التقنيات الحديثة توفر فرص العمل وتقدم لهم الكسب السهل الدمج يمنح المعاق فرصة كبيرة للنمو أكاديمياً واجتماعياً ونفسياً 10% من سكان العالم معاقون التكنولوجيا تحرر ذوي الاحتياجات من سجن الإعاقة
|
تتزايد الحوادث المتعلقة بالكمبيوتر يوما بعد يوم، رغم الجهود المكثفة التي تبذلها الشركات العملاقة مثل مايكروسوفت وغيرها لتوفير الجانب الأمني وتضييق الخناق على الهاكرز، إلا ان غالبية هذه الجهود تذهب سدى، بفضل الأساليب غير التقليدية التي يلجأ اليها القراصنة والتي تسبب خسائر مادية تجاوز المليارات بالنسبة لشركات الكمبيوتر من جانب وغيرها من الهيئات والمصالح التي تعتمد على الحاسب الآلي في تسيير أعمالها.
تعتبر الإعاقة من المشكلات المهمة التي تواجه الأمم على مختلف طبقاتها وتصنيفاتها كما تختلف المشكلة حسب نظرة المجتمعات المختلفة لها وحسب الأساليب التي تتبعها تلك المجتمعات في معاملة مثل تلك الفئات.. أرقام منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن أعداد المعاقين في مختلف مجتمعات العالم تسجل زيادة هائلة تصل إلى نسبة 810% من سكان العالم إضافة إلى أن معظم حالات الإعاقة التي سجلت كانت في المجتمعات النامية والفقيرة نظرا لقلة التعليم والوعي الصحي الأمر الذي يزيد من معاناة هذه الشعوب، تلك الظروف التي تتضافر جميعها من أجل زيادة أعباء الشعوب بالإضافة إلى أنها تزيد من تفاقم المشكلة، كما تدل هذه الأرقام على وجود ملايين من حالات الإعاقة من مختلف الأعمار والفئات.
وبالنسبة لعالمنا العربي فإن الإحصائيات المبدئية وغير الموثقة أيضا تشير إلى أن عدد المعاقين يقدر بحوالي 20 مليون شخص كما يزيد في قارة أفريقيا على 100 مليون شخص كما أن هذه الأعداد في تزايد مستمر، ولعل العبارة الأخيرة تعكس إلى حد ما مدى العناية غير الكافية وربما المنعدمة لتلك الفئات الخاصة من فئات المجتمع، حيث ان هناك حالة من عدم الاهتمام بالمعاقين ومشكلاتهم تتضح جلية كلما نظرنا للمجتمعات العربية والدول النامية بشكل عام، إن نظرة المجتمعات العربية لجماعات الاحتياجات الخاصة من شأنها أن تزيد الأمر سوءا بالنسبة للمعاقين أنفسهم ومجتمعاتهم على حد سواء، إن اتجاهات الناس ونظرتهم نحو المعاقين ظلت لوقت طويل ذات طابع سلبي قد يجعل المشكلة تتفاقم.
* خجل الإعاقة:
هناك من يجد حرجا شديدا في الحديث عن الموضوعات المتعلقة بحالات الإعاقة وهناك من يخجل من الاعتراف بوجود فرد معاق في الأسرة لدرجة أن هذا يمكن أن يمنع الكثير من الأسر من التعامل مع الأجهزة والمراكز التي تقدم خدمات التأهيل.
أما على المستوى الدولي فالأمثلة كثيرة ومن أهمها عدم تفعيل بعض الدول العربية للتشريعات الخاصة بالمعاقين ناهيك عن نقص هذه التشريعات أصلا، فبالإضافة إلى الاستمرار في التمييز السلبي ضد المعاقين، والبطالة الحادة التي تعانيها هذه الفئة من المجتمع مما ينتج عنه من إصابة عائلات هؤلاء الأفراد بالفقر بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأمية بينهم، ولعل الحالة الاقتصادية المتدنية في كثير من البلدان العربية هو ما يجعل بعض الحكومات غير قادرة على تخصيص ميزانيات معينة لملاءمة احتياجات الأفراد المعاقين، مثلما يحدث في المجتمعات الغربية، حيث يقتصر دور الحكومات العربية على خدمات الرعاية الصحية والإيواء تلك المحاولات التي تعزل هذه الفئة عن المجتمع اكثر من محاولة إشراكهم فيه كعناصر منتجة فعالة ناهيك عن إغفال إشراكهم في رسم السياسات العامة وصنع القرار.
