تقنية تحويل المفاعلات الكيميائية إلى وحدات دقيقة الغاية هي إحداث نتائج كيميائية ضخمة من خلال قطرة تفاعلات
|
إعداد عبدالعزيز صالح:
اشتدت الحاجة للمفاعلات المصغرة إبان الثمانينيات لتلبية الحاجة العاجلة للكيماويات التي يصعب شحنها أو تخزينها
خضوعا للنظرة الاقتصادية القيمية للحجم عوضاً عن الكيف، انحصرت تقنية التحليل والتفاعل الكيميائي زمنا طويلا داخل إطار الأحجام الكبيرة، لهذا السبب ولأسباب أخرى منها الاعتقاد بأن الحجم الأكبر لتقنية المفاعلات أكثر أمناً إضافة لمميزات أخرى، لكن الأبحاث التقنية الحديثة أثبتت العكس، فكلما صغر حجم المفاعلات الكيمائية وكانت أكثر إحكاما زادت فعاليتها من حيث تقليل المدة الزمنية المطلوبة للتفاعل، وكذلك من حيث الجودة والأمان.. الجزيئات الكيميائية في داخل المحلول تستغرق زمناً طويلاً حتى تتحد بعضها مع بعض، فمثلاً قد يتطلب التفاعل الكيميائي القياسي للمركب (أ) مع المركب (ب)التحول إلى اللون الأحمر أولا، وقد يستغرق ساعات حتى يتحد المركبان بعضهما مع بعض، أما إذا قمنا بوضع هذه الجزيئات في حيز صغير وضيق فإن عملية امتزاجهما واتحادها بعضهما مع بعض تتم بسرعة وتظهر النتائج المطلوبة كذلك في وقت قصير.
تقنية مصغرة بجودة عالية
وهنالك خواص أخرى متعلقة بالصناعات الكيميائية في المعامل المصغرة، هذه الخواص تحث على تطوير المفاعلات المصغرة، وهذه التقنية تستثمر إيجابيات المعامل المصغرة لكي تحقق جودة عالية في الصناعات الكيميائية، تحكم الصناعة الكيميائية بمقاييس اقتصاد الكم، وهو يعرف تقليديا بتسيد الأشياء الكبيرة.
أما بالنسبة للأعمال الكيميائية فنجد أن مزج السوائل في مفاعلات واسعة النطاق يؤدي إلى صعوبة التحكم في ظروف التفاعل المحتملة مثل درجةالحرارة والضغط,
إضافة إلى تحويل نتائج التفاعل من نتائج صغيرة إلى أخرى ضخمة،الأمر الذي يتطلب إعادة التصميم، ويعد بدوره مكلفاً مادياً وزمنياً، علاوة على ذلك هنالك بعض التفاعلات لا يمكن تصغيرها لخطورة العواقب.
انتشر تصغير المفاعلات الكيميائية في آن واحد في كل من أمريكا وأوروبا، اشتدت الحاجة للمفاعلات المصغرة إبان الثمانينيات لتلبية الحاجة العاجلة للكيماويات التي يصعب شحنها أو تخزينها، ولتنفيذ ذلك على نطاق واسع ظهرت الأجهزة الكيميائية المصغرة مكونة من آليات دقيقة من الفولاذ، السيلكون،الزجاج أو البلاستيك, أو من شبكات قنوات دقيقة وتجويفات تم طبعها وحفرها على شريحة سيليكون.
أكثر سهولة وفعالية
ذكر العالم أندرو دي ميللو وهو أستاذ في كلية أمبريال اللندنية أن تحويل التفاعلات الكيميائية التي عادة ما كانت تجرى داخل الأنابيب بحجمها الاعتيادي إلى القنوات الدقيقة الضيقة التي قد يبلغ قطرها نحو 10 إلى 300 ميكرون (الميكرون يعادل تقريباً نصف قطر مسام النبات)، هذا التحول يجعل عملية التفاعلات أكثر سهولة وفعالية، فان عملية الاتحاد في مثل هذا الحيز الضيق لا تحدث فقط عن طريق المزج، بل يمكن أن تحدث عن طريق الانتشار وهكذا تكون نتيجة التفاعل الكيميائي سريعة، ومن المحاسن الأخرى سهولة تمرير الحرارة خلال تلك القنوات الضيقة التي يتم فيها التفاعل، هذه السهولة جعلت من الممكن التعامل مع التفاعلات الكيميائية القابلة للانفجار بطرق آمنة داخل تلك القنوات الضيقة. لا تهدف المفاعلات المصغرة أن تحل محل المفاعلات الضخمة في الأسواق، بل تهدف لأن تكون جزءاً لا يتجزأ منها. مؤسسات مثل معهد (مايكرو تكنيك ماينز) الألمانية التي تعمل في مجال صناعة عناصر الفولاذ الكيميائية مثل أفران الخلط والمبادلات الحرارية التي يمكن أن تتحد مع التقنيات التقليدية للوصول بمراحل العمليات الكيميائية إلي أقصى درجة من مراحل الفعالية، وخلال عمل مشترك بين شركة سيلورالسويسرية للإنتاج الكيميائي، بالتعاون مع شركة كلارينت الألمانية للصناعات الكيميائية قامتا بصناعة أصباغ خلال ثلاث مراحل كيميائية باستعمال نظام المفاعل الكيميائي الدقيق المسمى سايتوس.
