الطاقة الشمسية أمل المناطق النائية في تصفح الإنترنت
|
* إعداد:محمد الزواوي:
(حاسب محمول لكل طفل)، هكذا كان الوعد الطموح لأطفال العالم من مجموعة من أساتذة معهد ماساتشوستس للتقنية في يناير من العام الماضي. وكانت الفكرة هي تطوير وإنتاج ملايين الحاسبات المحمولة البسيطة القادرة على الدخول على الإنترنت بتكلفة مائة دولار فقط وإعطائها إلى أفقر الأطفال على كوكبنا.
وقد بدا هذا الوعد مغرياً؛ ولكن كيف سيستطيع الأطفال في القرى النائية في منطقة الصحراء الإفريقية أن يتصلوا بالإنترنت؟ عن هذا السؤال تجيب جريدة (الكريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية في التقرير الذي كتبه رانتي إسلام، والذي يقول فيه إن الحل هو (الهواء).
نعم الحل هو الهواء، والذي سوف يحمل موجات الإنترنت اللاسلكية إلى فقراء القارة السوداء، وكل ما يحتاجه الأطفال هو فقط سطح منزل وشمس، ويقول مخترعو هذا الجهاز اللاسلكي الجديد: إن هذا الحاسب المحمول مع منظومة من التقنيات اللاسلكية سوف تضمن وصول الإنترنت إلى المجتمعات الفقيرة والنامية حول العالم.
أشاد كثير من السياسيين والمستثمرين والمنظمات العالمية بما فيها الأمم المتحدة بهذا المشروع الجديد الذي يستخدم الإنترنت بقدراته الكامنة للمساعدة في تطوير المجتمعات النامية، وما يجلبه الإنترنت من خدمة رخيصة الثمن بما يحمله من كم كبير من المعرفة والمعلومات الفورية، كما سوف يساعد في الجهود التعليمية في تلك الدول ورفع حالة الفقر عنهم.
وقد ازداد انتشار الإنترنت في عالم اليوم، والكثير من الدول النامية لها مواقع حكومية على الإنترنت، إضافة إلى زيادة تصفح الإنترنت من الطبقات الوسطى من مدن تلك الدول، وحتى القرى الصغيرة فقد ازدهرت فيها مقاهي الإنترنت، ولكن رغم ذلك فإن الإنترنت لم يصل بعد إلا ملايين البشر في القرى والبلدات النائية والتي تحتاج المزيد من التوعية والتعليم والعناية.
ويصف الخبراء فشل التقنية في الوصول إلى تلك المناطق النائية بأنها المعركة الأخيرة؛ فالمناطق الوعرة مثل الجبال أو الغابات المطيرة تجعل بناء شبكة سلكية في تلك المناطق الشاسعة خياراً مكلفاً للغاية، ولذلك فلا تستطيع المدارس والمراكز الاجتماعية في الكثير من القرى النائية الوصول إلى الإنترنت، حتى إذا كان الإنترنت متاحاً في القرى المجاورة، هذا إضافة إلى قلة المصادر الكهربائية التي يمكن الاعتماد عليها في تلك الدول، لذا فإن الشبكات اللاسلكية تبدو هي الحل الناجع حتى الآن.
يقول مارك بوميرلو أحد ممثلي مشروع (الواي فاي الأخضر):
(لا يمكن أن توجد شبكة إنترنت سواء سلكية أو لاسلكية بدون وجود كهرباء)؛ ولكن زميله بروس بايكي وبتمويل من مبادرة (محمول لكل طفل) استطاع أن يطور نموذجاً أولياً من جهاز راوتر لاسلكي يعمل بالطاقة الشمسية، وهذا الجهاز المتوقع أن يظهر إلى الضوء هذا الخريف هو بالأساس جهاز راوتر تقليدي لاسلكي يتصل ببطاريات يمكن إعادة شحنها عن طريق خلايا شمسية، ولكن المخترعين بوميرولو وبايكي أضاف ابتكارهما الخاص، وهو (جهاز ذكي للتحكم بالشحنة الكهربائية)، الذي ينظم استهلاك الراوتر للكهرباء.