وليس المقصود بالطبع أن هناك تجاهلاً تاماً من قبل تلك الدول والمجتمعات سواء على مستوى الحكومات أو الأفراد، إذ ان هناك العديد من المجهودات المبذولة في كل دولة على حدة إضافة إلى المساعي الدولية تجاه إنشاء المنظمات والهيئات التي تدعو إلى الاستفادة من هذه الطاقات المهدرة وعدم تهميش أفرادها، كما أن هناك العديد من المشاريع التي يقوم عليها الكثير من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والتي تهتم بتحسين وضع هذه الطبقات وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لهم، ولكن كل هذه المجهودات فردية حتى وإن ساهمت الحكومات فيها، فإننا إذا أردنا أن نقيم هذه المجهودات فإن من الواجب علينا النظر إلى المشكلات التي يعاني منها أصحاب هذه المشكلة بكل أبعادها وإلى أي مدى أثرت هذه الإسهامات في حل مشكلاتهم بل وإلى أي مدى نجحت محاولات دمج هذه الفئة في المجتمع العادي والاستفادة منهم كطاقة بشرية، ويؤكد الكثير من المهتمين بهذه الفئة على أهمية هذا الدمج حيث يقلل من الفوارق الاجتماعية والنفسية بين الأفراد أنفسهم، ويخلصهم من الوصمة التي يمكن أن يخلقها وجوده في المدارس العادية، كما أن الدمج من شأنه أن يعطي فرصة أكبر بالنسبة لفئة المعاقين من الأطفال للنمو أكاديميا واجتماعيا ونفسيا بشكل جيد كما يساعدهم أيضا على تكوين علاقات اجتماعية سليمة.
* مصطلح عالمي:
إن تحديد مصطلح الإعاقة لا يزال يتعرض لكثير من المناقشات، إلا أنه حتى الآن ليست هناك تصنيفات مقبولة عالميا للإعاقة بالرغم من الجهود المبذولة لتحقيق هذا الغرض، وتختلف المصطلحات المستخدمة بشكل شائع للإعاقة من دولة إلى أخرى وبين جماعات الإعاقة المختلفة في نفس الدولة، ويجب ألا يقتصر مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة فقط على المفهوم المحدود الذي يعرفه كثير منا والذي يعني وجود مشكلات ظاهرة في جسم الفرد كمشكلة في اليدين أو الساقين مما يمنع الفرد من الحركة أو التعامل باليدين مثلا، أو ربما يستخدم هذا المصطلح فقط لوصف الأفراد من المكفوفين والصم وما إلى ذلك، والحقيقة أن ما يتبادر إلى الذهن بمجرد سماع هذه الكلمة يقل بكثير عما هو الحال عليه؛ إذ ان هناك مفهوماً أشمل وأعم من ذلك تنظر به الهيئات العالمية المهتمة بهذا الشأن، إن هناك تصنيفات عديدة للحالات التي يمكن أن نطلق عليها هذا المصطلح والتي تختلف بحسب حجم المشكلة التي يعاني منها ذوو الاحتياجات الخاصة وبحسب إمكانية تعاملهم واندماجهم في المجتمع، إن الأصل في كلمة الإعاقة التي قد يستخدمها البعض أحيانا هو كل ما يعيق الفرد عن أداء مهمة أو وظيفة معينة، وعلى ذلك فالمصطلح شامل لكثير من الحالات والتي يمكن ألا تكون ظاهرة في الفرد ولكنها تعيقه عن أداء شيءما، وبالتالي نجد أن تصنيفات منظمة الصحة العالمية بهذا الشأن يندرج تحتها الكثير من الإعاقات التي يمكن لنا أن ننظر إليها على أنها عادية أو أنها ليست بعائقة في الأصل، فمثلا تصنف منظمة الصحة العالمية المعاناة مرض عمى الألوان على أنه إعاقة، إضافة إلى أن الأمراض المعدية التي يمكن للمرء أن يصاب بها تعتبر إعاقة تمنع المريض من التعامل مع الآخرين والاختلاط بهم، بالإضافة إلى أن مجرد وجود تاريخ مرضي لعائلة الفرد تجعله إلى حد ما معاقا ويحتاج إلى رعاية خاصة، كذلك يعتبر المسنون من فئة المعاقين جسديا كلما تقدموا في السن وكلما ازدادت حاجتهم للاعتماد على غيرهم في تدبير شؤون الحياة، كما أن معظم التصنيفات التي تقوم عليها التفرقة بين حالات الإعاقة تأخذ بعين الاعتبار قدرة الأفراد على العمل وتحمل مسؤولية الأعمال الموكلة إليهم في الوظائف والمجالات المختلفة، أضف إلى ذلك أن الحصول على عمل يقتضي أيضا تهيئة الظروف البيئية المحيطة وموقع العمل وإزالة جميع المعوقات التي يمكن أن توجد في محيط العمل.
