جرت العادة في المجتمعات العربية أن تكون المناسبات الإسلامية كرمضان والأعياد فرصة للتهاني والزيارات وصلة الرحم بين الأهل وحتى الجيران والأصدقاء، ومع تطور الزمن وسرعة إيقاع العصر الذي نعيشه تغيرت هذه العادة الجميلة ليحل محلها الاتصال الهاتفي وليته دام، فلقد أصبح من الطبيعي هذه الأيام أن تتم التهاني في المناسبات عبر رسائل الجوال أو رسائل البريد الالكتروني.
(كل عام وانتم بخير) و(عساكم من عواده) و(مبارك عليكم الشهر) و(مبارك العيد) وغيرها من العبارات المألوفة والمعروفة لدينا، أصبحت هي الطريقة الأكثر شعبية في التعبير عن المشاعر والعواطف الإنسانية للشعوب العربية والمسلمة التي دائماً ما تتجدد مع قدوم شهر رمضان الكريم وفترة الأعياد، حيث يبدأ الكثير من الأهل والأصدقاء والجيران وزملاء العمل والدراسة بإرسال التهاني لبعضهم البعض مباركين ومعبرين عن سعادتهم مستخدمين التقنيات الإليكترونية والكمبيوترية ووسائل الاتصال الحديثة مثل الرسائل القصيرة عبر الجوال ورسائل التهاني.
ويؤكد البعض ان تهاني الأعياد في زمن الإنترنت والجوال صارت أسهل وأسرع بالنسبة لهم، فبدلا من الذهاب إلى المكتبة أو القرطاسية لاختيار البطاقة الأجمل والأفضل، الآن يمكنهم كتابة عبارات التهنئة مع اختيار عشرات الرسوم والصور ليضمنوها هذه العبارات وما هي إلا لحظة لتصل إلى من يحبون أو من يعزون أو من يرغبون في تهنئتهم.
فهل بالفعل أصبحت (ايميلات) ورسائل وتهاني العيد هي البديل المقبول أو المفروض عن الاتصالات التقليدية أو الزيارات والمقابلات الودية والأسرية ؟
هذا ما نحاول معرفته من خلال هذا الريبورتاج:
مجاراة للعصر
بداية تقول باسمة العبد الله: نحن نعيش لغة العصر وكل يوم يأتي بجديد في مجال التقنية الكمبيوترية والتعامل مع هذه التقنية بات ضروريا، لذلك ومنذ تعاملنا مع الإنترنت والجوال صارت عادات التهاني عبر الجوال والإنترنت (الاميلات) هي اللغة الحديثة التي يتعامل بها الجميع ممن مسحوا أميتهم الكمبيوترية، وبالمناسبة لدي عبارة محفوظة في الأرشيف تتضمن تهنئة رقيقة تعودت إرسالها إلى الأهل والمعارف كل عام في الأعياد، بالفعل لقد سهل العصر أموراً عديدة في حياتنا.
وتتفق معها دلال الفقيه (طالبة) حيث تقول: في السابق كنت أرسل لصديقاتي خاصة اللواتي خارج منطقتي بطاقات التهاني المطبوعة والجاهزة، ومنذ العام الماضي وبعد معرفتي بالكيفية التي تكتب بها الرسائل القصيرة قمت بإرسال تهاني العيد عن طريق الجوال و(الايميل)، والجميل إنني تلقيت رد هذه التهاني بعد ثواني خاصة عبر الجوال، وهذا لم يكن متاحاً أبدا عندما كنت أرسل التهاني عن طريق البريد حيث لا أجد ردودا على ما كنت أرسله إلا بشكل محدود، وحقيقة أجد أن التهنئة عن طريق الجوال والرسائل القصيرة أفضل وأسرع وسيلة.
إلغاء المسافات
ومن زاوية أخرى تتعلق بالأهل والأصحاب الذين تفصلنا عنهم المسافات والحدود الجغرافية البعيدة تقول (سما الحامد) عن تجربة خاصة لها في هذا الإطار: الحمد لله الذي سخر لنا هذا المجال المتطور من التقنيات والوسائل الحديثة التي ساعدتنا بصورة راقية ومتطورة في إيصال عواطفنا ومشاعرنا للآخرين من الأهل والأصدقاء والمعارف، فكم هو رائع أن نرسل تهانينا بالأعياد وبطريقة متطورة وأنت جالس في مكانك.
اذكر في العيد الماضي أرسلت تهنئة لشقيقي الذي يدرس في أمريكا، وما هي إلا لحظات ليجيبني عليها ويخبرني بضرورة فتح الاميل حيث شاهدته مع زملائه يحتفلون في شقته بالعيد، كما أرسل عدة صور مع الإشارة إلى تاريخ المناسبة فكان فارق التوقيت فقط أما وقت الصور والتقاطها لم يمض عليه أكثر من نصف ساعة وهذا الوقت هو الذي استغرقه على ما يبدو في تحميل الصور من الكاميرا للكمبيوتر ومن ثم للاميل.. أليس هذا تطوراً مذهلاً وشيئاً رائعاً يتخطى الزمن والحدود ؟!
