الصين تقترب من ريادة الهند لمجال تقنية المعلومات * إعداد: محمد الزواوي
|
نشرت جريدة آسيوية تقريراً تقنياً يتحدث عن الصراع التنافسي ما بين الصين والهند لصدارة مجال خدمات تقنية المعلومات العالمية، حيث تتمتع الصين برخص العمالة في حين تتمتع الهند بالعمال المهرة الذين يتقنون اللغة الإنجليزية ويستطيعون بسهولة الاقتراب من الأسواق الأوروبية والأمريكية لعقد صفقات معها.
ويتحدث التقرير عن أن المنافسة ما بين الصين والهند لم تكن في مجال المنافسة عندما يتعلق الأمر بمجال التصنيع، فالصين تحتكر هذا المجال وبريادة تبعد كثيراً عن أي منافس آخر في ذلك المجال، وذلك للشجاعة الصينية في مجال التصنيع وجاذبيتها كسوق يستقطب مليارات الدولارات في صورة استثمارات مباشرة، و بسبب بنيتها التحتية العملاقة وتفوقها في مجال تصنيع الحاسبات ولعب الأطفال والمنسوجات والأحذية والأجهزة المنزلية.
عندما يتعلق الأمر بالخدمات البرمجية فإن التقرير يؤكد أن القصة مختلفة تماماً، فمع وجود شركات هندية عالمية المستوى مثل شركات (ويبرو) أو (إنفوسيس) أو (تاتا) لخدمات الاستشارات التقنية إضافة إلى العديد الكبير من المتخصصين الموهوبين في تقنية المعلومات الذين يجيدون الإنجليزية بطلاقة قد جعل الهند الاختيار الأول للشركات العالمية لتعطي الهند العمل بالوكالة في مجال تطوير البرمجيات والعمليات التجارية الأخرى، وأن الهند في ذلك المجال تحتكر الصدارة بلا منافس حتى الآن.
شهادة هندية وأفضل شخص من مجال صناعة البرمجيات يمكن أن يشهد بذلك هو ن ر نارايان مورتي رئيس شركة (إنفوسيس) الهندية الكبرى التي تم إدراجها ضمن مؤشر NASDAQ العالمي، والتي تعد أكبر شركة برمجيات هندية.
يقول مورتي: (الصين لا تزال تؤكد على حاجتها إلى تحسين بنيتها التحتية ومهارات موظفيها، ولكن رغم ذلك فإنها تقترب بسرعة شديدة من الصدارة الهندية لمجال خدمات تقنية المعلومات والعمل بالوكالة، والصين تبذل مجهوداً كبيراً لتطوير صناعتها للخدمات التقنية، وقد تحدث الكثير من الخبراء أن الصين ربما تختزل الفارق الزمني الذي بينها وبين الهند والبالغ خمس سنوات إلى ثلاث سنوات فقط قبل أن تلحق بالهند في ذلك المجال).
ويشير التقرير إلى أن شركة (إنفوسيس) كانت أول شركة تقنية معلومات هندية يتم دعوتها لكي تفتح فرعاً لها في الصين أثناء زيارة رئيس الوزراء الصيني إلى المقر الرئيسي للشركة في مدينة بانجالور أثناء رحلته إلى الهند في يناير عام 2002م.
وبالرغم من أن شركة (إنفوسيس) قد قامت بعد ذلك بوقت قصير بفتح فرع لها في الصين إلا أنها وجدت لزاماً عليها التراجع في سرعة، وذلك بسبب (العوائق البيروقراطية) كما أوضح مورتي.
ولكن الشركة رجعت ثانية إلى الصين في يوليو من العام الماضي بافتتاح مكتب لها في حديقة البرمجيات في مدينة شنغهاي الصينية، وهي أكبر تجمع للبرمجيات في البلاد، ويضيف مورتي أن الشركة قد تشجعت بسبب أن الصين (أصبحت تغير إجراءاتها وقوانينها بسرعة شديدة), ولشركة انفوسيس حالياً ما يقرب من 1500 موظف في فرعها في الصين، كما وجدت أن المناخ الاقتصادي مناسب بصورة كافية.
