المنظمة العربية للتنمية الإدارية تنظم مؤتمراً حول (فهرسة الإنترنت) * القاهرة مكتب الجزيرة أشرف محمد
|
على الرغم من التطورات التي تدخلها محركات البحث على مواقعها للوصول إلى المزيد من عرض النتائج الأكثر دقة والأقرب إلى موضوع البحث، فإن الأمر لا يزال يحتاج إلى الكثير ويدرك ذلك جيداً المتعاملون مع شبكة الإنترنت بكثرة ويثير هذا الموضوع الكثير من اجتهادات من يعملون في مجال الفهرسة.
وخلال الأيام الماضية عقدت المنظمة العربية للتنمية الإدارية مؤتمراً تحت عنوان (فهرسة مصادر الإنترنت واستخدام معايير الميتاداتا ودبلن كور). وشارك في اللقاءات العديد من المتخصصين والعاملين في مجال الفهرسة بالمكتبات من مصر والدول العربية.
بداية القضية
وتقدم معظم المشاركين بأوراق عمل وأبحاث خاصة بهذا الموضوع وفي البداية قال الدكتور زين عبدالهادي مدرس علم المعلومات بكلية الآداب جامعة حلوان: إن قضية فهرسة مصادر المعلومات المتاحة على الإنترنت Resources Internet Cataloging تمثل واحدة من أهم القضايا التي طرحت في عالم المكتبات والمعلومات خلال العقد السابق، واستمرت أصداؤها في هذا العقد أيضاً، وربما كان الدافع وراء انفجار هذه القضية هو ظهور شبكة الإنترنت في مطلع النصف الأول من التسعينيات وإن كان يلاحظ أن الإرهاصات الأولى لهذه المشكلة تعود لبداية الستينيات مع انتشار العمل على أجهزة الحاسب وبداية الثمانينيات مع بدء استخدام الأقراص الضوئية، لكن الأمور بلغت أوجها مع انطلاق شبكة الإنترنت، مما طرح معه
إشكاليات جديدة تماماً على مجتمع المكتبات والمعلومات.
وأوضح عبدالهادي أن البحث الذي تقدم به خلال المؤتمر خلص إلى أنه لم يتم حتى الآن حل.
إلى أي مدى ونطاق يمكن فهرسة مواقع الإنترنت؟
مع ضرورة التأكيد على أن وضع بيان الموقع الإلكتروني في تسجيله الفهرسة الهدف منه الوصول access إلى الموقع وليس مجرد إتاحة البيانات الببليوجرافية فقط. ومع ملاحظة النقص الواضح في الدراسات العربية الأكاديمية حول قضية وصائف البيانات ومعيار دبلن المحوري، حيث يبلغ عددها 8 دراسات عربية فقط في مقابل ما يزيد عن 900 دراسة أجنبية.
المعايير العالمية
كما أن القضايا المُثارة في الفكر
الأمريكي حول موضوع فهرسة مصادر الإنترنت قضايا متشعبة وتنبع من خلفية مبنية على معايير عالمية ليس هناك مثيل لها في العالم العربي ولم تترجم حتى الآن المعايير العالمية الأخرى الخاصة بفهرسة مصادر الإنترنت سوى ما قام به ثلة من الأساتذة في ترجمتهم لقاف2م، بالإضافة إلى النقص الواضح في الببليوجرافيات وقوائم الفهارس الخاصة المتعلقة بمواقع الإنترنت في العالم العربي وربما لعدم إدراك أهميتها في المكتبات حتى الآن.
ومن أكثر القضايا التي احتلت مناقشات في مجال الفهرسة خلال السنوات الأخيرة قضية فهرسة مصادر الإنترنت ودور وصائف البيانات بها، ومازال هذا الاهتمام جارياً بها ولكن عام 2000 شكل ذروة الاهتمام بها.
كما أنه ليست هناك أي دراسات عربية تتعلق باستخدامات وصائف البيانات ومعيار دبلن المحوري في المكتبات العربية أو الإنتاج الفكري العربي. أو أي ترجمات كاملة وشاملة لمعيار دبلن واستخداماته.
وذكرت الدراسة أن قضية فهرسة مصادر الإنترنت شهدت عقد مجموعة كبيرة من المؤتمرات بالخارج في الوقت الذي لم يعقد فيه مؤتمر واحد في العالم العربي حول الموضوع وتسيطر مقالات الدوريات والتأليف الفردي على أكثر من 60% من مجموع الدراسات في هذه القضية.