وقد أثبتت الاختبارات التي تم إجراؤها أن ذلك الابتكار يسمح للقعد اللاسلكية التي تنتظم الشبكات بها بأن تعمل لأكثر من 4 أسابيع متواصلة، حتى في ظل سماء غائمة ولفترات طويلة، وتلك العقد اللاسلكية محمولة على أسطح المنازل وتعمل بتقنية الواي فاي ويمكن أن تربط الشبكة اللاسلكية ببعضها البعض بين القرى لعدة أسابيع، ويمكن توصيل أي من تلك العقد اللاسلكية بالإنترنت لتقوم بدورها بتوصيل الإنترنت إلى بقية العقد التي تتكون منها الشبكة، ومن خلال حاسب محمول رخيص الثمن يصل سعره إلى مائة دولار، فيمكن أن يتحقق حلم دخول الإنترنت إلى تلك المناطق، وتلك الحاسبات تعمل بذراع مثبت لإدارته يدوياً أو بدالة قيدم لتوليد الكهرباء المطلوبة لتشغيل تلك الحاسبات.
يقول بوميرلو أن مثل تلك التقنية كان يمكن أن تساعد في الاتصالات بين منكوبي كارثة تسونامي التي وقعت عام 2004 بآسيا، أو بالأحياء الفقيرة التي ضربها إعصار كاترينا بالولايات المتحدة العام الماضي.
ويمكن تركيب تلك الشبكة اللاسلكية التي تتكون من مئات النقاط عبر ثلاث تقنيات لاسلكية موجودة بالفعل. ويقول دانيل آجيون المدير التنفيذي لمعهد الإنترنت اللاسلكي أن النقاط الساخنة للواي فاي تخدم مناطق تصل إلى عدة أميال، أما تقنية الواي ماكس والتي تعمل بمعايير أكثر تقدماً فيمكن أن تغطي مسافات تصل إلى30 ميلاً على حسب المناطق الموجودة بين نقاط الوصول، كما أن الجيل الثالث من شبكات المحمول عالي السرعة يمكن أن يتم استخدامها أيضاً، وبخاصة في المناطق التي تعمل فيها الهواتف الخلوية حالياً.
أما تحديد أنجع تلك التقنيات فيعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك الكثافة السكانية وطبيعة المنطقة ونفقات التركيب ومدى صعوبة زيادة الشبكات اللاسلكية مستقبلاً.
يقول السيد آجيون: (إذا ما أنيط بي تصميم التخطيط للشبكة من البداية، فسوف أستخدم التقنيات الثلاث، وفي الحقيقة فإن الدول النامية لديها فرصة فريدة في أن تحدث قفزة في البنية التحتية السلكية)، ويقول إن عدم وجود شركات متنافسة في تلك المناطق الفقيرة حول الشبكات السلكية يفتح الباب أمام الشركات اللاسلكية بصورة أسرع مما يمكن أن يحدث في الدول المتقدمة.
أما التقنيات اللاسلكية الموجودة حالياً مثل الواي فاي فلم يتم اختبارها سوى على نطاق بسيط، ويقول مبارك ميشرا من مركز بيركلي للأبحاث اللاسلكية بجامعة كاليفورنيا: (إن استخدام الواي فاي في الاتصالات بعيدة المدى يتطلب منا إحداث عدة تغييرات)، وقد قام بتحليل أحد مشروعات الإنترنت اللاسلكية التجريبية في ولاية كيرالا جنوب الهند وقال إن ما يجب تعديله هو طريقة التعامل شبكات الواي فاي مع المعلومات التي تقوم ببثها، كما يجب على شركات تصنيع الرقائق الالكترونية أن تضبط معداتها هي الأخرى بناء على ذلك، ويجب أن تدعم تلك الرقائق الواي فاي طويل المدى، ولكن يقول التقرير أن العقبات الرئيسة أمام انتشار الإنترنت اللاسلكي ربما تكمن في أشياء أخرى، فشركات التقنية العالمية تتوق إلى الدخول في ذلك السوق العالمية الذي تراه واعداً، سواء بمفردها أو بشراكة مع دول العالم النامي.
