القاهرة - أحمد خيري:

انطلق مؤخرا في أروقة مجتمع تكنولوجيا المعلومات المصري نشاط غير مسبوق، داخل وزارة الاتصالات بهيئاتها المختلفة ووزارة التنمية الإدارية، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية وقطاع الأعمال واتحاد الصناعات المصرية وغرف تكنولوجيا المعلومات، للخروج بعدد من المشروعات المحلية، التي من شأنها تعزيز بقاء واستمرار الشركات صغيرة الحجم أو الأخرى التي تعتمد في عملها على تصدير منتجاتها، وسط آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت تظهر معالمها في هذا القطاع الحيوي.. بعد أن قررت الحكومة ضخ ملايين الجنيهات لدعم هذه المشروعات، وإتاحة فرص عمل جديدة للشباب، وذلك ضمن خطة شاملة الرؤية ومتعددة المستويات للقطاع بأكمله.

وزارة الاتصالات

في تعقيبه على المشروعات المنتظر إطلاقها خلال الفترة القادمة لمساعدة الشركات المحلية على تخطي آثار الأزمة المالية العالمية، ذكر الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات بأن الوزارة لن تتوقف عن التفكير في تقديم مشروعات جديدة خاصة في مجال البنية الأساسية ودعوة الشركات العربية والعالمية للاستثمار خلال الفترة القادمة، على ضوء قناعتنا بأنه مع كل أزمة هناك فرص للاستثمار والنمو. وهناك عدد من المشروعات الجديدة سوف تنطلق منتصف هذا الشهر، مصاحبة لقيام الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بافتتاح توسعات القرية الذكية، التي تعد استمرارا للاستثمار في البنية الأساسية إلى جانب القدرات البشرية.

ويقول الدكتور حازم عبد العظيم الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات رغم أن مصر لم تتأثر حتى الآن بالأزمة العالمية، وفرصة النمو ما زالت سانحة وأن كانت سوف تتعرض للثبات أمام قطاعات تكنولوجيا المعلومات المصرية، فإن هناك خطة تم وضعها لنمو قطاع التكنولوجيا المعلومات خلال هذا العام تتعلق في الأغلب باتجاهين أهمها يتجه نحو تنفيذ حزمة من المشروعات العالمية في مجال التعهيد، تقدمت بها العديد من الشركات العالمية، لتستفيد من الحوافز التي قدمتها الدولة مؤخرا بغرض تشجيع تلك للاستثمار، يضاف إلى ذلك حصول مصر على الجائزة البريطانية الأولى في تقديم خدمة التعهيد، وهو ما وضعنا في مصاف المنافسة العالمية في تقديم تلك الخدمة.

أما الاتجاه الثاني فهو التوجه نحو تقديم المشروعات التي تدعم البنية الأساسية، وتساهم في تطوير الشركات المحلية العاملة في المجال سواء كانت متخصصة في تقديم خدمة العملاء أو مجال البرمجيات أو الأجهزة والمعدات أو تقديم الخدمات، يصاحب كل ذلك تدريب وتأهيل الكوادر المصرية على مستويات الكمبيوتر المختلفة واللغات العالمية الرئيسية المختلفة بدءا من اللغة الإنجليزية والفرنسية مرورا بالألمانية والأسبانية وخلافه..

برنامج ITL

ويضيف الدكتور جمال على رئيس مركز تنمية البرمجيات التابع لهيئة أتيدا، بأن المركز حصل على دعم مادي لإطلاق مشروع ضخم محلي، يختص بتقديم فرصة التدريب والتأهيل أمام الشركات المحلية المقدمة لخدمة العملاء في مجال صيانة الأجهزة أو البرمجيات أو غيرها، ودفعها للحصول على شهادات جودة من المركز.ويشمل هذا البرنامج الذي يطلق عليه (ITL) بناء قدرات 100 شركة صغيرة ومتوسطة تسعى لتقديم الخدمات، وهو قطاع متنام وسريع، يستطيع أن يستوعب عددا ضخما من العمالة.

خطة بثلاثة مستويات

يقول المهندس وليد جاد رئيس جمعية اتصال بأن المشروعات التي تقدمت بها الجمعية إلى وزارة الاتصالات، راعت أن قطاع تكنولوجيا المعلومات كل متكامل لا تختص بشركات عاملة في شعبة محددة على غيرها من الشعب، رغم أن قطاع البرمجيات المحلية يمثل 15% من عائد هذا القطاع، على حساب قطاع الأجهزة أو الإلكترونيات.

