الفجوة الرقمية رؤى مختلفة!!
|
إنَّ الفجوة الرقمية ذات أوجه عديدة، ومن الطبعي بسبب ذلك أن تتعدد وجهات النظر في شأنها.
فالسياسيون، يرون الفجوة الرقمية بوصفها إشكالية تندرج ضمن قضايا الاقتصاد السياسي، ولا حلَّ لها في نظرهم من دون سند من التشريعات والتنظيمات، من أجل حماية المجتمع من فوضى وشيكة يمكن أن تلم به بفعل المتغير المعلوماتي.
والاقتصاديون يرون الفجوة الرقمية نتيجة لعدم القدرة على اللحاق بركاب اقتصاد المعرفة وعلى استغلال موارد المعلومات لتوليد القيمة المضافة، ولا حلَّ لسد الفجوة الرقمية إلا بتحرير الأسواق وإسقاط الحواجز أمام تدفق المعلومات والسلع والخدمات وحركة رؤوس الأموال، وكل ذلك يتطلب سرعة الاندماج في الاقتصاد العالمي.
أما التربويون فيرون الفجوة الرقمية قضية تعليمية في المقام الأول ومظهراً لعدم المساواة في النفاذ إلى فرص التعليم، والحل في رأيهم هو في إكساب المتعلم القدرة على التعلم ذاتياً مدى الحياة.
ويرى الاتصاليون أن الفجوة الرقمية أساسها عدم توافر شبكات الاتصالات، ووسائل النفاذ إليها ونقص السعة الكافية لتبادل النوعيات المختلفة لرسائل المعلومات، والحل في رأيهم هو في توفير بدائل رخيصة لإقامة شبكات الاتصالات ونشرها على أوسع نطاق.
والاجتماعيون يرون الفجوة الرقمية ضرباً من عدم المساواة الاجتماعية عبر الفواصل الاجتماعية المختلفة كالدخل والسن والنوع ومستوى التعليم وسكنى المدينة والريف، وهم يرون ضرورة توفير الشروط الاجتماعية والثقافية التي تساعد على توطين التقنية في التربة المحلية.
والمستقبليون يتأرجحون في شأن الفجوة الرقمية بين يوتوبيا معلوماتية قادرة على حلِّ جميع المشكلات وتحقيق الوئام في ظل هيتروتوبيا من تنوع الثقافات وبين ديستوبيا معلوماتية تدفع بكثير من الشعوب إلى قوائم الانقراض وتقود العالم إلى جحيم تجنيس الثقافات.
بصفة عامة يمكن القول - على حد تعبير د. نبيل علي في كتابه (الفجوة الرقمية رؤية عربية لمجتمع المعرفة) بالاشتراك مع د. نادية حجازي - إن خطاب الفجوة الرقمية السائد ما زال موصوماً بصبغة تقنية اقتصادية، تعمي بصيرته عن رؤية الأبعاد الاجتماعية والثقافية.
إعداد: د. زيد بن محمد الرماني
المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
zrommany3@gmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|