هل تتجسس عليك سيارتك ؟
|
* إعداد : طارق راشد:
لقد كان الأمر حتمياً، فلعدة سنوات قامت الأجهزة الإلكترونية في السيارات بمراقبة السرعة والفرامل (الكوابح) بهدف توفير استهلاك الوقود وتحسين درجة الأمان، أما الآن، فإن تلك الأجهزة تقوم بتخزين بعض تلك البيانات من أجل منح شركات صناعة السيارات والشرطة فكرة أفضل عن الطريقة التي تقود بها سيارتك. وحتى الآن تقوم معظم الأجهزة بتسجيل الثواني الخمس الأخيرة التي تسبق أي حادث تصادم، حيث تشبه تلك الأجهزة على سبيل المثال أجهزة تسجيل بيانات الرحلة في الطائرات، وقد ثبت وجود فائدة كبيرة من تلك البيانات بالنسبة لمصممي السيارات والمحققين في الحوادث، كما أنها تستخدم حالياً في محاكمة السائقين.
****
ويقول ايرك سكريم، وهو المتحدث باسم الرابطة الوطنية لسائقي السيارات، وتتخذ من مدينة ماديسون مقراً لها في ولاية ويستكونسنت، يقول: تكمن المشكلة في أن الكثيرين لا يدركون وجود تلك الأجهزة في سياراتهم، وأن تلك المعلومات يمكن أن تستخدم في غير صالحك، كما لا توجد أي قواعد تحدد ملكية تلك المعلومات.
وبالفعل تم استخدام بيانات من سيارات بعض السائقين في إدانتهم، ففي الشهر المنصرم صدر حكم بالسجن لمدة تتراوح ما بين 5 إلي 15 عاماً ضد دانى هوبكنز لقتله ليندزى كايل بعد أن كشف الصندوق الأسود في سيارته الكاديلاك موديل سى تى اس قيادته للسيارة بسرعة 106 أميال في الساعة قبل الحادث بخمس ثوان.
وتحتوي في الوقت الراهن 30 مليون سيارة على تلك (الصناديق السوداء) وفي الواقع فإن لونها فضي والتي تعرف باسم مسجلات بيانات الحوادث، ويقوم معظمها بتسجيل بيانات بسيطة من قبيل استخدام الوسائد الهوائية، أو إن كان ركاب السيارات يضعون أحزمة الأمان أم لا، غير أن معظم السيارات التي تنتجها فورد وجنرال موتورز؛ إضافة إلى بعض السيارات التي تنتجها تويوتا وهوندا، تجمع قدراً أكبر من المعلومات بما في ذلك سرعة المحرك وإن كان السائق قد استخدم بدال السرعة أو الكابح.
وتقول شركات صناعة السيارات بأنها تحتاج إلى تلك المعلومات من أجل تحسين أمان المعدات، حيث يقول ألان الدر وهو مدير الاتصالات الخاصة بأمن المنتج في شركة جنرال موتورز بمدينة وارن وفي ولاية متشجن: يكمن الغرض الرئيسي من مسجلات بيانات الحوادث في الحصول على معلومات عن الحادث تساعدنا على معرفة الطريقة التي عملت بها الوسائد الهوائية.
تحقيقات حوادث السيارات
يقول جوي اوسترمان، وهو مدير مكتب أمن الطرق السريعة في المجلس الوطني لأمن المواصلات بواشنطن: بدون مسجلات بيانات الحوادث، لا يكون لدى المحققين في كثير من الأحيان ما يكفي من المعلومات لتحديد سبب الحادث، وقد كان هذا هو الأمر عندما أودى رجل عجوز بحياة 20 شخصاً بسيارته البويك بعد أن اقتحم أحد أسواق المزارعين في سانتا مونيكا بكاليفورنيا في عام 2000، ويقول السائق أنه كان يضغط على بدال الكابح، في حين يقول شهود العيان والمحققون أنه كان يضغط على بدال السرعة.
وسيبقى ما حدث بالضبط قبل الحادث المأساوي أمراً غامضاً، وقد أعلن مكتب أمن الطرق السريعة في المجلس الوطني لأمن المواصلات بعد الحادث أنه يجب أن تكون مسجلات بيانات الحوادث إجبارية وفي جميع السيارات التي تباع في الولايات المتحدة.
غير أن مكتب أمن الطرق السريعة في المجلس الوطني لأمن المواصلات لا يملك سلطة فرض وضع الصناديق السوداء في السيارات، أما الإدارة الوطنية لأمن المرور بالطرق السريعة فهي التي تملك مثل هذه السلطة، وقد اقترحت الإدارة أن تصبح المسجلات من الأمور القياسية في طرز السيارات بداية من عام 2009، على أن تحتفظ تلك المسجلات ببيانات الثواني الثماني الأخيرة قبل الحادث بما في ذلك بيانات إضافية عن أنظمة التحكم في توازن السيارة وأنظمة فتح وإغلاق الفرامل (الكابح) المضاد للغلق.
