فيما أميركا لا تزال تعاني آثار كارثة 1929! أوروبا تقود العالم في المشاريع المالية الإلكترونية
|
أوائل التسعينات مع بدء انتشار خدمة الإنترنت وارتفاع معدلات مستخدميها، تنبّهت المصارف إلى أهمية استغلال المعلوماتية لتحقيق وصول أوسع وأقوى إلى العملاء، وأطلقت مصارف أوروبية وأميركية عديدة مواقع على الإنترنت لتوفير خدماتها للعملاء.
ومنذ ذلك الحين تسارعت التطورات في قطاع بات يتضمّن مفردات مثل النقد الإلكتروني والبنك الافتراضي والشيكات الإلكترونية... لكن هذه الأحداث لم تستمر في تسجيل تطورات مهمة وتصاعدية، فقد تبيّن للعديد من إدارات المصارف أن الاستثمارات الكبيرة والتي وصلت في بعض الأحيان إلى مئات الملايين من الدولارات لم تذهب كلها في الاتجاه الصحيح ولم تحقق عائدات ذات جدوى.
لذلك يبرز اليوم تساؤل رئيسي لدى العديد من المتابعين لهذا القطاع: ما الذي حصل وكيف جاءت التطورات وما هي آخر أخبار الصيرفة الإلكترونية عالميا، ولماذا انخفض استثمار المؤسسات المالية في الأتمتة Automation عالميا، ولماذا قد يرتفع من جديد؟
كانت المؤسسات المالية لفترة طويلة، من أكبر المستخدمين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، أما الآن فالوضع تغير، فهي تحاول أن تتدبر أمرها بإنفاق متناقص على التكنولوجيا، وقبل ثلاث سنوات كان العالم المالي ينقل كل ما لديه إلى الوسط الإلكتروني الإنترنت في أسرع وقت ممكن، وكان الناس يقصدون الإنترنت عبر الكومبيوتر المكتبي وأحيانا الهاتف النقال، لشراء الأسهم وسحب المال وأخذ القروض، مصممين على عدم استعمال الشيكات مطلقا، وتحقق القليل من ذلك في مناطق عدة من آسيا وأوروبا، أما في بقية أنحاء العالم فإن المشكلات الكبيرة التي تعانيها المصارف حالت دون تنفيذها مشاريع ضخمة على الإنترنت.
وشكل هذا التراجع أزمة لمصنّعي الكومبيوتر وأجهزة التخزين والشبكات السريعة لأن شركات الخدمات المالية هي من أكبر المنفقين على تكنولوجيا المعلومات، وعندما تتراجع مشاريعها المعلوماتية تتأثّر مبيعات شركات التكنولوجيا مباشرة.
ثم أتى الكساد التكنولوجي ليستمر ثلاث سنوات مما خفف إقبال بورصة (وول ستريت) على اسهم تكنولوجيا المعلومات وأجبر مصارف التجزئة والاستثمار Retail and Investment Banks بالإضافة إلى شركات التأمين على الابتعاد عن شركات التكنولوجيا، ولوحظ بعد ذلك أن عدداً قليلاً من شركات الخدمات المالية استمر في الإنفاق على مشاريع تكنولوجيا المعلومات التي لا تتضمن نتائج قصيرة الأمد خصوصاً أن هذه المشاريع لا تؤمن العائدات إلا بعد سنوات عدة، وفي تلك الفترة قال أحد المحللين الماليين ان مؤسسات الخدمات المالية ستستمر في الإنفاق بكثرة على التكنولوجيا، وتوقع أن يرى إنفاقاً عالمياً لا يقل عن 350 مليار دولار عام 2004 أي بارتفاع 2.3 في المائة عن عامي 2002 و2003م.