مخاوف هندية ولكن التقرير يشير إلى أن الهند قد تنفست الصعداء بعض الشيء و زال قلقها من أن الصين ربما تأخذ (قضمة) كبيرة من غدائها، وذلك بعد أن أدركت الهند أن التقدم الصيني في الخدمات التقنية ليس كافياً ليشكل تهديداً على الهند.
يقول بارثا إينجار نائب رئيس مؤسسة الأبحاث الهندية (جارتنر): (لقد كان هناك مخاوف منذ ثلاث سنوات عندما عبرت الصين عن آمالها في تحسين تعليم اللغة الإنجليزية في البلاد، وقد كان الشعور السائد آنذاك أن الصين يمكن أن تبدأ سريعاً في اللحاق بالهند، ولكنهم لم يحققوا تقدماً يذكر في السنوات الثلاث الماضية، وهو ما جعل الكثيرين في الهند يشعرون بالارتياح).
ولكن التقرير يعود ويؤكد على أن قطاع البرمجيات الصيني ينظر إليه الآن باحترام شديد، كما يقول سوجاي شوهان نائب رئيس شركة (جارتنر) ومدير الأبحاث فيها: (لقد كان التركيز الصيني حتى وقت قريب منصباً بصورة كبيرة على البرمجيات فقط من أجل ترويجها في أسواقهم المحلية، وربما أيضاً مد دعم الخدمات التجارية والاتصالات والبرمجيات إلى شركات التجزئة في الدول الآسيوية المجاورة مثل هونج كونج وتايوان حيث يستطيع المسؤولون الصينيون التحدث بحرية بلغتهم الخاصة، وإلى حد ما تحقق ذلك حتى في اليابان وكوريا.
ولكن الآن أدركوا أن الفائدة الحقيقية تأتي في قطاع الخدمات البرمجية، وهذا هو السبب أنهم حصروا كل مصادرهم في تطوير وخلق صناعة خدمات برمجية نشيطة، وهناك بالفعل بعض الشركات الصينية التي تعرض خدماتها على المستوى العالمي، والصين تحقق تقدمًا سريعًا في ذلك المجال).
ولكن لا تزال الأرقام تشير إلى أن القطاع الصيني للصناعات البرمجية بالوكالة لا يزال صغيراً مقارنة بالقطاع الهندي؛ فبينما لا تزال صادرات الهند من الخدمات البرمجية ترتفع بنسبة 30% سنوياً مقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ 6%، لتصل إلى 12.5 مليار دولار في السنة المالية لعامي 20032004، فإن عائدات الصين من صادرات الخدمات البرمجية طبقاً لبعض التقديرات أقل من خُمس ما حققته الهند.
وقد صرحت صحيفة شاينا ديلي أن (قطاع توكيل الخدمات البرمجية الصيني لا يزال في طور البداية).
وتقدر شركة (كونيكت آي تي شاينا) أن عائدات الصين من توكيل البرمجيات سوف تتضاعف بحلول عام 2005 لتصل إلى 5 مليارات دولار، كما تتوقع مؤسسة جارتنر أنه بحلول عام 2007 فإن الصين سوف تصل إلى 27 مليار دولار كعائدات من قطاع تقنية المعلومات، بما في ذلك الأعمال بالوكالة وصناعة ألواح توزيع المفاتيح الهاتفية.
ومن المتوقع أن تصل صادرات الهند من الخدمات البرمجية إلى 50 مليار بحلول عام 2008
ويؤكد التقرير أن هذه الأرقام عادلة بصورة كافية، ولكن يتساءل عن السبب في أن الصين التي طالما عرفت بأنها المكان المفضل لتوكيل الأعمال وبخاصة النشاطات المتعلقة بالتصنيع تظهر بتلك الجاهزية لتكون مسرحاً لتقنية المعلومات العالمية أيضاً؟ يورد التقرير عدة أسباب لذلك.