* خدمة ذوي الاحتياجات:
عندما تطرح فكرة دمج هذه الفئة من المجتمع يتبادر إلى الذهن العديد من التساؤلات عن كيفية تمكينها من التعامل مع ما توصلت إليه التكنولوجيا في المجتمع الآن من تقنيات ومخترعات أصبح من المستحيل أن تسير الحياة بدونها، فهل يستفيد أصحاب الاحتياجات الخاصة من هذه التقنيات الحديثة في ملاءمة أوضاعهم مع سمات المجتمع اليوم؟ هل تم تأهيل الأفراد في المجتمعات المختلفة لكي يواكبوا ركب الحياة الجديدة؟ إلى أي حد تمكنت التكنولوجيا والعلوم الحديثة من تضييق الفجوة بين ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الاحتياجات العادية، وإلى أي حد تقدم لهم الخدمات؟.
الحقيقة أن العصر الحديث وما يتحلى به من تقدم وانتشار للمخترعات التي تعمل على راحة الإنسان بغض النظر على حالته ومدى كفاءته قد قدمت الكثير من الخدمات والمساعدات على الأخص لهذه الفئة من المجتمع، كما تفتح التكنولوجيا الحديثة الباب أمام تسهيل التعامل مع الآلات الحديثة التي يعمل بها العالم الآن وبالتالي فهي تعينهم للحصول على فرص عمل أكثر وبالتالي فهي تقدم لهم الكسب السهل دون المعاناة التي يتكبدونها، والأمثلة على تدخل التكنولوجيا في هذه الشؤون كثيرة، بداية مما نشاهده يوميا من أناس يتنقلون على الكراسي المتحركة ونهاية بمن يضعون السماعات في الأذن لأن لديهم مشكلات في السمع، حتى ان النظارات والعدسات التي تعالج مشكلات البصر تعتبر ضمن مظاهر التكنولوجيا التي تساعد الكثير من المرضى في الخروج من قفص الإعاقة والاندماج في المجتمع.
* العالم الخارجي:
إذا كانت المساعدات التي تقدمها التكنولوجيا والتقدم العلمي لهؤلاء الأفراد كثيرة فلا عجب أن تكون فئات ذوي الاحتياجات الخاصة الموجودة في مجتمعات العالم الغربي أكثر استفادة من نظائرهم في المجتمعات الأخرى، وبالفعل فإن من الممكن القول إن المجتمعات الغربية أفضل حالا من المجتمعات العربية في هذا الشأن.
