لرؤية الكومبيوتر التابعة لشركة Intel والتي تضم نحو 600 وظيفة تصويرية تساعد الباحثين في تطوير تطبيقات رؤية الكومبيوتر، وتجدر الإشارة إلى ان المطورين يستخدمون شفرة Open CV لكي يعملوا على مشاريع تطبيقات تراوح ما بين الألعاب الإلكترونية والتصنيع في قطاعات مثل السيارات والمحركات وغيرها... وتفتح هذه المكتبة أبوابها لأي مطور لغات كومبيوتر في العالم ليستفيد منها مجانا دون ضوابط الملكية الفكرية، ويمكن الراغبين في الانضمام إلى مجموعة المستخدمين ان يسجلوا أسماءهم groups.yahoo.com ومن ثم الاشتراك عبر إرسال بريد إلكتروني إلى Open CV على العنوان subscribe@yahoogroups.com.
ومع ان شركات عديدة أخرى تعمل أيضا في هذا المجال إلا ان إنتل استثمرت بقوة في هذا المشروع وطورت نموذجا لا مركزيا للأبحاث يضم نحو 70 مختبراً في العالم.
وتتمركز غالبية مطوري برامج AVSR في العاصمة الصينية بيجينغ ضمن مركز أبحاث، ويعمل في هذا المركز المؤسس عام 1998 أكثر من 40 عالماً ومهندسا ضمن مجالات مثل «رؤية الكومبيوتر» و«الملتيميديا» والترجمة والشبكات، ويستمر التطور تقوده سرعة الكومبيوتر، ومن يملك التقنية يملك الأنظمة والبرامج، ومن يملك هذه المعرفة يتصدر مسيرة العلم والبحث.