المصافحة عبر الانترنت
|
المعروف أن مستخدم الإنترنت يستطيع الكتابة والحديث بشكل فوري مع أشخاص آخرين على بعد آلاف الأميال من خلال استخدام برامج المحادثة «الدردشة» المتنوعة. ولكن غير المعروف بل غير المعقول أن يستطيع إنسان مصافحة آخر والشعور بملمسه وحركة يديه عبر الشبكة العنكبوتية.
كان هذا يعتبر ضرباً من الخيال حتى شهر اكتوبر من العام 2002م، حيث استطاع اثنان من العلماء أن يتصافحا افتراضيا من خلال الإنترنت على بعد ثلاثة آلاف ميل حيث كان أحدهم في معهد العلوم والتكنولوجيا في مدينة بوسطن الأمريكية والآخر في جامعة لندن بالمملكة المتحدة وبينهما المحيط الأطلسي. وقد تمكنا من المصافحة باستخدام تقنية تسمى «الفانتومز» تستطيع تحويل التحركات وقوة الدفع إلى نبضات كهربائية ترسل عبر الألياف البصرية ويستطيع كل طرف أن يشعر بحركة وقوة دفع الآخر حتى وإن كان يبعد عنه آلاف الأميال. ليس هذا فحسب بل إنه يستطيع الشعور بخشونة أو نعومة الجسم المراد تحريكه. بل وإحداث آثار لكمة خفيفة على الجسم. هذه الطريقة هي تقريباً نفس الطريقة التي يعمل بها جسم الإنسان عندما يريد تحريك أحد أطرافه حيث يرسل المخ نبضات كهربائية من خلال الجهاز العصبي إلى اليد أو الرجل المراد تحريكها.
وكما هو الحال في كثير من تطبيقات الإنترنت كعرض الفيديو والصوت والصور ذات الكثافة العالية التي تتطلب سرعة اتصال عالية، تعتمد هذه التقنية على سرعة الاتصال بشبكة الإنترنت لإرسال الإشارات بشكل متواصل حتى يشعر الإنسان بالملمس الطبيعي للجسم الآخر.
ولذلك فإن الطريقة التقليدية للاتصال بالشبكة عن طريق المودم والهاتف لن تكون ذات جدوى مع هذه التقنية الجديدة، وعلى الرغم من أن هذه التقنية لن تكون جاهزة للاستخدام العام أو التجاري أو غيره قبل الخمس سنوات القادمة إلا أنها تنقلنا خطوة في اتجاه تقنية الواقع الافتراضي التي كنا نسمع بها ونشاهدها فقط في أفلام الخيال العلمي، ولم نكن نتصور أن تصبح واقعا ملموسا في يوم من الأيام، لم تعد المسافة المكانية التي تفصل بين دول العالم المختلفة هي تلك المسافة التي كانت بالأمس فالعالم يتقارب والمسافات تختفي تدريجيا كل يوم.
لانستبعد في المستقبل القريب أن يطل أحدنا من نافذة منزله الإليكترونية في مدينة الرياض ليشاهد المناظر الخلابة في سويسرا أو ليشم رائحة الورود الزكية في هولندا.
في المستقبل القريب لن تحتاج الذهاب لعملك والعودة لمنزلك مرورا بزحام طريق العليا أو جسر الخليج.
سيكون بإمكانك أن تعمل من بيتك وترسل عملك اليكترونيا، في المستقبل، لن تحتاج لزيارة طبيبك في عيادته في نيويورك لإجراء عملية جراحية بسيطة إذ سيتم عمل اللازم اليكترونيا. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل نحن جاهزون للتعامل مع عصر مابعدالمعلومات؟ واقعنا يقول بأننا نتراجع كل يوم خطوة وأن الهوة تزداد اتساعا بسبب عدم الوعي الإليكتروني وانعدام البنية التحتية للتقنية في مؤسساتنا العلمية حيث ان مدارسنا بل جامعاتنا تفتقر إلى أبسط الخدمات الإليكترونية. وحتى وإن وجدت هذه الخدمات البسيطة فإنهافي الغالب تقصر على شريحة معينة من منسوبي تلك المؤسسات كما هو الحال في تقديم خدمةالإنترنت في بعض الجامعات السعودية. وإذا كان هذا حال المؤسسات العلمية فما بالك بالقطاعات الأخرى التي تفتقر أيضا لأبجديات الثقافة الإليكترونية وتعتمد السجلات القديمة والدوسيهات الضخمة بديلاً للتطبيقات الحاسوبية البسيطة.
د. سعدعلي وهف القحطاني
جامعة الملك سعودالرياض
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|