بعد التطورات المعلوماتية المتسارعة هل تنهي الإنترنت احتكار المعلومات وتؤسس للمجتمعات الديمقراطية؟
|
استطاعت الوسائل المعلوماتية في الأعوام الأخيرة أن تكسر سلاح احتكار المعلومات الذي تشهره عادة بعض السلطات الوطنية بوجه مواطنيها، إلا أن مفاعيل كسر احتكار المعلومات لم تقتصر على كشف الحقائق ووقف التعتيم الإعلامي، بل تخطته إلى إتاحة المعلومات أمام كل من يستطيع تلقيها، أي أمام من يملك القدرة على شراء جهاز كمبيوتر ولديه وصول إلى شبكة اتصالات مناسبة لاستخدامات الإنترنت.
***
كسر الحدود
وتقول بعض الدراسات: إنه من المنتظر أن تحصل تطورات دراماتيكية مثيرة في مجال المعلوماتية تؤدي إلى نشر المعلومات في شكل لا سابق له بين عموم الناس، وتتوقع هذه الدراسات أن تصبح المعلومات الركن الرابع في العملية الإنتاجية، متجاوزة الأركان الثلاثة الأخرى الكلاسيكية وهي الملكية ورأس المال والعمال.
ولذلك ثمة بوادر حقيقية تؤشر لكسر الحدود التي كانت تبنيها عادة السلطات المحلية لحجب المعلومات عن مواطنيها، لكن الأمر سيحتاج إلى ارتفاع حقيقي في أعداد الناس القادرين على استخدام الإنترنت والبريد الالكتروني لبث المعلومات واستقبالها.
ويقول البعض في معرض الحديث عن قرب انتهاء عصر احتكار المعلومات:
إن الديمقراطية في جوهرها قائمة على المعلومات، وهي تعتمد على تلبية متطلبات تضمنتها شرعة حقوق الإنسان مثل حق المعرفة، وأي نظام ديمقراطي أو (متحوّل حديثا) إلى الديمقراطية سيكون عليه أن يتعامل بإيجابية مع مسألة إتاحة الوصول إلى المعلومات وضخها إلى المواطنين. وعندما يتمكن المواطنون من معرفة ما يحتاجون إليه عن الحكومات والبرامج والمواقف والمؤسسات، وعندما تعجز هذه المؤسسات عن احتكار المعلومة أو حجبها أو مراقبتها، فإن عملية بناء الثقة والولاء ستقوم على قواعد جديدة مختلفة تأخذ في الاعتبار أن الحكومات والجهات المعنية لم تعد مصدرا وحيدا للمعلومة، بل حتى لم تعد الجهة التي يذهب إليها المواطنون للحصول على المعلومة.
وتضيف دراسات صادرة عن الأمم المتحدة وجهات أخرى مثل تقرير (التحول إلى مجتمع معلوماتي، نظرة عامة) للباحث السعودي أبو بكر سلطان محمد في هذا الإطار أن المعلومات ستدعم جهود تنمية التجارة العالمية، وستعزز اللامركزية في الحكومات، (وستمثل ثورة المعلومات أكثر التحولات العالمية تأثيراً في حياتنا منذ الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر).
وتقول هذه الجهات: إن المعلومات وحدها ليست القوة، بل القوة هي التمكن من الحصول على أجزائها ومعالجتها واسترجاعها، وذلك بإجادة استعمال أدوات تقنية المعلومات مثل الكمبيوتر والبرامج والإنترنت وأجهزة الاتصالات الحديثة.
والتقنيات وحدها لا تكفي، فهناك حاجة إلى الاهتمام بالعلم وبالعنصر البشري متمثلاً في العلماء والمهندسين والتقنيين، ووعي المجتمع لأهمية التحول إلى مجتمع معلوماتي، ووعي صانعي القرار لضرورة وضع السياسات والتشريعات اللازمة وتبني عملية التحول.
هذه الدراسات، وبهدف تكوين تصور عام للمجتمع المعلوماتي وفهم للظاهرة المعلوماتية حاولت إلقاء نظرة عامة على التحول الكبير للمجتمع الإنساني في شتى بقاع الأرض إلى (مجتمع معلوماتي)، وتحليل هذه الظاهرة الحديثة، وتبيان مغزاها وآثارها، بالاعتماد على توثيق الأرقام والمؤشرات الإحصائية.
كما عملت على استشراف الشكل المستقبلي للمجتمع المعلوماتي والأجيال الجديدة من تقنيات المعلومات، وآثار الثورة المعلوماتية الإيجابية في الصناعة والأعمال التجارية والأبحاث العلمية وفي المكاتب والمنازل وقطاعات التعليم والصحة والخدمات العامة، ثم تعرج على اتجاه الدول المتقدمة الغنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان للتحول المتسارع إلى المجتمع المعلوماتي، وكذلك تجربة ماليزيا بوصفها إحدى الدول النامية، وموقع الدول العربية إزاء هذا التحول الخطير.
***
السلبيات
في المقابل، تناقش دراسة (التحول إلى مجتمع معلوماتي، نظرة عامة) سلبيات الثورة المعلوماتية مثل: ضعف الأمن، وانتهاك الخصوصية، وقضية الهوة المعلوماتية بين الفقراء والأغنياء (سواء أكانوا دولاً أو أفراداً)، وهل هي في ازدياد أم في تناقص؟ واقترحت الدراسة استراتيجية للمساهمة في التقليل من انهيار وتخلف المجتمعات التي تزداد الهوة المعلوماتية لديها والتي ستنال آثارها السلبية ليس هذه المجتمعات الأقل نمواً فقط، بل أيضا جميع من على وجه الأرض، مما يجعل التحول إلى مجتمع معلوماتي ضرورة ملحة.
وتوصلت الدراسة إلى جملة من الاستنتاجات والتوصيات أبرزها أن الحضارة الإنسانية تمر بعصر ما بعد الثورة الصناعية وهو عصر الثورة المعلوماتية والتحول إلى مجتمع معلوماتي.
وكان ذلك نتيجة منطقية للتطور الهائل في تقنيات الالكترونات والكمبيوترات والاتصالات والنظم الرقمية وانخفاض أسعارها، وقد ساعد النمو المطرد في الإنترنت إقليميًا ودوليًا هذه الثورة، وإمكاناتها اللامحدودة إضافة إلى طبيعتها غير المركزية، ونشاطها الفعّال في التطور إلى أجيال جديدة ذات إمكانات أقوى تتيح للتطبيقات غير المحدودة أن ترى النور.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|