ومن أهم مظاهر التميز فكرة المساواة بين الفرد المعاق وبقية المجتمع دون النظر إلى الحالة الصحية طالما يمكن للجميع التكيف والتعامل مع بقية الأفراد وتحقيق الإنتاجية المطلوبة منه في محيط عمله، وحيث كان الحديث السابق عن التكيف وتهيئة الظروف في البيئة المحيطة فإن من الواجب التعرف على ما تبذله الحكومات من جهد للعمل على توفير حرية التنقل واستخدام المرافق العامة للمعاقين بكل سهولة كما تعمل على أن يقضي المرء احتياجاته الخاصة دون الحاجة إلى المساعدة من أحد وبشكل مستقل، ومن المجالات التي تهتم بها الدول الآن والتي تتعلق بهذا الشأن مجال العمل، إن هناك العديد من الإجراءات التي يجب أن يقوم بها أصحاب الأعمال والتي تراقبها الحكومة بشدة، ومن هذه
الإجراءات إلزام صاحب العمل بتوفير الاحتياجات الضرورية بداية من البناء الذي سيعمل فيه الموظفون ونهاية بالأجهزة التي سوف يعملون عليها، بل والأكثر من ذلك أن على أصحاب الأعمال مراعاة طرق الإعلان عن وظائفهم بالوسائل المختلفة ومراعاة الطرق التي يمكن للمتقدمين من ذوي الاحتياجات الخاصة التقدم بها للوظيفة، بالإضافة إلى شروط التعيين وعدد ساعات العمل والأجور والمرتبات والمتابعة الصحية.
وسعيا إلى تشجيع أصحاب الأعمال على الأخذ بأيدي الفئات المعاقة قررت الحكومة في الولايات المتحدة مثلا عدم التعامل مع شركات القطاع الخاص في كل المجالات إلا إذا كانت تستخدم الموظفين المؤهلين ضمن موظفيها، حرصا منها على تقليل نسبة البطالة، هذا بالإضافة إلى أن الشركات التي تسعى للتعامل مع الحكومة لا بد وأن تكون مجهزة بالوسائل الخاصة التي يمكن للموظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة استخدامها.
وبالنسبة لمجال النقل والمواصلات هناك العديد من المتطلبات التي يجب أن تتوفر من قبل القائمين على هذه القطاعات، وهذه المتطلبات من شأنها أن تضمن عدم التمييز بين الأفراد ذوي القدرات المختلفة، كما أنه من الواجب عليها توفير سيارات التنقل الخاصة بالمعاقين المجهزة خصيصا لها أو التي يسهل استخدامها من قبل مختلف الأفراد، إضافة إلى توفير وإعادة تصنيع وسائل النقل العامة التي يسهل استخدامها من قبل هؤلاء الأفراد، كما يشمل ذلك جميع وسائل المواصلات العامة مثل القطارات ومترو الأنفاق، بالإضافة إلى الطائرات واستخدام المعاقين للرحلات الجوية والتي تسعى الحكومات إلى تجهيز الطائرات بوسائل الراحة لهم وتجهيز المطارات من الداخل لتوائم احتياجاتهم، ناهيك عن تجهيز الطرق العامة وإعدادها لكي يسهل التنقل للمارة بدون التعرض للحوادث أو إعاقة حركة مرورالسيارات العادية.
* عصر المعلومات:
في هذا العصر الذي يتسم بأنه عصر المعلومات فإنه من الواجب أخلاقيا على القائمين على شؤون المجتمع أن يضمن المجتمع بكل فئاته الفرص المتساوية في الحصول على المعلومات الضرورية لثقافتهم وتعلمهم، ولأن توفر المعلومات الآن غالباً ما يكون عن طريق أنظمة الكمبيوتر وشبكات الإنترنت فإن هناك الكثير من المجهودات التي بذلت من أجل تسهيل التعلم عن طريق الحاسب وتسهيل طرق استخدامه لكافة الأفراد، والحقيقة أن عالم التقنيات والتكنولوجيا قد أسهم كثيرا في إنشاء عالم من الأجهزة وبرامج الحاسب الآلي المعدة خصيصا لهذه الفئة من الناس كما أن المخترعات تتطور يوما بعد يوم لمزيد من التواصل و إيصال هذه الفئات إلى عصر المعلومات الجديد، من جهة أخرى هناك الكثير من القوانين التي تقرها الحكومة وتفرض على أصحاب الشركات والمصانع المنتجة للمعدات والأجهزة الإلكترونية أن تضع في اعتبارها أن ما تنتجه من أجهزة لا بد وأن يكون مناسبا للاستخدام من قبل فئة ذوي الاحتياجات الخاصة تماما كما يهتمون بأن تناسب هذه المنتجات ذوي الاحتياجات العادية وترضي أذواقهم، ويشمل ذلك المميزات التقنية كما يشمل أيضا الشكل الخارجي للأجهزة المستخدمة من حيث كونها سهلة الحمل والنقل، ومن الأمثلة على ذلك إنتاج أجهزة الهواتف النقالة والبيجر المزودة بخاصية الاهتزاز، ومثل كاشف الأرقام التليفونية الناطق، هذا بالإضافة إلى القوانين التي تحتم على شبكات الاتصالات استخدام أنظمة متطورة تضمن خدمات اكثر تفاعلا مع الأفراد الذين يعانون من مشكلات في السمع والنطق والتي تسمح لهم بإجراء المحادثات الهاتفية بسهولة، أما من حيث الصورة فإن القوانين تضمن للمعاقين أن تكون هناك وسائل عرض أوضح من حيث الصورة والألوان لمن يعانون من مشكلات تتعلق بالرؤية.
