|
موقع ويكيبيديا في الصين يثير الجدل
|
يحرك شي تشاو فأرة الكمبيوتر ويضغط على الزر بسرعة كبيرة ويرصد في غضون دقيقة أو نحو ذلك أكثر من عشرة أخطاء صغيرة يتعين تصويبها في ويكيبيديا.. الموسوعة الشهيرة على الإنترنت التي يمكن لأي متصفح أن يعدل أشياء بها. وقال شي وهو من سكان بكين ويبلغ من العمر 33 عاماً: (لا مثيل لها). وكانت الابتسامة تعلو وجهه بعد أن حثه محررون آخرون في ويكيبيديا خلال مؤتمر عقد في هونج كونج على أن يوضح كيف أصبح ملك المحررين للنسخة الصينية في ويكيبيديا.
ومنذ أن اكتشف شي موقع ويكيبيديا قبل أربعة أعوام أصبح شهيراً نوعاً ما في مجتمع الإنترنت وأجرى نحو 70 ألف تعديل بمعدل 50 تعديلاً تقريباً يومياً. ويكتسب إنجاز شي أهمية أكبر؛ لأن من المفترض من الناحية الفنية ألا يتمكن من الوصول إلى الموقع أصلاً. ففي أكتوبر الماضي منعت الحكومة الصينية موقع ويكيبيديا الذي يضم أكثر من خمسة ملايين مقال بنحو 230 لغة. ولا يمثل مصير هذا الموقع الشهير على الإنترنت جديداً نوعاً ما. فالحزب الشيوعي الحاكم عادة ما يمنع المواقع التي يعتقد أنها مضرة بالحكومة، كما يمنع بعض الصفحات إذا تضمنت كلمات حساسة. ولكن بعض الخبراء يرون أن هذا المنع يبرز التصادم بين ما تمثله ويكيبيديا من حرية المعلومات وبين سيطرة الحزب القوية على تدفق المعلومات. ويأمل مؤسس الموقع جيمي ويلز أن يكون هذا مجرد سوء تفاهم. وقال: (حتى إذا ما كان هناك اتفاق على أن بعض المدونات يجب منعها أو أن هناك أنواعاً من الدعاية يتعين منعها وهو أمر لا أوافق عليه. فما زال يصدمني منع الموقع بأكمله؛ لأن هذا خطأ جسيم... هذا يبرز عدم فهم لما نفعله). ومضى يقول: (99.99 % مما هو مدون في ويكيبيديا ليس له صلة بالسياسة على الإطلاق).
وما من شك أن ويكيبيديا تتحدث عن موضوعات مثل استقلال التبت وتايوان وحركة فالون جونج الروحية المحظورة واحتجاجات ميدان تيانانمين عام 1989 التي راح ضحيتها الآلاف من المطالبين بالديمقراطية. ولكن خبراء في شؤون الصين ومحللي إنترنت يعتقدون أن عملية المنع ربما تكون أكثر من مجرد محاولة للرقابة على عدد محدود من المقالات الحساسة في موسوعة على الإنترنت على موقع يحتل المرتبة رقم 16 بين أكثر المواقع زيارة طبقاً لأليكسا إنترنت التي تراقب حركة مواقع الشبكة العالمية. وقال شياو تشيانج مدير مشروع الإنترنت الصيني في جامعة كاليفورنيا: (الرقيب يشعر بالخطر بسبب الطريقة التي تعمل بها ويكيبيديا وليس مجرد بعض الصفحات بعينها في موقع ويكيبيديا). واستناداً إلى برنامج على الإنترنت يتيح لأي زائر مسجل أن يضيف إلى المحتوى أو يحذف منه أو يعدل فيه، فإن عملية تحرير المقالات في ويكيبيديا عملية شفافة وعادة ما توصف بأنها ديمقراطية. فبإمكان أي متصفح أن ينشر أي مادة، وبإمكان متصفح آخر أن يعدلها، لذلك فإن المقالات المنحازة أو غير الدقيقة عادة ما تحذف أو تصحح والجوانب كلها في القضايا الشائكة تذكر وجهات نظرها. وفي الصين يسعى الحزب لتأكيد سطوته على عمليات النشر كلها، وضمان أن تأويله للأحداث هو الذي ستكون له الغلبة. وقال ويلز على هامش المؤتمر: (على مستوى أعمق وعلى مستوى فلسفي أعتقد أن أي نظام استبدادي عليه أن يشعر بالقلق من تلك التكنولوجيات التي تسمح للناس بامتلاك أدوات للتفاعل والتفكير). وقال اندرو لي وهو باحث في الإعلام الجديد ويؤلف كتاباً عن ويكيبيديا إن أثر بناء المجتمع الذي تحدثه تلك الموسوعة يثير انتباه السلطات الصينية أيضاً. وأضاف: (إنها تمثل مجموعة من الناس العاديين الذين يمكنهم الاحتشاد سريعاً جداً لتقديم محتوى، وهذا أمر كبير بالنسبة إلى مناخ يعتقدون أنهم يسيطرون على الإعلام فيه.. هذا أمر يثير القلق). وعندما منع موقع ويكيبيديا في أكتوبر دون إشعار مسبق اعتقد شي تشاو أن الأمر لن يدوم طويلاً مثلما حدث لدى منع الموقع في يونيو وسبتمبر عام 2004. وهو يقول: إنه بعد مضي نحو عام على المنع الأخير، فإن تأثير تلك الخطوة ما زال محسوساً. ومضى يقول: (قبل منع الموقع كان هناك أناس في الصين يكتبون مواد بشكل طيب للغاية... ولكنهم توقفوا بعد منعه). ولكن منع الموقع لم يحل دون دخول شي وغيره من محرري ويكيبيديا الذين لم يلجؤوا للحيل في دخول المواقع الممنوعة. ومن جانب آخر يعمل ويلز مؤسس الموقع بهدوء لمحاولة إلغاء هذا المنع. وفي مؤتمر ويكيبيديا بالصينية الذي عقد في هونج كونج الشهر الماضي كان يأمل أن يتعرف على المزيد من المعلومات لمعرفة إلى من يلجأ لحل المشكلة. وهو يعتزم زيارة بكين في أوائل العام المقبل لإجراء محادثات في جامعة هناك ويأمل في لقاء مسؤولين حكوميين. ويرى ويلز أن أكبر مأساة نجمت عن منع الموقع هي أن المعلومات الخاصة بالصين ووجهة نظر الحكومة الصينية لا تصل إلى موقع ويكيبيديا. وقال: (استراتيجيتنا هي الصبر.. وأن نقول مراراً وتكراراً: إننا نشعر أن هذا خطأ بسيط، وإن الجانب الأكبر من محتوى ويكيبيديا لا يثير الجدل، لذلك لا ينبغي منعنا. لا أدري أن كانت تلك الاستراتيجية ستنجح).
.....
الرجوع
.....
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 