وقال إن هناك خطة من الدولة مقدمة لقطاع التكنولوجيا بثلاثة مستويات، أولها خطة قصيرة المدى مقدمة إلى المشروعات الخاصة بقطاع التصدير، المرشح للتأثر بصورة كبيرة بالأزمة العالمية خلال الشهور القادمة، ومن ثم جاءت الأولوية إليه معتمدة على دعم البنوك وتوفير الضمانات لها، مصحوبا بتقديم حزمة من التيسيرات الجمركية والضرائبية للشركات العالمية المتخصصة في التصدير، بغرض تشجيعها على العمل في السوق المحلي.

أما الخطة طويلة الأجل فسوف تتجه إلى تشجيع ميكنة الأعمال داخل القطاع الحكومي والخاص، بحيث تقدم الدولة دعما ماديا للهيئات والمؤسسات الراغبة في ميكنة أعمالها الإدارية والمحاسبية، وهو مشروع يتبناه اتحاد الصناعات المصرية في مبادرة تحديث الصناعات الوطنية، بحيث يساهم الاتحاد بنسبة 85% من تكلفة التحديث، على أن تتحمل الشركة نسبة 15% من قيمة الميكنة.

غرفة صناعات المعلومات

ويرى مجدي خير الله رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية، بأن وزارة الاتصالات طالبت الجمعيات الأهلية المتخصصة بتحديد عدد من المشروعات التي يمكن أن تحقق عددا من الفوائد السريعة على أرض الواقع، أهمها استيعاب أكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة المدربة، وحماية الشركات الصغيرة من الانهيار بسبب الأزمة، ومن ثم قامت الغرفة بكافة شعبها بدراسة عدد من المشروعات التي تساهم في الاستفادة من الأزمة، وتم تقديمها في اجتماع مع وزير الاتصالات نهاية الشهر الماضي، ضمن مجموعة كبيرة من المشروعات التي تقدمت بها جهات أخرى متعددة، ليتم تفعيلها بداية من هذا الشهر وحصولها على الدعم المادي..

ويقول الدكتور أحمد أبو طالب رئيس شعبة الحاسب الآلي بأنه من الضروري أن توجه عددا من المشروعات المقدمة من الدولة إلى دعم الشركات العاملة في مجال (الهاردوير)، خاصة بعد أن شرعت شركة إنتل العالمية وبالشراكة مع شركة براق المحلية في إنتاج نصف مليون لوحة رئيسية لأجهزة الكمبيوتر في مصر وتصديرها للسوق الأفريقي، ومن ثم تأتي أهمية إطلاق مشروع مبادرات كمبيوتر لكل أسرة مع بداية الشهر القادم، لكي يشكل فرصة أمام الشركات المحلية المجمعة لأجهزة الحاسب الآلي..

ويرى الدكتور أبو طالب بأن الشركات المحلية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات بمصر سوف تستفيد من الأزمة الاقتصادية، نظرا لتوجه الشركات العالمية بما فيها من الصينية للاستثمار في مصر، استغلالا لليد العاملة المدربة ذات التكلفة المنخفضة، إضافة إلى التيسيرات التي أصبحت متاحة في شكل تخفيضات جمركية أو فترة سماح ضرائبية.

ويرى أسامة نظمي مدير التسويق وتطوير الأعمال في شركة اكسيد (Xceed)، التي تعد أول مركز متخصص في تقديم خدمات الاتصال بمصر، وبأن الأزمة المالية لن تأثر على توسعات أعمال الشركة بشكل كبير، حيث تواصل الارتفاع في استيعاب عدد العاملين الذي بدأ 50 ووصل إلى 2000 موظف. وهذا يبرهن على أن مشروعات خدمة التعهيد ينتظرها مستقبل مشرق، حيث يمكنها جذب زبائن جدد، بمن فيهم شركات كبيرة متعددة الجنسيات من الولايات المتحدة وأوروبا، طالما أن الشركات الأخرى تتعاقد على إنجاز أعمالها غير الأساسية مع مؤسسات ثالثة لكي تتمكن من تدبير أمورها حيال الأزمة الاقتصادية الراهنة.