كما أن هنالك شركة كلاكسو سميث كلين البريطانية للصيدلة، هذه الشركة تعمل الآن على تقييم ثلاثة مفاعلات دقيقة بشكل منفصل بما في ذلك نظام سايتوس وتهدف هذه الشركة بذلك لإيجاد طرق اكتشاف عقاقير طبية جديدة، ذكر العالم كلافس جينسين الذي يعمل في معهد ماشوستيس للتقنية أن برامج المفاعلات الدقيقة المبرمج على الشرائح الحاسوبية لم يتم طرحه تجارياً في الأسواق حتى الآن، لكن هذه البرامج لها إمكانية تغيير كيفية صنع المواد الكيميائية، وبرهنت أجهزة استخلاص الحمض النووي (DNA) على أنها آلات مفيدة في تحليل شفرة المعلومات المخزونة في مجموعة الجينات والكرومزومات الكاملة للإنسان، دكتور جينسين وزملاؤه مهتمون بالأعمال الكيميائية التي يمكن للمفاعلات الكيميائية الدقيقة القيام بها وبالفعل قاموا بعمل معرض يحتوي على أجهزة معقدة تتعلق بالتطبيقات الكيميائية الضارة في المعالجات الحيوية.
فعالية في العمليات المعقدة
تعمل مجموعة دكتور دي ميللو على جعل خلط ومزج المواد الكيمائية تتم بسرعة، الأمر الذي سيزيد من فعالية دراسة العمليات الحيوية المعقدة مثل انطواء والتفاف البروتينات وهي من العمليات التي تسعى كثير من شركات العقاقير لفهمها، ومن اجل ذلك نجد أن هذه الشركات تسعى في تطوير تقنيات وأجهزة عالية الحساسية، الغرض منها رؤية واكتشاف ماذا سيحدث من تفاعلات داخل هذه القنوات الضيقة والدقيقة.
هنالك أيضا دكتور روبرت وزملاؤه العاملون في المعمل القومي لشمال غرب الأطلسي الواقع في مدينة رشلاند في ولاية واشنطن نجد أن هولاء يركزون اهتمامهم على دراسة تطبيقات الطاقة للمفاعلات الدقيقة التي تتضمن مولدات غاز الهيدروجين لخلايا الوقود والبطاريات وأجهزة التبريد والتدفئة الدقيقة.
كيفية تحويل قطرات من المواد الكيميائية إلى نتائج كيميائية ضخمة سؤال يطرح نفسه، الإجابة على هذا السؤال تكون بوضع مجموعة من الأجهزة المفاعلات الكيميائية الدقيقة مع بعضها البعض ثم إدارتها على نحو متواصل، فبإدارة ستة مفاعلات من نظام (التفاعلات الكيميائية المسامية) بطريقة متواصلة يتم إنتاج 30طنا من الأصباغ الكيميائية خلال عام، إنه لأمر يدعو للدهشة حقاً!، بالمثل نجد أن مجموعة مكونة من 100 أو 1000 شريحة مفاعلات دقيقة قادرة على إنتاج كمية من المواد الكيميائية قد تضاهي تلك التي تنتجها المصانع الكيميائية الضخمة، إذ إن المسألة هنا ترتبط بكيفية التحكم وضبط هذا النظام المعقد من أجل تفادي بعض المعضلات مثل انسداد القنوات الضيقة.
ذكر مستر بريان وارنيقتون ان شكل الوضع الراهن لتقنية المفاعلات الدقيقة الآن يمكن تشبيهه بوضع الأخوين (رايت) الطيارين في العام 1903 عندما ذكروا بأنهم يمكنهم الطيران ولكن هنالك معضلات تواجههما، يمكن القول ببساطة ان هذه المعضلات تتمثل في أن التقنيات القديمة لا يمكن أن تنتهي وتندثر بسرعة.
هنالك أيضا رؤية تفاؤلية ومستقبلية للدكتور جينسين لعمل وحدة المعمل الكيميائي الدقيق بحيث إن أي شريحة حاسوبية فيه يجب أن تحتوي على مقوم كيميائي وعلى عنصر كيميائي سائل إضافة إلى المكونات الإلكترونية التقليدية الموجودة فيه.
أثبت مستر ديفيد كيورام وهو أحد الطلبة السابقين لدكتور جينسين عملياً سهولة استبدال وظائف المعمل البخاري الكيميائي الذي يحاط بجدران ضخمة بصندوق خاص شبيه بالحاسوب، ولكن على الرغم من ذلك ما زالت هناك صعوبات وتحديات أمام عملية الدمج واتحاد العناصر الكيميائية قبل أن تصبح تطبيقاً معملياً قياسياً، اتضح جلياً أن عملية بناء المعادلات الكيميائية للحاسوب الخاص تحتاج لبعض الأعوام حتى تصبح واقعاً معيشاً.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|