في دراسة أكاديمية المطالبة بإصدار قانون معلوماتي جنائي لتنظيم شبكة الإنترنت
|
دعت دراسة إماراتية إلى إصدار قانون معلوماتي جنائي وطني في كل دولة عربية ينظم شبكة الإنترنت ويبين مفاهيمها ويوضح معاييرها ويواجه الجرائم الناشئة عنها ويتلافى القصور القائم في القوانين التقليدية السابقة لظهور الإنترنت، إضافة إلى تلافي المشاكل التي أظهرها التطبيق العملي للنصوص القائمة على جرائم الإنترنت.
وطالبت الدراسة التي أعدها الباحث محمد عبيد الكعبي المستشار بمحكمة الفجيرة الاتحادية الابتدائية والتي تقدم بها لنيل درجة الماجستير من كلية الحقوق جامعة القاهر، طالبت بضرورة أن يحدد هذا القانون الجرائم التي قد تكون شبكة الإنترنت وسيلة لارتكابها أو أن تكون هذه الشبكة محلا لارتكاب جريمة من الجرائم ويجب وضع الدول التي سبقتنا في ذلك نموذجاً نستفيد منه من حيث القوانين التي تم سنها، والأخذ بعين الاعتبار الإيجابيات التي حققتها والابتعاد عن السلبيات التي أفرزتها، محاولين قدر الإمكان وضع قانون مثالي جامع ومانع لما أثارته أو قد تثيره شبكة الإنترنت من مشكلات.
عقوبات رادعة
وفي حالة سن تشريع وطني لمواجهة الجرائم التي تنشأ عن إساءة استخدام الإنترنت يجب تشديد العقوبة على هذه الجرائم بقصد حماية التكنولوجيا، والمحافظة على حقوق مستخدميها وتضمين هذه القوانين نصوصاً خاصة بالجرائم وأخرى بالشروع فيها.
وطالب الباحث الذي حصل على تقدير جيد جداً على رسالته الجرائم الناشئة عن الاستخدام غير المشروع لشبكة الإنترنت دراسة مقارنة بضرورة تجريم الأعمال التحضيرية لجرائم الإنترنت ومن أمثلتها حالة من يقوم بإعداد فيروس، أو الإعداد لموقع يبث مواد إباحية، أو حيازته لبرامج تستخدم في الدخول غير المشروع وسرقة المعلومات، أو المساس بحرمة الحياة الخاصة، كما يجب تجريم سرقة المال المعلوماتي بنصوص خاصة ومساواة المال المعلوماتي بالمال المتعارف عليه قانوناً في النصوص القائمة، وتنظيم التوقيع الإلكتروني والعمل على مساواته مع التوقيع التقليدي وتوفير الحماية الجنائية اللازمة له ولاستقرار المعاملات المتعلقة به.
مراجعة القوانين
كما دعا المشرع لمراجعة القوانين القائمة وما تحتويه من تعريفات ومن مبادئ قانونية ثابتة والتي أصبحت تصطدم مع مواجهة جرائم الإنترنت أو أصبحت في نفس الوقت عائقاً لمواجهة هذه الجرائم.. مع أهمية الأخذ بما ذهب إليه المشرع الفرنسي في مبدأ شخصية النص الجنائي حين اعتمد تطبيق هذا المبدأ في شقه السلبي لحماية المجني عليهم ومصالحهم من أبناء الوطن حيث يكون قانون الدولة هو المطبق إذا ما كان المجني عليه من مواطني الدولة ووقعت الجريمة في الخارج.
وإلى أن يتم إصدار قانون خاص بالإنترنت، فإنه من الضروري تحديث نصوص قانون العقوبات القائمة لمواجهة الإجرام المعلوماتي بحيث تعرف الجريمة المعلوماتية على نحو واسع وتفرد العقوبة المناسبة لها وتجرم الأفعال التي سبق أن جرمها المشرع المقارن كتجريم سرقة المال المعلوماتي أو إساءة استخدام شبكة الإنترنت، وتجريم الدخول غير المشروع إلى النظام المعلوماتي أو البقاء فيه بدون إذن سواء نجم ضرر عن هذا الفعل ام لا، ويجب التشديد على ارتكاب الجرائم التقليدية في حالة استخدام الإنترنت.
لجنة وطنية متخصصة
وأكد الباحث على أهمية تأسيس لجنة وطنية متخصصة على غرار اللجنة الوطنية للمعلومات والحريات في فرنسا تتولى دراسة ظاهرة الإجرام المعلوماتي بكافة جوانبه وتعمل على صياغة التعديلات التشريعية اللازمة لاحتواء المشكلة..