وتقول البروفيسور ماري لو جيبسون من معهد ماساتشوستس للتقنية والمسؤولة التقنية في مبادرة (محمول لكل طفل):
(ربما ترى شركات الإنترنت السلكية القديمة الاختراعات والمعدات الرخيصة التي طورتها منظمات أخرى على أنها منافسة مما يعوق التعاون بين الفرعين، فربما يرون أن الحاسبات المحمولة التي ثمنها مائة دولار هي تقنية هدامة لصناعتهم، فهناك بعض الشركات التي ترانا على أننا تهديد لهم.
ومن ضمن العقبات الأخرى الروتين الحكومي المتعلق بإعطاء تراخيص لشركات تعمل بموجات لاسلكلية وموجات راديو، إضافة إلى حقوق الاستيراد، وكلها تمثل عقبات كبرى جديدة، ويقول ميشرا:
(النفقات المتعلقة بعملية التسجيل ربما تصل إلى 45% من القيمة الإجمالية للمشروع).
والإنترنت اللاسلكلي في الدول النامية يعد مجالاً جديداً، لذا فهناك أرباح كبيرة أمام الدول المتقدمة وفرص وأسواق جديدة أمام الشركات العالمية، ولكن في ضوء العديد من المشكلات، فإن التكلفة المبدئية لنشر الإنترنت اللاسلكي يجب أن تكون منخفضة من أجل المساعدة في ازدهار الإنترنت في تلك الدول، لأنه حتى الآن لا تستطيع تلك الشركات قياس الطلب على تلك الخدمات.
فالإنترنت يمكن أن يكون وسيلة اتصال رخيصة لتلك المجتمعات النائية، ويسمح لهم بالتعرف على النشرات الجوية والمعلومات الصحية ومتابعة أسعار السوق، إضافة إلى تبسيط التعامل الحكومي، ولكن يقول ميشرا أن حجم الطلب على مثل تلك المعلومات لا يزال مجهولاً.
الدولة الأولى في الإنترنت اللاسلكي
في تلك البقعة التي كانت جزءاً من الاتحاد اليوغسلافي السابق، التي كانت على شفا حرب عرقية منذ عدة سنوات، أصبحت مقدونيا الآن ما يمكن وصفه ب(أول دولة لاسلكية) في العالم. وقد ساهمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمنحة قدرها 3.9 مليون دولار لبرنامج (مقدونيا تتصل) الذي وفر خدمات الإنترنت اللاسلكية لمدارس الدولة البالغ عددها 460، ما بين ابتدائي وثانوي، والتي تم تجهيزها بأكثر من 6 آلاف حاسب آلي بمنحة من الحكومة الصينية.
وقد قامت شركة (أون.نت) المقدونية بالتعاقد لبناء 7 ملايين شبكة لاسلكية، وبدلاً من النقاط الساخنة (المتزاحمة) لتقنية الواي فاي، فإن الشبكة تتكون من عقد من المناطق الساخنة، كل منطقة تمتد لما يقرب من 10 أميال فوق المدن والبلدات، مما يغطي 95% من البلاد.
وبعدما تم ربط المدارس بالإنترنت منذ ما يقرب من عام، فإن الشركة بدأت في توفير الخدمة للشركات والأفراد، والآن أي فرد بجهاز حاسوب به خدمة الواي فاي يستطيع أن يشبك في تلك الشبكة، مجاناً في بعض المناطق، بما في ذلك أجزاء من العاصمة سكوبيا، أما في مناطق أخرى من البلاد فإن المستخدمين يمكن أن يدفعوا 20 دولاراً أو أكثر شهرياً لاستخدام الخدمة.
وعملياً، هناك 13% من منازل مقدونيا تستطيع الدخول إلى الإنترنت، أما البقية فيفتقدون إلى المال أو ليس لديهم حاسبات آلية، أو ببساطة لا يهتمون بتصفح الشبكة العنكبوتية.
.....
الرجوع
.....
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|