يقول مورتي إن السبب الرئيس هو أن (الصين تحسنت كثيراً جداً في البنية التحتية وأنهم قد خرجوا من القوقعة العالمية وقاموا بدعوة شركات للبرمجيات من كل البلدان حول العالم، بما في ذلك الهند).
ثم تأتي بعد ذلك مسألة التكلفة، فالمواهب الصينية رخيصة التكلفة وتعد إحدى المميزات الأخرى التي تتمتع بها الصين مثلما صرحت بذلك مؤسسة بيرنج بوينت للاستشارات، فالكثيرون يجدون أن الهند وبالرغم من أنها دولة أساسية في مجال خدمات تقنية المعلومات المتقدمة، إلا أنها أصبحت غالية التكاليف بالنسبة للقادمين الجدد في ذلك المجال.
وتقول مؤسسة بيرنج بوينت أنها اختارت شنغهاي لمركزها الجديد لتطوير البرمجيات بسبب أنها هناك تستطيع الحصول على مهندسي برمجيات أرخص بمقدار 40% عن الهند، بل الأكثر من ذلك وطبقاً لمؤسسة كاب جيميني فإن الصين لديها مهارات لغوية أخرى تفتقد إليها الهند، فشركة كاب جيميني والتي تدير مكتبًا فرعيًا في مدينة جوانج زهو جنوب البلاد تقول إن المدينة تمد بتيار متدفق من الخريجين الذين يتحدثون الإنجليزية، ولكنهم بالإضافة إلى ذلك يجيدون أيضاً اللغات الآسيوية الأخرى مثل اليابانية والكورية والتايلندية، والتي تعد ميزة واضحة للصين مقارنة بالهند.
وفي الوقت الحالي فإن العديد من شركات تقنية المعلومات الكبرى الهندية قد قررت أن تستغل الصين لتحقق أقصى استفادة لها، وأكبر شركات تقنية المعلومات الهندية وهي (تاتا للخدمات الاستشارية) على سبيل المثال لديها مركز به 100 موظف في هانج زو بالقرب من شنغهاي.
أما شركة (ساتيام لخدمات الكمبيوتر المحدودة) وهي رابع أكبر شركة توريد هندية فقد أنشأت هي الأخرى مركزاً للتطوير هناك به 27 موظفاً، كما تخطط لعقد توسعات إضافية مستقبلاً.
أما الشركات المتوسطة الهندية مثل شركة (آي جيت) وشركة (مفاسيس) فقد انتقلت إلى الصين هي الأخرى، وتتوقع مؤسسة جارتنر أنه في النهاية فإن المؤسسات الهندية سوف تتحكم في 40% من صادرات خدمات تقنية المعلومات الصينية. وعلى الرغم من ذلك فإن هناك شركة صناعة برمجيات هندية واحدة على الأقل لا تزال مؤمنة بأن الصين لن تلحق بالهند مطلقاً.
يقول أرون جين الرئيس التنفيذي لمختبرات (بولاريس) للبرمجيات، وهي واحدة من أكبر 20 شركة مصدرة لتقنية المعلومات في الهند: (إن الصين دائماً سوف تكون وراء الهند في مجال خدمات البرمجيات، تماماً مثلما أن الهند سوف تظل دائماً خلف الصين في مجال التصنيع، فالصين يمكن أن تلحق بالهند في حالة واحدة وهي إذا ما ظلت الهند معجبة بنفسها وتظل في مكانها ولا تقم برفع درجة الجودة، ولكن هذا لن يحدث، فالصين يجب عليها أن ترفع من قدراتها في مجال خدمات صناعة البرمجيات لتصل إلى حجم الصناعة الهندية، وهو شيء معقد للغاية، فهناك القليل من الشركات في العالم تستطيع أن توظف 3 آلاف متخصص في البرمجيات في كل فترة ربع سنوية ولديها القدرة لتحويلهم إلى خبراء في البرمجيات في ربع آخر.
ولست متأكداً إذا ما كانت الصين تستطيع الاحتفاظ بتلك القدرة على الارتقاء بذاتها في السنوات الخمس أو الثمانية القادمة، حيث من المفترض أن تكون الهند في مستوى آخر هي الأخرى).
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|