أمريكا تسترق السمع من خلف أبواب الدول وأوروبا تكتفي بحماية قارتها
|
* إعداد - إبراهيم الماجد:
عندما يسترق أحدهم السمع من خلف باب موصد، نصفه باللص أو بالذي يتدخل في شؤون غيره، لكن عندما تسترق دولة السمع على أكثر من ملياري اتصال هاتفي في العالم يوميا، فإن صفتها تتحول من لص إلى دولة عظمى. الدولة هي الولايات المتحدة، والأرقام مصدرها دراسات تؤكد أن الولايات المتحدة تمكنت بفضل مركز (ايشيلون) الأوروبي للتنصت والمراقبة من التقدم خطوات أمام كل منافسيها في العالم ضمن المجالات العلمية، الاقتصادية والعسكرية.
كذلك تمكنت الولايات المتحدة من احتلال موقع (وكيل) يبيع ويتبادل المعلومات الاستخبارية في التحقيقات الدولية، تشير معلومات إلى أن التنصت الذي تجريه الولايات المتحدة على الاتصالات الهاتفية والجوالة في العالم يومياً يتخطى في بعض الاحيان الملياري اتصال وخصوصا أن طاقة أنظمتها تتخطى قدرة التنصت على 2.5 مليار اتصال يوميا، إضافة لذلك تستطيع محطات التنصت الأمريكية، سواء كانت محمولة على طائرة فوق بلد ما أو على قمر اصطناعي، أن تراقب في اللحظة عينها 12مليون شخص دفعة واحدة.
وتقوم هذه المحطات الطائرة أو الفضائية بإجراء التنصت بالتنسيق مع محطات أرضية يتركز دورها على استقبال تسجيلات الاتصالات وتخزينها، ولكي تعمل هذه الأنظمة بالفاعلية القصوى يجب أن يمدها عملاؤها ضمن شركات الاتصالات الثابتة والجوال بمساعدة جوهرية.
ويقوم هؤلاء بإرسال (المعلومات) Data لكل التسجيلات التي تحصل عبر أجهزة إرسال خاصة، كما يستطيع هؤلاء العملاء أن يخّزنوا تسجيلات الاتصالات مرحليا على (أقراص صلبة) Hard Disks في كومبيوترات ثم يرسلونها في وقت لاحق.
وترجّح بعض المعلومات أن يكون عدد العاملين في مجال التجسس والمراقبة بحدود نصف مليون شخص، 75 في المائة منهم في البلدان الغربية، ونحو 60 في المائة من العدد الإجمالي موجود في الولايات المتحدة التي تملك أضخم معدات المراقبة وأكثرها تطوراً وقدرة على تغطية أكبر مساحة ممكنة من الكرة الأرضية. ولدى وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة مشروع يتم تنفيذه حاليا يتضمن إنشاء 65 قاعدة ومركزاً جديداً للتنصت والمراقبة.
وتضيف بعض الدراسات الخاصة بأنشطة التجسس والتنصت أن عدد الأقمار الاصطناعية التي تسهم في مثل هذه النشاطات يراوح بين 42 و48 قمراً، تم تجهيزها بأحدث المعدات والتجهيزات المخصصة لانجاح عمليات التنصت.
ويعتقد البعض أن التجسس والتنصت لا يعتمدان فقط على الأقمار العسكرية بل يعتمدان أيضا على أقمار تابعة لشركات خاصة تشكل واجهة لجهات استخبارية وعسكرية.
ايشيلون يلعب الدور الأكبر
مراقبة الولايات المتحدة للاتصالات الهاتفية لا تقتصر على أجهزة التنصت والتسجيل بين الطائرات والأقمار الفضائية والمحطات الأرضية التابعة لها، فقد أسست الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية نظاما الكترونيا يسجل الاتصالات الهاتفية والجوال واتصالات الفاكس والإنترنت في كل أنحاء العالم يعمل ضمن شبكة تجسس واسعة، وتشترك في هذه الشبكة كل من بريطانيا وكندا وأوستراليا ونيوزيلندة مع الولايات المتحدة.
ومنذ انطلاق خدمة الإنترنت على مستوى العالم يراقب نظام التجسس (ايشيلون) البريد الالكتروني وتبادل المعلومات أيضا، وبقي هذا المركز لعقود سريا، حتى إن واشنطن كانت تنكر وجود هذا النظام.