ومن الأهمية بمكان دعم الدراسات الأكاديمية في قضية فهرسة مصادر الإنترنت في أقسام المكتبات في الجامعات العربية وخصوصاً الأطروحات. مع أهمية عقد عدة مؤتمرات في موضوع فهرسة مصادر الإنترنت ووصائف البيانات ومعيار دبلن المحوري للتعرف على كل جوانب هذه القضايا.
وضرورة دعوة المكتبات العربية إلى فهرسة مواقع الإنترنت ومصادر المعلومات المتاحة بها لدعم وإثراء مجموعاتها.
العالم العربي
وحول قضية فهرسة ملفات الإنترنت في العالم العربي أوضح عبدالهادي أن المؤشرات الكمية تعكس الاهتمام الضعيف بهذه القضية، حيث لم تشغل هذه القضية حيزاً كبيراً في الإنتاج الفكري العربي، ولا يمكن القول بأنه كان هناك اهتمام حقيقي بها، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن الاهتمام في المكتبات العربية بتطبيق النظم الآلية بها مازال في طور التكوين، ناهيك عن القفز
إلى آفاق جديدة تتعلق بفهرسة صفحات الوب، مما يرسخ من الفجوة التكنولوجية التي طالت كل شيء في دول العالم الثالث.
المكتبات الرقمية
أما عن المكتبات الرقمية وفهرسة ملفات الإنترنت فقال: من القضايا التي تزامنت مع ظهور قضية فهرسة مصادر الإنترنت، قضية المكتبات الرقمية، وأرى أن من واقع الكتابات التي نشرت حول هذه القضية يلاحظ الاهتمام الكبير بموضوعين هما: تنمية المقتنيات الإلكترونية واستخدام لغات برمجة صفحات الشبكة العنكبوتية في بناء المكتبات الرقمية، ومن المؤكد أن عمليات فهرسة مواقع ومصادر الإنترنت سوف تدعم وتساهم في بناء مفهوم المكتبات الرقمية، فتكوين المجموعات الرقمية لا يمكن أن يتم إلا عبر فهرسة هذه المجموعات سواء كانت تملكها المكتبة أو يملكها الآخرون على الشبكة العنكبوتية، وسوف يؤدي أيضاً بالمكتبة إلى الاهتمام بإتاحة عملية الوصول للنص الكامل عوضاً عن إتاحة بياناته الببليوجرافية، وحتى يتم ذلك، يجب تقنين عملية الفهرسة سواء لمواد رقمية تملكها المكتبة، أو مواد تم الحصول عليها من الإنترنت، وعلى ذلك تبرز قضايا مثل وصائف البيانات واستخدامها في النظم الآلية للمكتبات، ودعمها لمفهوم المكتبات الرقمية والتحولات التي يجب أن تطرأ على نظم الفهارس الفرعية والفهرس المتاح على الخط المباشر ودعم ذلك لمفهوم المكتبات الرقمية، والملاحظ أن النظم الآلية المتكاملة للمكتبات لم تعد للتعامل مع المكتبات الرقمية وإنما أعدت للتعامل مع أوعية معينة لها إجراءات معينة، فالملفات على سبيل المثال لا تعار ولا ترد وليس عليها غرامات تأخير إلى آخر ما تنص عليه نظم الإعارة، فكيف تتعامل معها النظم الآلية في تلك الحالة، وأيضا مثال فهرسة مصادر الإنترنت وهل سيفي الفهرس المتاح على الخط المباشر
بمتطلبات الفهرسة لهذه المصادر أم لا؟ أسئلة مازالت إجاباتها في طور البحث.
لغة تصميم المواقع
وأضاف أن هناك واحدة من القضايا التي تفرض نفسها على موضوع فهرسة ملفات الإنترنت، وهي قضية لغات كتابة صفحات الإنترنت وتأثير ذلك على عمليات الفهرسة لهذه المواقع (مواقع الإنترنت).
وأوضح أن تقرير فريق العمل الصادر عن مكتبة جامعة ديوك يعدّ واحداً من المصادر الرئيسة في الموضوع، ويعترف التقرير بأن ارتفاع التكلفة والميزانيات المخصصة لقواعد البيانات والدوريات الإلكترونية هو السبب وراء اتجاههم لفهرسة الإنترنت في ظل وجود مواد وأعمال مؤتمرات وأبحاث مجانية على شبكة الإنترنت، وخصوصاً في مواقع الجامعات والمنظمات الإقليمية والدولية والجمعيات العلمية والعديد من المؤسسات التي لا تهدف إلى الربح، وهذه المؤسسات تتيح موادها للعديد بهدف دعم الاتصال العلمي، ونشر هذه المواد على نطاق عالمي، وعلى ذلك يمكن إضافة هذه الأهداف إلى الأهداف التي نادي بها تقرير OCLC.
