الغبار الذكي
شبكة من أجهزة الاستشعار الدقيقة
|
استحوذت شبكات الاستشعار على مزيد من الاهتمام في الآونة الأخيرة، ولكن أيمكن أن تكون هذه الشبكات التي تعرف أيضاً باسم (الغبار الذكي) ذات فعالية تستحق هذا الاهتمام!؟ ففي الوقت الذي تسعى فيه صناعة التقنية لتحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال هناك بعض الباحثين تنصب اهتماماتهم في الأشياء الصغيرة ابتداء من محاولات دمج قوة وتعدد مهام الكومبيوتر الشخصي في جهاز صغير بحجم الجيب، مروراً بالجهود المبذولة في تطوير تقنية النانو، وصولاً إلى شبكات الاستشعار الصغيرة المقترحة (الغبار الذكي).
ويعتقد أن نثر غبار من الأجهزة الدقيقة على الأدوات المستخدمة يومياً أو حتى على الأرض، حيث ترسل هذه الأجهزة إشاراتها وتتخاطب فيما بينها بواسطة موصلات لاسلكية، يعتقد أنه سيكون لهذه التقنية فوائدها العسكرية والتجارية والأسرية حتى.
جاءت من البحر
ودخلت هذه الفكرة الوليدة حيز التجارب من خلال ناقلة النفط العملاقة (لوتش رانوتش) التي تعمل على خط شمال الأطلسي، وهذه الناقلة تعمل ضمن أسطول شركة (بي بي)(BP) البحري وهي شركة تعمل في مجال الطاقة، وتم نثر 160 جهاز استشعار على هذه الناقلة أطلق عليها اسم (ذرات الغبار).
يتمثل دور أجهزة الاستشعار هذه في أشياء مثل قياس درجة اهتزاز مضخات السفينة، إضافة إلى قراءة حالة المحركات والاسطوانات وغيرها من الماكينات العاملة على السفينة، ترسل هذه الأجهزة قراءاتها لاسلكياً، وذلك لمعرفة ما إذا كانت هذه الشبكات ستساعد في توقع حدوث الأعطال إضافة إلى اختبار نشاط عمل شبكات الاستشعار. وعلق كينيث دوغلاس مسؤول التكنلوجيا بالشركة أن شبكات الاستشعار ستكون الجسر الذي سيربط بين الأنظمة والعالم الحقيقي.
إضافة إلى هذه الناقلة تستخدم الشركة تجربة هذه التقنية على اكثر من 40 مشروعاً آخر، وتتوقع الشركة خلال الثلاثة أعوام القادمة أن تربط هذه التقنية نظم معلومات الشركة بمصادر عالمها الحقيقي.
تحتوي كل ذرة استشعار على معالج دقيق متناهي الصغر ومصدر طاقة وجهاز إرسال واستقبال راديو، وكل ذلك في جهاز صغير قد يبلغ حجمه يوماً ما حجم ذرة الغبار، تمتاز أجهزة الاستشعار هذه بسهولة التركيب والعمل كونها تحوي على موصلات لاسلكية ذاتية التهيئة ومصادر طاقة داخلية، فبإمكان هذه الأجهزة مثلاً مراقبة درجة الحرارة داخل مركز بيانات كومبيوتر وتزويد نظام التحكم بالبيانات لضبط مستوى التبريد حسب البيانات المستلمة مما يوفر الكثير من الطاقة المهدرة وتكلفة الصيانة.
نجاح..ومخاوف
وضع معهد الهندسة الكهربائية والإلكترونية بروتكول الاتصالات (802.15.4)، لهذه الأجهزة الدقيقة، تأمل زيغ بي في انتشار هذه البروتوكولات بنفس مستوى انتشار الواي فاي. ويشير كثير من المهتمين بشبكات الاستشعار إلى ارتفاع نسبة استخدام ملصقات الهوية التي تعمل بنظام ترددات الراديو، مما يوحي بمستقبل تجاري مشرق للأجهزة اللاسلكية الدقيقة.
ولكن أثيرت مؤخراً كثير من المخاوف لما يمكن أن تلعبه من انتهاك للخصوصية، حيث إن شركة (BP) زودت الشاحنات التابعة لها بهذه الأجهزة لمراقبة خط سيرها وسلوك السواقين، إلا أن إدارة الشركة تدعي أن السلامة هي الهدف الأساسي من هذه الأجهزة. في الوقت الحالي تستخدم هذه الأجهزة في مجالات مختلفة، وفي بريطانيا تستخدم لمراقبة المناخ والضغط داخل محطات مترو الأنفاق، وفي أمريكا تستخدم لاستشعار الزلازل وقياس درجة شدتها.
قال كريس بيستر أول باحث في هذا المجال ومخترع شبكة الغبار الذكي ردا على طلب إحدى الشركات الأمنية بدراسة إمكانية تزويد أحد البنايات الجديدة بعدد 50 ألف جهاز استشعار دقيق لتحل محل أجهزة الاستشعار السلكية التقليدية، وذلك لتشغيل أجهزة التحكم في درجة الحرارة وأجهزة تنظيم الطاقة وأجهزة التحكم على الأبواب والمداخل وغيرها من الأجهزة.
ولكن تنفيذ هذا الحجم من الشبكة مازال أمراً صعباً، واكبر شبكة من الغبار الذكي تم تنفيذها إلى الآن تتكون من 900 جهاز فقط وتم تفكيكها خلال أسبوع واحد بعد نجاح التجربة. ويسعى بعض الباحثين في اوهايو لإنشاء شبكة تتكون من 10 ألف جهاز حول مساحة تبلغ 10 كيلومترات مربعة بأحد حقول الذرة، وسيكتمل المشروع في شهر ديسمبر، والمشروع يخص الجيش الأمريكي وهو مشروع بحثي، وما تزال جميع هذه المشاريع بغرض الأبحاث استعداداً للعمل التجاري.
وفي هذا الخصوص صرح غوردون بيل الشخصية الأسطورية في تاريخ الحاسب الآلي مؤكداً (لا يزال الوقت باكراً بالنسبة لشبكات الأجهزة الدقيقة كي تدخل في حياتنا اليومية)، وبالرغم من أنه أحد المساهمين في مشاريع الغبار الذكي إلا أنه يشبه هذا الاختراع بنفس النظرة التي تلقاها الكومبيوتر الشخصي عام 1975م، مؤكدا أن شبكة الغبار الذكي لن تدخل حيز التنفيذ التجاري قبل عام 2010م.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 