وسرت شائعات عدة عن النظام إلى أن ألقى تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي عام 1990م قليلا من الضوء على الموضوع، ويمكن الحصول على معلومات مهمة جدا على الموقع الآتي: http:cryptome.org-echelon- ep.htm. وعام2000م قال الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية CIA جيمس وولسي في مقابلة صحفية:
(نعم يا أصدقائي في القارة الأوروبية، لقد تجسسنا عليكم).
وعام 2001م نشر البرلمان الأوروبي تقريرا أوضح فيه دور مركز (ايشيلون) في التجسس، وبعد صدور التقرير بستة أيام وقعت حوادث 11سبتمبر في نيويورك، وبدل أن يخفف التقرير من حماسة تطوير مراكز تجسس أمريكية في أوروبا، حصل العكس، فقد بدأ البحث عن معلومات متعلقة بحوادث11 ايلول في الاتصالات الهاتفية الأوروبية، كما جرى توسيع مراقبة الإنترنت والهاتف على نطاق عالمي. كذلك تم تركيز التجسس على حوالي 155مليون شخص من مستخدمي الإنترنت في أوروبا. وفي تلك المرحلة ظهر (آكل اللحوم) carnivore وهو اسم النظام الذي يراقب حركة البريد الالكتروني في العالم. وتم إدخال نظام (كارنيفور) في صلب عمل مزوّدي خدمات الإنترنت الأساسيين في العالم، فبات مراقبا دائما لكل رسالة بريد الكتروني تنطلق من أي مكان في كوكب الأرض.
ويعمل النظام اعتمادا على الكلمات الدالة، فإذا استخدم أحدهم كلمة (قنبلة) في الجملة الآتية ضمن رسالة بريد الكتروني: (حبيبتي، حبك شكّل قنبلة في حياتي)، يقوم (كارنيفور) بالتقاط الرسالة من بين ملايين الرسائل ويحيلها على مكتب خاص يقوم بتحليل الرسالة وتقفي اثر صاحبها إذا استدعى الأمر ذلك.
وحسب معلومات لمنظمة (مراسلون بلا حدود) ركّب موظفو الشرطة الفيدرالية الأمريكية نظام كارنيفور لدى جميع شركات خدمات الإنترنت الكبيرة في الولايات المتحدة بعد ساعات قليلة من وقوع الاعتداء على مركز التجارة العالمي. وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي أقره الكونغرس بعد يومين من حوادث 11 ايلول، باتت مراقبة الإنترنت والبريد الالكتروني أمرا شرعيا.
حوادث مدريد ولندن تحرك أوروبا
وفي سياق متصل يحمل دلالات على توجه أوروبي متزايد لتشديد الرقابة على الإنترنت والاتصالات الهاتفية، تبنت المفوضية الأوروبية أخيرا في اجتماع لها ببروكسل اقتراحات تسمح بالاحتفاظ بتفاصيل جميع المكالمات الهاتفية والإنترنت مدة تصل إلى سنة، من أجل محاربة ما بات يعرف أوروبيا باسم الإرهاب والجريمة.
وقال نائب رئيس المفوضية فرانكو فراتيني إن الاقتراحات ستأخذ في الاعتبار حقوق الأمن الأساسية وحماية المعلومات الخاصة ومصالح الشرطة وبواعث قلق صناعة الاتصالات، والتزم فراتيني الإسراع في إجراءات إصدار القرار.
وجاءت اقتراحات تشريع قوانين مراقبة الاتصالات والمراسلات الالكترونية في دول الاتحاد الأوروبي بعد وقوع هجمات مدريد العام الماضي، وزاد الإصرار على تشريعها بعد هجمات لندن في تموز الماضي عندما تولت بريطانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وتريد المفوضية تخزين البيانات التي تتعلق بحركة مكالمات الهاتف الجوال والثابت مدة عام للسماح للشرطة بتتبع وقت الاتصالات ومكانها والأرقام التي استخدمت، أما بيانات شبكة الإنترنت مثل الرسائل الالكترونية فسيتم الاحتفاظ بها مدة ستة أشهر.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|