مشروعات الفهرسة
ومن المشروعات العالمية في فهرسة الإنترنت مشروع الفهرس التعاونية للمصادر المباشرة الذي أطلقته شركة OCLC المسمى OCLC's Cooperative Online Resource Catalog CORC وقد ظهر العديد من المقالات حوله لعل من أهمها مقال توماس هيكي Thomas Hickey حيث يتناول تاريخ المشروع منذ أن كان مجرد مشروع بحثي عام 1998م وتحول مع الوقت إلى خدمة كاملة تقدمها الشركة حالياً.
ويتشارك مستخدمو المشروع في قاعدة بيانات مركزية للبيانات الموصفة للمواقع التي تم الوصول إليها وتم معالجتها ببليوجرافيا من خلال متصفح الشبكة العنكبوتية، كما يدعم المشروع المحارف الموحدة Unicode إضافة إلى فما 21 وكذلك الأشكال المختلفة لوصائف البيانات.
ويعقد مرفق OCLC ورشة عمل سنوياً لتغطية التطورات في مجال فهرسة مصادر الإنترنت. كذلك يذخر الإنتاج الفكري الغربي بعشرات الفهارس لمصادر معلومات الإنترنت وكذلك الببليوجرافيات لمواقع الإنترنت في قطاعات موضوعية متعددة، مع وجود نقص واضح في فهارس الإنترنت
العربية وببليوجرافياتها.
استخدام حقل 856
وحول استخدام حقل 856 في فهرسة مواقع الإنترنت أوضحت الدكتورة سحر حسنين محمد ربيع المدرسة بقسم المكتبات والوثائق والمعلومات كلية الآداب جامعة القاهرة أن هذا الحقل يحتوي على المعلومات اللازمة لتحديد موقع وحدة إلكترونية أو جزء من وحدة إلكترونية متاحة عن بعد.
ويستخدم مع جميع أشكال فما على تنوعها (سواء كانت لبيانات ببليوجرافية، أو لبيانات التصنيف، أو لبيانات المجتمع، أو لبيانات الاقتناء، أو لبيانات الاستناد) ولكنه يستخدم في التسجيلة الببليوجرافية أو تسجيلة الاقتناء أساساً لتقديم معلومات عن الإتاحة والموقع الإلكتروني لمصادر المعلومات أو جزء من مصدر معلومات متاح إلكترونياً.
بالإضافة إلى ذلك فقد يستخدم هذا الحقل لتحديد الموقع والإتاحة لطبعة إلكترونية لمصدر معلومات غير إلكتروني موصوف في تسجيلة ببليوجرافية أو لمصدر إلكتروني مرتبط.
أما عن فهرسة المصادر الإلكترونية فقالت الدكتورة نبيلة خليفة جمعة الأستاذة بقسم المكتبات جامعة القاهرة: إن الطبعة الأولى من القواعد الأنجلو أمريكية للفهرسة (قاف1، 1967)، لم تتناول فهرسة المصادر الإلكترونية بين المواد التي أفردت لها بعض القواعد لفهرستها، أما الطبعة الثانية (قاف 2، 1978)، فقد أفردت فصلاً خاصاً لقواعد فهرسة هذه المواد، شأنها شأن باقي أنواع الأوعية التي تقتينها المكتبات، وهو الفصل التاسع الذي ظهر بعنوان (ملفات الكمبيوتر).
مراجعات وتعديلات
وقد تعاقبت المراجعات والتعديلات على قواعد الطبعة الثانية منذ ظهورها وحتى الآن، واتخذت هذه المراجعات صوراً متعددة في نشرها منفردة أو مدمجة في النص الكامل.
وكان من الطبيعي أن يحظى الفصل التاسع بالكثير من التغييرات والتعديلات في كل مرة، وذلك بسبب التطورات السريعة والمتلاحقة في الأوعية، والتي تنعكس بطبيعة الحال على القواعد المخصصة لوصفها.
وكان من بين أهم التعديلات التي طرأت على الفصل التاسع، أن تغير عنوانه في مراجعة عام 2002 إلى (المصادر الإلكترونية).