كما يتمكن المعاقون من استخدام الأجهزة العامة في المصالح الحكومية مثل أجهزة التصويت في الانتخابات الإلكترونية والحاسب الآلي الخاصة والتي تساعد المواطنين في التواصل مع المعلومات، وهذا فيما يتعلق بالموظفين الحكوميين والأفراد من العملاء على حد سواء، وتعني مسألة تمكين المعاقين من استخدام الأجهزة العامة أن تكون الأجهزة متعددة الطرق في عرض المعلومات كأن تكون مثلا أجهزة سمعية أي تقدم المعلومات عن طريق الصوت بالإضافة إلى كونها بصرية ليتمكن ضعاف السمع من رؤية البيانات مكتوبة، وكمثال آخر فإن أجهزة الحاسب الآلي التي تستخدم الفأرة كوسيلة للتعامل مع محتويات الجهاز لا تعتبر أجهزة مهيأة لاستخدام ذوي الاحتياجات الخاصة ممن لديهم مشكلات تتعلق بالأطراف العلوية، إن بعض الأجهزة تحتاج إلى التكيف مع هذه الحالات عن طريق برامج الكمبيوتر الخاصة وبواسطة بعض الوسائل المساعدة الأخرى.
وإذا كان التعامل مع أجهزة الكمبيوتر أمرا مهما بالنسبة للموظفين والمواطنين العاديين من ذوي الاحتياجات الخاصة فإن الأهمية تتضاعف في حالة الحديث عن مجال التعليم والطلبة والدارسين، والحقيقة أن الحديث عن الإعاقة في مجال التعليم سوف يوسع دائرة المجال الذي نحن بصدده الآن ليشمل ذوي الإعاقات الذهنية ومن لديهم صعوبات في التعلم، كما أن مجال الكمبيوتر بمخاطبته العقل في المقام الأول فإنه من الأهمية بمكان أن تكون هناك أنظمه وبرامج خاصة تخاطب ذوي الإعاقات الذهنية لكي تعينهم على أخذ أكبر قسط من العلوم والاستفادة منها وخاصة علوم الحاسب الآلي، الأمر الذي إن لم يتم بشكل صحيح فإن هذه الفئة لن تعتبر متساوية مع الفئات الأخرى العادية كما سيعتبر ذلك نوعا من أنواع عدم المساواة الظاهر في المجتمع، إن من شأن الأخذ بأيدي هذه الفئة أن تتحسن ثورتهم أمام أنفسهم وأن يشعروا بأن لهم دورا فعالا في المجتمع بعد ذلك، في هذا الاتجاه سارت الحكومات في كثير من دول العالم عن طريق سن القوانين واللوائح التي تعمل الجامعات والمدارس عليها والتي تنص على ضرورة إشراك الدارسين من جميع المراحل في فصول الدراسة الموحدة والعمل على تقليل الفجوة بين الدارسين الأصحاء والمصابين بذلك لدرجة أن بعض الحكومات تضطر أحيانا إلى تمويل المشروعات التعليمية في الجامعات والمدارس من أجل تضمين هذه الفئة من المتعلمين بين المنتسبين الآخرين، كما أن من المشجع أن يبدأ أصحاب الشركات الكبرى مثل شركة مايكروسوفت وIBM وغيرهما والمتخصصة في تصنيع أجهزة الكمبيوتر والبرامج في التفكير في هذا الاتجاه أيضا حيث قامت العديد من الشركات بتوحيد الجهود مع مصنعي أجهزة التأهيل للمعاقين من أجل تصنيع أجهزة تتواءم مع