تقنيات الاتصال لخدمة التشخيص ومعالجة المرضى الطب عن بعد.. ماذا بعد التطبيقات الجديدة يمكن أن تحسِّن نتائج تطبيب الكوارث في المستقبل تغيير جذري في أسلوب تقديم الرعاية الطبية لمصابي الحروب
|
* سهام عبدالسلام:
ظهرت فكرة ممارسة الطب عن بعد منذ أكثر من ثلاثين عاما، من خلال استخدام الهاتف وآلة الفاكسميلي وتصوير أعضاء الجسم بتقنية المسح البطيء slowscan images، لكن العقد الماضي شهد زيادة معتبرة في التقنيات التي يمكن استخدامها في مجال الطب، يشير مصطلح ممارسة الطب عن بعد telemedicine باختصار إلى استخدام تقنيات الاتصال عن بعد لإجراء التشخيصات الطبية. ومعالجة المرضى. ورعايتهم، ورغم أن ممارسة الطب عن بعد يمكن أن تؤثر في كل التخصصات الطبية. إلا أن أكبر تطبيقاتها توجد حاليا في تخصصات الأشعة، والفحوص المعملية الباثولوجية. وأمراض القلب، والتعليم الطبي. وربما يكون أكبر أثر لممارسة الطب عن بعد هو ما يعد به من تحسين نوعية نظام تقديم الخدمة الطبية إلى المناطق الريفية والبلدان النامية، وزيادة كفاءته. وتوسيع مجال تغطيته للسكان في تلك المناطق.
التكلفة المعقولة
وسوف يقدم الجيل الثالث من الأجهزة الخلوية اللاسلكية خدمة الهاتف الذي ينقل صورة المتحدث عن طريق الفيديو. مما ييسر نقل الصور أثناء الوقت الواقعي للمكالمة. للمساعدة على إجراء الاتصالات بين مريض أو من يتولى العناية به وبين المهني المختص برعايته طبيا، ومن المدهش أن تلك التقنية تقدم بالضبط نوع الحلول ذات التكلفة المعقولة لتلبية الاحتياجات الخاصة التي تنشأ في أوضاع المناطق الريفية، ولأنها ذات تكلفة معقولة، فهي تفتح طريقا مبتكرا لربط المناطق الريفية بالمدن التي ترتبط بالفعل بالإنترنت أو التي بها موارد متاحة على شبكة المنطقة المحلية وهكذا تمكن من سد الفجوة الرقمية التي يعاني منها سكان الأرياف وتقدم لهم قناة اتصال. كما تمكنهم من الحصول على رد في الوقت المناسب على المشكلات الصحية التي تحدث في الأماكن النائية. وكلما توفر وجود التقنيات اللاسلكية وصار بالإمكان دفع تكلفتها. ستنتقل تطبيقات مثل الهاتف الذي ينقل الصور بالفيديو عبر تقنيات الاتصال الهاتفية الحديثة المعروفة باسم بوتز POTS انتقالا تدريجيا نحو الجيل الثالث من الأجهزة اللاسلكية. إن تلك التقنيات تبشر بتحسينات كبيرة في تكلفة وكفاءة رصد حالة المرضى عن بعد. وربما أمكنها مد خدمة رصد الحالة إلى القطاع الأوسع من السكان الأصحاء لإجراء تشخيصات وقائية وتحذيرهم مما قد يلم بهم من أخطار صحية.
وتلائم تطبيقات الواقع الافتراضي في الطب تخطيط العمليات الجراحية واستخدام التحامات البيانات، أي إتمام الالتحام بين المرضى الافتراضيين والحقيقيين ليعمل ذلك كأداة تجوال في الشبكة اللاسلكية تعاون في إجراء الجراحة. وبينما تساعد أبحاث الجراحة عن بعد على البدء في تحقيق القفزة نحو استخدام الإنسان الآلي في غرف العمليات، ظلت الجراحات التي تجرى عن بعد تطبيقا محيرا، لكن قد يثبت في النهاية أنها أحد أهم استخدامات الإنسان الآلي في إجراء الجراحات.
الخدمات الدفاعية
تظهر الجهود الطبية في الخدمات الدفاعية قبولاً متزايداً لتقنيات ممارسة الطب عن بعد. ويكشف مسح التقدم الرائد في تقنيات الإحساس عن بعد وإرسال المعلومات الطبية عن وجود فرصة لإجراء تغيير جذري في أسلوب تقديم الرعاية الطبية لمصابي حوادث الحروب. ومفاتيح تلك الفرصة هي الرصد عن بعد لموقع كل جندي من الجنود على حدة والكشف عن علاماته الحيوية بمساعدة جهاز رصد الحالة الصحية الشخصي Personal Status Monitor (PSM) ونقلها من موقع حدوث الإصابة إلى موقع الخدمات الطبية بواسطة طبيب معه جهاز لرصد حالات الإصابات عن بعد، وتوفيرالرعاية الجراحية العاجلة في ميدان القتال عن طريق وجود الجراح عن بعد، ومراقبة تقديم العلاج بهذا الطريق، ونقل المصابين في نقالة حوادث، وعمل تمثيل لجراح الحرب من أجل ممارسة الجراحة وتدريب قوات الخدمات الطبية والتخطيط لخدماتها عن طريق الواقع الافتراضي، لكن الخدمات الدفاعية تركز على وجه الخصوص على تأمين عملية ممارسة الطب عن بعد عن طريق تحويل النص العادي إلى نص مرمز عن طريق التصفير وغير ذلك من الاحتياطات. ويمكن أن تقدم نظم ممارسة الطب عن بعد المعتمدة على الكمبيوتر لتقديم تلك الخدمة للعملاء العسكريين أو التجاريين تأمينا قويا لمنع الأعين والآذان الدخيلة من التلصص على المعلومات الحساسة، فهل ستصير ممارسة الطب عن بعد التي تعد أمرا جديدا بالنسبة للأجيال التي تعيش اليوم أمرا روتينيا بالنسبة للجنود ومن يؤدون الخدمة العسكرية في المستقبل؟
إن التقنيات المركزية لمعالجة البيانات الطبية ومد شبكات التواصل بينها أمر موجود اليوم، لكن الأمر يتطلب التزاما شديدا كي يتم دمج تلك التقنيات في نظام واحد لتقديم الخدمات الطبية في ميدان القتال في القرن المقبل.