ومن الطبيعي أن يكون تغير العنوان انعكاساً لتغير واتساع نطاق المواد التي يغطيها هذا الفصل.
وتغطي القواعد في هذا الفصل وصف المصادر الإلكترونية التي تتكون من بيانات، أو برامج، أو مزيجاً من البيانات والبرامج. ويمكن معالجة المصادر
الإلكترونية بطريقة واحدة أو بطريقتين، وذلك بناء على ما إذا كانت الإتاحة مباشرة (محلية)، أو عن بعد (من خلال شبكة)، وتعني الإتاحة المباشرة وجود حامل مادي يمكن وصفه مثل القرص، أو الكاسيت وغيرهما).
أما الإتاحة عن بعد فتعني عدم وجود حامل مادي يمكن تناوله، ولكن تتم الإتاحة من خلال استخدام جهاز إدخال / إخراج، سواء أكان هذا الجهاز متصلاً بشبكة معلومات، أو من خلال استخدام المصادر المختزنة في الكمبيوتر.
معايير الميتاديتا
وتحت عنوان (معايير الميتاديتا في الميزان حصر معايير الميتاديتا ووظائفها) تقدمت الدكتورة أمنية مصطفى صادق أستاذ بقسم مكتبات جامعة المنوفية وإيناس نور أخصائية المكتبات ببحث تضمن العديد من النقاط المهمة ومنها أنه يمكن تعريف الميتاديتا metadata بأنها (البيانات الإلكترونية التي تصف خصائص المصادر الإلكترونية المتاحة على شبكة الإنترنت وتحدد ملامح العلاقات بينها وتعزز إمكانات اكتشافها ومن ثم الوصول إليها واستخدامها بشكل كفء)، كما أن المتياديتا تسمح لمحركات البحث بمقارنة الكلمات بناء على المفهوم والمعنى وليس اللفظ، أي بناء على الدلالة اللغوية وليس التركيب اللفظي.
ويطلق على هذه البيانات مصطلح metadata وتأتي أهمية الميتاديتا في أنها الوسيلة الرئيسية لجعل البحث عن المصادر الإلكترونية على شبكة الإنترنت أكثر كفاءة.
ومن جهة ثانيه، فإن استخدام الميتاديتا يحقق فائدة ذات قيمة عالية لعدة فئات في مقدمتها مؤلفو ومنشئو المصادر الإلكترونية ومقدمو خدمات الإنترنت، والناشرون لأنها الوسيلة الرئيسية في اكتشاف المصادر التي يقدمونها والوصول إليها والتعامل معها. ومن جهة ثالثة فإنها تعد مصدراً أساسياً لأخصائي المعلومات والمكتبات في بناء التسجيلات الببليوجرافية التي يعدها لوصف المصادر الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وفضلاً عن ذلك فإن الميتاديتا تساعد في زيادة إمكانية الكشف عن المصدر فهي تزيد من احتمالية استرجاع معلومات مناسبة للمستفيد وتقوم بتحسين نسبة التحقيق Precision للمعلومات المسترجعة وذلك باستبعاد الأخطاء اللغوية التي قد تحدث نتيجة للمترادفات اللفظية (المتفقة لفظاً والمختلفة في المعنى) والالتباسات اللغوية.
وسائل التطبيق
وقد أصبح التطبيق للميتاديتا في أي مجال أمراً حتمياً خاصة بعد أن أصبح المجتمع الرقمي في زيادة كل يوم.
وهذا التطبيق يتيح زيادة قابلية معالجة الأوعية الرقمية، كما صاحب
وجود الإنترنت واستخدامها ظهور مصادر المعلومات في شكل جديد وقد عرفت مصادر المعلومات هذه بالمصادر الإلكترونية ومع نموها الهائل على شبكة الإنترنت أصبح من الضروري أن تقوم المكتبات ومراكز المعلومات بدور فعال في سبيل إتاحة واسترجاع المصادر الإلكترونية على الرغم من وجود وسائل لتصفح المعلومات على شبكة الإنترنت مثل: Yahoo Lycos Infoseek وغيرها من وسائل التصفح ومحركات البحث، حيث تعد تلك الوسائل غير فعالة بالقدّر الكافي في إتاحة واسترجاع مصادر المعلومات.
وتقتني كل يوم المكتبات كماً هائلاً من مصادر المعلومات الإلكترونية ومع ذلك فإن مكتبات قليلة هي التي تقوم بوصف هذه المصادر وفهرستها لتيسير سبل إتاحتها وعندما تقوم بذلك تجد نفسها أمام العديد من الصيغ الببليوجرافية والقواعد والتفنينات.