ذوي الاحتياجات الخاصة، والحقيقة أن نتائج هذه المحاولات كانت مثمرة إلى حد كبير في مجال التعليم، والمذهل أن هذا التقدم كان على مستوى المتلقي والمعلم أيضا حيث استطاع المعلمون أن يتواصلوا مع طلبتهم من المعاقين حتى وإن كانوا أنفسهم من نفس الفئة، فمثلا يخبرنا أحد أساتذة الجامعات الأمريكية كيف استفاد من الكمبيوتر في التواصل مع تلامذته بالرغم من فقده لحاسة البصر لقد حررني جهاز الكمبيوتر بعد أن كنت أعتمد على أشخاص آخرين في طريقة تدريسي للمنهج، ولم أدرك رغم ذلك حجم الاستفادة من هذه التقنية حتى انضم إلى المجموعة التي أعتني بها إحدى التلميذات الفاقدات لحاسة السمع حيث استطاعت لأول مرة التحدث مع معلمها دون الحاجة إلى مترجم متخصص في لغة الصم.
* مجال الإنترنت:
من غير الممكن أن يتحدث المرء عن عصر المعلومات والحاجة إلى معرفة الجديد كل يوم دون التطرق إلى الحديث عن شبكة الإنترنت؛ إذ ان هذه الفئة ستخسر كثيرا إذا ما هي فقدت طرق الاتصال بالشبكات والحصول على المعلومات أولا بأول، وكان التحدي الذي واجه المطورين في هذا المجال هو عدم تمكن الفئات التي تعاني من مشكلات في السمع أو البصر على وجه الخصوص من تصفح شبكات الإنترنت، ومن هنا كان العمل على إنشاء مواقع خاصة أو على الأقل إضافة خاصية للمواقع الموجودة بالفعل تسمح بالتحكم في الألوان والأصوات الموجودة في الموقع، والجدير بالذكر أن هذه المحاولات تعود فائدتها على المواقع التسويقية أيضا مثلما تعود على المواقع التي تقدم المعلومات، أما الأمثلة على تقدم هذه المحاولات التي نتج عنها استفادة قطاع كبير من المجتمعات بالمعلومات والخدمات التي تقدمها الشبكة العالمية فكثيرة ومتنوعة، ومنها:
* عمى الألوان:
السيد لي يعاني من مرض عمى الألوان وهذا ما يجعله لا يتمكن من التسوق عبرالشبكة حيث لا يستطيع تحديد لون الأشياء التي ينوي شراءها وبالتالي فإن المطورين يقومون باستخدام أساليب تنسيق صفحات خاصة للتغلب على اختيارات نوع الحرف ولون الخلفية التي حددها المؤلف عند استخدامهم لشبكة الإنترنت، حيث اكتشف لي بعد تجارب عديدة أنه في بعض المواقع يتم التحكم في الألوان بواسطة صفحات التنسيق وأنه يمكنه التغلب عليها بوضع صفحات التنسيق في أداة التصفح الخاصه به، إلا أنه وجد أن بعض المواقع الأخرى لا تستخدم صفحات التنسيق ولذلك لايمكنه التغلب عليها، ومع استمرار تجاربه بتشغيل و إلغاء صفحات التنسيق، وجد أنه في بعض الواقع يتم عرض أسعار البيع باللون الأحمر الذي يمكن قراءته فقط عندما يقوم بإلغاء صفحات التنسيق وذلك عند التمكن من القيام بذلك في تلك المواقع وقيامه باستخدام صفحة التنسيق الخاصة به.