ويبدو أن مبدأ الاقتصاد الذي تتبعه المؤسسات قد نفع، فبعدما كانت مصارف الاستثمار تستخدم كومبيوترات من Sun او HP او IBM مع أنظمة تشغيل Unix بدأت تستعيض عنها بكومبيوترات شخصية من Intel مع نظام تشغيل Linux المجاني، وإضافة إلى ذلك فقد أصبحت هذه المؤسسات متحمسة لإدارة جزء من عمليات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها داخلياً أو حتى كلها.
وقد رصدت شركة TowerGroup عشرين صفقة كهذه بقيمة نحو مليار دولار للصفقة الواحدة على مدى عام 2002، وكانت أكبر صفقة من بينها بقيمة 4.5 مليارات دولار وقد طلبها بنك أميركا Bank of America من أجل توريد الخدمات والمنتجات (Outsourcing) فقط للجزء المتعلق بالشبكة في العمليات التابعة له، وكلّف المصرف شركات صينية وهندية توفير البرامج Software فانخفضت التكاليف نحو الثلثين، ولكن هذا التوفير لا يمكن أن يحل المشكلة بكاملها لأن المؤسسات تحتاج إلى صيانة أنظمتها الموجودة أصلاً.
وبحسب توقعات TowerGroup فإن 250 مليار دولار من أصل نحو 350 مليار دولار تُنفق على صيانة الأجهزة الموجودة وتطويرها مما يترك 88 مليار دولار للمشاريع الجديدة التي تحتاج إليها الشركات، وهذه الحاجات تعدّ مشتركة حول العالم.
كارثة وول ستريت
أما في الولايات المتحدة التي تتصدّر مبيعات المنتجات التكنولوجية فثمّة ملاحظة رئيسية وهي أنها من البلدان الأقل إنفاقاً على أتمتة المؤسسات المالية.
واليوم بينما تقود أميركا العالم في مراقبة تحويل الأموال فإن تخلّفها في مجالات أخرى من تكنولوجيا القطاع المالي ينجم عن الاختلافات في السياسة الداخلية، فقطاع الخدمات المالية مجزأ في الولايات المتحدة أكثر منه في أي بلد آخر، ويقول البعض ان هذا الوضع هو ردة فعل نتيجة انهيار سوق الأسهم عام 1929 عندما أجبرت الحكومة المؤسسات المصرفية والشركات المختصة على القيام بأعمالها في شكل منفصل.
ورغم الإجراءات التي اتخذت لتحرير القطاع وتشجيع عملية الدمج بين المصارف وشركات التأمين، فهناك أكثر من 8 آلاف مؤسسة مالية في أميركا، أما في أوروبا فالسوق الألماني هو الوحيد الذي يقترب وضعه من هذا النوع من التجزئة.
والمقاربات المختلفة للسوق تؤثر في الإنفاق المعلوماتي، فالمصارف الأوروبية على سبيل المثال تنفق على الأمن الإلكتروني مرتين إلى ثلاث مرات اكثر من المصارف الأميركية، وأوروبا لا تعمل بهوية موحّدة وهو رقم الضمان الاجتماعي الذي تعمل به أميركا، الأمر الذي يجعل الأعمال المصرفية الإلكترونية أكثر أماناً في أوروبا منها في الولايات المتحدة، نتيجة لذلك، تجنبت أوروبا معظم مشكلات أميركا المتزايدة في سرقة الهوية، وتعتبر Financial Insights، وهي شركة أبحاث مستقلة في فيرمنغهام في ماساتشوستس، ان سرقة الهوية أدت إلى خسارة 4 ملايين دولار نتيجة الاحتيال في الولايات المتحدة عام 2002 ، وهذا رقم يفوق أربع مرات حجم الاحتيال المتصل ببطاقات الائتمان، ويشير البعض إلى أن الخسائر سترتفع إلى 8 ملايين دولار عام 2006م.
وهناك عدد كبير من شركات تكنولوجيا المعلومات التي تعمل على إيجاد حل لهذه المسألة وأبرزها ID Analytics في سان دييغو، ولذلك فإن سرقة الهويات قد تؤدي إلى توفير فرص عمل جديدة في سوق البطاقات الذكية في أميركا...
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|