فالنمو الهائل للمصادر الإلكترونية المتاحة على شبكة الإنترنت أدى إلى تعاظم مشكلة التعريف بهذه المصادر ومن ثم الوصول إليها وإلى محتوياتها وهذا هو الهدف الأساسي لكل من منتجي هذه المصادر والمستفيدين منها، لذلك كان من الطبيعي لتحقيق هذا الهدف أن يتوافر مع كل مصدر من هذه المصادر بيانات وصفية تحدد ملامحه وخصائصه بحيث يمكن لأدوات البحث أي محركات البحث search engines على كافة أنواعها اكتشاف هذه البيانات آليا وتجميعها داخل قواعد للبيانات تتاح للبحث عن المصادر.
دور الميتاداتا
وحول دور الميتاداتا في دعم الاسترجاع المفاهيمي لمصادر المعلومات المتاحة على الإنترنت قال عاطف عبيد استشاري النظم المعرفية، بلدية دبي ومدير مشروع تطوير مكتبة مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث: إن جين جرينتبرج (Jane Greenberg) ذكرت أن الإنترنت فرضت تحديات كثيرة على المشتغلين في قطاع المكتبات والمعلومات. على اعتبار كونهم جامعيين ومنظمين ومزودين لمصادر المعلومات وبناء عليه نرى أنه مكمن هذه التحديات تتمثل في محورين رئيسيين الأول هو محاولة الإنترنت الزج بقطاع المكتبات والمعلومات في منطقة رمادية يختلط فيها المتخصصون مع غيرهم من عموم المستفيدين. نظراً لسهولة استخدام الإنترنت من قبل المستفيد النهائي؛ مما رسب شعوراً بأن الحاجة قد تتضاءل مع هذه السهولة في التعامل إلى تخصص يبحث جمع وتنظيم واسترجاع المعلومات.
كذلك ظهر شعور بأنه لم تعد هناك حاجة لوسطاء بين منتجي المعرفة ومستهلكيها بعد أن تكفلت الإنترنت بنشر كل ما يمكن إنتاجه من المعرفة مهما
كان نوعها أو شكلها.
كما قدمت من الناحية الأخرى مكائن بحث تضع هذه المنتجات الفكرية أمام المستفيدين النهائيين بكل سهولة ويسر، دون اشتراط خبرة مسبقة في آليات البحث واستراتيجياته. كما أن الإنترنت ليست السبب الأول في خلق مثل هذا الشعور، وإن كانت ساهمت بشكل فاعل في تعزيزه. إذ إن بدايته تعود إلى ما قبل وجود الإنترنت، وتحديداً في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات الميلادية من القرن العشرين، حين ظهرت الاسطوانات الضوئية، وأتيحت قواعد المعلومات الببليوجرافي منها والنصي على هذه الاسطوانات، وما صاحب ذلك من وجود واجهات بحث تخاطب المستفيد النهائي مباشرة. أما المحور الثاني الذي يشكل التحدي الأكبر لقطاع المكتبات والمعلومات الناتج من ظهور الإنترنت هو محاولة الاتجاه نحو تهميش دور المتخصصين في المكتبات والمعلومات، والدعوة بتسليم مهام جمع تنظيم وبث المعرفة إلى مشتغلين في قطاعات أخرى مثل الهندسة والحاسب الآلي وعلماء اللغويات وغيرهم.
ويرى (ليز إدولز Liz Edols) أن المشتغلين في قطاع المكتبات والمعلومات على وشك الاختفاء من الصورة بكاملها، في سياق النقلة النوعية التي أحدثتها الإنترنت وتقنياتها في مجتمع المعلومات أو المعرفة على وجه أدق. ويرى لويس ماي شان Lois Mai Chan في محاولة منه لمقارنة بيئة الإنترنت ببيئة المكتبات التقليدية أن المكتبات بصورتها التقليدية قد خضعت إجراءاتها لنوع من المعايرة على مدار السنين، كما تم تطوير واختبار الوسائل المستعان بها في تنظيم المقدرات الفكرية للمكتبة التقليدية، حيث تكفل كل من المفهرسين والمكشفين بمسؤولية التعريف والتوصيف لمصادر المعلومات بالمكتبة التقليدية من خلال تقديم فهارس وكشافات تعكس المحتوى الفكري لهذه المكتبات. يقابل ذلك من الناحية الأخرى أن بيئة الإنترنت لا تزال قيد التجارب والتطوير، الأمر الذي يعني أن طرق توصيف وتنظيم المعلومات المتاحة على الإنترنت تحتاج إلى وقت لتتطور فيه حتى يتم التوصل إلى أنسب وأكفأ السبل اللازمة لذلك.