ويخشى أنصار الحريات المدنية أن يتم استخدام تلك البيانات بصورة أكثر اتساعا في المستقبل، ويقول جاي ستانلي وهو مدير الاتصالات بمشروع التقنية والحرية في اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بمدينة نيويورك: يعد ذلك مثالاً آخر على النواحي التي تخطت فيها التقنية القانون ولبعض الافتراضات عن كيفية سريان الأمور في عالمنا.
كما يشعر بعض خبراء الأمان كذلك بالقلق من إساءة استخدام البعض لتلك البيانات.
وفي حين يفضل السيد اويسترمان من مكتب أمن الطرق السريعة في المجلس الوطني لأمن المواصلات استخدام محققي الشرطة بيانات الصندوق الأسود في التحقيقات الجنائية، فهو يخشى من تحيز الخبراء الخصوصيين الذين يتم الاستعانة بخدماتهم في القضايا المدنية وأن يأخذوا بظاهر تلك البيانات دون الإمعان في فحصها.
ويقول بوب كريب وهو مهندس في شركة بوز الان هاميلتون بواشنطن والذي ترأس إحدى اللجان التابعة لجمعية مهندسي السيارات والمنوط بها وضع مقاييس للبيانات التي يقوم الصندوق الأسود بجمعها: يمكن أن تكون تلك البيانات مضللة للغاية إن لم يكن المرء خبيراً بإعادة رسم وقائع الحوادث، ومن ثم فهناك حاجة كي يتم تفسيرها والتأكد من صحتها.
ويشبه تركيب الصناديق السوداء ذات القدرة على تخزين الثواني الخمس الأخيرة مجرد إضافة شريحة ذاكرة إلي نظام الحاسب الموجود بالفعل في السيارات، ويقول السيد ستانلي: إن إطالة الذاكرة لتشمل تسجيل البيانات على مدار بضعة أشهر لن يكون أمراً صعبا على الإطلاق، ويضيف قائلاً: لو أن شركة جنرال موتورز قررت غداً أن تقوم سياراتها بتسجيل بيانات عدة أشهر بدلاً من خمس ثوانٍ فلن يكون هناك ما يجبرهم على اطلاع أحد على هذا الأمر.
تبع المراهقين
وفي حقيقة الأمر؛ فإن شركة ديفيز انسترمنت بمدينة هايورد بكاليفورنيا تقوم ببيع صندوق اسود يطلق علية اسم (كارتشب) والذي يملك القدرة علي تسجيل وضع صمام الخنق ومعايير المحرك على مدار ما يقارب 300 ساعة، ويمكن علي سبيل المثال أن يستخدمها الآباء في مراقبة عادات أبنائهم في القيادة.
وتقوم شركة بروجرسف للتأمين على السيارات حالياً بإدارة مشروع تجريبي تستخدم فيه 5 آلاف سيارة بولاية منيسوتا جهازاً شبيها ب كارتشب، ويقوم الجهاز بتسجيل بيانات القيادة لما يصل إلى ستة أشهر، بما في ذلك ما تقطعه السيارة من كيلومترات، وفي أي وقت من اليوم، والسرعة، ويتيح البرنامج المعروف باسم (تربسنس) للسائقين حرية تسليم بيانات تلك المسجلات إلى شركات التأمين، وتبعاً لعاداتهم في القيادة، يمكن أن يحصل السائقون على تخفيضات على أقساط سياراتهم تتراوح ما بين 5 إلى 25 بالمائة. ولكن يخشى البعض أنه بمجرد جمع البيانات، فإنه سيطلب استخدامها كشاهد أمام المحكمة، وقد تساءل بوب جريتذينجر من مجلة اوتوويك قائلاً: لو استوقفك شرطي أثناء قيادتك للسيارة في حدود السرعة القانونية، فهل ستخبره مسجلات بيانات الحوادث إن كانت تلك البيانات للأميال الخمسة الأخيرة أم للأيام الخمس الأخيرة ؟ .
ويمكن أن تمثل مسجلات البيانات مشكلة أيضا بالنسبة لأصحاب السيارات في فترة الضمان، ويتساءل البعض إن كانت شركات تصنيع السيارات تستخدم بيانات الأمان لتفادي ضمانات السيارات، وقد زعم البعض في غرف الدردشة على الإنترنت بأن شركة متسوبيشي تقوم بذلك مع أولئك الذين يقودون سيارة ايفيلوشون في سباقات الهواة التي تجري في نهاية الأسبوع.
ويقول ستانلي بأنه حتى وإن لم يكن ذلك صحيحاً؛ فإنه يشير إلى قلق الناس من مثل هذا النوع من التقنية، ويضيف قائلاً: إذا لم تتم السيطرة على تلك التقنية فسوف تسمح بسيطرة المؤسسات الكبرى على الأفراد العاديين.
وعلى سبيل المثال: عندما قامت مجلة اوتوويك بإجراء تجارب على سيارة شيفي ماليبو ماكس الهاتش باك العادية في أوائل هذا العام، قام المسجل بشكل أوتوماتيكي بتنبيه المسؤولين بقسم اونستار بشركة جنرال موتورز، حيث قاموا بالاتصال بالسيارة للتأكد من أن السائق على ما يرام بعد أن قام بركن سيارته بشكل يتسم بالخطورة، وقد كان السائق في حالة جيدة غير أنه شعر بالاستياء نتيجة هذا التطفل.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|