في عصر الآلات الإدراكية عالية الذكاء شبح يسكن حاسبك
|
إعداد : عصمت نجيب
سيتمكن الحاسب قريباً من مراقبة عملك، وعندما تصاب بالإرهاق سيلاحظ ذلك ويقوم بإصلاح الأخطاء التي قمت بها والتي أدت إلى ذلك الاختلال. هل هذا يشكل مصدر خوف أو قلق للإنسان؟
لا أعتقد ذلك فهو بهذا التصرف لا يمثل أكثر من مجرد سكرتير ماهر داخل حاسبك، يهمه جيداً تنبيهك للأخطاء، والعمل على إصلاحها وهذا ما يقوله الباحث كريس فورسيث.
إن عالم الحاسبات البارعة الذكية وهذه هي الآلات التي ستصبح على دراية بعاداتك وسلوكك وستعرف متى تكون منهكا ومجهداً أو مرهقاً والتي يمكن أن تكون موجودة فعلاً بعد سنوات قليلة.
ستتمكن هذه الحاسبات من ملاحظة منطق عقلك في حفظ المعلومات وستتبع نفس المنطق في حفظ الملفات. كما ستقوم باستنتاج قصدك ونيتك بدقة، حيث إنها تتذكر خبرات سابقة كمثال إنك تقوم بعمل أخطاء في عمليات جدول الضرب فتقوم بتذكيرك وتنبيهك إلى أخطائك.
هذه الآلات المسماة بآلات الإدراك هي في الأساس برامج بارعة وذكية ويمكن أن تكون جزءاً من بيئة أي حاسب وهي حالياً موجودة فعلاً كنموذج أولى، حيث تم تطويرها خلال السنوات الخمس الماضية في قسم الطاقة في (معامل سانديا الوطنية) بواسطة فريق من علماء الحاسب الآلي وعلماء النفس لعلم الإدراك.
يقوم البرنامج بمراقبة كل ما تقوم بعمله ويقوم بإنشاء نموذج رياضي لسلوكك مثال الطرق التي تتبعها في حفظ المعلومات أو للقيام بعملك.
قم بالتفكير فيه كقريب أو ابن عم متقدم لبرامج اليوم، فمثلاً بعد أن تكون قد قمت بكتابة بضعة أحرف من العنوان البريدي لشخص ما يقوم هو باقتراح باقي العنوان.
البرامج الذكية
في أكثر أشكالها لطفاً تبدو الحاسبات الذكية مثل السكرتيرين التنفيذيين لمن هم أمثالنا والذين ليس لديهم القدرة المادية على تحمل توظيف سكرتيرة، بحيث أن هذه الحاسبات الذكية ستساعد في أن يكون هناك تقدم هائل في الإنتاج.
ومع ذلك فهناك بعض الخوف أن هذا التصور يقترح ويقدم انتهاكاً ينذر بسوء وكأنه يخرج علينا من فيلم للخيال العلمي.
ويصر كريس فورسيث. عالم النفس لعلم الإدراك وهو من يقود فريق سانديا أن هذه الآلات تم تصميمها كي تنمي وتزيد من فاعلية ونشاط الإنسان وليس استبدالها. ويقول «إننا لا نريد أن نخرج الإنسان من الدائرة». ويمكن أن يتم إنتاج أبسط نسخ من آلات الإدراك هذه في خلال عام أو عامين. عن تصور الحالة الراهنة لتفاعلات الإنسان والآلة نجد أن المشكلة الأكبر تكمن في أنه إذا كنت أنت المستخدم ففي الغالب لا تعرف التقنية شيئاً عنك. ويكون العبء على المستخدم كي يتعلم ويفهم كيف تعمل التقنية. والذي يجب أن نفعله هو أن نعكس المعادلة بحيث إنها تصبح مسئولية الحاسب أن يتعلم كل شيء عن المستخدم.
الحاسب يقرأ المستخدم
سيكون على الحاسب أن يتعلم ماذا يعرف المستخدم وماذا يجهل. كيف يؤدي المستخدم الوظائف اليومية العادية، وسيقوم أيضاً بالإدراك عندما يقوم المستخدم بعمل خطأما أو عندما لا يفهم شيئاً ما، هناك بعض النماذج الأولية لأنظمة قام ببناؤها بعض الخبراء مسبقاً، وأحد هذه الأنظمة التي تم بناؤها العام الماضي لها وظيفة تسمى اكتشاف التناقض، حيث يتم تزويد الآلة بنموذج إدراك لمهندس ملاحة جوية. ويكون هناك مشغل يراقب الأحداث التي تحدث في العالم المحيط به. ويبقى الحاسب مراقباً لنفس الأشياء التي يراها المشغل ويقوم بمحاولة ترجمة ما يحدث حوله مستخدماً نموذج إدراك المشغل وهو أساساً نموذج رياضي لسلوك المستخدم. وعندما تقوم بإيقاف نظام المحاكاة وسؤال كلٍ من الحاسب والمشغل «ماذا تعتقد يحدث الآن؟»
تكون الاجابة في حوالي 90% من المرات متطابقة من كل منهما. ويمكن لمثل هذا الحاسب أن ينبه المشغل لمشكلة لم يكتشفها بعد. ومن الأنواع الأخرى للتطبيقات التي توقع أن يراها بعض الخبراء أحد التطبيقات يمثل عميل مخابرات يراقب ويفحص كل البيانات القادمة من عدة قواعد. وهناك تطبيق آخر، حيث سيكون لديك إنسان آلي سيقوم بتسجيل خبراته بحيث أنه عند نقطة معينة سيقول «نعم لقد رأيت شيئاً مشابهاً لذلك من قبل وحينها قمت بعمل كذا، وكانت النتيجة كذا». مراقب لصيق ويمكن لهذا البرنامج أن يكون جزءاً من البيئة الرئيسية للحاسب الشخصي. فإنه لدينا هذا النموذج الأولي والمنتظر الانتهاء منه قريباً، حيث يقوم البرنامج بمراقبة حركة مرور بريدك الإلكتروني. مع من تتعامل وطبيعة هذه التعاملات. وفي النهاية يمكنك سؤال النظام «هل أعرف هذا الشخص؟».