نقاط النجاح
لقد تم تطبيق ممارسة الطب عن بعد للمرة الأولى في الكوارث في منتصف ثمانينات القرن العشرين، وحين نلقي نظرة على الماضي سنتمكن من رؤية نقاط النجاح والفشل في ذلك التطبيق. مما يسمح لمن يطورون تلك التقنيات باستقراء كيف أمكن لممارسة الطب عن بعد أن تنشأ، وتوظيفها لتلبية احتياجات خدمة مصابي الكوارث في المستقبل.
هناك عدد من أنواع الكوارث مثل الزلازل، وأخطار الحوادث النووية أو الكيماوية، وأحداث الشغب المدني، وحوادث الهجوم بالقنابل والحوادث الإرهابية، والحروب البيولوجية ... الخ. في مثل هذه الأحوال يمكن أن يتم تدمير البنية التحتية الموجودة على الأرض، عندئذ تكون النظم الفضائية مناسبة لإكمال البنية التحتية المدمرة جزئيا على الأرض لتلبية متطلبات خدمات الرعاية الصحية العاجلة، كالتوظيف العاجل لوسائل إدارة الإمدادات والخدمات الطبية أو خبرات تقديم الرعاية الطبية عن بعد.
ومنذ الهجوم الذي شن على مبنى البرلمان بدلهي في 13 ديسمبر 2002، والهجوم الإرهابي الذي حدث في 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، والانفجار الفجائي لحالات الجمرة الخبيثة هناك وفي أماكن أخرى، صار شبح الإرهاب العالمي أكثر واقعية، وفي الزمن القريب أدت التهديدات المتزايدة باستخدام الأسلحة البيولوجية لإحداث دمار شامل إلى ظهور حاجة ملحة لمراجعة الأساليب الحالية لمراقبة الأمراض، ومن بعض أنظمة مراقبة الأمراض الموجودة حاليا (أو التي في طريقها للظهور) كالتالي:
أ نظام الإبلاغ الإلكتروني عن الأمراض ومعالجتها (EDRMS)
ب مراقبة الأمراض في الوقت الواقعي لتفشيها (RODS).
ج نظام الاستجابة الخفيف للكشف المتقدم عن تفشي الأمراض في الحالات الوبائية والعاجلة (LEADERS).
كما أن هناك عددا لا نهائيا من الأخطار البيولوجية التي قد توجد في المناطق الريفية سواء منها الأخطار الطبيعية أو التي من صنع الإنسان، وهناك بعض الفرق القليلة المدربة على معالجة المواد الخطرة. وغالبا ما توجد هذه الفرق في المدن لمجرد أن أعداد السكان هناك تزيد من احتمالات الحاجة إلى أعضاء تلك الفرق، والنظم التي تم تطويرها لمعالجة الكوارث مسؤولة عن البحث عن الضحايا. وتحديد مواقعهم، وتحديد مستوى أولويات عمليات الإخلاء، وهم مجهزون بهاتف جوال وجهاز المساعد الشخصي PDA لنقل البيانات المسجلة محليا إلى مشغلي الأجهزة في المركز الثابت أو إلى المستشفى الميداني المتنقل (MFH). وتجهز فرق الإسعافات الطبية الأولية بمحطة عمل لتقديم الخدمة الطبية عن بعد لتسجيل ونقل البيانات الطبية الموضوعية مثل رسم القلب، ومعدل نبضاته، ودرجة تشبع الدم بالأكسجين، وضغط الدم إلى المركز الثابت أو إلى المستشفى الميداني المتنقل، وهذا النوع من المستشفيات يتم نشره في موقع الكارثة لتوفير كل الأنشطة المتعلقة بالتنسيق بين أفراد الفريق المتنقل، وأعضاء فرق تحديد الأولويات الطبية فيما يخص الضحايا، والإسعافات الأولية، والخبرات الطبية الأخرى عن طريق عقد مؤتمر فيديو بين العاملين في المستشفى الميداني المتنقل والمستشفى الذي يحولون إليه الحالات المصابة.
إن التطبيقات الجديدة الملائمة لممارسة الطب عن بعد يمكن أن تحسن نتائج تطبيب الكوارث في المستقبل بناء على الدروس المستفادة من عقد كامل من نشر خدمات الممارسة الطبية عن بعد (على جبهة واسعة) لمواجهة الكوارث المدنية والعسكرية.
ولا بد لمن يقدمون خدمات الرعاية الطبية العاجلة من البدء في التخطيط الفعَّال لاستخدام تطبيقات الممارسة الطبية المختصة بمعالجة الكوارث لتحسين نتائجها في المستقبل.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|