مطالباً بضرورة نشر الوعي والثقافة المطلوبة لدى مستخدمي شبكة الإنترنت حتى لا يكونوا صيداً لأعمال نصب واحتيال عن طريق الشبكة، وحتى لا يكونوا بصفة عامة ضحايا لجرائم تستخدم فيها هذه الشبكة.. مع توعيتهم بعدم نشر بياناتهم الخاصة وصورهم وأرقام بطاقاتهم الائتمانية إلا في حالة الضرورة وفي المواقع الموثوق بها، كما يجب التأكيد على استخدام البريد الإلكتروني بصورة سليمة وعدم فتح الرسائل مجهولة المصدر أو الغريبة.
المجرم المعلوماتي
وبالنسبة للتدابير التي توقع على المجرم المعلوماتي بجانب العقوبة في حالة الإدانة، فيجب أن تختلف عن تلك التي قد توقع على المجرم العادي ومنها منع المتهم المعلوماتي من استخدام شبكة الإنترنت لفترات معينة أو للأبد، أو وضعه في مأوى علاجي متخصص لمثل هذا النوع من المجرمين والجرائم أو خدمة المجتمع والانتفاع منه.. وليس هناك مانع من الاستفادة من قدرات المجرم المعلوماتي في تطوير البرامج ومواجهة جرائم الشبكة.
كذلك يجب تعديل القوانين الإجرائية القائمة لتتناسب مع طبيعة الجرائم الناشئة عن الإنترنت وضرورة استحداث قواعد مناسبة تتعامل مع هذا النوع من الإجرام، في جميع الجوانب كالتحقيق والضبط وغيرها.. الأمر الذي يستلزم تدريب وتأهيل أفراد الضبط القضائي وأفراد وضباط الشرطة وأعضاء النيابة العامة ورجال القضاء، وإعداد كوادر متخصصة لديها الكفاءة والقدرة على كيفية التعامل مع هذا النوع من الإجرام، وتحقيق التعاون مع الفنيين والخبراء في مجال التكنولوجيا.
ودعا الباحث محمد الكعبي.. إلى إصدار قانون دولي موحد خاص بشبكة الإنترنت لتنظيم الإنترنت ومحتوى الخدمات والمعلومات فيها، وتحديد مفاهيم عالمية موحدة على جميع الأصعدة.
اتفاقيات دولية
كما دعا الكعبي في دراسته إلى عقد اتفاقيات دولية تعالج السلبيات التي تنشأ عن تطبيق القوانين الوطنية على جرائم الإنترنت ومنها تعدد القوانين والقانون الواجب التطبيق وجمع الأدلة وغيرها من المشاكل التي قد تظهر في شبكات الإنترنت.. مؤكداً على وجوب توقيع اتفاقيات ثنائية بين الدول تتناول تنظيم المسائل الخاصة بالإنترنت وطريقة التعاون فيما بينها في حالة ظهور جرائم ناشئة عن الإنترنت يمتد أثرها إلى إحداهما وذلك على غرار الاتفاقيات القضائية واتفاقيات تبادل المجرمين وغيرها.
كما طالب الباحث بضرورة اعتماد قواعد وحلول تنظيمية مشتركة بين الدول العربية للمسائل والإشكاليات المطروحة لمواجهة التحالفات العالمية الكبرى من ناحية، ولسهولة التواصل ووحدة المفاهيم بين الدول العربية.. مع ضرورة التعاون العربي في هذا المجال وتبادل الخبرات وتأهيل وتدريب العاملين في الجهات المختصة للتصدي للجرائم الناشئة عن الاستخدام غير المشروع لشبكة الإنترنت.
مخاطر الإنترنت
ويشير الكعبي إلى أن جرائم الإنترنت أصبحت من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها أي شخص يقوم باستخدام الشبكة، وأضحت هذه الجرائم اكثر ازدياداً عما كانت عليه في بداية ظهور هذه التقنية نظراً للتطور التكنولوجي الهائل في السنوات الأخيرة.. ورغم تناميهذه التقنية وتطورها وشمولها لجميع مناحي الحياة وظهور أثرها على مجتمعنا المعاصر وتزايد الاعتماد عليها، إلا أن الكثيرين يرون أن القانونيين لاسيما خارج الدول المتقدمة لم يبذلوا الاهتمام الكافي للجوانب القانونية لهذه التقنية الحديثة.
ويضيف المستشار الكعبي أنه حاول بقدر الإمكان الإجابة عن بعض الأسئلة القانونية التي تعترض تطبيق النصوص القائمة على جرائم الإنترنت، كما حاول وضع إجابة للسؤال الذي يثار في أكثر من مناسبة من عليه فهم الآخر..
هل الإنترنت للقانون أم القانون للإنترنت؟ والإجابة ببساطة شديدة أن التكنولوجيا دائماً تسبق القانون، والقانون دائماً يسعى لمواكبة التكنولوجيا من أجل تنظيمها، وبالتالي ليس على الإنترنت أن يفهم القانون بل على القانون أن يفهم الإنترنت ويسايره ولا يقف أمامه حجر عثرة.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|