لضمان التوافق التقني معايير موحدة في قطاع التكنولوجيا
إبراهيم الماجد
بعد سنوات متواصلة من الابتكارات التقنية والإنفاق الضخم على التجهيزات الجديدة المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات، يميل القطاع التكنولوجي برمته إلى اعتماد معايير موحدة لضمان التوافق التقني وجعل المعدات والبرامج تعمل كلها معا. وينطبق هذا الواقع على مختلف الشركات الكمبيوترية ومجالاتها المتنوعة وأنظمتها المتعددة، سواء كانت أجهزة مزودة من شركة (صن مايكروسيستمز) Sun Microsystems، أو أجهزة شبكية موجهة من (سيسكو سيستمز) Cisco Systems، أو أنظمة تخزين من شركة (إي أم سي) E M C، على سبيل المثال لا الحصر، ومن الواضح أن العام الجاري2003 بدأ يشهد بروز مجموعة واسعة من منتجات الشبكات والتخزين والمعالجة المزودة، القابلة للإدارة والتحكم انطلاقا من منصة مركزية.
تعرف هذه الطريقة الفذة ب (نظام إدارة التكنولوجيا) Technology Mangement System المرتكزة على التشبيه الظاهري Virtualization، ويقوم التشبيه الظاهري على تقنية التجزئة التي تسمح للعديد من بيئات التشغيل المتنوعة والمستقلة، باستخدام مجموعة واحدة فقط من الموارد الضرورية، فعلى سبيل المثال سوف تتماشى أجهزة (صن) المزودة للشبكات والعالية الأداء، مع الأجهزة المزودة المنخفضة التكلفة من إنتاج شركات غير معروفة في أسواق التكنولوجيا، ولكن كلا النوعين المختلفين من هذه الأجهزة المزودة سوف يغدو جاهزا لتنفيذ جميع المهام الكمبيوترية وتلبية سائر متطلبات المستعملين ويقوم التشبيه الظاهري أيضا على التشبيه الاصطناعي بالواقع الفعلي الى أقصى حد ممكن.
التشبيه الظاهري
إن الحافز الرئيسي لهذا الاتجاه التكنولوجي يعود إلى أسباب اقتصادية صرفة على صعيد الموارد الكمبيوترية، ذلك أن هذه الموارد لا يتم استخدامها بشكل تام، وعلى سبيل المثال، فإن بيانات شركة (آي بي أم) IBM وهي أكبر شركة كمبيوترفي العالم، تدل على أن استخدام القدرة المزودة يتم بنسبة 40% من مجمل القدرات المبيتة في هذه الأجهزة، وبتعبير آخر، فإن 60% من الطاقة المعالجة للكمبيوترالمزود للبريد الإلكتروني، يمكن استخدامها لتنفيذ مهام أخرى مثل استضافة الشبكات الداخلية أو حتى الطباعة.
ويمكن التأكيد من أن تقنية التشبيه الظاهري تحد من النفقات الرئيسية بحيث لا تعود هنالك حاجة إلى شراء تجهيزات جديدة، كما أنها تخفض كلفة إدارة تكنولوجيا المعلومات، والواقع أن الشركات قد تدفع نحو دولار واحد مقابل كل ميغابايت للحصول على سعة تخزين مناسبة في سواقة الأقراص الصلبة، ولكنها ستضطر الى دفع 8 دولارات إضافية مقابل كل ميغابايت، سنويا، من أجل إدارة هذا النظام التخزيني، وتشير مؤسسة الأبحاث التكنولوجية (ستراتيجيك ريسرتش) StrategicResearch أيضا الى أن الأجهزة المزودة لا تختلف كذلك في هذا المجال، فإذا كان سعر بضعة أجهزة كمبيوترية مزودة يبلغ خمسين ألف دولار، يمكن القول ان نظاما إداريا متكاملا لإبقاء هذه الأجهزة قيد التشغيل على مدار الساعة، يكلف خمسة وسبعين ألف دولار سنويا أي أكثر بمعدل 50% من سعر الأجهزة نفسها.
تقنيات المرحلة
ليس مفهوم التشبيه الظاهري بالأمر الجديد، فقد كان جزءا من المعالجة الكمبيوترية الإيوانيةMainframe خلال الثمانينيات، أما على صعيد قطاع التخزين الرقمي، فان التشبيه الظاهري برز في بداية عام 2000 حين بدأ مديرو الأقسام الكمبيوترية البحث عن وسائل زهيدة التكلفة لزيادة سعة التخزين في شبكاتهم ومعاملتها كوحدة فيزيائية متكاملة، وكانت شركات حديثة العهد ومتخصصة في أنظمة التخزين قد تأسست بهدف الإفادة من هذه التقنية، مثل شركة (فالكون ستور) FalconStor.وفي مرحلة لاحقة، ظهر اهتمام الشركات الكبرى مثل (صن) Sun التي سارعت الى امتلاك شركة (بايرس نتووركس) Pirus Networks المعنية بقطاعي التخزين والتشبيك، مقابل مبلغ 150 مليون دولار، وتسعى (صن) الى تطوير تقنيات التشبيه الظاهري حتى تغدو جزءا لا يتجزأ من برامجها المبيتة في جميع أنظمتها الكمبيوترية، سواء على صعيد التخزين أو الأجهزة المزودة. ومن المتوقع أن تحذو حذوها شركات كبرى أخرى مثل (سيسكو) Cisco و(آي بي أم)، غير ان الأمر يتطلب أموالا طائلة أيضا لتعديل الأنظمة وابتكار البرامج الملائمة، وعلى أية حال، فإن المشاريع لدى الشركات الكبرى المعنية أصبحت جاهزة الآن، فهنالك مبادرة (أن 1) N1 لدى شركة (صن)، ومشاريع (أوشيانا) Oceanaو(إي لايزا) eLiza لدى (آي بي أم)، كما أن (سيسكو) قد عدلت خطوطها الإنتاجية لتلبية احتياجات المؤسسات الكبرى المتطلعة إلى تقنيات التشبيه الظاهري بهدف الإفادة منها.
ولا شك أن قطاع تكنولوجيا المعلومات سيستفيد من دفعة قوية إلى الأمام. هو بأمس الحاجة إليها خاصة في ظل انحسار المبيعات الكمبيوترية والانكماش الاقتصادي الراهن، كما أن التجهيزات الكمبيوترية القديمة سوف تنتعش مجددا في ضوء التقنيات الظاهرية المبتكرة، وبطبيعة الحال، ستغدو إدارة الأنظمة التكنولوجية المتباينة أقل كلفة، مع ارتفاع الرصيد المعنوي لمديري أقسام المعلومات لدى الشركات.