انتشار بطاقات هوية الراديو يثير مناقشات تتعلق بمسألة الخصوصية
* إعداد : طارق راشد
|
في القريب العاجل سيسهل اقتفاء أثر كل شيء بداية من حقائب الأطفال المحمولة على الظهر وحتى أحذيتهم بواسطة الإشارات اللاسلكية.
لقد بدأت أداة في حجم سن قلم الرصاص لم تكن معروفة منذ عقد من الزمان، في التسلل إلى كل ركن من أركان الحياة الأمريكية.
وتلك التقنية الحديثة التي تعرف ب RFID (هوية تردد الراديو) تضفي بعداً جديداً من السهولة والسرعة على كل شيء بداية من قوائم جرد المخازن واقتفاء أثر الأمتعة المفقودة وحتى الكتب الصادرة من المكتبة وتوفر معلومات أكثر دقة عن كل ما تتعلق به.
***
إليكم بعض الاستخدامات الشائعة لتقنية RFID (هوية تردد الراديو) والتي انتشرت في السنوات القليلة الماضية فحسب:
بطاقات الشراء الإلكترونية التي يبلغ حجمها حجم المفتاح والتي شاعت بولاية أريزونا Arizona حلت محل البطاقات الائتمانية العادية.
بطاقات هوية طلبة ولاية تكساس Texas التي تسمح لمكاتب تطبيق القوانين المحلية بأن تتبع تحركاتهم.
اقتراح لبحث الاستخدام الممكن لمتعقبي التصريح من نوع إي زد EZpass بسيارات ولاية كاليفورنيا California بهدف فرض ضريبة على المسافرين مقدرة بالميل على مستوى الولاية.
تم تهيئة حاويات الأدوية إلكترونياً على مستوى البلاد بحيث تحذر ضد النصب والتزوير وحتى ضد أخطاء طاقم العاملين بالمستشفى.
ولكن في نفس الوقت نجد أن التهافت على استخدام تلك التقنية يثير قدراً كبيراً من المخاوف التنظيمية وغيرها من المخاوف الأخرى، بما في ذلك التعدي على الخصوصية، والحرية الشخصية، والحقوق المدنية للأفراد، إن تلك القضايا تثير تباعاً قلقاً لدى المشرعين حيال كيفية الحد من الوصول إلى البيانات المجموعة بمثل تلك الطرائق وحمايتها.
وعلى الرغم من أن قدراً كبيراً من القوانين والتشريعات قد صاحب انتشار تلك التقنية الجديدة في بعض المجالات ولاسيما في مجالي الرعاية الصحية والنواحي المالية إلا إن عدداً كبيراً من الخبراء يقولون إن الولايات المتحدة الأمريكية تتخلف عن غيرها من الدول بصفة عامة ويشوبها العديد من الثغرات التي يمكن أن تستغل في ظل ظهور عدد من التطبيقات الجديدة في الأسواق.
تقول ليزا سوتو Lisa Sotto القائمة على تحليل منتجات شركة هانتون آند وليامز Hunton and Williams: لم يتناول أحد منذ خمس سنوات تقنية RFID (هوية تردد الراديو) بالحديث ولا القضايا التي تثيرها تلك التقنية فيما يتعلق بالسياسة العامة وحماية المستهلك والمواطن.
أما الآن فقد بدأ النقاش القومي من فوره حيث أدركت كل من الولايات والحكومة الفيدرالية أن القصور الحالي للهيكل الكلي لتنظيم عملية جمع تلك البيانات وهي إن المعارضين لتقنية RFID (هوية تردد الراديو) قلقين من أن الاستخدام واسع الانتشار للبطاقات قد يؤدي إلى كل أشكال سوء الاستعمال الممكنة.
فبالاضافة إلى عملية جمع بيانات السير الذاتية والبيانات التنظيمية وربما أيضاً بيعها التي يجهلها المستهلك غير المتشكك، تستطيع الشركات اقتفاء أثر المستهلك الذي يبتاع منتجاتها بهدف الوقوف على عدد مرات استخدام تلك المنتجات وأماكن استخدامها.
على سبيل المثال، إذا ابتاع شخص حذاءً مزوداً بتقنية RFID (هوية تردد الراديو)، يستطيع المحل تعقب عدد مرات عودة المستهلك للمحل منتعلاً نفس هذا الحذاء.
ومعرفة أن عميلاً من المترددين على المحل قد ارتاد المحل بواسطة الإشارة اللاسلكية من شأنه العمل على النهوض بخدمة العملاء المقدمة لهذا العميل بصفة خاصة، ولكن تلك الممارسات من شأنها أيضاً أن تؤدي إلى ما يعرف بالأسعار المخصصة بعد أن تنشئ الشركات ملخصات للمستهلكين توضح عدد القاطنين في المناطق المجاورة المستعدين للدفع لقاء نفس المنتج، ولكن أنصار تلك التقنية يدافعون عنها بقولهم إن حالات سوء الاستعمال تلك يمكن تفاديها بكل سهولة من خلال عملية التشفير وغيرها من الإجراءات الوقائية.
