ألعاب الفيديو : هل هي مجرد تسلية ؟
|
بي بي سي:
(مدرعة للأعداء في المنطقة!) (تم الاستيلاء على إحدى النقاط... تابعوا بجهد أكبر أيها الجنود!) إلى المسعف... عد إلى موقعك... نحتاج فريق الإصلاح بسرعة...)
هكذا تأتيك الأوامر والتعليمات بينما تخوض معركة في صفوف تحالف الشرق الأوسط ضد الجيش الأمريكي الذي جاء لبسط سيطرته على مواقع نفطية أو منطقة استراتيجية، لكن في مناسبات أخرى، قد يشيد بك رفاقك قائلين: (أحسنت أيها البطل)، أو (أنا مدين لك بواحدة)، بل وقد ينوه قائد الوحدة الصارم بالعمل الجماعي: (استعدنا السيطرة، أحسنتم أيها الرجال).
هذه (باتلفيلد) أو (أرض المعركة)، وهي من أشهر ألعاب فيديو الجيل الجديد التي حطم اتقان صوتها وصورتها وسيناريوهاتها كل الأرقام القياسية، والتي حلت الواقعية فيها محل الخيال بشكل يجعل اللاعب يجلس ساعات وساعات أمام شاشته، كما لو كان بالفعل يدافع عن حوزة الوطن أو يداهم العدو طمعاً في التوسع.
فقد جمع الجيل الجديد من ألعاب الحرب مثل (باتلفيلد 2) أو Medal of Honor أو Call of Duty بين ألعاب الاستراتيجية مثل (عصر الإمبراطوريات) Age of Empires أو Civilization وتلك التي تطلق فيها النار في رأس كل من يعترض سبيلك، والتي تعرف بfirst person shooters فضلاً عن قيادة مختلف وسائل النقل العسكرية من دبابات ومروحيات، بل حتى طائرات مقاتلة، بمتعة لا تقل عن تلك التي تشعر بها مع ألعاب سباقات الرالي أو قيادة الطائرات من قبيل Flight Simulator .
ويذكر أن مبرمجي الألعاب حول العالم محترفين أكانوا أو هواة يدلون بدلوهم في هذا المجال، فتجد على مواقع شتّى خرائط ووحدات وأسلحة جديدة يمكن تحميلها لإثراء الألعاب.
ويمكن القول ان الأمر تطور من مجرد لعبة للتسلية في أوقات الفراغ إلى حرب شاملة على الإنترنت. فنجد مثلاً على عدد من المواقع إعلانات يضعها (قناص أو عنصر من قوات المظليين الخاصة) يتباهى بإنجازاته و(يعرض خدماته على جيش له سمعته).
كما قد تصادف (جيوشا) تطلق على نفسها أسماء مختلفة، تبحث مثلا عن (مسعف ذي خبرة، عمره 18 سنة على الأقل، يلتزم بحضور التدريب مرة كل أسبوع، علماً أن الانضباط وطاعة القائد من أهم شروط القبول!) (من 10 ملايين دولار إلى 10 سنتات) ألا تستحق هذه نظرة اهتماماً، بدل اعتبارها (لعب أطفال؟) هل العلاقة بين الألعاب الرقمية والقتال مجرد مظهر جديد لتقليد بشري ضارب في جذور التاريخ؟ تقول هيذر تشابلين، كاتبة سمارت بومب (القنبلة الذكية) انها ترددت على كبار مبرمجي ألعاب الفيديو لمدة أربعة أيام.
وتؤكد تشابلين: (لا أعرف أحداً منهم رفض دعوة للعمل لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه)، أو الشرطة الفدرالية (اف بي آي) أو وزارة الدفاع... يبهرني استعداد هؤلاء الناس لمنح مواهبهم ووقتهم لأهداف عسكرية.
والدليل على ضرورة أخذ الظاهرة مأخذ الجد، ان إحدى ألعاب الحرب الرقمية، America's Army المجانية تعد أنجع وسيلة خطرت ببال الجيش الأمريكي لضم الشباب إلى صفوفه. وعدد مستخدميها يعطي فكرة واضحة على نجاعتها.
فـ29 مليون شخص حملوا اللعبة على كمبيوتراتهم، منهم 6 ملايين يلعبونها بانتظام، حسبما أدلت به مصادر عسكرية أمريكية لصحيفة الجارديان البريطانية. فبينما يكلف إعلان تلفزيوني الجيش ما بين 5 و10 ملايين من الدولارات للساعة الواحدة، لا يكلف الأخذ بألباب الشباب بألعاب الفيديو إلا 10 سنتات للساعة الواحدة، حيث لا تتعدى نفقات تسيير موقع America's Army مليونين ونصف المليون دولار سنوياً.
ويقول العميد كازي واردينسكي المكلف بهذا البرنامج للصحيفة البريطانية: (يمكن لكل شخص تحميل اللعبة مجاناً من على الإنترنت لمعرفة ان كانت المهنة تستهويهم... لقد سبق وجرب اللعبة ما بين 20 و40 بالمئة من جنودنا الجدد).
لكن كل هذا لا يدعو للاستغراب، علماً أن ألعاب الفيديو، كالكثير من الصناعات التكنولوجية المتطورة، أصلها أبحاث عسكرية.. فهناك صلة وثيقة بين أول رادار للطيران العسكري والصور عالية الدقة التي يستمتع بها (المحاربون) على الإنترنت.
فأول ألعاب فيديو ابتكرت في الخمسينيات والستينيات على يد علماء معهد ماساتشوستس التكنولوجي، الممول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية. وإلى غاية منتصف التسعينيات كان البنتاغون يمول ألعاباً خاصة به على غرار Simnet للتدرب على قيادة الدبابات.
وقد يتساءل البعض عمّا يجعل الولايات المتحدة لا تخفي العلاقة بين ألعاب الحرب ونيتها تجنيد الشباب، ربما لخوض حرب حقيقية، كما تفعل ذلك في مجالات أخرى كالسينما.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|