الأسرع والأضمن
أما راجية طلال (موظفة) فتقول: منذ عرفت الإنترنت والتعامل معه وأنا أرسل التهاني لمعارفي وقريباتي وصديقاتي عن طريق البريد الالكتروني وما هي إلا لحظات واجد الرد سريعا، وهناك بعض التهاني أرسلها عبر رسائل قصيرة خاصة لمن اعرف أنهم لا يتعاملون مع الإنترنت.
نحن بصراحة في عصر متطور يشعرنا بالعصرية وأننا جديرون بأن نعيشه بكل أبعاده ففيه أشياء مفيدة جدا، من كان يتصور ان التهاني باتت ذات طابع عصري وجميل وتقني.
والأهم في هذا الموضوع ان الاميلات ورسائل الجوال التي ترسل بمناسبة الأعياد سريعة التأثير بحكم وصولها لمن نحب ونرغب في نفس وقت الإرسال، وبجانب ذلك فهي اضمن وأسرع من البريد التقليدي، فهناك عوامل تتحكم في الرسائل البريدية لعدم مواكبتها العصر مثل التأخير والفقد أو الضياع أو حتى هناك من يستولي عليها من ضعاف النفوس، أما الرسائل والتهاني عن طريق الإنترنت أو الجوال فهي مضمونة ولا يتسلمها إلا صاحبها، والاهم انها تأخذ الطابع الشخصي والسري، بمعنى انك تستطيعين إرسال رسالة قصيرة وفي ذات اللحظة بالإمكان مسحها وهذا جميل.
وعن أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في رسائل التهاني والمناسبات ويلتزم بها كل من يريد الإرسال تقول ريم: من المفروض ان يحسن البعض التعامل مع لغة العصر فيتبع في اختياره لعباراته التي يرسلها عبر الجوال أو الاميل الأساليب العصرية ذات الطابع الإسلامي التي لا تتنافى مع الذوق العام، لا أن يرسل كل ما هو عشوائي من عبارات غير مناسبة أو يحمل رسوما غير مقبولة، فكلما كانت التهنئة بسيطة ورقيقة كانت أكثر تعبيرا ووصفا بعيدا عن المبالغة أو السطحية.
كما يجب اختيار الوقت المناسب لإرسالها خاصة رسائل الجوال بحيث تكون ضمن الأوقات المقبولة لدى غالبية الناس، فمن غير المعقول أن يرسل احدهم رسالة في أوقات متأخرة من الليل أو في الصباح الباكر، وأنا شخصيا ابعث برسائلي التي تتضمن تهاني الأعياد في منتصف اليوم حتى لا أزعج أحدا فهذا الوقت تقريبا مناسب.
وبالطبع من الضروري أن اختار الأداة التي أرسل من خلالها رسائل التهنئة، فحتى الذين يوجد لديهم كمبيوتر وإنترنت واعرف أنهم لا يدخلون للإنترنت دائماً أفضل أن أرسل لهم التهنئة عبر الجوال.
رسائل الجوال أكثر شعبية
وتؤكد رهف المنيع (طالبة) ان رسائل الجوال باتت أكثر شهرة وشعبية وسهولة بين الناس من رسائل البريد الالكتروني في موضوع رسائل التهاني والمناسبات، حيث تقول: التهاني الخاصة بالعيد أرسلها عبر الجوال وبعضها عبر الإنترنت فليس كل الأهل والأصدقاء على علم بالإنترنت، لذلك أتعامل مع كل فئة حسب معرفتها التقنية، لكن بصورة عامة الجوال ورسائله القصيرة صارت أكثر شعبية من الإنترنت، لأن الجوال بإمكانك استخدامه في كل مكان وزمان أما الإنترنت فأنت بحاجة إلى الجلوس أمام كمبيوتر به إنترنت حتى تتمكن من كتابة تهنئتك أو رسالتك وهذا قد لا يتوافر في كل مكان أو زمان.
وتشاركها الرأي الهنوف التي تؤكد أن تعاملها مع تهاني الأعياد عادة ما يكون عبر الجوال حيث تتوافر فيه فرصة وحرية أكثر من الإنترنت، لان كتابة الاميل تحتاج وقتاً أكبر بداية من فتح الكمبيوتر والاميل وبعدها كتابة العبارات وتحميل صور مناسبة، أما الجوال فعملية الإرسال لا تأخذ الكثير من الوقت، بل إن عبارة واحدة بإمكانك إرسالها للمئات في آن واحد وهذا يشكل في حد ذاته خطوة كبيرة ومهمة في عملية التواصل والاتصال، إضافة إلى سرعة إنجاز التهاني في وقت قياسي.