ولعل ظهور الإنترنت في قطاع المكتبات والمعلومات يشبه ظهور المضادات الحيوية في عالم الطب.
وليس هذا التشبيه من باب الولع بهذا الوسيط العنكبوتي، وإنما لوجود قواسم مشتركة توجب الشبه بينه وبين المضادات الحيوية. فالمضادات الحيوية ظهرت وانتشرت وذاع صيتها بين الأطباء وبين المرضى، وأصبحت عقاراً ضرورياً في كل وصفة دواء، ومع ذلك فإن محاذير استخدامها، وجدواها، وحقيقة موقفها من صحة الإنسان لا يعرف عنه كثيرون.
كذلك الحال في الإنترنت التي شاعت
وذاع صيتها بين الباحثين عن المعلومات وبين أنصاف الباحثين عنها، لكن حقيقة الفائدة، وطبيعة الدور التي تلعبه الإنترنت لا يزال مخبوء تحت موجه من الولع بهذا الوسيط الجديد.
وأياً كان موقع الإنترنت قرباً أو بعداً من هذه التهويمات، والاتهامات، وحتى المغازلات فلابد أن تتعامل المكتبات ومرافق المعلومات معه دون تهميش، أو تهويل للفائدة المنتظرة منه.
وحتى تجند المكتبات ومرافق المعلومات مزايا هذا الوسيط، وتتحاشى عيوبه. فلا بد بادئ ذي بدء من الوقوف على حقيقة موقف هذا الوسيط من عملية جمع وتنظيم وحفظ الإنتاج الفكري.
ولن يأتي مثل هذا التحديد إلا من خلال مجموعة من الدراسات والبحوث التي تركز على القيمة النوعية لدور الإنترنت على خريطة العمل المعلوماتي. وكذلك للتأكيد على القيمة النوعية لأدوات المكتبات وما يمكن أن تلعبه في تعزيز دور الإنترنت كنظام معلومات.
الأطر الفلسفية
وفي نهاية كلمته أكد عبيد أن الإنترنت تحمل ذات الأطر الفلسفية التي يعتمد عليها أي نظام استرجاع المعلومات من حيث إن هناك معلومات بغض النظر عن نوعها وكميتها وجودتها، يتم نشرها على الإنترنت وبعيداً عمّن يقوم بعملية النشر هذه.
ثم تجري على هذه المعلومات المنشورة بعض العمليات المنظمة لها. ثم تستخدم المعلومات المنشورة، بعد تنظيمها، من قبل مستفيدين بمختلف نوعياتهم ومؤهلاتهم وكيفية الاستفادة ومعدلاتها ومدى رضا المستفيدين عن هذه المعلومات من عدمه.
وأوضحت الدكتورة أماني محمد السيد مدرسة المكتبات والمعلومات المساعد كلية الآداب (جامعة حلوان) في الأوراق التي تقدمت بها للمؤتمر أن الإنترنت أحدثت العديد من التغيرات في مجال نشر الدوريات العلمية من أهمها استخدام تقنيات النص الفائق؛ والتي أدت إلى ارتفاع مستوى الديناميكية في المحتوى.
فعلى سبيل المثال لم يعدّ الأمر يقتصر على النص والصور، بل امتد ليشمل وسائط متعددة في العديد من دوريات الطب والحاسب الآلي والدوريات العلمية بشكل عام بهدف توصيل الأفكار بشكل أكثر تفاعلية مع القارئ.
وأضاف محمد يحيى المشارك من قبل المنظمة العربية للتنمية الإدارية يوجد جزء كبير من الإنترنت لا تستطيع محركات البحث حالياً رؤيته وتغطيته فهناك صفحات أو مواقع لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق كلمات مرور، كما أن هناك بعض المواقع أو الصفحات التي تشكل جزءاً من قاعدة البيانات وتتطلب مدخلات من المستخدم لكي يتم البحث فيها وحتى لو كانت قواعد معلومات مجانية فإنه من غير المحتمل فهرستها لوجودها في جداول ذات هيئات خاصة فإذا احتجت الوصول إليها فعليك الذهاب مباشرة إلى الموقع بدلاً من محاولة البحث فيها عن طريق أدوات البحث.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|