بعد ذلك قام لي ببعض المشتريات عبر الإنترنت، وبسبب ازدياد القدرة على القراءة، فإنه يقوم بشكل رئيسي بالشراء من مواقع الشبكة التي تمكنه من استخدام صفحات التنسيق الخاصة به.
وتشمل العوائق التي تواجه الأشخاص الذين يعانون من عمى الألوان عند استخدامهم لشبكة الإنترنت ما يلي:
اللون الذي يتم استخدامه كمحدد للتركيز على النص بموقع الشبكة.
النص الذي يتناقض بشكل غير مناسب مع لون الخلفية أو أدوات التصفح التي لا تدعم قيام المستخدم بالتغلب على صفحات تنسيق المؤلف.
* فقدان البصر:
تعمل الآنسة لايتينين محاسبة بشركة تأمين تستخدم نماذج تعتمد على الشبكة عبر شبكة المعلومات الداخلية للشركة، ولأنها فاقدة للبصر تقوم باستخدام قارئ للشاشة لترجمة ما يتم عرضه على الشاشة والحصول على مزيج من مخرجات الكلام ومخرجات متجددة لطريقة برايل، كما تقوم باستخدام مخرجات الكلام مع النقر خلال وصلات التجول في الصفحة للحصول على معلومات سريعة عن المستند، واعتادت السماع لمخرجات الكلام بسرعة لا يمكن لزملائها في العمل أن يفهموها على الإطلاق.
والكثير من المعلومات الواردة في مستندات الشبكة المستخدمة بشركتها تكون في صورة جداول، مما يجعل من الصعوبة أحيانا للقراء الفاقدين للبصر أن يقوموا بقراءتها، ولكن، بما أن الجداول الواردة في مستندات هذه الشركة يتم تحديدها بشكل واضح بواسطة عناوين رأسية للأعمدة والصفوف، يمكن لقارئ الشاشة الخاصة به الدخول إليها، حيث تقوم بسهولة بتكييف نفسها على المعلومات في الجداول، وحيث انها من اكثر موظفي المحاسبة القدامى، تقوم الآنسة لايتينين بشكل متكرر بمساعدة الموظفين الجدد بخصوص الرد على تساؤلاتهم، وقد قامت مؤخرا بالانتقال إلى أداة تصفح تسمح بعمل تزامن افضل لمعروضات الشاشة مع الصوت وتقديم طريقة برايل لهذه المعلومات حيث يمكنها ذلك من مساعدة زملائها بشكل افضل لأن الشاشة تظهر لزملائها نفس الجزء من المستند الذي تقوم بقراءته بواسطة الصوت أو مخرجات طريقة برايل.
* سبل الترفيه:
يستخدم طفل مراهق شبكة الإنترنت للبحث عن مطاعم جديدة ليذهب إليها بصحبة أصدقائه وزملائه، وهو يعاني من ضعف الإبصار والصمم، وبالتالي فهو يقوم باستخدام مضخم شاشة لتكبير النص على مواقع الشبكة لكي يحصل على حجم حرف مقروء لها، وعندما يكون تكبير الشاشة غير كافٍ، يقوم أيضا باستخدام قارئ الشاشة لتشغيل عرض طريقة برايل.
وفي المنزل يقوم الولد بتصفح مواقع الشبكة للبحث عن مطاعم جديدة ومختلفة، كما يقوم باستخدام صفحة تنسيق شخصية في أداة تصفح الشبكة الخاصة به والتي تجعل عرض كافة صفحات الشبكة طبقا للطرق التي يفضلها، وتشمل اختياراته إغلاق تصميم الخلفية بحيث يكون هناك تناقض كافٍ يمكنه من استخدام تكبير الشاشة، وهذا الأمر مفيد بشكل خاص عندما يقوم بقراءة قوائم الطعام الخاصة بالمطاعم.
هذا وقد تم مؤخرا إضافة جولة واقعية بالوسائط المتعددة لخيارات الترفيه المحلية إلى موقع الشبكة الخاص بالمدينة التي يعيش فيها هذا الولد حيث تم عمل عناوين ووصف كامل لهذه الجولة التي تسمح له بالدخول إليها باستخدام تكبير للشاشة واستخدام طريقة برايل.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|