يقول جيف ووكر Jeff Wacker، خبير التكهن بشركة أنظمة بيانات الأجهزة الإلكترونية Electronics Data Systems، الذي يقدم استشاراته للشركات والمستهلكين حول التوقعات التي تنتظر تقنية RFID: إننا حتى لم نقترب من الصورة المستقبلية الأشمل حول ماهية الجوانب السلبية والجوانب الإيجابية لتلك التقنية المتنامية، إن الشيء الجلي أمامنا الآن فقط هو أننا أمام جني خرج لتوه من الزجاجة، أمام قوة هائلة ستزداد استخداماتها لا محالة.
لقد اندلع شعور عام بالغضب بالفعل عدة مرات ما أدى إلى ظهور معارضة منظمة ضد شركتين عام 2003 (شركة بينيتون Benetton وشركة جيليت Gillette)، الأمر الذي أدى بدوره إلى إلغاء الخطط محدودة الاستخدام، هذا وقد اعتمدت بيانات رسوم تصريح إي زد EZpass كدليل في محاكم الطلاق، على أمل إثبات الأماكن الحقيقية التي يتردد عليها الأزواج والزوجات المنحرفون .
يقول فريد كيت Fred Cate، مدير بحث أمن الإنترنت التطبيقي بجامعة إنديانا Indiana University: إن أحداً لا يتناول الأمر بالمناقشة على الملأ تقريباً، ولكن معلومات رسوم المرور تستغل يومياً من قبل المحامين في قضايا الطلاق، وما يثير شريحة عريضة من الناس شعورهم أنه ما أن يكشف النقاب عن فكرة تقنية جديدة، لا تمر ثوان إلا وتحيط بها الجهات الحكومية.
وفي الوقت الذي يثار فيه قلق شديد حول تنظيم الاستخدام المتنامي تقنية RFID (هوية تردد الراديو)، إلا إن الكثيرين يرون أن فوائدها أكثر بكثير من الانتهاكات التي تمثلها للحياة اليومية.
يقول آلان تشابيل Alan Chapell، مدير أحد المكاتب الاستشارية المعنية بخصوصية المستهلك والتسويق بنيويورك New York : إن الجانب الإيجابي من كل هذا أن تلك التقنية ستمثل صفقة رابحة لكل من الشركات والمستهلكين من خلال عدد كبير من السبل في ظل حقيقة أن الشركات تواصل اكتشاف طرائق أكثر لإثراء حياة المستهلك.
وسيدرك عدد أكبر من الناس تدريجياً الفوائد العظيمة التي تقدمها تلك التقنية.
ففي ولاية كاليفورنيا على سبيل المثال اتجاه يبحث امكانية استخدام تقنية RFID (هوية تردد الراديو) للمساعدة في التقنين من الضرائب المفروضة على البنزين بواسطة اقتفاء أثر المسافرين وفرض ضرائب على المسافات التي يقطعونها مقدرة بالأميال بدلاً من ذلك.
يقول مارتن واكس Martin Wachs، خبير نقل ومواصلات بكلية جامعة بيركلي UC Berkeley: لطالما أراد الذين أنشأوا الطرق السريعة في الولايات المتحدة الأمريكية فرض رسوم لقاء المسير في تلك الطرق بواسطة فرض ضريبة على المسافة المقطوعة بالميل ولكنهم فرضوا ضريبة على الغازولين بدلاً من ذلك لأنه لم هناك أية وسيلة لتتبع المسافات المقطوعة بالميل من الناحية الاقتصادية، أما الآن فالقدرة المتقدمة لتقنية RFID (هوية تردد الراديو) وتكلفتها المنخفضة غيرت من كل هذا، لاشك من أن البعض يتنازل عن مسألة الخصوصية في مقابل الحصول على تلك التقنية، ولكن تلك الفكرة جديرة بأن يتعامل المرء معها بجدية.
ولكن يقول خبراء قوانين الخصوصية ومحللو السوق إن الحاجة تدعو في الوقت الراهن إلى قدر أكبر من التوعية والنقاش، والمهم في تلك النقطة، على حد قولهم، ما إذا كان المستخدمين على علم بأنهم مراقبين، وما إذا كان لديهم أي خيار آخر، ومن الذي يستفيد من تلك المراقبة.
يقول ووكر Wacker: ستظهر على السطح الكثير من الصدامات حول تلك النقطة قبل أن يتم تسويتها بما يرضي غالبية الأطراف المعنية، ويتعين على الشركات أن تتحرى قدراً أكبر من الصراحة حول خططها، فيما يجب على المستهلك أن يكتسب قدراً أكبر من الوعي، وأن يتحمل المسؤولية ويطرح أسئلة كثيرة، ويجب على المشرعين متابعة الجوانب المعرضة للخطر قبل فوات الأوان.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 