وسوف يذكرك بأنكما قمتما بالعمل في مشروع واحد سوياً منذ عامٍ مضى مثلاً. وبالتأكيد يتوقع الكثير من القلق على ناحية الخصوصية والسرية بسبب هذا البرنامج فمن ناحية نحن مستريحون لفكرة أن هناك أناسا يجلسون معنا في مكاتبنا ويعلمون معظم ما نقوم به. ولكن الناس أقل ارتياحا لكون هناك سجل لهذا على حاسبهم. وهناك أيضاً مسألة الشعور بالأمان، لكن على الرغم من هذا فأن مراقبة أنشطة المرؤوسين تحدث بالفعل الآن. بعض الأشخاص سيتفقون في أن البرنامج سيقوم بتحسين الوضع، حيث أن أتساع المعلومات التي تم تسجيلها ستجعل من الصعب على شخص ما أن يجد ما يبحث عنه. خصوصاً لو أنه لم يكن له الحق في البحث. وحول مدى درجة أفضلية آلات الإدراك في محركات البحث التي نقوم باستخدامها حالياً يرى «فورسيث»: إن التقنيات المتاحة حالياً غير كافية.
فهناك أيام كثيرة لا أستطيع إيجاد ملف ما ومن ثم أفقد الأمل وأستسلم، واليوم محركات البحث مثل جوجل Google تقوم بأبحاث عامة جداً معتمدةً على الكلمة التي تكتبها,وهذه المحركات ليس لديها فهم أو إدراك لهيكل وبناء حياتك. وعلى العكس منها فإن برنامجنا يطور نموذجاً مبنياً على ما تعرفه أنت عن عملك ويقوم ببناء وتنظيم المعرفة والعلم الموجود على الحاسب الخاص بك بنفس الطريقة التي تستخدمها أنت لبنائها وتنظيمها في عقلك.
بيانات يطلع عليها البرنامج
من أنواع البيانات التي يحتاج أن يطلع عليها البرنامج كي يستطيع القيام بمهامه ملفاتك التي قمت بحفظها,والبرامج التي تقوم باستخدامها. وكيفية استخدامك لها. كمثال في البريد الإلكتروني سيقوم بدراسة كيفية استخدامك للبرنامج الفعلي. هل تقوم باستمرار بإرسال رسائل إلكترونية. هل ترسل نفس الرسالة لأشخاص معينين دون علم الآخرين.
سيبحث عمن تتصل بهم. ثم سينظر إلى محتويات وشكل الرسائل الإلكترونية. لأنه يمكنك قول الكثير عن معرفة شخص ما عن طريق الكلمات التي يستخدمها.
هناك بعض الإمكانيات التي سيكون من الممكن استخدامها في تطوير المنتج خلال العام المقبل مثال قدرة الحاسب على أن يمحص تطبيقات بريدك الإلكتروني. ولكن معظم الإمكانيات التي تحدثنا عنها ستصبح مألوفة بعد مرور عشر سنوات من الآن,فالتقنية موجودة بالفعل ولكنها ستأخذ بعض الوقت حتى يستطيع هذا النوع من التطبيقات التحرك ذاتياً. لأنه مثلاً وببساطة يجب أن يتم اختبارها وإثباتها. موانع تقنية ليست هذه الأفكار جاهزة بدقة لكي تنفذ بل هناك مانع تكنولوجي هام للغاية وهو أن الأنظمة التي يتم بناؤها الآن تحتاج إلى تجميع قاس ودقيق للغاية للبيانات من الشخص كي يتم إنشاء نموذج. وهذا يحتاج إلى جهد عمل مكثف واستهلاك للوقت، لذلك يجري البحث لجعل العملية تتم آلياًً حتى تستطيع الآلة مراقبتك واستنتاج ما تعرفه وما لا تعرفه أو تجهله الآن. وهذه الخاصية حالياً متاحة فقط في شكل محدود للغاية. هناك تساؤل بأن الآلات ستقوم بالتحكم بالعالم ويكون البشر عبيداً لها. ويخشى الكثير من أن تكون هذه التقنية تسير في هذا الاتجاه. إلا أن عالم النفس لعلم الإدراك فورسيث وقائد فريق سانديا يقول: «إن فريقنا مخلص للغاية وذو ضمير حي فيما يتعلق بهذه النوعية من المواضيع. وإنني أعتقد أيضاً إنه سواء كنا نحن أوغيرنا من يقوم بتطويرها فإن التقنية ستستمر في التقدم والتحسن. وسيقوم الأشخاص بدفع التقنية في طرق ستجعلها أكثر قوة، إلى النقطة التي ستبدأ عندها بالتطفل على حياة الأشخاص بل وتقوم بالحكم الذاتي والاستقلال.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|